الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ،
وبعد ...
لا ريب بأن حادثة الإسراء والمعراج من أسمى آيات الله العظيمة الدالة على
صدق عبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلّو منزلته عند ربه جل وعلا ،
وفيها دلالة على قدرة الله الباهرة ، وعلى علوه سبحانه على جميع خلقه ، قال
الله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا
حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
[الإسراء: 1] .
وقد وقع لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة من الأمور
الجليلة والمعجزات العظيمة شيء كثير ، مثل شق صدره عليه الصلاة والسلام ،
وغسل جوفه تهيئة للرحلة في الملكوت الأعلى ، ثم الإسراء به إلى المسجد
الأقصى ، وهكذا العروج للسماء في زمن محدود ، وصلاته بالأنبياء والمرسلين
في بيت المقدس ، ثم صعوده إلى السماوات العلى ، ولقائه المرسلين فيها ، ثم
مجاوزته السماء السابعة إلى موضع لم يبلغه أحد من الخلق ، وفرض الصلوات
الخمس ، ورؤيته الجنة ، وغير ذلك مما صحّت به الأحاديث ، وقد ساق الحافظ
ابن كثير الدمشقي رحمه الله تعالى طائفة منها في فاتحة تفسير سورة الإسراء
، فلتُنظر .
والمتأمل لما جرى في تلك الليلة المباركة يستخلص دروساً
عظيمة ، منها :
• التعريف بمنزلة المسجد الأقصى في كيان الأمة الإسلامية ،
فهو مهاجر الأنبياء ، ومسرى سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ،
ووجوب المحافظة على هذه الأرض المباركة وحمايتها من مطامع أعداء الإسلام .
• ربط رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم برسالة المرسلين جميعاً ،
وإيذان بعالمية رسالته ، وخلود إمامته ، وإنسانية تعاليمه ، وصلاحيتها لكل
زمان ومكان .
• تنويه جليّ بمنزلة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ رفعه الله تعالى
إليه إلى هذه المنزلة الرفيعة التي لم يصل إليها أي مخلوق ، حتى تجاوز سدرة
المنتهى ، فوصل في الإكرام غاية المنتهى ، وتنويه بمنزلة هذه الأمة كذلك ،
إذ كل شرف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يفيض عليها منه نصيب أيضاً .
• تسلية الله تعالى لقلوب أولياءه عند المحن ، ولهذا جاء الإسراء إثر وفاة
عمه أبي طالب وزوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، وإثر ما لقيه النبي
صلى الله عليه وآله وسلم في الطائف من الأذى البالغ ، فجاء الإسراء
والمعراج ليكون تسلية له عما قاسى ، وتعويضاً عما أصابه ، ليعلمه الله عز
وجل أنه إذا كان قد أعرض عنك أهل الأرض ، فقد أقبل عليك أهل السماء ، ولئن
كان الناس قد صدّوك ، فإن الله يرحب بك ، وإن الأنبياء يقتدون بك .
• فرض الصلوات الخمس في ليلة الإسراء والمعراج دليل على أهمية هذا الركن من
بين أركان الإسلام ، وقد شُرعت في السماء ، لتكون معراجاً يرقي بالناس كلما
تدلت بهم شهوات النفوس وأغراض الدنيا .
إلى غير ذلك من الدروس المستفادة .
إذا كانت ليلة الإسراء والمعراج بهذه المكانة العظيمة ، فلم
لا نحتفل جميعاً بها ؟
نقول إنه ينبغي تفويض مثل هذه التساؤلات إلى أهل العلم
والإيمان الذين أمرنا الله تعالى بسؤالهم عند عدم العلم بقوله : (فاسئلوا
أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل:43] .
وعندما نفوض السؤال إليهم ، نجدهم يتواطئون على بدعية الإحتفال بهذه الليلة
وعدم مشروعيته ، علماً بأن هذا القول لم يُحدثوه من عند أنفسهم ، إنما
ركنوا إلى أصل شرعيّ متين عبّر عنه الحافظ الإمام أبو شامة المقدسي رحمه
الله تعالى ، فقال ما نصّه
(1)
:
(ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصَّها بها الشرع ،
بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ، ليس لبعضها على بعض فضل
إلا ما فضّله الشرع وخصّه بنوع من العبادة ، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة
تلك العبادة دون غيرها ، كصوم يوم عرفة ، وعاشوراء ، والصلاة في جوف الليل
، والعمرة في رمضان ، ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلاً فيه جميع أعمال
البر ، كعشر ذي الحجة ، وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، أي: العمل
فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، فمثل ذلك يكون أيُّ
عمل من أعمال البر حصل فيها ، كان له الفضل على نظيره في زمن آخر ، فالحاصل
أن المكلّف ليس له منصب التخصيص ، بل ذلك إلى الشارع ، وهذه كانت صفة عبادة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ا.هـ
ثم ضَمّ أهل العلم إلى هذا الأصل الشرعيّ العظيم الأمور
التالية :
أولاً: الاختلاف الشديد في تعيين ليلة الإسراء والمعراج :
يكاد الباحث المنصف يعجز عن الوقوف على تاريخ واحد صحيح
تطمئن إليه النفس ويقرّ به الفؤاد لميقات ليلة الإسراء والمعراج ، وذلك
لسبب بسيط هو كون هذه الليلة ليست معلومة على الوجه القطعي الجازم ، ولا
يوجد اتفاق معتبر على ضبط تاريخها بين جماهير أهل العلم من المؤرخين وغيرهم
، فقد اختلفوا في السنة والشهر ، فضلاً عن الإختلاف الشديد في اليوم ،
فالجزم بأنها ليلة السابع والعشرين من شهر رجب مما لا أصل له من الناحية
التاريخية ، بل قد أنكر كبار الحفاظ والمؤرخين من أهل العلم هذا التاريخ
بالتحديد ، وإليك بعض نصوصهم :
1-قال الحافظ ابن دحية الكلبي رحمه الله تعالى
(2)
:
(ذكر بعض القُصّاص أن الإسراء كان في رجب ، وذلك عند أهل
التعديل والجرح عينُ الكذب ، قال الإمام أبو إسحاق الحربي : أُسري برسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الأول ، وقد
ذكرنا ما فيه من الإختلاف والإحتجاج في كتابنا المسمى : بالإبتهاج في
أحاديث المعراج) ا.هـ
وقال أيضاً
(3)
:
(قيل : كان الإسراء في رجب ، وفي إسناده رجال معروفون
بالكذب) ا.هـ
2-ونقل الحافظ أبو شامة كلام الحافظ ابن دحية رحمهما الله
تعالى نقل إقرار من غير إنكار
(4)
.
3-وقال الشيخ العلامة علي بن إبراهيم بن داود بن العطّار الشافعي رحمه الله
تعالى
(5)
:
(رجب ليس فيه شيء من ذلك - أي الفضائل - ، سوى ما يشارك
غيره من الشهور ، وكونه من الحُرُم ، وقد ذكر بعضهم أن المعراج والإسراء
كان فيه ، ولـم يثبـت ذلك) ا.هـ
4-وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقل عنه تلميذه النجيب
ابن القيم الجوزية رحمهما الله تعالى
(6)
:
(لم يقم دليلٌ معلوم لا على شهرها ولا على عشرها ولا على
عينها ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به ..) ا.هـ
5-ونقل الإمام ابن القيم الجوزية كلام شيخه ابن تيمية
رحمهما الله تعالى نقل إقرار من غير إنكار
(7)
.
6-وقال الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى
(8)
:
(لا احتفال بما تضمنته التذكرة الحمدونية أنه في رجب ،
وبإحياء المصريين ليلة السابع والعشرين منه لذلك ، فإنّ ذلك بدعة مُنضمة
إلى جهلٍ) ا.هـ
7-وقال الشيخ العلامة أبو أمامة بن النقاش رحمه الله تعالى
(9)
:
(أما ليلة الإسراء ، فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث
صحيح ولا ضعيف ، ولذلك لم يعينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ،
ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح ، ولا صح إلى الآن ، ولا إلى أن تقوم
الساعة فيها شيء ، ومن قال فيها شيئاً ، فإنما قال من كيسه لمرجع ظهر له
استأنس به ، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت ، ولم يثبت الأمر فيها على
شيء) ا.هـ
8-وقال الحافظ المؤرخ ابن كثير الدمشقي رحمه الله تعالى ،
وهو يحكي الخلاف في التاريخ
(10)
:
(وقد أورد - أي : عبدالغني المقدسي - حديثاً لا يصحّ سنده ،
ذكرناه في فضائل شهر رجب أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب ،
والله أعلم ، ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب ,
وهي ليلة الرغائب التي أُحدثت فيها الصلاة المشهورة , ولا أصل لذلك) ا.هـ
9-وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى
(11)
:
(أما الإسراء ، فقيل : كان في رجب ، وضعّفه غير واحد ، وقيل
: كان في ربيع الأول ، وهو قول إبراهيم الحربي ، وغيره) ا.هـ
وقال أيضاً
(12)
:
(قد رُوي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولـم يصحّ شيء
من ذلك ، فرُوي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولد في أول ليلة منه ،
وأنه بعث في السابع والعشرين منه ، وقيل في الخامس والعشرين ، ولا يصحّ شيء
من ذلك ، ورُوي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى
الله عليه وآله وسلم كان في سابع وعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي
وغيره ، ورُوي عن قيس بن عباد قال : في اليوم العاشر من رجب ..) ا.هـ
10-وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى
(13)
:
(قد اختلف في وقت المعراج ، فقيل كان قبل المبعث ، وهو شاذ
إلا إن حمل على أنه وقع حينئذ في المنام كما تقدم ، وذهب الأكثر إلى أنه
كان بعد المبعث ، ثم اختلفوا ، فقيل : قبل الهجرة بسنة ، قاله ابن سعد
وغيره ، وبه جزم النووي ، وبالغ ابن حزم ، فنقل الإجماع فيه ، وهو مردود ،
فإن في ذلك اختلافاً كثيراً يزيد على عشرة أقوال ، منها ما حكاه ابن الجوزي
أنه كان قبلها بثمانية أشهر- فيكون في رجب- ، وقيل : بستة أشهر- فيكون في
رمضان- ، وحكي هذا الثاني أبو الربيع بن سالم ، وحكي ابن حزم مقتضى الذي
قبله ، لأنه قال : كان في رجب سنة اثنتي عشرة من النبوة ، وقيل : بأحد عشر
شهراً ، جزم به إبراهيم الحربي حيث قال: كان في ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة
، ورجحة ابن المنير في شرح السيرة لابن عبد البر ، وقيل: قبل الهجرة بسنة
وشهرين ، حكاه ابن عبد البر ، وقيل : بسنة وثلاثة أشهر ، حكاه ابن فارس ،
وقيل : بسنة وخمسة أشهر ، قاله السدي ، وأخرجه من طريقة الطبري والبيهقي ،
فعلى هذا كان في شوال ، أو في رمضان على إلغاء الكسرين منه ، ومن ربيع
الأول ، و به جزم الواقدي ، وعلى ظاهره ينطبق ما ذكره ابن قتيبة ، وحكاه
ابن عبد البر أنه كان قبلها بثمانية عشر شهراً ، وعند ابن سعد عن ابن أبي
سبرة أنه كان في رمضان ، قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً ، وقيل : كان في رجب
حكاه ابن عبد البر ، وجزم به النووي في الروضة ، وقيل : قبل الهجرة بثلاث
سنين ، حكاه ابن الأثير ، وحكى عياض وتبعه القرطبي والنووي عن الزهري أنه
كان قبل الهجرة بخمس سنين ، ورجحه عياض ومن تبعه) ا.هـ
وهذا ما يؤكد كلام ابن تيمية ، وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام
ابن دحية السالف الذكر نقل إقرار من غير إنكار
(14)
.
11-ونقل الشيخ العلامة القسطلاني كلام ابن النقاش رحمهما الله تعالى نقل
إقرار من غير إنكار
(15)
.
12-وقال الشيخ محمد الشقيري رحمه الله تعالى
(16)
:
(الإسراء لم يقم دليل على ليلته ، ولا على شهره) ا.هـ
13-وقال العلامة الألباني رحمه الله تعالى معلقاً على كلام
الحافظ ابن دحية السابق
(17)
:
(نقل هذا عن المصنفِ الحافظُ ابن حجر في رسالته السابقة
وأقرّه ، بل الواجب تبيين هذا للناس بكل وسيلة ممكنة ، وفي كل مناسبة ،
والله المستعان) ا.هـ
وقال أيضاً
(18)
:
(وقد ذكر الأقوال المشار إليها السيوطي في الآية الكبرى في
شرح قصة الإسراء ص 34 ، والعلامة الآلوسي في تفسيره روح المعاني (4/469) ،
فبلغت خمسة أقوال ! وليس فيها قول مسند إلى خبر صحابي يطمئن له البال ،
ولذلك تناقض فيها أقوال العالم الواحد ! فهذا هو النووي رحمه الله تعالى ،
له في ذلك ثلاثة أقوال حكوها عنه ، أحدها : مثل قول الحربي الذي في الكتاب
، وقد جزم به النووي في الفتاوى له ص 15 ! وفي ذلك ما يُشعر اللبيب أن
السلف ما كانوا يحتفلون بهذه الليلة ، ولا كانوا يتخذونها عيداً ، لا في
رجب ولا في غيره ، ولو أنهم احتفلوا بها ، كما يفعل الخلف اليوم ، لتواتر
ذلك عنهم ، ولتعيّنت الليلة عند الخلف ، ولم يختلفوا هذا الإختلاف العجيب
!) ا.هـ
14-وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى
(19)
:
(وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج ، لم يأت في
الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها فهو
غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أهل العلم بالحديث ، ولله
الحكمة البالغة في إنساء الناس لها..) ا.هـ
15-وقال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
(20)
:
(فأما ليلة السابع والعشرين من رجب ، فإن الناس يدّعون أنها
ليلة المعراج التي عرج بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيها إلى الله عز
وجل ، وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية ، وكل شيء لم يثبت ، فهو باطل ،
والمبني على الباطل باطل) ا.هـ
16-وقال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
(21)
:
(ذكر أحد أئمة الحديث ، وهو أبو الخطاب عمر بن دحية من أئمة
القرن السابع ، وله كتاب اسمه "أداء ما وجب في بيان وضع الوضَّاعين في شهر
رجب" ، وفي هذا كتب يقول : إن بعض القُصَّاص ذكروا أن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم أُسري به في رجب ، قال : وهذا هو عين الكذب ، أقرّ هذا الكلام
خاتمة الحفاظ الحافظ بن حجر العسقلاني شارح البخاري المعروف ، وأنا أعرف أن
موضوع ليلة السابع والعشرين من رجب لم يأت فيها حديث صحيح ، ولا قول صحيح
لأحد الصحابة ، إنما هو قول اشتهر ، وقال به بعض الأئمة ، ونُسب إلى الإمام
النووي ، اختاره الإمام النووي في فتاواه – بل الصواب في : روضة الطالبين -
، والإمام النووي رجل كان مقبولاً عند الأمة ، فاشتهر قوله هذا ، على حين
أن هناك مثلاً الإمام أبا إسحاق الحربي نجده يقول إن الإسراء والمعراج ليس
في ليلة السابع والعشرين من رجب ، بل في ليلة السابع والعشرين من ربيع
الأول ، وأنا أعلم أنه لم يثبت شيء في هذا ، وأن هذا قول اشتهر وأصبح
معروفاً عند المسلمين منذ قرون أنهم يذكرون الإسراء والمعراج في هذه الليلة
..) ا.هـ
ثانياً : لو كان خيراً لسبقونا إليه :
حتى لو ثبت تعيين ليلة الإسراء والمعراج ، لما شرع لأحد
تخصيصها بشيء ، لأنه لو كان هناك خير في تخصيصها باحتفال ، لكان أولى الناس
بذلك هو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، هذا إذا كان التعظيم من أجل
الإسراء والمعراج .
وإن كان من أجل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وإحياء ذكره كما يُفعل في
مولده صلى الله عليه وآله وسلم ، فأولى الناس به أبو بكر رضي الله عنه ، ثم
عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم ، ثم من بعدهم من الصحابة على قدر
منازلهم عند الله ، ثم التابعون ومن بعدهم من أئمة الدين ، ولم يعرف عن أحد
منهم شيء من ذلك ، فليســعنا ما وسـعهـم .
فالسلف الصالح رضوان الله عليهم هم أحرص الناس على الخير ، وأكثرهم تسابقاً
فيه بشهادة النصوص الشرعية والوقائع التاريخية ، ولم يُنقل عنهم أنهم
احتفلوا بليلة الإسراء والمعراج ، ولو ثبت أنهم احتفلوا بها ، لنقلوه إلينا
نقلاً يُعتدّ به ، حيث أنهم نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم كـلّ
شيء تحتاجه الأمة ، ولم يفرّطوا في شيء من الدين ، فكل خير في اتباع من سلف
.
ثالثا ً: حال المحتفليـن بها :
نرى أن المحتفلين بهذه الليلة متفاوتون في طريقة الاحتفال ،
فبعضهم يجتمع في المساجد ، ويدعوا إلى إحيائها ، ويوقد المصابيح فيها وعلى
المنارات ، مع الإسراف والتبذير في ذلك ، فيقيم الذكر ، والقراءة ، وتلاوة
قصة المعراج .
وبعضهم يذكر الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ضمن المواسم الشرعية ، وليس
منها ، ويورد القصص الباطلة والأحاديث الواهية .
والبعض الآخر يسرد المقالات والأشعار المختلفة المشتملة على غلوّ ومبالغات
ما أنزل الله بها من سلطان .
كما أن البعض يجمع بين ذلك كله ، مصداقاً لقول الله تعالى : (وَلَوْ كَانَ
مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
[النساء:82] .
ومن الغرائب أن منهم من ينشط ويجتهد في حضور مثل هذه المحافل البدعية ،
ويدافع عنها ويذب بكل ما أوتي من قوة ، يينما تراه يتخلف عمّا أوجب الله
عليه من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتى
منكراً عظيماً ، فالله المستعان .
رابعا ً: التشبه باليهود والنصارى :
إن في الإحتفال بليلة الإسراء والمعراج وغيرها تشبّه ظاهر
جليّ باليهود والنصارى ، وذلك من خلال تعظيم أيام لـم يـعـظّمــها الشـرع
بالاحتفال وإقامة المراسيم ، وقد أُمرنا بمخالفة سبيلهم ، ونُهينا عن اتباع
سَننهم .
خامساً : نصوص أهل العلم في بدعية الإحتفال بهذه الليلة :
قد نصّ جماعة من أهل العلم على بدعية الاحتفال بهذه الليلة
:
1-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
(22)
حينما سُئل عن رجل قال : ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر ، وقال آخر : بل
ليلة القدر أفضل ، فأيهما المصيب ؟ :
(الحمد لله ، أما القائل بأن ليلة الإسراء أفضل من ليلة
القدر ، فإن أراد أن تكون الليلة التي أسري فيها بالنبي صلى الله عليه وآله
وسلم ونظائرها من كل عام ، أفضل لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من ليلة
القدر ، بحيث يكون قيامها ، والدعاء فيها أفضل منه في ليلة القدر فهذا باطل
، لم يقله أحد من المسلمين، وهو معلوم الفساد بالاطراد من دين الإسلام ،
هذا إذا كانت ليلة الإسراء تعرف عينها ، فكيف ولم يقم دليل معلوم لا على
شهرها ، ولا على عشرها ، ولا على عينها ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ،
ليس فيها ما يقطع به ، ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة
الإسراء بقيام ولا غيره ، بخلاف ليلة القدر ، فإنه قد ثبت في الصحيحين عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (تحروا ليلة القدر في العشر
الأواخر من رمضان) ، وفي الصحيحين عنه أنه قال : (من قام ليلة القدر
إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه) ، وقد أخبر سبحانه أنها خير
من ألف شهر ، وأنه أنزل فيها القرآن .
وإن أراد أن الليلة المعينة التي أُسري فيها بالنبي صلى الله عليه وآله
وسلم ، وحصل له فيها ما لم يحصل له في غيرها من غير أن يُشرع تخصيصها بقيام
ولا عبادة ، فهذا صحيح ، وليس إذا أعطى الله نبيه فضيلة في مكان أو زمان
يجب أن يكون ذلك الزمان والمكان أفضل من جميع الأمكنة والأزمنة ، هذا إذا
قدر أنه قام دليل على أن إنعام الله تعالى على نبيه ليلة الإسراء كان أعظم
من إنعامه عليه بإنزال القرآن ليلة القدر ، وغير ذلك من النعم التي أنعم
عليه بها .
والكلام في مثل هذا يحتاج إلى علم بحقائق الأمور ومقادير النعم التي لا
تعرف إلا بوحي ، ولا يجوز لأحد أن يتكلم فيها بلا علم ، ولا يُعرف عن أحد
من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها لا سيما على ليلة القدر
، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من
الأمور ، ولا يذكرونها ، ولهذا لا يعرف أي ليلة كانت ، وإن كان الإسراء من
أعظم فضائله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومع هذا ، فلم يشرع تخصيص ذلك
الزمان ولا ذلك المكان بعبادة شرعية ، بل غار حراء الذي ابتدىء فيه بنزول
الوحي ، وكان يتحراه قبل النبوة ، لم يقصده هو ولا أحد من أصحابه بعد
النبوة مدة مقامه بمكة ، ولا خص اليوم الذي أنزل فيه الوحي بعبادة ولا
غيرها ، ولا خص المكان الذي ابتدىء فيه بالوحي ، ولا الزمان بشيء ، ومن خص
الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات لأجل هذا وأمثاله ، كان من جنس أهل
الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات ، كيوم الميلاد ، ويوم
التعميد ، وغير ذلك من أحواله ، وقد رأى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه جماعة
يتبادرون مكاناً يصلون فيه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : مكان صلى فيه رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم
مساجد ، إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، فمن أدركته فيه الصلاة فليصل ، وإلا
فليمض ..) ا.هـ.
وقال أيضاً
(23)
:
(وأما إتخاذ موسم غير المواسم الشرعية ، كبعض ليالي شهر
ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر
ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد
الأبرار ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ، ولم يفعلوها) ا.هـ
2-نقل الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى كلام شيخه
ابن تيمية نقل إقرار من غير إنكار
(24)
.
3-وقال الشيخ العلامة ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى تحت عنوان :
"المواسم التي نسبوها إلى الشرع وليست منه"
(25)
:
(ومن البدع التي أحدثوها فيه - أعني في شهر رجب - : ليلة
السابع والعشرين منه التي هي ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة
بما شرع لهم فيها بفضله العميم وإحسانه الجسيم ، وكانت عند السلف يعظمونها
، إكراماً لنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم على عادتهم الكريمة من زيادة
العبادة فيها ، وإطالة القيام في الصلاة ، والتضرع ، والبكاء ، وغير ذلك
مما قد علم من عوائدهم الجميلة في تعظيم ما عظمه الله تعالى ، لامتثالهم
سنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول : (تعرضوا لنفحات الله) ، وهذه
الليلة المباركة من جملة النفحات ، وكيف لا ، وقد جعلت فيها الصلوات الخمس
بخمسين إلى سبعمائة ضعف ، والله يضاعف لمن يشاء ، وهذا هو الفضل العظيم من
غني كريم ، فكانوا إذا جاءت يقابلونها بما تقدم ذكره ، شكراً منهم لمولاهم
على ما منحهم وأولاهم .. فجاء بعض أهل هذا الزمان فقابلوا هذه الليلة
الشريفة بنقيض ما كان السلف يقابلونها به ، وذلك أنهم أحدثوا فيها من البدع
أشياء ، فمنها : إتيانهم المسجد الأعظم ، واجتماعهم فيه ، ومنها : زيادة
وقود القناديل فيه .. ومنها : ما يفرشونه من البسط ، والسجادات وغيرهما ،
ومنها : أطباق النحاس فيها الكيزان ، والأباريق ، وغيرهما ، كأن بيت الله
تعالى بيتهم ، والجامع إنما جعل للعبادة لا للفراش ، والرقاد ، والأكل ،
والشرب .. ومنها : اجتماعهم حلقات ، كل حلقة لها كبير ، يقتدون به في الذكر
، والقراءة ، وليت ذلك لو كان ذكراً ، أو قراءة ، لكنهم يلعبون في دين الله
تعالى ، فالذاكر منهم في الغالب لا يقول : لا إله إلا الله ، بل يقول : لا
يلاه يلله ، فيجعلون عوض الهمزة ياء وهي ألف قطع جعلوها وصلاً ، وإذا قالوا
: سبحان الله ، يمطونها ويرجعونها حتى لا تكاد تفهم ، والقارئ يقرأ القرآن
، فيزيد فيه ما ليس منه وينقص منه ما هو فيه بحسب تلك النغمات والترجيعات
التي تشبه الغناء والهنوك التي اصطلحوا عليها على ما قد علم من أحوالهم
الذميمة ، ثم فيها من الأمر العظيم أن القارئ يبتدئ بقراءة القرآن ، والآخر
ينشد الشعر ، أو يريد أن ينشده فيسكتون القارئ ، أو يهمون بذلك ، أو يتركون
هذا في شعره ، وهذا في قراءته ، لأجل تشوق بعضهم لسماع الشعر وتلك النغمات
الموضوعة أكثر ، فهذه الأحوال من اللعب في الدين أن لو كانت خارج المسجد
منعت ، فكيف بها في المسجد ، سيما في هذه الليلة الشريفة ، فإنا لله وإنا
إليه راجعون، ثم إنهم لم يقتصروا على ذلك، بل ضموا إليه اجتماع النساء
والرجال في الجامع الأعظم في تلك الليلة الشريفة مختلطين بالليل ، وخروج
النساء من بيوتهن على ما يعلم من الزينة والكسوة والتحلي ..) ا.هـ
4-وقال الشيخ العلامة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى
(26)
:
(وقد تضمن الإسراء أنواعاً من الكرامات ، والإسراء والمعراج
كانا في ليلة واحدة ، واختلف في تاريخه مع الإجماع على أنه كان في مكة ،
والذي كان يختاره شيخنا أبو محمد الدمياطي : أنه قبل الهجرة بسنة : وهو في
ربيع الأول ، ولا احتفال بما تضمنته التذكرة الحمدونية أنه في رجب ،
وبإحياء المصريين ليلة السابع والعشرين منه لذلك ، فإنّ ذلك بدعة مُنضمة
إلى جهلٍ) ا.هـ
5-وقال الشيخ العلامة أبو أمامة بن النقاش رحمه الله تعالى
(27)
:
(أما ليلة الإسراء ، فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث
صحيح ولا ضعيف ، ولذلك لم يعينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ،
ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح ، ولا صح إلى الآن ، ولا إلى أن تقوم
الساعة فيها شيء ، ومن قال فيها شيئاً ، فإنما قال من كيسه لمرجع ظهر له
استأنس به ، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت ، ولم يثبت الأمر فيها على
شيء ، ولو تعلق بها نفع للأمة ، ولو بذرة ، لبينه لهم نبيهم صلى الله عليه
وآله وسلم) ا.هـ
6-وقال الشيخ العلامة ابن النحاس الدمشقي رحمه الله تعالى
(28)
:
(ومنها : ما أحدثوه ليلة السابع والعشرين من رجب ، وهي ليلة
المعراج الذي شرف الله به هذه الأمة ، فابتدعوا في هذه الليلة ، وفي ليلة
النصف من شعبان - وهي الليلة الشريفة العظيمة - : كثرة وقود القناديل في
المسجد الأقصى ، وفي غيره من الجوامع والمساجد ، واجتماع النساء مع الرجال
والصغار اجتماعاً يؤدي إلى الفساد ، وتنجيس المسجد ، وكثرة اللعب فيه
واللغط ، ودخول النساء إلى الجوامع متزينات متعطرات ، ويبتن في المسجد
بأولادهن ، فربما سبق الصغير الحدث ، وربما اضطرت المرأة والصبي إلى قضاء
الحاجة ، فإن خرجا من المسجد ، لم يجدا إلا طرق المسلمين في أبواب المساجد
، وإن لم يخرجا ، حرصاً على مكانهما ، أو حياء من الناس ، ربما فعلا ذلك في
إناء ، أو ثوب ، أو في زاوية من زوايا المسجد ، كل ذلك حرام ، مع أن الداخل
في الغلس لصلاة الصبح قل أن يسلم من تلويث ذيله أو نعله بما فعلوه في باب
المسجد ، ويدخل بنعله وما فيه من النجاسة إلى المسجد وهو لا يشعر ، إلى غير
ذلك من المفاسد المشاهدة المعلومة ، وكل ذلك بدعة عظيمة في الدين ، ومحدثات
أحدثها إخوان الشياطين ، مع ما في ذلك من الإسراف في الوقيد ، والتبذير ،
وإضاعة المال ، وبالجملة فإن كان ذلك من مال الوقف ، لم يجز للناظر صرف ذلك
، ولا التمكين منه ، بل لو ذكره الواقف وشرطه ، قال أبو عبد الله بن الحاج
: لم يعتبر ذلك الشرط شرعاً ، وإن لم يكن من مال الوقف ، بل لو تبرع به
متبرع ، كان ذلك إضاعة للمال وتبذيراً ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله
وسلم عن إضاعة المال ، واعتقاد أن ذلك قربة من أعظم البدع وأقبح السيئات ،
بل لو كان في نفسه قربة ، وأدى إلى هذه المفاسد لكان إثماً عظيماً ، فينبغي
للعاجز عن إنكار هذه المنكرات ، أن لا يحضر الجامع ، وأن يصلي في بيته تلك
الليلة إن لم يجد مسجداً سالماً من هذه البدع ، لأن الصلاة في الجامع مندوب
إليها ، وتكثير سواد أهل البدع منهي عنه ، وترك المنهي عنه واجب ، وفعل
الواجب متعين ، هذا إن لم يكن مشهوراً بين الناس ، فإن كان مشهوراً بينهم
بعلم أو زهد ، وجب عليه أن لا يحضر الجامع ، ولا يشاهد هذه المنكرات ، لأن
في حضوره مع عدم الإنكار إيهاماً للعامة بأن هذه الأفعال مباحة أو مندوب
إليها ، وإذا فقد من المسجد وتأخر عن عادته في الصلاة جماعة ، وأنكر ذلك
بقلبه لعجزه ، لربما يسلم من الإثم ، ولا يغتر به غيره ، ويستشعر الناس من
عدم حضوره أن هذه الأفعال غير مرضية ، لأن حضور من يُقتدى به في هذه الليلة
هو الشبهة العظمى في ظن الجهال والعوام أن ذلك مستحسن شرعاً ، ولو اتفق
العلماء والصلحاء على إنكار ذلك لزال ، بل لو عجزوا عن الإنكار ، وتركوا
الصلاة في الجامع المذكور ، لظهر للناس أن ذلك بدعة لا يسوغها الشرع ، ولا
يرضاها أهل الدين ، فربما امتنع الناس عن ذلك أو بعضهم ، فحصل لهم الثواب
بفعل ما يقدرون عليه من الإنكار بالقلب ، والامتناع عن الحضور إن كانوا
عاجزين عن التغيير ، وإن كانوا قادرين ، فيسقط عنهم بعض الإثم ، ويخفف عنهم
الوزر) ا.هـ
7-ونقل الشيخ العلامة القسطلاني كلام ابن النقاش رحمهما
الله تعالى في "المواهب اللدنية" نقل إقرار من غير إنكار .
8-وقال فضيلة الشيخ محمد الشقيري رحمه الله تعالى تحت عنوان "في بدع شهر
رجب"
(29)
:
(وقراءة قصة المعراج ، والإحتفال لها في ليلة السابع
والعشرين من رجب بدعة ، وتخصيص بعض الناس لها بالذكر والعبادة بدعة ،
والأدعية التي تقال في رجب ، وشعبان ، ورمضان كلها مخترعة مبتدعة ، ولو كان
خيراً لسبقونا إليه ، والإسراء لم يقم دليل على ليلته ، ولا على شهره ،
ومسألة ذهابه صلى الله عليه وآله وسلم ورجوعه ليلة الإسراء ولم يبرد فراشه
، لم تثبت ، بل هي أكذوبة من أكاذيب الناس) ا.هـ
9-وقال فضيلة الشيخ علي محفوظ الأزهري رحمه الله تعالى تحت
عنوان : "المواسم التي نسبوها إلى الشرع وليست منه "
(30)
:
(ومنها : ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة بما
شرع لهم فيها ، وقد تفنن أهل هذا الزمان بما يأتونه في هذه الليلة من
المنكرات ، وأحدثوا فيها من أنواع البدع ضروباً كثيرة : كالاجتماع في
المساجد ، وإيقاد الشموع والمصابيح فيها وعلى المنارات ، مع الإسراف في ذلك
، واجتماعهم للذكر والقراءة وتلاوة قصة المعراج ، وكان ذلك حسناً لو كان
ذكراً وقراءة وتعليم علم ، لكنهم يلعبون في دين الله ، فالذاكر على ما عرفت
، والقارئ على ما سمعت ، فيزيد فيه ما ليس منه ، وينقص منه ما هو فيه ، وما
أحسن سير السلف ، فإنهم كانوا شديدي المداومة على ما كان عليه الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم ، لا يخرجون عن الثابت قيد شعرة ، ويعتقدون الخروج عنه
ضلالة ، لا سيما عصر الصحابة ومن بعدهم من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم
بالخير رضي الله عنهم أجمعين) ا.هـ
10-وقال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله
تعالى في رده على دعوة وجهت لرابطة العالم الإسلام لحضور أحد الاحتفالات
بذكرى الإسراء والمعراج ، بعد أن سُئل عن ذلك
(31)
:
(هذا ليس
بمشروع ، لدلالة الكتاب ، والسنة ، والاستصحاب ، والعقل :
أما الكتاب :
فقد قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) ، وقال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) ، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه ،والرد
إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته ، وإلى سنته بعد موته ، قال تعالى:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ
اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وقال
تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
وأما السنة :
فالأول : ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ، وفي
رواية لمسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
الثاني : روى الترمذي وصححه ، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن العرباض بن
سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إياكم والمحدثات ،
فإن كل محدثة ضلالة) .
الثالث : روى الإمام أحمد والبزار عن غضيف أن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم قال: (ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة) رواه الطبراني إلا
أنه قال : (ما من أمة ابتدعت بعد نبيها بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة ) .
الرابع : روى ابن ماجه وابن أبي عاصم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أبي الله أن يقبل عمل صاحب بدعة
حتى يدع بدعته) ، ورواه الطبراني إلا أنه قال : (إن الله حجب التوبة عن كل
صاحب بدعة حتى يدع بدعته ) .
وأما الاستصحاب :
فهو هنا استصحاب العدم الأصلي .
وتقرير ذلك : أن العبادات توقيفية ، فلا يقال : هذه العبادة مشروعة إلا
بدليل من الكتاب والسنة والإجماع ، ولا يقال : إن هذا جائز من باب المصلحة
المرسلة ، أو الاستحسان ، أو القياس ، أو الاجتهاد ، لأن باب العقائد
والعبادات والمقدرات ، كالمواريث ، والحدود ، لا مجال لتلك فيها .
وأما المعقول :
فتقريره أن يقال : لو كان هذا مشروعاً ، لكان أولى الناس بفعله محمد صلى
الله عليه وآله وسلم .
هذا إذا كان التعظيم من أجل الإسراء والمعراج ، وإن كان من
أجل الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإحياء ذكره كما يفعل في مولده
صلى الله عليه وآله وسلم ، فأولى الناس به أبو بكر رضي الله عنه ، ثم عمر ،
ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم ، ثم من بعدهم الصحابة على قدر منازلهم
عند الله ، ثم التابعون ومن بعدهم من أئمة الدين ، ولم يعرف عن أحد منهم
شيء من ذلك ، فيسعنا ما وسعهم .
ونسوق لك بعض كلام العلماء في ذلك .
فمن ذلك ما قاله ابن النحاس في كتابه " تنبيه الغافلين" :
(ومنها - أي البدع المحرمة - ما أحدثوه ليلة السابع والعشرين من رجب ، وهي
ليلة المعراج الذي شرف الله به هذه الأمة ، فابتدعوا في هذه الليلة ، وفي
ليلة النصف من شعبان - وهي الليلة الشريفة العظيمة - كثرة وقود القناديل في
المسجد الأقصى ، وفي غيره من الجوامع والمساجد ، واجتماع النساء مع الرجال
والصغار اجتماعاً يؤدي إلى الفساد ، وتنجيس المسجد و، كثرة اللعب فيه
واللغط ، ودخول النساء إلى الجوامع متزينات متعطرات ، ويبتن في المسجد
بأولادهن فربما سبق الصغير الحدث ، ربما اضطرت المرأة والصبي إلى قضاء
الحاجة ، فإن خرجا من المسجد لم يجدا إلا طريق المسلمين في أبواب المساجد ،
وإن لم يخرجا حرصا على مكانهما ، أو حياء من الناس ربما فعلا ذلك في إناء
أو ثوب أو في زاوية من زوايا المسجد ، وكل ذلك حرام ، مع أن الداخل في
الغلس لصلاة الصبح قل أن يسلم من تلويث ذيله أو نعله بما فعلوه في باب
المسجد ، ويدخل بنعله وما فيه من النجاسة إلى المسجد فينجسه وهو لا يشعر ،
إلى غير ذلك من المفاسد المشاهدة المعلومة ، كل ذلك بدعة عظيمة في الدين
ومحدثات أحدثها إخوان الشياطين ، مع ما في ذلك من الإسراف في الوقيد
والتبذير وإضاعة المال) .
وقال أيضاً : (واعتقاد أن ذلك قربة من أعظم البدع ، وأقبح السيئات ، بل لو
كان في نفسه قربة وأدى إلى هذه المفاسد ، لكان إثماً عظيماً . فينبغي
للعاجز عن إنكار هذه المنكرات أن لا يحضر الجامع ، وأن يصلي في بيته تلك
الليلة ، إن لم يجد مسجداً سالماً من هذه البدع ، لأن الصلاة في الجامع
مندوب إليها ، وتكثير سواد أهل البدع منهي عنه ، وترك المنهي عنه واجب وفعل
الواجب متعين ، هذا إن لم يكن مشهوراً بين الناس ، فإن كان مشهوراً بينهم
بعلم أو زهد ، وجب عليه أن لا يحضر الجامع ، ولا يشاهد هذه المنكرات ، لأن
في حضوره مع عدم الإنكار إيهاماً للعامة بأن هذه الأفعال مباحة أو مندوب
إليها ، وإذا فقد من المسجد وتأخر عن عادته في الصلاة جماعة ، وأنكر ذلك
بقلبه لعجزه ، ربما يسلم من الإثم ، ولا يغتر به غيره ، ويستشعر الناس من
عدم حضوره أن هذه الأفعال غير مرضية ، لأن حضور من يقتدى به في هذه الليلة
هو الشبهة العظمى ، فظن الجهال والعوام أن ذلك مستحسن شرعاً ، ولو اتفق
العلماء والصلحاء على إنكار ذلك لزال ، بل لو عجزوا عن الإنكار ، وتركوا
الصلاة في الجامع المذكور ، لظهر للناس أن ذلك بدعة لا يسوغها الشرع ، ولا
يرضاها أهل الدين ، وربما امتنع الناس عن ذلك أو بعضهم ، فحصل لهم الثواب
بفعل ما يقدرون عليه من الإنكار بالقلب ، والإمتناع عن الحضور ، إن كانوا
عاجزين عن التبيين ، وإن كانوا قادرين ، فيسقط عنهم بعض الإثم ، ويخفف عنهم
الوزر) .
وقال الشيخ علي محفوظ في كتابه : "الإبداع في مضار الابتداع" تحت عنوان :
"المواسم التي نسبوها إلى الشرع وليست منه" :
(ومنها : ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة بما شرع لهم فيها ،
وقد تفنن أهل هذا الزمان بما يأتونه في هذه الليلة من المنكرات ، وأحدثوا
فيها من أنواع البدع ضروباً كثيرة : كالاجتماع في المساجد ، وإيقاد الشموع
والمصابيح فيها وعلى المنارات ، مع الإسراف في ذلك ، واجتماعهم للذكر ،
والقراءة ، وتلاوة قصة المعراج ، وكان ذلك حسناً لو كان ذكراً ، وقراءة ،
وتعلم علم ، لكنهم [يلعبون في دين الله ، فالذاكر على ما عرفت ، والقارئ
على ما سمعت ، فيزيد فيه ما ليس منه ، وينقص منه ما هو فيه ، وما أحسن سير
السلف ، فإنهم كانوا شديدي المداومة على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم]
(32)
لا يخرجون عن الثابت قيد شعرة ، ويعتقدون الخروج عنه ضلالة ، لا سيما عصر
الصحابة ومن بعدهم من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير) انتهى .
وإن أردتم المزيد من الكلام على الموضوع ، فعليكم مراجعة "الاعتصام"
للشاطبي ، و" البدع والحوادث" للطرطوشي ، و"البدع والنهي عنها" لابن وضاح
القرطبي ، هذا ونسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين التوفيق والهداية إلى
دين الإسلام والثبات عليه) ا.هـ .
وقال أيضاً في رسالته الموجهة إلى معالي الأمين العام
لرابطة العالم الإسلامي
(33)
:
(فقد اطلعت على خطابكم رقم 682 في 4/7/85 هـ بصدد الدعوة
الموجهة لكم من قاضي القضاة في المملكة الأردنية الهاشمية ، لحضور الاحتفال
بذكرى الإسراء والمعراج ، وطلبكم الإفادة برأينا تجاه ذلك .
إنني أقول : الاحتفال بذكرى "الإسراء والمعراج" أمر باطل ، وشيء مبتدع ،
وهو تشبه باليهود والنصارى في تعظيم أيام لم يعظمها الشرع ، وصاحب المقام
الأسمى ، رسول الهدى ، محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي شرع الشرائع ،
وهو الذي وضح ما يحل وما يحرم ، ثم إن خلفاءه الراشدين وأئمة الهدى من
الصحابة والتابعين ، لم يعرف عن أحد منهم أنه احتفل بهذه الذكرى .
المقصود أن الاحتفال بذكرى "الإسراء والمعراج" بدعة ، فلا يجوز ولا تجوز
المشاركة فيه ، ولا أوافق على أن تشارك الرابطة فيه ، لا بإرسال أحد من
موظفيها ، ولا بإنابة الشيخ القلقيلي ، أو غيره عنها في ذلك) ا.هـ
واستفتي عن امرأة نذرت بعدما وضعت في شعبان ، أن تذبح ذبيحة
في اليوم السابع والعشرين من رجب من كل سنة ، وذلك منذ ثمان وعشرين سنة ،
واستمرت موفية بنذرها طول هذه المدة ، فأجاب بما نصه
(34)
:
(هذا النذر لا ينعقد ، لاشتماله على معصية ، وهي أن شهر رجب
شهر معظم عند أهل الجاهلية ، وليلة السابع والعشرين منه يعتقد بعض الناس
أنها ليلة الإسراء والمعراج ، فجعلوها عيداً يجتمعون فيها ، ويعملون أموراً
بدعية ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الوفاء بالنذر في
المكان الذي يفعل فيه أهل الجاهلية أعيادهم ، أو يذبح فيه لغير الله ، فعن
ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة ، فسأل
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية
يُعبد ؟) قالوا : لا ، قال : (فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟) ، قالوا : لا
، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أوف بنذرك ، فإنه لا وفاء
لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم) ، رواه أبو داود وإسناده
على شرط البخاري ومسلم) ا.هـ
11-وقال فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رحمه الله
تعالى
(35)
:
(أما الإحتفال بالنعم ، أو بميلاد النبي ، أو بالإسراء به ،
فإنها كلها من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان ، فهي من محدثات
الأمور التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال : (كل
محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) ، لكون البدعة في اللغة : هي الزيادة في الدين
بعد كماله ، وفسرت بأنها ما فعل على سبيل القربة مما لم يكن له أصل في
الشرع ، وهذا الوصف منطبق على الإحتفال بالمولد ، أو الإسراء ، أو الإحتفال
للنعم ، وأكثر من يشيدها وينشطها هم العلماء القاصرة أفهامهم والناقصة
علومهم مما يجعل العامة يغترون بهم وينعبثون على أثرهم ، وبإستمرار فعلهم
لها خاصة في هذا اليوم المعين يستقر في نفوسهم فضلها أو فرضها ..) ا.هـ
وقال أيضاً
(36)
:
(ولم نجد في شيء من الكتب المعتمدة القول بإستحباب التجمع
والإحتفال بمولده ، ولا في اليوم الذي أسري به ..) ا.هـ
وقال أيضاً
(37)
:
(أما الإجتماع للإحتفال بمولد الرسول ، أو الإسراء والمعراج
، أو الإحتفال بالنعم ، فإنه من شريعة المخلوقين ، (أم لهم شركاء شرعوا لهم
من الدين ما يأذن به الله) ، فكيف يقاس شرع الله الحكيم بشريعة المخلوقين
الذي قام بتشريعه علماء الضلال فتبعهم العامة عليه ، لظنهم أنه دين وحق ،
وهو باطل في نفس الأمر والواقع ، إذ لو كان خيراً لسبقونا إليه ، ثم إن
أكثر هؤلاء يخدعون العوام ، ويغشونهم ، ويلبسون عليهم باسم الدين ، فيجعلون
لهم الباطل حقاً ، والبدعة سنة ، بسبب ما يترتب على هذا الإحتفال من المآكل
الشهية ..) ا.هـ
وقال أيضاً
(38)
:
(لهذا لم يثبت عن الخلفاء الراشدين ، ولا عن الصحابة
والتابعين ، ولا عن أئمة المذاهب المتبوعين ، مثل الإمام أحمد ، والشافعي ،
ومالك ، وأبي حنيفة ، وأصحابهم ، فلم يثبت عنهم تعظيم مولد الرسول ، ولا
التجمع في يومه ، ولا يوم الإسراء والمعراج ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه)
ا.هـ
وقال أيضاً
(39)
:
(ومثله-أي مثل المولد- ما يفعله الناس في رجب باسم الإسراء
والمعراج ، فكل هذه من البدع التي يقود بعضها إلى بعض ، حتى تكون الآخرة شر
من الأولى ، وتكون في كل عام شر من الذي قبله) ا.هـ
12-وقال الشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى
(40)
:
(وقد ذكر الأقوال المشار إليها السيوطي في الآية الكبرى في
شرح قصة الإسراء ص 34 ، والعلامة الآلوسي في تفسيره روح المعاني (4/469)
فبلغت خمسة أقوال ! وليس فيها قول مسند إلى خبر صحابي يطمئن له البال ،
ولذلك تناقض فيها أقوال العالم الواحد ! فهذا هو النووي رحمه الله تعالى ،
له في ذلك ثلاثة أقوال حكوها عنه ، أحدها مثل قول الحربي الذي في الكتاب ،
وقد جزم به النووي في الفتاوى له ص 15 ! وفي ذلك ما يُشعر اللبيب أن السلف
ما كانوا يحتفلون بهذه الليلة ، ولا كانوا يتخذونها عيداً ، لا في رجب ولا
في غيره ، ولو أنهم احتفلوا بها ، كما يفعل الخلف اليوم ، لتواتر ذلك عنهم
، ولتعيّنت الليلة عند الخلف ، ولم يختلفوا هذا الإختلاف العجيب !) ا.هـ
13-وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى
(41)
:
(الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله
وصحبه ، أما بعد : فلا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة
الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى عظم منزلته عند
الله عز وجل ، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة ، وعلى علوه
سبحانه وتعالى على جميع خلقه ، قال الله سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي
أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه
هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ، وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم أنه عرج به إلى السماوات ، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة
، فكلمه ربه سبحانه بما أراد ، وفرض عليه الصلوات الخمس ، وكان الله سبحانه
فرضها أولا خمسين صلاة ، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
يراجعه ويسأله التخفيف ، حتى جعلها خمساً ، فهي خمس في الفرض ، وخمسون في
الأجرة ، لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه ،
وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج ، لم يأت في الأحاديث الصحيحة
تعيينها ، لا في رجب ، ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها ، فهو غير ثابت عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أهل العلم بالحديث ، ولله الحكمة
البالغة في إنساء الناس لها ، ولو ثبت تعيينها ، لم يجز للمسلمين أن يخصوها
بشيء من العبادات ، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها ، لأن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها ، ولم يخصوها بشيء ، ولو
كان الاحتفال بها أمراً مشروعاً ، لبينه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
للأمة ، إما بالقول ، وإما بالفعل ، ولو وقع شيء من ذلك ، لعرف واشتهر ،
ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا ، فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه
وآله وسلم كل شيء تحتاجه الأمة ، ولم يفرطوا في شيء من الدين ، بل هم
السابقون إلى كل خير ، فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعاً ، لكانوا أسبق
الناس إليه ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أنصح الناس للناس ، وقد
بلغ الرسل غاية البلاغ ، وأدى الأمانة ، فلو كان تعظيم هذه الليلة
والاحتفال بها من دين الله ، لم يغفله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم
يكتمه ، فلما لم يقع شيء من ذلك ، عُلم أن الاحتفال بها وتعظيمها ليسا من
الإسلام في شيء ، وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها ، وأتم عليها النعمة ،
وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله ، قال سبحانه وتعالى في
كتابه المبين من سورة المائدة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا) ،
وقال عز وجل في سورة الشورى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ
الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ
لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ،
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث الصحيحة : التحذير
من البدع ، والتصريح بأنها ضلالة ، تنبيهاً للأمة على عظم خطرها ، وتنفيراً
لهم من اقترافها ، ومن ذلك : ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
فهو رد) ، وفي رواية لمسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، وفي
صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة : (أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ،
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل
بدعة ضلالة) ، زاد النسائي بسند جيد : (وكل ضلالة في النار) ، وفي السنن عن
العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم موعظة بليغة ، وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا :
يا رسول الله ، كأنها موعظة مودع ، فأوصنا ، فقال : (أوصيكم بتقوى الله ،
والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم ، فسيرى اختلافاً
كثيراً ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا
بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وقد ثبت عن أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن السلف الصالح بعدهم ، التحذير من البدع
والترهيب منها ، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين ، وشرع لم يأذن به الله
، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم ، وابتداعهم
فيه ما لم يأذن به الله ، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي ، واتهامه
بعدم الكمال ، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم ، والمنكر الشنيع ،
والمصادمة لقول الله عز وجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ،
والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المحذرة من البدع
والمنفرة منها ، وأرجو أن يكون فيما ذكرناه من الأدلة كفاية ومقنع لطالب
الحق في إنكار هذه البدعة - أعني بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج- ،
والتحذير منها ، وأنها ليست من دين الإسلام في شيء ، ولما أوجب الله من
النصح للمسلمين ، وبيان ما شرع الله لهم من الدين ، وتحريم كتمان العلم ،
رأيت تنبيه إخواني المسلمين على هذه البدعة التي قد فشت في كثير من الأمصار
، حتى ظنها بعض الناس من الدين ، والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين
جميعاً ، ويمنحهم الفقه في الدين ، ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق ، والثبات
عليه ، وترك ما خالفه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك
على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه) ا.هـ
14-وقال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
(42)
:
(أما إظهار الفرح في ليلة السابع والعشرين من رجب ، أو ليلة
النصف من شعبان ، أو في يوم عاشوراء ، فإنه لا أصل له ، وينهى عنه ، ولا
يحضر الإنسان إذا دعي إليه ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إياكم
ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة) ، فأما ليلة السابع والعشرين من رجب ،
فإن الناس يدعون أنها ليلة المعراج التي عرج بالرسول صلى الله عليه وآله
وسلم فيها إلى الله عز وجل ، وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية ، وكل شيء
لم يثبت فهو باطل ، والمبني على الباطل باطل ، ثم على تقدير ثبوت أن ليلة
المعراج ليلة السابع والعشرين من رجب ، فإنه لا يجوز لنا أن نحدث فيها
شيئًا من شعائر الأعياد أو شيئًا من العبادات ، لأن ذلك لم يثبت عن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ، فإذا كان لم يثبت عمن عرج به ، ولم يثبت
عن أصحابه الذين هم أولى الناس به ، وهم أشد الناس حرصًا على سنته وشريعته
، فكيف يجوز لنا أن نُحدث ما لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
في تعظيمها ، ولا في إحيائها) ا.هـ
وقال أيضاً
(43)
:
(يعتقد كثير من الناس أن المعراج الذي حصل لرسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم إلى السموات كان في رجب في ليلة سبع وعشرين منه ، وهذا
غلط ، ويحتفلون بتلك الليلة ، والاحتفال بها بدعة ، لأنهم يحتفلون بها
يعتقدون ذلك ديناً وقربى إلى الله عز وجل ، فهو من البدع ، ولا يجوز
الاحتفال بها ، لعدم صحتها من الناحية التاريخية ، ولعدم مشروعيتها من
الناحية التعبدية ، ومن المؤسف جداً أن بعض المسلمين يحتفلون بهذه الليلة ،
ويعطلون العمل في صباحها ، وربما يحضر بعض رؤساء الدول ، وهذا من الغلط
الذي عاش فيه المسلمون مدة طويلة ، والواجب على طلبة العلم بعد أن استبانت
السنة والحمد لله أن يبينوا للناس ، والناس قريبون ، إن كثيراً من هؤلاء لا
يحتفلون هذا الاحتفال إلا محبة لله تعالى صلى الله عليه وآله وسلم ، وإذا
كان هذا هو الحامل لهم على الاحتفال ، فإنه بمجرد ما يُبين لهم الحق وهم
قاصدون للحق سيرجعون إلى الحق) ا.هـ
15-وقال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
(44)
:
(ذكر أحد أئمة الحديث وهو أبو الخطاب عمر بن دحية من أئمة
القرن السابع ، وله كتاب اسمه "أداء ما وجب في بيان وضع الوضَّاعين في شهر
رجب" ، وفي هذا كتب يقول : إن بعض القُصَّاص ذكروا أن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم أُسري به في رجب ، قال: وهذا هو عين الكذب ، أقر هذا الكلام
خاتمة الحفاظ الحافظ بن حجر العسقلاني شارح البخاري المعروف ، وأنا أعرف أن
موضوع ليلة السابع والعشرين من رجب لم يأت فيها حديث صحيح ، ولا قول صحيح
لأحد الصحابة ، إنما هو قول اشتهر ، وقال به بعض الأئمة ، ونُسب إلى الإمام
النووي ، اختاره الإمام النووي في فتاواه
(45)
، والإمام النووي رجل كان مقبولاً عند الأمة ، فاشتهر قوله هذا ، على حين
أن هناك مثلاً الإمام أبا إسحاق الحربي نجده يقول إن الإسراء والمعراج ليس
في ليلة السابع والعشرين من رجب ، بل في ليلة السابع والعشرين من ربيع
الأول ، وأنا أعلم أنه لم يثبت شيء في هذا ، وأن هذا قول اشتهر ، وأصبح
معروفاً عند المسلمين منذ قرون أنهم يذكرون الإسراء والمعراج في هذه الليلة
، ونظراً لأنه لا يترتب على ذلك عمل أو عبادة ، فهذه الليلة لا يُشرع فيها
قيام ، ولا يُشرع في صبيحتها صيام ، ولا يُطلب من المسلم أي عمل يتقرب به
إلى الله في تلك الليلة ، أو في ذلك اليوم ، ولذلك المسلمون لم يهتموا بهذا
الأمر ، مسألة الاحتفال إذا كان المقصود بالاحتفال تدارس هذا الحدث العظيم
، وما كان له من أثر في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه جاء بعد
عام الحزن ، وبعدما أصابه ، أراد الله سبحانه وتعالى أن يسرِّي عن رسوله
صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن يكرِّمه بعد أن أعرض عنه الناس في الأرض ،
وأعرضت عنه قريش ، وأعرضت عنه ثقيف بعد رحلته إلى ثقيف ، ولقي منهم ما لقي
، بعد هذا أراد الله أن يكرِّمه ، فيصلي بالأنبياء إماماً ، ويستقبله
الملائكة ، ويستقبله النبيون في السماوات ، ويعرج به إلى السماوات العلا
إلى مكان كما قال شوقي :
لا يُطار لها على جناح *** ولا يسعى على قدم
فهذا هو المهم أن نعتبر ونستفيد ونأخذ الدروس من هذه القصة
، فلذلك مادام لا يترتب على هذا عمل ، ولا يترتب على هذا عبادة ، لا مانع
أن نحتفل أو نحتفي بهذه المناسبة ، واحتفل بالشيء في اللغة العربية يعني :
اهتم به ، وأعطى لها العناية ، أي : لم ينسه ، ولم ينشغل عنه ، فنحن نحتفل
، أي : نهتم بهذا الأمر ، وخصوصاً أن الإسراء والمعراج فيه أمران مهمان :
الأمر الأول : هو أنه مرتبط بالمسجد الأقصى منتهى الإسراء ، ومبتدأ المعراج
، الإسراء انتهى إلى المسجد الأقصى ، والمعراج ابتدأ من المسجد الأقصى إلى
السماوات العلا ، ونحن في حاجة إلى أن نذكر المسلمين في عصرنا هذا ، وفي
أيامنا هذه بالمسجد الأقصى الأسير في أيدي اليهود ، فالناس مشغولون عن هذه
القضية المحورية والمركزية ، القضية الأولى بالنسبة للمسلمين في عصرنا هذا
هي قضية فلسطين ، وقضية فلسطين لُبُّها وجوهرها القدس ، ولُبُّ القدس
وجوهره المسجد الأقصى ، فنحن ننتهز هذه الفرصة ، ونذكر الناس بقضية فلسطين
من خلال ذكرى الإسراء والمعراج ، والحديث عن المسجد الأقصى) ا.هـ
نعم تدارس حادثة الإسراء والمعراج واستخلاص الدروس والعبر
منها أمرٌ في غاية الأهمية ، لكن من غير الترويج لها في شهر رجب ، لا سيما
في السابع والعشرين منه ، لما في ذلك من التضليل والتأييد للكذب بإيهام
الناس أن الإسراء كان في رجب ، وليس الأمر كذلك .
وأما الإمام النووي رحمه الله تعالى ، فله في ليلة الإسراء والمعراج ثلاثة
أقوال :
1-أنها في شهر ربيع الآخر
(46)
.
2-أنها في السابع والعشرين من شهر رجب
(47)
.
3-أنها في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول
(48)
.
ويبدو لي – والله أعلم - بأن قوله في الفتاوى هو الأصحّ الذي ترجّح لديه
أخيراً ، لأمرين :
الأول : أن القول بأنها في شهر ربيع الآخر إنما هو اختيار القاضي عياض ،
واختصره الإمام النووي ، وكذلك الحال بالنسبة للقول بأنها في السابع
والعشرين من شهر رجب إنما هو اختيار الإمام الرافعي ، ونقله الإمام النووي
.
الثاني : أن الإمام النووي قد قال في خطبة الفتاوى
(49)
:
(وأقتصر على الأصحّ في معظم ذلك ، ولا أذكر الخلاف في
المسائل المختلف فيها إلا نادراً لحاجة) ا.هـ
ختاماً :
مما لا ريب فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويته أن أمراً
واحداً من هذه الأمور السابقة كافٍ لإثبات بدعية هذا الاحتفال وعدم
مشروعيته ، فكيف بها مجتمعة .
ولقد اعتادت بعض الديار الإسلامية – ومنها مملكة البحرين - على تنظيم
احتفال سنوي بذكرى الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب ،
هذا مع إقرار المسؤولين والمنظمين لدينا بأن هذا الاحتفال لا يُعد شكلاً من
أشكال الاحتفالات التعبدية ، وإنما هو لاغتنام ذكرى هذه الليلة المباركة
للتأكيد والتذكير .
ونحن نتفق معهم في أهمية التذكير بهذه الحادثة المباركة ، لكن نختلف معهم
في الطريقة والأسلوب ، فنرى أن تدارسها لا يختص بوقتٍ دون وقتٍ ، لأنها
تربطنا دوماً بالمسجد الأقصى الأسير في أيدي اليهود ، كما تجعلنا وثيقي
الصلة بقضية فلسطين المحتلة .
إضافة إلى أن التذكير السنوي بهذه الحادثة في شهر رجب ، لا سيما في السابع
والعشرين منه يُعدّ جهلاً بالتاريخ ، وابتداعاً في الدين .
فأما الجهل بالتاريخ :
فلأن حادثة الإسراء والمعراج لم تقع أصلاً في شهر رجب ، وما يذكرونه من أن
الحادثة كانت في رجب يُعتبر عند أهل التحقيق عينُ الكذب .
وأما الابتداع في الدين :
فلأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وصحابته الأخيار ، وخير القرون لم
يحتفلوا بهذه الذكرى قط ، ولو كان خيراً ، لسبقونا إليه .
فالحذر كل الحذر من الترويج لما لا أصل له من الناحية التاريخية ، وإحياء
موسمٍ بدعيٍ من الناحية الشرعية .
والله نسأل أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ، ويلتزمون هدي نبيه صلى الله
عليه وآله وسلم ظاهراً وباطناً ، وأن يرينا الحق حقاً ، ويرزقنا اتباعه ،
ويرينا الباطل باطلاً ، ويرزقنا اجتنابه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
---------------------------
(1) "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص 77) .
(2) "أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب" (ص 53-54) .
(3) "الابتهاج في أحاديث المعراج" (ص 9) .
(4) "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص 116-117) .
(5) "حكم صوم رجب وشعبان" (ص 34) .
(6) "زاد المعاد" (1/57) .
(7) "زاد المعاد" (1/57) .
(8) "السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" (ص 492) .
(9) "المواهب اللدنية" (2/431) .
(10) "البداية والنهاية" (4/270) .
(11) "لطائف المعارف" (ص 140) .
(12) "لطائف المعارف" (ص 177) .
(13) "فتح الباري" (7/203) .
(14) "تبيين العجب بما ورد في فضل رجب" (ص 11) .
(15) "المواهب اللدنية" (2/431) .
(16) "السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" (ص 143) .
(17) تخريج كتاب "أداء ما وجب" (ص 53) .
(18) تخريج كتاب "أداء ما وجب" (ص 54) .
(19) "مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز" (1/183) .
(20) "مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (2/297) .
(21) موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية .
(22) "زاد المعاد" (1/57-59) .
(23) "مجموع الفتاوى" (25/298) ، و"الفتاوى الكبرى" (4/414) .
(24) "زاد المعاد" (1/57-59) .
(25) "المدخل" (1/294-297) .
(26) "السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" (ص 492) .
(27) "المواهب اللدنية" (2/431) .
(28) "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين" (ص 398-400) .
(29) "السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" (ص 143) .
(30) "الإبداع في مضار الإبتداع" (ص 272) .
(31) "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ "
(3/97-102) .
(32) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، واستدركته من كتاب "الإبداع" .
(33) "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ "
(3/103) .
(34) "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ "
(3/104) .
(35) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 491) .
(36) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 496-497) .
(37) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 504) .
(38) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 535) .
(39) "كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق" (ص 536) .
(40) تخريج كتاب "أداء ما وجب" (ص 54) .
(41) "مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز" (1/183-185) .
(42) "مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (2/296-297)
.
(43) "مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (22/278) .
(44) موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية .
(45) بل الصحيح في روضة الطالبين (10/206) تبعاً للإمام الرافعي .
(46) "شرح صحيح مسلم" (2/210) .
(47) "روضة الطالبين" (10/206) .
(48) "الفتاوى" (ص 36) .
(49) "الفتاوى" (ص 10) .