| 
       | 
      
  
   
  يا بنتي 
    
    لو دون المرء الأمور المهمة في حياته فسيجد 
    قائمة طويلة ، لكنه حين يعمد إلى ترتيبها حسب الأولويات فسيأتي في رأس القائمة 
    أولاده و ذريته فهم أغلى من المال ، من الراحة ، من رغباته و شهواته ، و مطالبه 
    في الدنيا و الدليل على ذلك يا بنتي أنه حين يمرض أحد أولاده مرضاً مزعجاً فهو 
    يسهر و يسافر هنا و هناك و يدفع من أمواله ما يدفع بل ربما اقترض و استدان ، كل 
    ذلك من أجل و لده ، لذلك فهو حين يخاطب و لده و يناصحه فسوف يكون صادقاً غاية 
    الصدق و مخلصاً غاية الإخلاص و قديما ً قيل " الرائد لا يكذب أهله " . 
    	
    يا بنتي 
	
    
    لقد صدمت اليوم بما رأيته من واقع الفتاة 
    المسلمة ، تعيش في دوامة من الصراع ، فتسمع تارة ذلك الصوت النشاز الذي يدعوها 
    إلى الإرتكاس و التخلي عن كل معاني العفة ، و تسمع أخرى الصوت الصادق يهز من 
    داخلها هزاً عنيفاً ليقول لها رويدك فهو طريق الغواية و بوابة الهلاك . و 
    تتصارع هذه الأصوات أمام سمعها و تتموج هذه الأفكار في خاطرها . 
    يا بنتي 
	
    
    لنكن صريحين صراحة منضبطة بضوابط الشرع ، و 
    واضحين وضوحاً محاطاً بسياج الحياء و العفة لتكون خطوة للتصحيح و نقلة للإصلاح 
    . 
    بعيداً عن العاطفة و عن سرابها الخادع ، لو 
    كانت هذه الفتاة التي تقيم هذه العلاقة المحرمة منطقية مع نفسها و طرحت هذا 
    السؤال ، ماذا يريد هذا الشاب ؟ ما الذي يدفعه إلى هذه العلاقة ؟ بل ماذا يقول 
    لزملائه حين يلتقي بهم ؟ و بأي لغة يتحدثون عني ؟ 
    إنني أجزم يا بنتي انها حين تزيح وهم 
    العاطفة عن تفكيرها فستقول و بملء صوتها إن مراده هو الشهوة و الشهوة الحرام 
    ليس إلا ، إذن ألا تخشين الخيانة ؟ أترين هذا أهلاً للثقة ؟ شاب خاطر لأجل بناء 
    علاقة محرمة ، شاب لا يحميه دين أو خلق أو وفاء ، شاب لا يدفعه إلا الشهوة 
    أولاً و آخراً ، أتأمنه على نفسها بعد ذلك ؟ لقد خان ربه و دينه و أمته و لن 
    تكون هذه الفتاة أعز ما لديه ، و ما أسرع ما يحقق مقصوده لتبقى لا سمح الله 
    صريعة الأسى و الحزن و الندم . 
    و حين يخلو هؤلاء الشباب التائهون يا بنتي 
    بأنفسهم تعلو ضحكاتهم بتلك التي خدعوها ، أو التي ينطلي عليها الوعد الكاذب و 
    الأحاديث المعسولة . 
    يا بنتي 
	
    
    إن الله حكيم عليم ما خلق شيء إلا لحكمة ، 
    علم ابن آدم أو جهل . لقد شاء الله بحكمته أن تكون المرأة ذات عاطفة جياشة - 
    تتجاوب مع ما يثيرها للتتفجر رصيداً هائلاً من المشاعر التي تصنع سلوكها أو 
    توجهه . و حين تصاب الفتاة بالتعلق بفلان من الناس قرب أو بعد فأي هيام سيبلغ 
    بها ؟ فتاة تعشق رجلاً فتقبل شاشة التلفاز حين ترى صورته ، و أخرى تعشق حديثه و 
    صوته فتنتظر على أحر من الجمر لتشنف سمعها بأحاديثه ، و حين تغيب عن ناظرها 
    صورته ، أو تفقد أذنها صوته يرتفع مؤشر القلق لديها ، و يتعالى انزعاجها فقد 
    غدى هو البلسم الشافي . 
    يا بنتي 
	
    
    بعيداً عن تحريم ذلك و عما فيه من مخالفة 
    شرعية ماذا بقي في قلب هذه الفتاة من حب الله و رسوله و حب الصالحين بحب الله ( 
    ماذا بقي لتلاوة كتاب الله و التلذذ به ؟ ) أين تلك التي تنتظر موعد المكالمة 
    على أحر من الجمر في وقت النزول الألهي حين يبقى ثلث الليل الآخر !؟ أينها عن 
    الانطراح بين يدي الله و التلذذ بمناجاته ؟ بل و أينها عن مصالح دنياها فهي على 
    أتم الاستعداد لأن تتخلف عن الدراسة من أجل اللقاء به ؟ و أن تهمل شؤون منزلها 
    من أجله . 
    إن هذا الركام الهائل من العواطف المهدرة 
    ليتدفق فيغرق كل مشاعر الخير و الوفاء للوالدين الذين لم يعد لهما في القلب 
    مكانه ، و يقضي على كل مشاعر الحب و العاطفة لشريك العمر الزوج الذي تسكن إليه 
    و يسكن إليها . و بعد حين ترزق أبناء تتطلع لبرهم فلن تجد رصيداً من العواطف 
    تصرفه لهم فينشؤون نشأة شاذة و يتربون تربية نشازاً . 
    إن العاقل حين يملك المال فإنه يكون رشيداً 
    في التصرف فيه حتى لا يفقده حين يحتاجه ، فما بالها تهدر هذه العواطف و المشاعر 
    فتصرفها في غير مصرفها و هي لا تقارن بالمال ، و لا تقاس بالدنيا ؟ 
    يا بنتي 
	
    
    لقد خص الله سبحانه و تعالى الفتاة بهذه 
    العاطفة و الحنان لحكم يريدها الله سبحانه و منها أن تبقى هذه العاطفة رصيداً 
    يمد الحياة الزوجية بعد ذلك بماء الحياة و الاستقرار و الطمأنينة ، رصيداً يدر 
    على الأبناء و الأولاد الصالحين حتى ينشؤوا نشأة صالحة . فلم تهدر هذه العواطف 
    لتجني صاحبتها وحدها الشقاء في الدنيا و تضع يدها على قلبها خوفاً من الفضيحة 
    في النهاية ؟ 
    يا بنتي 
	
    
    حين تعودين إلى المنزل و تستلقين على الفراش 
    تفضلي على نفسك بدقائق فاسترجعي صورة الفتاة الصالحة القانتة ، البعيدة عن 
    مواطن الريبة ، و قارني بينها و بين الفتاة الأخرى التي أصابها من لوثة 
    العلاقات المحرمة ما أصابها ، بالله عليك أيهما أهنأ عيشاً و أكثر استقراراً ؟ 
    أيهما أولى بصفات المدح و الثناء تلك التي تنصر على نفسها و رغبتها و تستعلي 
    على شهواتها ، و هي تعاني من الفراغ كما يعاني غيرها ، و تشكو من تأجج الشهوة 
    كم يشتكين . أم الأخرى التي تنهار أمام شهوتها ؟ تساؤل يطرح نفسه و يفرضه 
    الواقع ، لماذا هذه الفتاة تنجح و تلك لا تنجح ؟ لماذا تجتاز هذه العقبات و 
    تنهزم تلك أمامها ؟ 
    يا بنتي 
	
    
    لقد عجبت أشد العجب عندما رأيت فتاة الإسلام 
    تسير بلهاث مستمر وراء ما يريده الأعداء ، فتساير الموضة ، و تتمرد على حجابها 
    و حيائها ، و ها نحن نرى كل يوم صورة جديدة و لوناً جديداً من ألوان هذا التمرد 
    ، إنها يا بنتي تتحايل على الحجاب بحيل مكشوفة ، لست بحاجة أن أسوق لك فتاوى 
    حول ما تقع فيه كثير من الفتيات ، لكن المؤمن الحق يا بنتي يخاف الله و يتقيه و 
    رائده قول الرسول صلى الله عليه و سلم " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " و هو 
    يدرك أن الإلتفاف على الأحكام و الاحتيال عليها لن ينفعه يوم يلقى الله العليم 
    بما تخفي الصدور . 
    يا بنتي 
	
    
    ها أنت تتطلعين في المرآة فترين صورة وجه 
    وضيء يتدفق حيوية و شباباً ،. ها أنت تغدين و تروحين و أنت تتمتعين بوافر الصحة 
    و قوة الشباب . و لكن ألم تزوري جدتك يوماً ، أو تري عجوزاً قد رق عظمها ، و 
    خارت قواها ؟! لقد كانت يوماً من الدهر شابة مثلك ، و زهرة كزهرتك ، و لكن 
    سرعان ما مضت السنون و انقضت الأيام فاندفنت زهرة الشباب تحت ركام الشيخوخة و 
    مضت أيام الصبوة لتبقى صورة منقوشة في الذاكرة . و ها أنت يا بنتي على الطريق ، 
    و ما ترينه من صورة شاحبة و شيخوخة ستصيرين إليها بعد سنوات إذاً فإياك أن 
    تهدري وقت الشباب و زهرته ، و تضيعي الحيوية فيما لا يعود عليك إلا بالندم و 
    سوء العاقبة . 
    يا بنتي 
	
    
    لو فكر أهل الشهوات و المتاع الزائل في 
    الدنيا بحقيقة مصيرهم لأعادوا النظر كثيراً في منطلقاتهم ، تصوري يا بنتي من 
    حصل كل متاع الدنيا و ذاق لذائذها و لم ير يوماً من الأيام ما يكدره . إن كل 
    هذا سينساه لو غمس غمسة واحدة في عذاب النار حمانا الله و إياك . 
    و الآخر الذي عاش من الحياة أشقاها سينسى 
    هذا الشقاء لو غمس غمسة واحدة في النعيم ، عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال 
    رسول الله صلى الله عليه و سلم " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم 
    القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك 
    نعيم قط فيقول لا و الله يا رب و يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة 
    فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مر بك شدة قط 
    فيقول لا و الله يا رب ما مر بي بؤس قط و لا رأيت شدة قط " رواه مسلم 
    
    و أخيراً أسأل الله العزيز 
    القدير أن ينفعك بهذه الرسالة و صلى الله على نبينا محمد ،،،