|
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما أذهب لزيارة أهلي، ويحين وقت الصلاة، أحرص أن أصلّي في غرفة أبي، كي
أُشعره بوجودي أطول وقت ممكن ليأنسَ بي، فهو يحبّ أن يقضي مُعظم وقته في
غرفته..كان إذا حان وقت الصلاة يقول لي بسَعادة ظاهرة:
(صلّي على سجادتي)، ثم يقومُ من مكانه بحماسٍ -وهو كبير في السن- ويُصرّ
على أن يُعطِّر مكان سُجودي بدهن العود الفاخر المخلوط بدهن الورد الطائفي
الأصلي، وحين أنتهي من صلاتي يسألني بثقة وهو يبتسم:
(هل شممتِ الرائحة؟)
فأمدحها، وأثني عليه، وأدعو له، فيسعده ذلك كثيرا..
ما أجمل رائحتك يا أبي..
ورائحة رأسك..ويدك..وسجادتك.
رحمك الله وطيَّبك من طِيب ِالجنّة.
▪️وقفة رحمة:
سترى في أعين كبار السِّن، حين يزورهم أولادهم، فرحةَ الطفل إذا رأى أُمَّه
بعد غياب..
فقلوبهم تشتاق لقبلاتك، وأحضانك الحانية، تمامًا كما كانوا يفعلونَ معك في
صغرك وضعفك ليشعروك بالأمان.
فأشعرهم اليوم عند كبرهم وضعفهم بالقبول والحب والأمان.. الأمان..
ولا تنهرهم إن صَعُب عليهم فِهم ما تريد، أو خالفوك الرأي! ولا تغب عنهم
مهما كانت أعذارك، لا تغب عن والديك، كن رحيما، وسيُعينك الرحيم..
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَة}
قال المفسرون:"الطائر إذا أراد ضم فرخه إليه للتربية خفض له جناحه، ولهذا
السبب صار خفض الجناح كناية عن حسن التربية.
فكأنه قال للولد: اكفل والديك بأن تضمهما إلى نفسك كما فعلا ذلك بك في حال
صغرك".
البِّرُ رزق فاطلبه من
البَرِّ الرحيم..
يا بَرُّ يا رحيم ارزقنا بِرَّ والدينا، و بِرَّ أولادنا.
"هناء الصنيع"
|