|  | 
   
		بسم الله 
		والصلاة والسلام على رسول الله
		
		هل يأمن أطفالك على لعبهم؟ (متكأ تربوي)
 
		
		(1)
		***
		
		هل يأمن أطفالك على لُعَبِهم؟ فإنّا قد سَمِعْنا بطفل يلعب بنعال أهله حين 
		يرمونها مُقذّرة عند عتبة الباب ، ساعده في ذلك حرمان أسود حوَّل به 
		الجمادات إلى سيارات صاخبة ، وفرسان يتقاتلون.
		وحين يُكْتشف يُحقَّر وتُتلى على رأسه المواعظ الطويلة القاتلة : دراستك 
		أولى ، والألعاب للأطفال فقط وأهل الفراغ والعَطَالة ، أنت تريد أن تجعلنا 
		حديثا فاضحا بين الناس ، انظر إلى ابن عمك (فلان) رجل ثقيل لا يعرف طرقك 
		الطفولية الهازلة!
 
		
		(2)
		***
		
		هل يَأْمن أطفالك على لُعَبِهم؟ فإنّا قد سمعنا بطفل يتقاتل مع أخيه سنين 
		طويلة على جهاز إلكتروني قديم ، وكم انتهى يومهم بجراح لا تَأْسو ، وأنين 
		يُسهر العيون!
		ولأمهم ـ التي تملك مالا حَفِيلا ووقتا عَرِيضا ـ قدرةٌ عظيمة في الدُّخول 
		بينهما وبين صُراخِهما ، ولها سعة بال وصبر على الحوارات الحادّة الدامية ، 
		لكنها لم تفكر لحظة بشراء جهاز آخر ، أو خلق بدائل تمتصُّ نشاطهم في داخل 
		بيتها أو خارجه ، أو ترتيب جدول يُظهر العدل والرحمة ، ويطفئ الحقد الكبير 
		في هاتين الرُّوحينِ الطاهرتين!
 
		
		(3)
		***
		
		هل يأمن أطفالك على لعبهم ؟ فإنَّا قد سمعنا بطفل جعلته أمّه أبا صغيرا ، 
		وحمّلته هما كبيرا ، وهو مازال في فجر حياته ، تُحذِّره قبل كل جَمْعة ألاّ 
		يفرّط في ألعابه وأن يَحْفظها من الأطفال الغرباء الذين سيحضرون بعد ساعة 
		مع أمهاتهم ، فيعيش الطفل في صراعات وعداوات وصراخ ودموع ، في وقت تغرق فيه 
		أمُّه مع صديقاتها في ضَحِكها العالي وانشراحها الكبير!
 
		
		(4)
		***
		
		هل يأمن أطفالك على لعبهم ؟ فإنّا قد سمعنا بطفل بُلِيَ بإخوة أخذوا سلطة 
		بيته ، وقفزوا على مكان أبيه وأمّه ، وصاروا يديرون أيّامه بظلم وغيرة وحسد 
		واضطراب ..
		فلُعَبُه تُنزع أو تحطّم أو تُوهب لغريب زائر ، وعينه تنظر وقلبه يبكي.
		فما أشدَّ هذا على طفل غِرٍّ بريء قد غفل عنه مُعينه من أب أو أمٍّ! ولن 
		ينسى هذا الضعيف ـ وإن مشت فيه الحياة وشاب رأسه ـ سارقَ طفولته القصيرة 
		التي لن تعود!
 
		
		(5)
		***
		
		هل يأمن أطفالك على لعبهم ؟ فإنّا قد سمعنا بطفل يَتَطلّبُه أهله أن يقوم 
		بأمور تعجز عنها الآلة البَاهِظة المُتقنة ، لا بدّ من درجات عاليات وأدب 
		رفيع ونوم مبكر وسكون كسكون الحائط حتى تلعب.. حتى تمارس طفولتك !
		نراه يركض خلف سيارة أهله وهي ذاهبة إلى الملاهي ، ودموعه مبحوحة وصوته 
		كسير ، ونسأل :
		ـ لِمَ تُركتَ هنا ؟
		ـ حرموني الذهاب!
		ـ السبب؟
		ـ حصلت على 89% وهم يريدون أكثر!
		ـ وذهبوا بمن ؟
		ـ بابن أختي..
		ـ كم حصّل؟
		ـ 70%
		ـ والسبب؟
		ـ لا أدري!
 
		
		(6)
		***
		
		هل يأمن أطفالك على لعبهم ؟ فإنَّا قد سمعنا بطفل لم يستمتع بلعبة جديدة في 
		حياته قطُّ ، فهو لا يأخذ سوى بقايا أخيه الكبير وحُطامَه ، فنظامهم الذي 
		يسيرون عليه منذ أن عقل أمر الدنيا أن الألعاب الجديدة للكبير فقط ، وحين 
		تُعاف أو تُكسر أو يُتَضايق منها ، فإنها تنتقل دون تردد إليه!
		ظنّ ذلك سنة ربّانيّةً !
 
		
		(7)
		***
		
		هل يأمن أطفالك على لعبهم ؟ فإنَّا قد سمعنا بطفل يلعب دون انقطاع ، ودون 
		عين تَرْقبه ، وعقل يفقهه ويفقه لعبته الساحرة ، يقطع الليل كله أمامها حتى 
		إذا ظهر الفجر نام وتخلّف عن ركب الحياة ، لا يحضر جلسات الأسرة ولا طعامها 
		ولا شرابها إلا في نادر الأيام ، عرف الكثيرين عبر (شاشتها الإلكترونية) 
		ولقفَ أخلاطا من العادات واللفظات ، وكم أعتدي على جسده الصغير الطاهر ، 
		وكم شُوِّهَ تصوّره عن دينه وفطرته!
		لكن رحمة البيت الجاهلة تتركه على هواه المُهلك حتى لا يتعقد!
		فاللهم إنا نعوذ بك من الغفة !
		
		(8)
		***
		
		هل يأمن أطفالك على لُعبهم ؟ هل عقلك مغروسٌ بين أبنائك وإن أبعدك عنهم 
		ركضك خلف لقمتهم؟ هل ترى حاجاتهم الصغيرة أمرا عظيما؟ هل نراك في محل 
		الألعاب وأمام رفوفه قد لبست وجها رَزِينا ، غارقا في تفكير عميق ، وتقليبِ 
		رأي ، حتى تخرج بِلُعَبٍ تحفظ بها طفولة أولادك ؟ هل يعرف أبناؤك ميزان 
		عدلك بأنه لا يَحِيف ، وأن اللعبة تُشترى بعناية للصغير والكبير؟ هل 
		بَنَيتَ فيهم القُنوع والرضا ، فلا ثورانَ أمام كلِّ شيء يرونه في يد غيرهم 
		؟ هل هم أحرار في لعبهم وفي التصرف بها ؟ هل قول " لا " كشرب الماء ؟ هل 
		صنعت لهم مواقيت مرنة للّعب ، فلا فوضى ولا تسلُّط ؟
		إذن أبشر بقرَارَتِهم النفسيّة ، وعافيتهم العقلية ، وقوتهم في حفظ حقوقهم 
		، وفي تعفُّفِهم عن أشياء غيرهم ، وكرمهم على أبنائهم وأقاربهم وأباعدهم ، 
		وأبشر بنسلهم المنير فالحسنة تجرّ أختها ، وأبشر بضحكات ستعيش بعدك لا 
		تعلمها لكنها ستكون ـ بفضل ربٍّ كريم ـ في ميزان حسناتك في يوم لا ينفع فيه 
		مال ولا بنون !