|
الناس في مسألة طلب صلاح الأولاد مع فعل الأسباب التي تؤدي بإذن الله وتوفيقه إلى
ذلك ؛ على طرفي نقيض ، فتجد منهم من يفعل كثيراً من الأسباب ؛ ويقدم جهداً
طيباً في طلب الهداية لأولاده ؛ لكنه يهمل الدعاء لهم بالهداية والتوفيق ، وفي
المقابل فإنك تجد منهم من يهمل جميع الأسباب المؤدية لهدايتهم - بعد توفيق الله
تعالى - ؛ ويقتصر على الدعاء لهم بالهداية ، ومع أن الدعاء عامل مهم جداً في
هذه المسألة إلا أننا يجب أن نتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( اعقلها
وتوكل )) (1) ، فلا بد إذن من اعتبار أن الدعاء لهم من أهم
أسباب هدايتهم دون الاقتصار عليه .
والعجيب في الأمر ؛ أنك قلَّ ما تسمع أو تقرأ للذين يتحدثون أو يكتبون في موضوع
تربية الأبناء تركيزاً على مسألة الدعاء لهم بالهداية إلى صراط الله المستقيم ،
ومعلوم أن الإسلام قد أعطى جانب الدعاء للأولاد وصلاحهم اهتماماً خاصاً ؛ ورغب
في ذلك وحث عليه ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: (( ثلاث دعوات لا ترد دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر ))
(2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : (( ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة
المسافر ، ودعوة الوالد لولده )) (3) ، فالدعاء - بشروطه -
عامل مهم من عوامل صلاح الأبناء وهدايتهم .
وإن صلاح الأبناء ينفع الآباء في حياتهم وبعد مماتهم بإذن الله . عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا مات الإنسان انقطع
عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقـة جارية ، أو علم ينتفـع به ، أو ولـد صالح
يدعو له )) (4) .
___________________
(1) انظر صحيح سنن الترمذي ، رقم ( 2044 ) للألباني رحمه
الله .
(2) انظر صحيــح الجامع ، رقـــم ( 3032 ) للألباني رحمـه
الله .
(3) انظر صحيح سنن ابن مـاجه ، رقم ( 3115 ) ، وسلـسلة
الأحاديث الصحيحة ، ( 1797 ) كلاهما للألباني رحمه الله .
(4) صحيح مسلم ، كتاب الوصية ، رقم ( 14 ) ، وقوله : ( ولد )
يشمل الذكر والأنثى .