بسم الله
والصلاة والسلام على رسول الله
***
وقالت كتب النفس (حديث عن الصدمات )
بقلم : حسين بن رشود العفنان
***
هذا حديث عن الصدمات النفسية وآثارها ، فاحذر ـ يا من كُتِبتْ لك
وابتُلِيتَ بها ـ أن تهدم مستقبلك كما هدمت زمنك الذي مضى ، فعَجِّلْ
بمداواتها بصدق وجد وانكسار لله ـ جل جلاله ـ .
(1)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب التطامن للناس ، والبحث عن رضوانهم، والخوف من قول "لا" في
وجوههم ، وربما قدم الكثير الكثير ليكسب قليلهم التافه.
(2)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب الطيش والحُمق الذي يقضي فيه على نجاحه المهني بترك العمل
بشهادته العالية والهبوط إلى عمل أكثر شقاء وفقرا ، أو خسران زوجة باذلة
كريمة موافقة كانت خيرا عليه وسترا.
(3)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ،تجعله قابلا
للإصابة باضطراب يُشْعره أن الناسَ أعداء له وخصوم ، فيتتبع عوراتهم ويحفظ
عنهم أشياء لا تفيده : كسجلاتهم المدنية ولوحات سياراتهم وصورهم الشخصية ،
وضعفٍ كَشَفوه ـ دون قصد ـ في مجالس أُنْسِهم.
(4)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب ينشقُّ فيه عن شخصيته الطبيعية ، ويلبسُ عدة شخصيات أخرى
رغما عنه ليتخفَّفَ من ألمه العاطفي.
(5)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب يحتقر فيه اسمه وصوته وشكله ومَلْبسه وأسرته.
(6)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب القسوة ، فهو يهاجم ذاته ويصفها بأحط الأوصاف ويراها أحقر
شيء في الوجود ، مع ميل قوي إلى الانتحار.
(7)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب الغضب الحاد المدمر لذاته وسمعته ولمن يحبهم ويحرص على
رضاهم ويعيش تحت جناحهم ، ثم يعود بعد غَضْبَتِهِ متعجبا كيف أعادوه غريبا
وَتَجَنَّبُوهُ أو حقدوا عليه و شمتوا به وباندفاعاته؟!
(8)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب الخوف من الفرح ، وتذكر الموت والفناء عند الأحداث السعيدة
، ففي الأعياد يهرب خارج بلده وينجمع عن الناس ، ويوم زواجه يوم عصيب على
قلبه.
(9)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب الهُوية ، فهو يتنقص أعمامه وأخواله وأهل بلده ، بشكل
مبالغ فيه ، ويظهر عيوبهم بقوة ، ويترفع عن مصاهرتهم والقرب منهم ، وكأنه
من كوكب آخر.
(10)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب البكاء والبحث عن حضن دافئ يحتويه ، فكلما تعدى على حق أحد
أو أُحبط أو أهمل ، ارتمى بأقرب حضن وبكى ، وربما تكون الأحضان لأناس
صَيَّرَهُم بسوء خلقه إلى أعداء مكلومين.
(11)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب الإنكار ، فهو معصوم لا يخطئ ، وينكر كل جرائمه التي أنهت
حياتك أو سببت لك جرحا غائرا لا يُشفى، وينقلب واعظا رحيما حين يراك و
يُذَكِّركَ بفضائله التي لا تُعد ولا تحصى ، ويُحذرك أن تجحدها ولا تشكرها.
(12)
***
الذي تَعَرَّضَ يوم طفولته لأحداث عنيفة في نفسه وجسده ، تجعله قابلا
للإصابة باضطراب لفت الأنظار ، فيقع في أفعال تدل على طفولة وحمق يخسر فيها
سمعته وأشياء كثيرة كان الناس يغبطونه عليها، حتى يشعر بذاته ويخفف من
آلامه وخيباته ، مثلا : تجده يرسل رسائل غاضبة ناقدة إلى مطاعم ومتاجر لم
يدخلها في حياته أو يلبس ألبسة شاذة أو في يبالغ في الضحك أو في الغضب.