ألف ومائتين وسنة وستين من الهجرة فنشأ بها في أحضان والده الشيخ
سحمان وكان والده فاضلا من حفظة القرآن وطلاب العلم فأقرأه ابنه القرآن حتى ختمه
ثم أخذ يلقنه مبادئ العلوم وفي سنة ثمانين بعد المائتين والألف من الهجرة في
ولاية محمد بن عائض بن مرعي نزح والده سحمان من عسير إلى نجد واصطحب معه ابنيه
المترجم له الشيخ سليمان ومحمداً فوصل بهما مدينة الرياض وحل فيها ضيفا مهاجرا
عند الإمام فيصل ابن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود فآواه ورتب له
مرتبا يقوم بكفايته وعائلته وكان ذلك في زمن الإمامين الشيخ عبد الرحمن بن حسن
ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه الشيخ عبد اللطيف فابتدأ الشيخ سليمان
في القراءة على الشيخ عبد الرحمن بن حسن وعلى ابنه الشيخ عبد اللطيف ولازمه
ملازمة تامة وصار يكتب له الرسائل والردود وبعد وفاة الإمام فيصل ابن الإمام
تركي بسنتين أي 1284هـ انتقل مع والده الشيخ سحمان إلى بلدة العمار من بلدان
الأفلاج بنجد وشرع في القراءة على الشيخ حمد بن عتيق ولازمه سبعة عشر عاماً وبعد
وفاة الشيخ حمد سنة 1301هـ رجع إلى مدينة الرياض وقوى صلته بالعلامة الشيخ عبد
الله ابن الشيخ عبد اللطيف، وأخذ في حضور دروس الشيخ عبد الله ومزاولة الردود
وكان جيد الخط فطلبه الإمام عبد الله ابن الإمام فيصل كاتباً عنده فلم يسعه إلا
تلبية أمره وإجابة طلبه فصار يكتب للإمام عبد الله ابن الإمام فيصل الرسائل ورحل
معه إلى مدينة حائل سنة 1305هـ ولما رجع الإمام عبد الله إلى مدينة الرياض سنة
1307هـ تخلف المترجم في مدينة حائل وأكب على نسخ الكتب ليلاً ونهاراً
فتحصل على كتب خطية كثيرة وفي عام 1309هـ رجع إلى مدينة الرياض وانبرى للتأليف
والردود ثم تلقى تهديداً من عبد العزيز بن متعب بن رشيد بشأن كتابة الردود ففتر
عزمه، ولما شاء الله الخير لهذه الجزيرة واستولى نصير العلم وحامي حمى الشريعة
الإسلامية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود على نجد واستقرت له
الأمور قوي ساعد المترجم له فأخذ يحامي عن الإسلام ويرد
|
ص -201-
|
على المبتدعين ثم طرأ عليه العمى وأصيب بذهاب بصره عام 1331هـ فبعثه
الملك عبد العزيز لعلاج عينيه في البحرين سنة 1332ه فلم يقدر له الشفاء ورجع
بدون فائدة فعاد إلى التأليف والردود بحماس ديني وقوة إسلامية فأخذ يدافع عن
الشريعة ويكافح رؤساء الضلال ودعاة البدع الذين ناوأوا التوحيد السلفية فألف
-رحمه الله- قبل ذهاب بصره وبعد ما طرأ عليه العمى هذه المؤلفات الآتية:
1. الأسنة الحداد في
الرد على علوي الحداد "ط" مرتين.
2. الصواعق المرسلة
الشهابية في الرد على الشبه الشامية "ط"1.
3. كشف غياهب الظلام
عن أوهام جلاء الأوهام "ط" مرتين2.
4. الضياء الشارق في
رد شبهات الماذق المارق "ط" عدة مرات3.
5. كشف شبهات عبد
الكريم البغدادي في تحليله ذبائح الصليب وكفار البوادي "ط".
6. ارشاد الطالب إلى
أهم المطالب "ط".
7. رسالة الساعة
وبيان أنها صناعة رد بها على طالب علم ادعى أن الساعة سحر.
8. تنبيه ذوي الألباب
السليمة عن الوقوع في الألفاظ الوخيمة ملاحظات على الشيخ مجمد بن مانع في شرحه
لعقيدة السفاريني "ط".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رد بها على الأقوال المرضية في الرد على الوهابية وهي رسالة صغيرة تبلغ
صفحاتها 26 صفحة ألفها رجل من أهل دمشق يدعى أحمد عطاء الكسم وطبعت له بالمطبعة
العمومية بمصر عام 1901 ميلادية.
2 رد به على كتاب جلاء الأوهام عن مذاهب الأئمة العظام وهذا الكتاب ألفه رجل
يدعى مختار بن أحمد المؤيد العظم توفي سنة 1340ه ومولده ووفاته بدمشق زار مصر
وسكن المدينة المنورة مدة له كتب منها فصل الخطاب أو تفليس إبليس من تحرير
المرأة ورفع الحجاب ورد الفضول في مسألة الخمر والكحول.
3 الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق رد به –رحمه الله- على جميل صدقي
الزهاوي وعلى أباطيله التي ضمنها كتابه الفجر الصادق في الرد على منكر التوسل
والكرامات والخوارق وطبعت له في القاهرة "1333ه" وجميل صدقي الزهاوي
ملحد زنديق لا يدين بدين ولد ببغداد سنة 1279ه وتوفي بها سنة 1354ه وله ديوان
شعر "ط".
|
ص -202-
|
9. اقامة الحجة والدليل وايضاح المحجة والسبيل على ما هو به
أهل الكذب والمين من زنادقة....
10. كشف الشبهات عن
رسالة يوسف بن شبيب والقصيدتين.
11. الجواب المستطاب
عما أورده الجاهل المرتاب المسمى متروك "خ"
12. الجواب المنكي في
الرد على الكنكي "خ"
13. الجواب الفارق
بين العمامة والعصائب "ط".
14. حل الوثاق في
أحطام الطلاق "خ".
15. منهاج أهل الحق
والإتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع "ط".
16. كشف الأوهام
والالتباس عن تشبيه بعض الأغبياء من الناس.
17. التبيان المبدي
لشناعة القول المجدي.
18. الرد على كتاب
القول المنيف الذي ألفه عبد الله بن عمرو.
19. الهدية1 السنية
والتحفة الوهابية "ط".
20. تبرئة2 الشيخين
الإمامين من تزوير أهل الكذب والمين "ط".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الهدية السنية مجموعة خمس رسائل الأولى للإمام عبد العزيز ابن الإمام محمد بن
سعود والثانية للشيخ الإمام عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
والثالثة رسالة الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب للإمام
الشيخ حمد بن ناصر بن معمر والرابعة للشيخ العلامة عبد اللطيف ابن الشيخ عبد
الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والخامسة لابنه الشيخ محمد
ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن وبآخر هذه الرسائل منظومة طويلة
دالية للمترجم له الشيخ سليمان بن سحمان ضمنها عقيدة أهل السنة والجماعة وما
يدينون الله به وهذه المنظومة زائدة على قصائد ديوان المؤلف لأنه أنشأها بعد ما
طبع الديوان.
2 يرد به على قصيدة وشرحها منسوبة للأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني ومطلع
القصيدة المزورة على الأمير الصنعاني:
رجعت عن النظم الذي قلت
في النجدي
|
فقد صح لي عنه خلاف الذي
عندي
|
فرد عليه المترجم له الشيخ سليمان بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها
ثلاثمائة واثنين وثمانين بيتاً ومطلعها:
ألا قل لذي جهل تهور في
الرد
|
وأظهر مكنوناً من الغيظ
لا يجدي=
|
|
ص -203-
|
21. الجيوش الربانية في
كشف الشبه العمروية يرد به على عبد الله بن عمرو "خ".
22. ورسالة جواب الأسئلة عن التكفير والتفسيق والهجر على المعاصي "ط".
23. رد على العاملي الإمامي صاحب كشف الارتياب "خ".
24. نظم اختيارات شيخ الإسلام "خ".
25. الرد على عبد الله بن عمرو "خ".
26. أشعة الأنوار "ط".
وله أجوبة على مسائل طبعت في مجموع الرسائل والمسائل النجدية.
وكان -رحمه الله- شاعرا موهوبا له ديوان شعر اسماه "عقود الجواهر المنضدة
الحسان" طبع قديما في الهند1 سنة 1333ه غالبه ردود على شعراء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=
وفاه بتزوير وإفك ومنكر
|
وظلم وعدوان على العالم
المهدي
|
وزور نظماً للأمير محمد
|
وحاشاه من إفك المزور ذي
الجحد
|
لعمري لقد أخطأت رشدك
فاتئد
|
فلست على نهج من الحق
مستبدي
|
وقد صح أن النظم هذا مقول
|
تقوله هذه الغبي على عمد
|
وما كان هذا النظم منظوم
عالم
|
نقي تفي بالهدى للورى
يهدي
|
ولكنه جهل صريح مركب
|
ومنشئه عن منهج الرشد في
بعد
|
وهاأنا ذا أبدي مخازيه
جهرة
|
واقض مايبديه بالحق
والرشد
|
لتعلم أن الفدم هذا مزور
|
وأن الذي أبداه من جهله
المردي
|
يخالف ما قال الأمير محمد
|
وقرر في التطهير تقرير ذي
نقد
|
وحسبك من هذا ضلالا وفرية
|
على البعد فضلا عن الأب
والجد
|
فجاء على تزويره بدلائل
|
تعود على ما قال بالرد
والهد
|
إذا صح ما قلنا لديك
فقوله
|
رجعت عن النظم الذي قلت
في النجدي
|
رجوع عن الحق الذي هو
ذاكر
|
عن السلف الماضيين من كل
ذي رشد
|
وهي طويلة نجتزي منها بهذا القدر حيث طبعت مع شرحها في كتاب تبرئة الشيخين
الإمامين عن تزوير أهل الكذب والمين والكتاب ذكرناه ضمن مؤلفات المترجم له –رحمه
الله-.
1 بلغني من حفيده عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الشيخ سليمان ان لجده الشيخ
سليمان قصائد كثيرة لم تطبع.
|
ص -204-
|
الضلال الذين هاجموا دعوة التوحيد السلفية ورموا بقوافي الشتم
وسهام الطعن علماءها وقد بلغ مجموع قصائد هذا الديوان مائة وثماني قصائد وبلغ
عدد أبيات هذه القصائد ثمانية آلاف وثمانية وتسعين بيتاً.
وكان -رحمه الله-طويل النفس في الشعر حتى أن إحدى قصائده بلغت خمسمائة وثلاثين
بيتاً ورائيته التي رد بها على رائية النبهاني بلغت أربعمائة بيت وكان لا تأتيه
قافية هجاء إلا وانبرى للرد عليها وزناً وقافية وإن كانت من أبشع قوافي الشعر
ممتازة ليست لغيره وذلك انه يستعرض قصيدة المعارض مجزأة ثم يتعقبها بالمناقشة ثم
يعاكسها ويأتي على كل بيت من أبياتها بالرد والنقض في جملة أبيات حتى يأتي على
جميعها ويستوعبها نقضاً ورداً.
نورد مثالاً لبعض ما ذكرنا هذه القصيدة الرائية التي رد بها على رائية يوسف
النبهاني1.
وقفت على نظم حوى الكفرا
والشرا
|
وصاحبه خب لئيم وقد أجرى
|
ينابيع كفر في تقاسيم غيه
|
فحرر في تقسيمه الافك
والوزرا
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1هو يوسف بن إسماعيل النبهاني نسبة إلى بني نبهان من عرب البادية بفلسطين. ولد
سنة 1265ه ونشأ بقرية "اجزم" التابعة لحيفا من شمال فلسطين، ثم سافر
إلى مصر سنة 1283ه وتعلم بالأزهر وسافر إلى الاستانة فعمل في تحرير جريدة
"الجوائب" وتصحيح ما يطبع في مطبعتها ورجع إلى بلاد الشام سنة 1296ه
فتنقل في أعمال القضاء إلى أن كان رئيساً لمحكمة الحقوق ببيروت سنة 1305ه وأقام
بها زيادة على عشرين سنة وسافر إلى المدينة المنورة مجاورا ونشبت الحرب العالمية
الأولى فعاد إلى قريته "اجزم" وتوفي بها سنة 1350ه وكان شاعرا طويل
النفس وقحا ضالا وثنيا يدعو إلى دعاء الأموات والغائبين له "شواهد
الحق في الاستغاثة بسيد الخلق" وله كتب كثيرة حمل فيها بدون حياء ولا وازع
من دين على أعلام الإسلام كشيخ الإسلام أحمد بن تيمية وتلميذه محمد بن قيم
الجوزية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب والإمام الألوسي صاحب روح المعاني
وحفيده محمود شكري الألوسي والشيخ محمد عبده المصري وآخرين وله رائية شعر طويلة
اطلق لنفسه فيها عنان البذاءة وهجر القول، فسب فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد
الوهاب واخوانه الموحدين السلفيين وقد تصدى له المترجم الشيخ سليمان بن سحمان
فرد عليه بهذه القصيدة وهي تبلغ في حملتها أربعمائة بيت من وزن قصيدة النبهاني
ورويها جزاه الله خيراً.
|
ص -205-
|
ولم يأتنا منها سوى
الخامس الذي
|
تهور فيه القدم في الكفر
واستجرا
|
يذم به أهل التقى وذوي
النهى
|
فسحقا له سحقا فقد أظهر
الكفرا
|
فكان علينا واجبا متعينا
|
أجابته لم هذا وأتى هجرا
|
ولم أك في ردي عليه
تعمقاً
|
بتعقيد ألفاظ كمنظوم ذي
الاطرا
|
ولكن بلفظ مستقيم نظمته
|
ليفهمه القاري ومن كان لا
يقرا
|
فطورا أرد الهمط من زور
غيه
|
وأبدى له خزيا وانشره
نشرا
|
وأعكسه طوراً عليه لأنه
|
بأرجاسه أولى وأركانه
احرى
|
فها أنا ذا أنبيك بعض
نظامه
|
لتعلم أن الفدم ما أحكم
الأمرا
|
ويحسب جهلا أنه بمقاله
|
أتى بصواب في مقالته
النكرا
|
فقال الغبي الأحمق الفدم
منشدا
|
لينشر من أقواله الكفر
والشرا
|
أولئك . . . . . ضل سعيهم
|
فظنوا الردى خيرا وظنوا
الهدى شرا
|
فهذا مقال الفدم لا در
دره
|
ولا نال إلا الخزي والعار
والوزرا
|
وأعجب من ذا لو يرى الرشد
أنه
|
بذلك أبدى من مخازيه ما
أزرى
|
فمن لم يكن في قلبه حب
أحمد
|
اعز الورى فخرا وأعظمهم
قدرا
|
فليس لعمري مؤمنا بمحمد
|
وما نال إلا الخزي من ذاك
والوزرا
|
ومن أشرك المعصوم في حق
ربه
|
وأسهب في منظومه المدح
بالاطرا
|
فذا كافر بالله جل جلاله
|
كهذا الذي أبدى بمنظومه
الكفرا
|
نعم نحن وهابية حنفية
|
حنيفية نسقي لمن غاضنا
المرا
|
ومن هاضنا أو غاضنا
بمغيضة
|
سنصعقه صعقاً ونكسره كسرا
|
وكم من أخي جهل رمانا
بجهله
|
فعاد حسيرا خاسئاً نائلا
شرا
|
بمحكم آيات وسنة أحمد
|
نصول على الأعدا ونأطرهم
أطرا
|
وما ضل منا السعي بل كان
سعينا
|
على ملة المعصوم والسنة
الغرا
|
فلا ندع إلا الله جل
جلاله
|
ونرجوه في السرا وفي
العسر والضرا
|
فلا يستغيث المسلمون
بغيره
|
تعالى عن الأنداد من ملك
الأمرا
|
|
ص -206-
|
نوحده سبحانه بفعاله
|
وأفعالنا لله خالصة طرا
|
وأهل النهى سكان نجد
جدودهم
|
هم العرب العربا بهم لم
تحطْ خبرا
|
وقد استعربت منهم قبائل
جَمّة
|
سموا بالعلى قدرا
وبالمصطفى فخرا
|
أتم عقول الناس طرا
عقولهم
|
وأحسنهم خلقا وخلقا فهم
أحرا
|
وقد ورثوا مجدا أصيلا
مؤثلا
|
لأهل الهدى منهم فنالوا
به الفخرا
|
مسيلمة الكذاب ليس بجدهم
|
وليس له نسل يقرر أو يدري
|
ولا لسجاح1 ويل أمك
فاتئد
|
فما الفشر إلا ما هذوت به
نشرا
|
وقد أسلمت والشام كان
مقرها
|
فلو كان من لؤم لكنت به
أحرا
|
وإذ كنت من أنباط اجزم لم
تكن
|
من العرب العربا ولا من
سموا فخرا
|
ولم تدر من دين الهدى غير
مذهب
|
يضلك في الدنيا و
يخزيك في الأخرى
|
فما لك وللأنساب دعها لمن
له
|
بها خبرة اذ كان منكم بها
أدرى
|
فعلمك بالأنساب أعظم آية
|
على جهلك المردى كما قلته
جهرا
|
أتحسب انا ويل أمك غفلا
|
كأنباط من ... ما
حققوا الامرا
|
وقولك فيما تهورت ضلة
|
وحررته رقما وأودعته كفرا
|
إلى الله بالمعصوم لم
يتوسلوا
|
نعم هذه حق يعدونها كفرا
|
على عرف عباد القبور لأنه
|
بمعنى الدعا والاستغاثة
قد يجرى
|
فيدعونه جهلا لدى كل كربة
|
ومعضلة دهياء تعرو لهم
جهرا
|
وهذا هو الإشراك بالله
جهرة
|
فتبا لمن يدعو الذي سكن
القبرا
|
وما كان مسنونا فنحن نقره
|
على عرف من منكم بسنته
أدرى
|
أولئك أصحاب النبي محمد
|
وأتباعه ممن على نهجه
يترى
|
توسلهم بالمصطفى في حياته
|
إذا ما دهاهم فادح أوجب
الضرا
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ليست سجاح من بني تميم قال الحافظ إسماعيل بن كثير في ج6 ص320 من تاريخه
المسمى والبداية والنهاية بالحرف الواحد ما نصه "هي سجاح بنت الحارث بن
سويد بن عقفان التغلبية من نصارى العرب" وناهيك بالحافظ ابن كثير دراية
وحفظاً وتدقيقاً رحمه الله.
|
ص -207-
|
فيأتونه مستشفعين لما دها
|
من الكرب أو مستعتب طالب
غفرا
|
فيدعو لهم أن يكشف الله
ما بهم
|
من الضر واللأوى ويستنزل
النصرا
|
ومن بعد أن مات النبي
محمد
|
فليس سوى الرحمن يدعونه
طرا
|
بل الله مولاهم ولا شيء
غيره
|
وبالعمل المرضي يدعونه
جهرا
|
وبالدعوات الصالحات
توسلوا
|
وإيمانهم بالمصطفى من سما
فخرا
|
وما كان مكروها وكان
محرما
|
ومخترعا في الدين مبتدعا
نكرا
|
فذاك الذي بالجاه أو
بذواتهم
|
توسل أو يدعو بهم طالبا
أجرا
|
فما بذوات الأنبياء
وجاههم
|
أتى النص أن ندعو بهم
واضحا يقرا
|
نعم قدرهم أعلى لدى كل
مسلم
|
على كل مخلوق وكل بني
الغبرا
|
وتعزيزهم أعلى لدى كل
مسلم
|
وتوقيرهم إذ كلهم قد علا
قدرا
|
فما ورثوا الكذاب من كان
يدعي
|
بأن له شطرا وللمصطفى
شطرا
|
لأنهمو قد أخلصوا
الأمر كله
|
ولم يجعلوا للمصطفى ذلك
القدرا
|
ومن أشرك المخلوق في حق
ربه
|
فقد جاء بالكفران والقالة
النكرا
|
وأنتم ورثتم جهرة كل كافر
|
وحققتم الارث الذي أوجب
الكفرا
|
بصرفكمو
ما للاله لغيره
|
فلم تجعلوا لله شيئا ولا
شطرا
|
ومن قول هذا المفتري في
نظامه
|
وقرر هذا في قصيدته جهرا
|
أشار رسول الله للشرق ذمه
|
وهم أهله لا غرو ان أطلع
الشرا
|
أقول لعمري ما أصبت وإنما
|
دهاك اسم نجد حيث لم تعرف
الامرا
|
فما شرق دار
المصطفى قط نجدنا
|
ولكنه نجد . . .
فهم أحرى
|
ومنه بدت تلك الزلازل
كلها
|
وقد قررت أخبارها للورى
سيرا
|
ففي الفتح1 ما يشفي ويطلع
عالما
|
بتلك المعاني قد أحاط بها
خبرا
|
وما طعنوا في الأشعري
إمامكم
|
ولكن بأتباع له كسروا
كسرا
|
وللملاتريدي حيث جاء
ببدعة
|
وللاشعري أشياء منكرة
أخرى
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني به فتح الباري شرح صحيح البخاري.
|
ص -208-
|
ووافق أهل الحق في جل ما
به
|
يقولونه حقا ومن غيرهم
نبرا
|
فبين حقا في الابانة قوله
|
وفي غيرها من كتبه أوضح
الأمرا
|
فلستم على منهاجه وطريقه
|
ولكنكم من أمة آثروا
السكرا
|
وتزعم جهلا ويل أمك أننا
|
نقول وما حققت أحوالنا
سيرا
|
بتحقير أحباب الرسول
تقربوا
|
إليه فنالوا البعد إذ
ربحوا الخسرا
|
وما هذه إلا مقالة آفك
|
أراد بها التنفير، ما
أعظم الأمرا
|
فما رجل من بتحقير شأنهم
|
تقرب يا من قال بالزور
واستجرا
|
سوى أن حق الله لله وحده
|
جعلنا ولم نجعل لأحبابه
شطرا
|
وتعظيمهم بالإتباع على
الهدى
|
على المنهج الأسنى نقرره
جهرا
|
وأن لهم فضلا على الناس
كلهم
|
بما عملوا من صالح هم به
أحرى
|
وأما حقوق الله جل جلاله
|
فليس لهم منها ولا ذرة
تجرى
|
وما ذاك تحقيرا لهم
وتنقصا
|
ولكنه تعظيمهم إذ همو
أدرى
|
وأعلم بالله العظيم ودينه
|
فنالوا به فخراً وأعلوا
به قدرا
|
ونلنا بهذا الاعتقاد
سلامة
|
ونلتم بذاك الإعتقاد بهم
خسرا
|
ويعتقدون الأنبياء كغيرهم
|
سواء عقيب الموت لا خير
ولا شرا
|
فليس لهم بعد الممات تصرف
|
ولا لسواهم من بني ساكن
الغبرا
|
فمن يدعو غير الله أو
يستغث به
|
وقد فارق الدنيا وصار إلى
الأخرى
|
فذلك بالرحمن قد كان
مشركا
|
وهذا هو الأمر الذي أوجب
الكفرا
|
وقد أجمع الأعلام من كل
مذهب
|
على أن ذا كفر وقد حققوا
الأمرا
|
وما شذ منهم غير من كان
رأيه
|
على رأي قوم أحدثوا للورى
شرا
|
وساروا على منهاج من ضل
سعيه
|
ولم يعرفوا الإسلام حقا
ولا الكفرا
|
ولكنهم ضلوا بوهم شفاعة
|
دعاهم بها الشيطان واجتال
من غرا
|
وأي دليل من كتاب وسنة
|
عن السيد المعصوم معلومة
تقرا
|
وتتلى بإسناد صحيح محق
|
تقرره أعلام سنتنا الغرا
|
|
ص -209-
|
وقولك فيما قد نظمت تهورا
|
وأبديته فيما تحروه جهرا
|
وقد عذروا من يتغيث بكافر
|
كذبت وقد أبديت في نظمك
الهجرا
|
فما وجدوا عذرا لمن كان
كافرا
|
ولا وجدوا للمستغيث بهم
عذرا
|
ولا رحلوا للشرك في دار
رجسه
|
وجابوا إلى أوطانه البر
والبحرا
|
ولا جوَّزوا للمسلمين
رحيلهم
|
لزورة خير الخلق في طيبة
الغرا
|
ولكنهم قد جوزوه لمسجد
|
يصلي به من رام من ربه
الأجرا
|
ومن بعد أن صلى يزور
محمدا
|
ويدعو له لا يدعو من سكن
القبرا
|
وفيه حديث في
الصحيح1 لمسلم
|
يقرره من كان يعرفه جهرا
|
وهي طويلة نكتفي منها بهذا القدر الذي أوردناه.
ورأيت له هذه القصيدة التي ضمنها حنينه إلى وطنه ومسقط رأسه عسير السراة فأحببت
أن أمتع القراء بإيرادها في هذا الموضع من ترجمته لاشتمالها على مواضع وأماكن
تاريخية وجغرافية
قال رحمه الله:
فيا أيها الغادي على ظهر
جلعد
|
عردنسة وجنا من الضّمّر
الحُمْرِ
|
إذا أنت أزمعت المسير
ميمماً
|
إلى الطور من أرض السراة
إلى الوعر
|
وخلفت أمدار البلاد
وجزتها
|
بلاداً بلادا أو قفاراً
إلى قفر
|
وجاوزت شهراناً وناهس
بعدما
|
قطعت طريبا من ديار بني
صقر
|
فأشرف على أبها حنانيك
قائلا
|
ودمعك سفاح على الخد
والنحر
|
سلام على من حلها من ذوي
الهدى
|
بقية أهل الدين في غابر
الدهر
|
وعرض على أهل
القرا2 حيث أنها
|
محلة أخوالي وإن كنت لا
تدري
|
فسلم على من كان بالله
مؤمنا
|
ودع كل من يأوي إلى أمة
الكفر
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إشارة إلى ما رواه مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد
القدس".
2 القرا محلة من محلات أبها.
|
ص -210-
|
وارض بها نيطت على تمائمي
|
تسمى السقا دار الهداة
أولى الأمر
|
بلاد بني تمام حيث
تواطنوا
|
وآل يزيد من صميم ذوي
الفخر
|
وأبلغ بني الشيخ الأمير
محمد
|
عليا وعبد الله عنا بلا
حصر
|
سلاما وبلغ عائضاً وذوي
الهدى
|
ومن هو منهم لم يزل سائر
الدهر
|
وأخوتنا عبد الكريم
ويافعا1
|
وأبنائهم تسليم مكتثب
الصدر
|
مضى عمره والقلب في
عرصاتكم
|
وأشواقه تزداد في السر
والجهر
|
ولم أرسل عن تذكاركم
وادكاركم
|
على البعد واللأوى وفي
العسر واليسر
|
وما زلت في أرض نشأت
بربعها
|
أحن إليها دائما وأمض
الذكر
|
فياليت شعري هل شدا
بمشيده2
|
كعهدي به حال الطفولة من
عمري
|
وهل حصن زهوان الحصين
وجيرة
|
حواليه في عز رفيع وفي
فخر
|
وحصن ابن عواض وآل مفرج
|
وجيرانهم أهل القريع على
خير
|
وصدرى وحصن لابن لاحق
حولنا
|
ويا ليتني أدري أكانوا
كما أدري
|
أم الحال قد حالت بهم
وتغيرت
|
وبدل خير فيهمو كان بالشر
|
حنانيك خبرني ولا تأل
جاهدا
|
فإني لدى الأخبار منشرح
الصدر
|
واختم نظمي بالصلاة
مسلماً
|
على السيد المعصوم ذي
المجد والفخر
|
وأصحابه والآل مع كل تابع
|
وتابعهم حقا إلى منتهى
الدهر
|
وقد أقعد في آخر حياته فلزم داره وصار لا يخرج منها ولكنه لم ينقطع عن التأليف
والردود عن عقيدة الإسلام إلا قبيل وفاته بسنتين.
تلامذته:
أخذ عنه ابناه صالح وعبد العزيز والشيخ سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان والشيخ
عبد العزيز بن صالح بن مرشد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عبد الكريم أخوه لأمه وأبيه ويافع أخوه من أمه فقط.
2 شدا: قصر بمدينة أبها.
|
ص -211-
|
والشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن حسين.
وغير هؤلاء ممن لا يحضرني ذكرهم.
وفاته:
توفي -رحمه الله- بمدينة الرياض سنة ألف وثلاثمائة وتسع وأربعين من الهجرة وصلى
عليه الناس بمسجد جامع الرياض الكبير ودفن في مقبرة العود غفر الله له وعفا عنه
وجزاه عن دفاعه عن الإسلام ونضاله عن الدين خير الجزاء.
وقد أنجب -رحمه الله- ثلاثة أبناء هم: عبد العزيز وصالح وعبد الله فأما عبد
العزيز فمات في حياة والده وخلف ابنا اسمه عبد الرحمن أصبح اليوم من طلبة العلم
وأما صالح وعبد الله فهما موجودان ولهما أبناء وذرية وصالح سبق له أن طلب العلم
ولديه معرفة.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا إلى يوم
الدين.
|
ص -212-
|
الشيخ سعد بن عتيق
هو العلامة الورع الزاهد الشيخ سعد ابن الشيخ حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن
راشد بن حميضة، اشتهر كوالده بابن عتيق ولد ببلدة العمار من بلدان الأفلاج1
الناحية المعروفة جنوب نجد سنة تسع وسبعين ومائتين وألف تقريباً، فنشأ في كنف
والده الشيخ حمد وقرأ عليه جملة من المتون المؤلفة في توحيد العبادة وتوحيد
الأسماء والصفات والفقه والحديث والنحو.
ثم سافر إلى الهند سنة تسع وتسعين ومائتين وألف وقدم بهبال واجتمع بصديق ابن حسن
خان وقرأ عليه وأخذ عن الشيخ نذير حسين والشيخ محمد بشير السندي والشيخ سلامة
الله الهندي وعن الشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي اليماني المقيم بالهند
وبقي تسع سنين يقرأ على علماء الحديث المذكورين ثم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأفلاج جمع فلج وهو النهر الصغير وهو اليوم يطلق على ناحية كبيرة من
نواحي نجد تقع بين وادي بريك وبلدانه وهي الحوطة والحريق ونعام والحلوة والصدر
والعطيان والمفيجر. تقع الأفلاج بين هذه القرى وبين السليل وتبعد عن مدينة
الرياض نحو ثلاثمائة كيلومترا وتشتمل الأفلاج على عدة قرى أعرف منها ما يأتي
"ليلى" وهي العاصمة "والحمر، والهدار، والستارة، والخرفة، وسيح
آل حامد، والغيل، والعمار" وبها ولد له المترجم له "وحراضة، وواسط،
وسيلا، ومروان، والزريقية، والروضة، والبديعة، وسويدان" جميع هذه القرى
يطلق عليها اسم الأفلاج وهي آهلة بالسكان وفيها نخيل وقصور ومزارع وأنهار عديدة
وماؤها غزير لا ينضب وفيها مدارس بنين وبنات ودوائر حجومية وفيها جميع لوازم
الحياة أطال الله عمر إمام المسلمين الملك فيصل آل سعود الذي تقدمت المملكة في
عهده تقدماً عظيماً في شتى المجالات والميادين حفظه الله من كل مكروه وأدام عليه
نعمة التوفيق إنه لسميع مجيب.
|
ص -213-
|
رجع إلى وطنه وحج
وبعد فراغه من الحج مكث بمكة ووجد بها الشيخ أحمد ابن إبراهيم بن عيسى
النجدي مجاورا فقرأ عليه الروض المربع شرح زاد المستقنع، وأخذ عن جماعة من
علماء مكة المكرمة منهم الشيخ حسب الله الهندي والشيخ عبد الله الزواوي
والشيخ أحمد أبو الخير، ثم عاد إلى وطنه وبقي في مسقط رأسه بلدة العمار
وتولى قضاء الأفلاج مدة ولاية آل رشيد، ولما تولى جلالة الملك عبد العزيز
بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ملك نجد نقله إلى مدينة الرياض بجانبه
وولاه القضاء في الدماء وجميع القضايا التي تتعلق بالبوادي وإمامة الفروض
الخمسة بمسجد الجامع الكبير، وعقد بالجامع المذكور حلقتين للتدريس إحداهما
بعد طلوع الشمس والأخرى بعد صلاة الظهر، وكان شديد التحري والضبط في دروسه
يضبط الألفاظ ويحترز من اللحن وإن قل، وكان قليل الكلام كثير التثبيت، لا
يقرأ عليه في كتاب إلا إذا كان قد راجع جميع ما عليه من شروح وحواشي
واستوفاها مطالعة، وكان لا يترك الطالب يقرأ عليه من عبارات الفقهاء أكثر
من أربع مسائل أو خمس ثم يتبع الكلام عليها منطوقا ومفهوما ويقرر عليها
تقريرا واضحا مفيدا يفهمه الطالب ويرسخ في ذهنه.
أخذ العلم عنه خلق كثير نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضبة: سماحة
الشيخ عبد الله بن حسن رئيس القضاة في حياته، والشيخ محمد بن عبد اللطيف
وسماحة الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف مفتي الديار
السعودية ورئيس قضائها في حياته –رحمه الله-، وسماحة الشيخ عمر ابن الشيخ
حسن رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الوسطى والشرقية، والشيخ عبد
اللطيف ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف مدير المعاهد والكليات في
حياته –رحمه الله- والشيخ محمد بن عثمان الشاوي والشيخ عهد الله بن عبد
العزيز العنقري والشيخ عبد الله بن حمد الدوسري والشيخ عبد العزيز بن صالح
بن مرشد والشيخ إبراهيم بن سليمان آل مبارك والشيخ
|
|
|
|
|
|
ص -214-
|
فيصل بن عبد العزيز آل مبارك والشيخ عبد الرحمن بن عودان والشيخ
سعود بن رشود. وأخذ عنه ابنه محمد بن سعد وابن أخيه محمد بن عبد العزيز بن حمد
بن عتيق ومحمد بن علي التويجري.
ألف رسالة سماها "حجة التحريض في تحريم الذبح للمريض".
وكان يقرض الشعر على طريقة العلماء، نظم متن "زاد المستقنع، مختصر
المقنع" حتى وصل في نظمه إلى الشهادات، وله رسائل طبعت في مجموع الرسائل
والمسائل النجدية. وقد كف بصره آخر عمره.
وتوفي –رحمه الله- بمدينة الرياض ثالث عشر جمادى الأولى سنة 1349هـ، وخلف أبناء
ليس لي معرفة بأسمائهم، وقد رثاه بعض الأدباء والشعراء منهم الشيخ محمد بن عبد
الله بن عثيمين، رثاه بهذه القصيدة الرائية الفريدة:
أهكذا البدر تخفي نوره
الحفر
|
ويفقد العلم لا عين ولا
أثر
|
خبت مصابيح كنا نستضيء
بها
|
وطوحت للمغيب الأنجم
الزهر
|
واستحكمت غربة الإسلام
وانكشفت
|
شمس العلوم التي يهدى بها
البشر
|
تجرم الصالحون المقتدى
بهمو
|
وقام منهم مقام المبتدى
الخبر
|
فلست تسمع إلا كان ثم مضى
|
ويلحق الفارط الباقي كما
غبروا
|
فنح على العلم نوح
الثاكلات وقل:
|
وا لهف نفسي على أهل له
قبروا
|
|
ص -215-
|
الثابتين على الإيمان
جهدهمو
|
والصادقين فما مانوا ولا
ختروا
|
والعادلين عن الدنيا
وزهرتها
|
والآمرين بخير بعدما
ائتمروا
|
لم يجعلوا سلما للمال
علمهمو
|
بل نزهوه فلم يعلق به وضر
|
هذي المكارم لا تزويق
أبنية
|
ولا الشفوف التي تكسى بها
الجدر
|
فابك على العلم الفرد
الذي حسنت
|
بذكر أفعاله الأخبار
والسير
|
من لم يبال بحق الله
لائمة
|
ولا يحابي امرءاً في خده
صعر
|
بحر من العلم قد فاضت
جداوله
|
أضحى وقد ضمه في بطنه
المدر
|
فليت شعري من للمشكلات
إذا
|
حارت بغامضها الأفهام
والفكر
|
من للمدارس بالتعليم
يعمرها
|
ينتابها زمر من بعدها زمر
|
هذي رسوم علوم الدين
تندبه
|
ثكلى عليه ولكن عزها
القدر
|
طوتك يا سعد أياما طوت
أمما
|
كانوا فبانوا وفي الماضين
معتبر
|
إن كان شخصك قد واراه
ملحده
|
فعلمك الجم في الآفاق
منتشر
|
|
ص -216-
|
بَنَى لكم حمد يا للعتيق
علا
|
لم يبينها لكمو مال ولا
خطر
|
لكنه العلم يسمو من يسود
به
|
على الجهول ولو من جده
مضر
|
والعلم إن كان أقوالا بلا
عمل
|
فليت صاحبه بالجهل منغمر
|
يا حامل العلم والقرآن إن
لنا
|
يوما تضم به الماضون
والأخر
|
فيسأل الله كلا عن وظيفته
|
فليت شعري بماذا منه
نعتذر
|
وما الجواب إذا قال
العليم إذا
|
قال الرسول أو الصديق أو
عمر
|
والكل يأتيه مغلول اليدين
فمن
|
ناج ومن هالك قد لوحت سقر
|
فجددوا نية لله خالصة
|
قوموا فرادى ومثْنَى
واصبروا ومروا
|
وناصحوا دائما من ولي
أمركمو
|
فالصفو لابد يأتي بعده
كدر
|
والله يلطف في الدنيا بنا
وبكم
|
ويوم يشخص من أهواله
البصر
|
وصلّ ربّي على المختار
سيدنا
|
شفيعنا يوم نار الكرب
تستعر
|
محمد خير مبعوث وشيعته
|
وصحبه ما بدا من أفقه قمر
|
آخرها رحم الله الشيخ سعداً وغفر له وعفا عنه إنه سميع مجيب.
|
ص -217-
|
الشيخ عبد الله بن سليم
هو الشيخ التقي الورع الزاهد عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم ولد
بمدينة بريدة بالقصيم عام 1287هـ ونشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه نظرا وعن ظهر
قلب ثم شرع في قراءة العلم على والده الشيخ محمد وابن عمه الشيخ محمد بن عمر بن
سليم ورحل إلى مدينة الرياض فقرأ على الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ثم
رجع إلى وطنه ولازم والده ملازمة تامة. ولما أفضت إمارة نجد إلى عبد العزيز بن
متعب رن رشيد جرى على المترجم منه محن شديدة وتغريب ولما أنعم الله على أهل نجد
بولاية الملك عبد العزيز ولاه قضاء مدينة بريدة وملحقاتها فاستمر في القضاء طيلة
حياته -رحمه الله- مع قيامه بإمامة المسجد الجامع الكبير وخطابة العيدين ونشر
العلم وتدريسه.
تلامذته:
أخذ عنه العلم وتتلمذ له خلق كثير منهم:
الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبدان قاضي مدينة عنيزة حالياً.
والشيخ محمد بن صالح المطوع.
والشيخ سليمان المشعلي.
والشيخ عثمان بن حمد بن سقيان تولى قضاء أبو عريش من أعمال جازان.
والشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي.
وغير هؤلاء ممن لا يحضرني ذكرهم.
توفي في الحادي عشر من شهر محرم عام 1351هـ في مدينة بريدة وحزن عليه الناس
ورثاه خلق كثير وخلفه في منصب القضاء أخوه الشيخ عمر ابن الشيخ محمد بن سليم،
ولم يخلف عقباً سوى بنات رحمه الله وغفر له إنه سميع مجيب.
|
ص -218-
|
الشيخ صالح العثمان القاضي
هو صالح بن عثمان بن حمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن القاضي1 من الوهبة من تميم.
ولد في عنيزة 10 ربيع الآخر سنة 1282هـ وأولع في مطلع عمره بالشعر العربي
والنبطي حتى برع فيه، ثم أقبل على العلم في جد ونشاط فقرأ على:
1. الشيخ علي المحمد الراشد.
2. الشيخ محمد الإبراهيم السناني.
3. الشيخ صالح بن قرناس.
4. الشيخ عبد العزيز بن محمد المانع، والد مدير المعارف سابقا.
5. الشيخ عبد الله بن عائض.
6. الشيخ علي بن محمد السناني.
ثم رحل إلى بريدة للتزود من طلب العلم فقرأ على:
7. الشيخ سليمان بن مقبل قاضي بريدة آنذاك.
8. الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
9. الشيخ محمد بن عمر بن سليم.
وفي سنة 1306هـ سافر إلى القاهرة لإكمال دراسته في الجامع الأزهر فنزل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ابن محمد بن منيف بن بسام بن منيف بن عساكر بن عقبة بن ريس بن زاخر بن
محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير
بن شهاب ابن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
|
ص -219-
|
برواق المغاربة واشتغل بطلب العلم بهمة ونشاط، وفي سنة 1308هـ
حدثت –معركة المليداء- بين الأمير محمد بن رشيد وبين أهل القصيم، فبلغه وهو في
القاهرة مقتل إخوانه فرجع م القاهرة فلما وصل مكة علم بكذب نبأ قتلهم فجاور بمكة
ونزل في أحد أرابطتها، ويقول حفيده الشيخ محمد بن عثمان ابن الشيخ صالح: ولقد
مررت مع والدي عثمان حينما حججنا سنة 1363هـ على الرباط الذي كان يسكنه جدي بعد
أن دلنا عليه من كان يزوره فيه من أهل عنيزة والآن دخل في توسعة الحرم. ولنعد
إلى ما نحن بصدده من ذكر بقية مشائخ المترجم حيث قرأ بمكة على كثير من العلماء
الأعلام منهم:
1. الشيخ الأنصاري الذي أجازه بسنده المتصل.
2. الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن وكان مجاورا بمكة.
3. الشيخ أحمد بن عيسى وهو أكثرهم له فائدة وملازمة.
ولم يزل دائباً على تحصيل العلم حتى غضب الشريف على أهل عنيزة فاختفى الشيخ صالح
بالمعابدة بينما يستعد للسفر هاربا من عون، إلى أن توفي عون عام 1323هـ والشيخ
في اختفائه، إلا إنه أزمع السفر فسافر إلى بلدة عنيزة فألح عليه جماعته وأمراء
البلد ليتقلد القضاء فامتنع ثم إنه نزولا على إلحاحهم التزم بالقضاء بعد الشيخ
إبراهيم بن جاسر عام 1324هـ.
واستمر فيه إلى آخر يوم من حياته، وكان المرجع في بلده في الفتوى والتدريس
والإفادة وهو إمام وخطيب وواعظ جامع عنيزة الكبير مدة حياته فانتفع منه خلق كثير
من طلبة العلم والمستمعين.
وكان من تلامذته النابهين:
1. الشيخ عبد الرحمن السعدي، العالم المشهور.
2. الشيخ عثمان بن صالح القاضي ابن المترجم.
3. الشيخ محمد العلي آل تركي، العالم المشهور.
4. الشيخ صالح الزغبي، إمام الحرم المدني.
|
ص -220-
|
1. الشيخ سليمان بن عبد
الرحمن العمري، قاضي الإحساء .
2. الشيخ علي بن ناصر بن وادي.
3. الشيخ علي بن محمد السناني.
4. الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، مدير المعارف سابقا.
5. الشيخ سليمان السحيمي.
10.الشيخ عبد الله بنم محمد المانع، قاضي عنيزة الورع وابنه.
11. الشيخ محمد بن عبد الله المانع.
12. الشيخ عبد الله بن عبد العزيز السويل.
وغيرهم خلق كثير.
وكان لا يرى تأليف الكتب ويقول: لم يترك الأول للآخر شيئاً، ومع هذا فله حاشية
على دليل الطالب وحاشية على رياض الصالحين وله مسودة تاريخ لنجد ومجموعة خطب
نفيسة وكلها لم تطبع، وكان آية في العلوم الشرعية والعلوم العربية صاحب اطلاع
واسع.
أما قضاؤه وأحكامه فهذا مما جعل له الشهرة الواسعة والصيت الذائع لما له من
الفراسة في الناس وصفاء الحس والإدراك. ولا يزال الناس رغم مضي أربعين سنة على
وفاته لا يذكرون إلا أحكامه وفراسته واستنباطه ومعرفته المحق من المبطل وقد ولي
القضاء سبعا وعشرين سنة محبوبا مقبولا لدى الخاص والعام وكان على جانب كبير من
التواضع وحسن الخلق فكانت مجالسه مفيدة ممتعة.
وقد توفي في اليوم الخامس والعشرين من ربيع الآخر عام 1351هـ -رحمه الله تعالى-.
|
ص -221-
|
الشيخ إبراهيم بن محمد بن ضويان
هو الشيخ العالم الفقيه المؤرخ النسابة إبراهيم بن محمد
ضويان يمت بنسبه إلى قبيلة آل زهير التي تنسب إلى قبيلة بني صخر(1). ولد -رحمه
الله- بمدينة الرس بالقصيم سنة ألف ومائتين وخمس وسبعين من الهجرة ونشأ بها وقرأ
على علمائها منهم الشيخ صالح بن قرناس بن عبد الرحمن بن قرناس ثم رحل إلى مدينتي
عنيزة وبريدة بالقصيم فقرأ على الشيخ عبد العزيز بن(2) محمد بن مانع وعلى الشيخ
العلامة محمد بن عمر بن سليم ثم عاد إلى الرس وتولى القضاء بها وتدريس العلم في
مسجدها فتخرج على يديه كثير من طلاب العلم شغلوا مناصب القضاء والوعظ والتدريس.
منهم الشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد. ألف المترجم له عدة مؤلفات .. منها
رسالة في أنساب أهل نجد (خ) ورسالة مختصر في التاريخ ابتداء من سنة 750هـ إلى
1319هـ ذكر فيها الغزوات والوقائع والوفيات (خ) وألف كشف النقاب في تراجم
الأصحاب ابتداء من الإمام أحمد إلى وقته (خ) ومنار السبيل شرح الدليل(3) طبع على
نفقة الشيخ قاسم بن درويش فخرو وألف حاشية على الروض المربع شرح زاد
المستقنع (لا تزال موجودة بخطه) توفي فجأة في ليلة عيد الفطر سنة ألف وثلاثمائة
وثلاث وخمسين من الهجرة .. وكان على جانب عظيم من التواضع والزهد والورع -رحمه
الله وغفر له وعفا عنه- إنه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1يسمى ببني صخر عدة قبايل قحطانية وعدنانية.
2هو والد الشيخ محمد ابن الشيخ عبد العزيز بن مانع مدير المعارف في حياته وسنورد
للشيخ محمد بن مانع ترجمة في هذا الكتاب -إن شاء الله-.
3 هو دليل الطالب في فقه الإمام أحمد بن حنبل تأليف الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي
الحنبلي.
|
ص -222-
|
الشيخ محمد بن عثمان الشاوي
هو العلامة الفاضل الشيخ محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الله
بن سليمان الشاوي يمت بنسبه إلى قبيلة البقوم المعروفة ببلدة تربة وحضن. اشتهر
-رحمه الله- بلقب (الشاوي). ولد في بلدة البكيرية من بلدان القصيم بنجد سنة
1313هـ وفي الثالثة من عمره أصابه مرض الجدري فذهب بصره بسببه، فقرأ القرآن
وحفظه على يد المقرئ محمد بن علي بن محمود وهو في الرابعة عشرة من عمره، ثم شرع
في مبادئ العلوم على الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم في بلدة البكيرية ثم رحل
إلى مدينة الرياض فقرأ على العلامة الشهير الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف في سائر
العلوم لا سيما علم العقائد والتوحيد وقرأ على الشيخ عبد الله بن راشد العنزي في
الفرائض وعلى الشيخ سعد بن محمد بن عتيق في الفقه والحديث وعلى الشيخ محمد بن
فارس في ألفية ابن مالك وشرح ابن عقيل ثم صدر الأمر بتعيينه 1333هـ قاضياً في
هجرة سنام عند سكانها من قبيلة العصمة ثم نقل منها إلى القضاء في هجرة الغطغط،
وقد حضر عدداً من الغزوات بصفته قاضياً للغزاة من أهل الغطغط، ومن الغزوات التي
حضرها غزوة تربة الشهيرة وغيرها وحضر دخول مكة سنة 1343هـ، وبعد ذلك صدر الأمر
بنقله من قضاء الغطغط وتعيينه مدرساً في المعهد السعودي بمكة المكرمة إلى جانب
التدريس بالمسجد الحرام وذلك سنة 1346هـ ثم نقل سنة 1349هـ إلى قضاء بلدة تربة
ثم إلى قضاء بلدة شقراء عاصمة الوشم الناحية المعروفة بنجد ومكث بها إلى أن
توفي.
|
ص -223-
|
أخذ العلم عنه خلق كثير نذكر منهم الشيخ العالم الورع عبد الله
بن يوسف الوابل من قبيلة شمر(1) والشيخ إبراهيم بن راشد الحديثي والشيخ عبد
العزيز بن السبيل وعبد الرحمن المقوشي ومحمد الصالح الخزيم وسليمان الصالح
الخزيم وعبد الله بن عبد العزيز الخضيري وعبد الله بن سليمان السديس وإبراهيم
ابن عبد العزيز الخضيري وهؤلاء المذكورون من أهل بلده، وأخذ عنه أيضاً الشيخ
محمد بن عبد العزيز بن هليل الموظف بديوان المظالم، وكان المترجم الشيخ محمد بن
عثمان الشاوي يقرض الشعر على طريقة العلماء، له قصيدة يصف فيها دخول مكة المكرمة
سنة 1343هـ وقصيدة يرد بها على شاعر يدعى صبحي الحلبي، توفي المترجم ببلدة شقراء
في التاسع من شهر رجب سنة 1354هـ وخلف ستة أبناء مات أكبرهم عبد الله سنة 1365هـ
ومعرفتي من الباقين بالأستاذ حمد(2) -رحم الله الشيخ الشاوي وغفر له وعفا عنه
وجميع المسلمين إنه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1وقد وهم هاشم النعمي في تأريخه تاريخ عسير، حيث نسب الشيخ عبد الله بن يوسف
المذكور إلى قبيلة بني تميم والصحيح أن الوابل الذين منهم الشيخ عبد الله بن
يوسف من قبيلة شمر.
2 مدير عام ديوان إمارة منطقة مكة المكرمة، وأنجب غير حمد اثنين هما عبد الرحمن
وعلي رحمه الله الشيخ الشاوي.
|
ص -224-
|
الشيخ عبد العزيز بن بشر
هو الشيخ الفاضل الكريم عبد العزيز بن عبد الرحمن بن ناصر بن حسن بن آل بشر يمت
نسبه إلى علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء.
ولد بمدينة الرياض سنة 1275هـ ونشأ بها وقرأ القرآن حتى حفظه نظراً وعن ظهر قلب
وقرأ العلم على الشيخ محمد بن محمود وعلى غيره من أشياخ وقته.
ولاه الملك عبد العزيز قضاء مدينة بريدة 1327هـ ثم نقله منها إلى قضاء إقليم
الإحساء سنة 1339هـ وقرأ عليه بالإحساء عبد الله بن دهيش والشيخ عبد الله(1) أبو
يابس من بني زيد أهل القويعية ومكث المترجم له الشيخ عبد العزيز بالإحساء مدة
طويلة ثم نقله الملك عبد العزيز إلى قضاء مدينة الرياض سنة 1357هـ وأخيرا أعفاه
من القضاء لكبر سنه وضعف جسمه وتوفي بمدينة الرياض سنة 1359هـ وخلف ابناً اسمه
عبد الرحمن توفي فيما بعد وله اليوم حفيد يسمى حسن بن عبد الرحمن بن الشيخ عبد
العزيز ويكنى (أبو عمر) -رحم الله- المترجم له الشيخ عبد العزيز بن بشر(2) فقد
كان جواداً كريماً وصلى الله على محمد وآله وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الشيخ عبد الله أبو يابس من أهل بلدة القويعية البلدة المشهورة بالعرض بنجد
نزح إلى مصر وأقام بها مدة تنيف على أربعين سنة ثم جاء إلى مدينة الرياض لغرض
يخصه سنة 1389هـ فوافته المنية بمدينة الرياض في العام المذكور سنة 1389هـ وخلف
ابناً اسمه علي وللشيخ عبد الله أبو يابس مؤلفان مطبوعان هما: "الرد القويم
على ملحد القصيم" و"أعلام الأنام عن مخالفة شيخ الأزهر شلتوت
للإسلام" -رحم الله- (أبو يابس) وغفر له.
2 ملحوظة: آل بشر الموجودون في نجد بعضهم من السادة وهم المترجم وعشيرته وبعضهم
من بني زيد القبيلة القضاعية المعروفة بالوشم ومنهم المؤرخ الشهير الشيخ عثمان
بن عبد الله بن بشر وبعضهم من الفضول من بني لام وهم عشيرة الشيخ محمد بن بشر
رئيس محكمة جدة حالياً وهم يقطنون الأفلاج جنوب نجد.
|
ص -225-
|
الشيخ عبد الله بن بلهيد
هو الشيخ العالم المتفنن عبد الله بن سليمان بن سعود بن سالم بن محمد بن بليهد
الخالدي، ولد ببلدة القرعاء من قرى القصيم بنجد سنة 1284هـ، وقرأ القرآن على
والده الشيخ سليمان بن سعود بن بليهد وقرأ الحديث والتفسير على الشيخ محمد بن
دخيل(1) ببلدة المذنب بالقصيم وقرأ على الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم بمدينة
بريدة ورحل إلى الهند للعلاج فقرأ على علماء الحديث ثم رجع إلى بلاده وتولى
التدريس والوعظ والإرشاد في بعض بلدان القصيم كبلدة البكيرية والرس والخبراء
وجميع القرى المجاورة يتنقل بينها لإرشاد أهلها وتعليمهم إلى سنة 1333هـ حيث عين
قاضياً لتلك القرى مع بواديها إلى سنة 1341هـ حيث صدر الأمر بتعيينه قاضياً بجبل
طيء المعروف فيما بعد بجبل شمر فاستقر بعاصمته مدينة حائل فصار الخصوم يردون
عليه من جميع قراء وبواديه.
ولما دخل الملك عبد العزيز الحجاز واستتب له الأمر نقله من قضاء حائل إلى رئاسة
القضاة بمكة المكرمة سنة 1344هـ وكانت له مواقف مشرفة يحمد عليها، فمن ذلك ما
ذكره الشيخ حافظ وهبه(2) -رحمه الله- في كتابه "جزيرة العرب في القرن
العشرين" ص262 حيث قال بالحرف الواحد ما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ابن دخيل بضم الدال وفتح الخاء وتشديد الياء.
2 حافظ وهبة وزير مفوض فسفير في لندن -رحمه الله- وغفر له في روما سنة 1387هـ.
|
ص -226-
|
نصه: (لما تولت الحكومة السعودية على الحجاز جاء وفد من الهند
برئاسة مولانا "شوكت علي" وطلبوا من الملك عبد العزيز أن يعين لهم
مجلساً يكون مؤتمراً إسلامياً يجتمع فيه وفود الدول الإسلامية، فوافق الملك عبد
العزيز وانتدب الشيخ ابن بليهد متكلماً عنه.
واجتمع المؤتمر في بناية المالية بمكة، ولما تكاملت الوفود تكلم (شوكاً علي)
بكلام فيه تحامل على الحكومة السعودية ولما فرغ قام الشيخ ابن بليهد وتكلم بكلام
بليغ بأسلوب لطيف مقنع رد فيه على (شوكت علي) فانقض المؤتمر. وقد حمدت الوفود والملك
عبد العزيز الشيخ ابن بليهد على كلامه).
وقد مكث الشيخ عبد الله بن بليهد في منصب رئاسة القضاء بمكة المكرمة إلى آخر سنة
1345هـ حيث أعفى منه وأعيد إلى قضاء جبل شمر وعين بدله رئيساً للقضاة الشيخ عبد
الله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمهم
الله-.
مؤلفاته:
ألف الشيخ عبد الله بن بليهد منسكاً سماه "جامع المناسك في أحكام
المناسك" طبع ورسالة لطيفة رداً على مدعي الخلافة لم تطبع.
تلاميذه:
أخذ عنه العلم جماعة من العلماء منهم حمود الحسين الشغدلي والشيخ عبد الرحمن
الملق والشيخ سالم الصالح والشيخ أحمد المرشدي والشيخ علي الصالح والشيخ عبد
الله الدقلي. وأخذ عنه غير هؤلاء من أهل مكة والمدينة المنورة ومقاطعة القصيم،
وقد ظل في قضاء جبل شمر إلى أن توفي بمدينة الطائف(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خلف خمسة أبناء هم سليمان وعبد الرحمن ومحمد وإبراهيم وناصر، وتوفي عبد الرحمن
بعدة سنوات ثم توفي محمد بعد عبد الرحمن.
|
ص -227-
|
ليلة الاثنين عاشر جمادى الأولى سنة 1359هـ بداء السل وصلى عليه
الملك فيصل وخلق كثير في مسجد ابن عباس ودفن في المقبرة القريبة من مسجد ابن
عباس تقع عنه جنوباً شرقاً يفصلها عن المسجد الشارع العام وحزن عليه الناس -رحمه
الله-.
ورثاه الأدباء منهم الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي شاعر الحجاز وأديبه المشهور
متع الله بحياته، ومنهم ابن عم المترجم محمد بن عبد الله بن بليهد ونحن هنا نورد
قصيدة الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي:
في مثلك الصبر عند الله
يحتسب
|
والعلم يفقد والأشجان
تصطخب
|
يا ويح كل فؤاد أنت موقظه
|
أمسى بفقدك في أعماقه يثب
|
ويا رزيئة هذا النعي في
ملإ
|
كأنما الدمع من آماقه عبب
|
تنهل عبراته حزناً على
جدث
|
فيه السماحة والأخلاق
والأدب
|
ما للجفون أراها فيك
دامية
|
كأنما هي بالأحشاء تنسكب
|
هيهات أودي الردى في غير
ما لجب
|
بمشمخر من الأوطاد ينتشب
|
حبر من الصفوة الأولى
علقت به
|
فما فتئت أعاني فيه ما
يجب
|
|
ص -228-
|
هوى به الموت في لُجِيّ
غمرته
|
فأين لا أين ذاك المدره
الذرب
|
في ذمة الله ما ألقى به،
وله
|
من رحمة الله ما نرجو
ونرتقب
|
تلبه في ضحى الإسلام
ألوية
|
تشد أزر الهدى والوعد
مقترب
|
تبلو الشريعة فيه حاذقاً
فطنا
|
من الذين لهم في شملها
دأب
|
يجيش كالموج أو كالبحر
منطقه
|
ولا تباريه في آفاقه
السحب
|
ما كان إلا جناناً ثابتاً
ويدا
|
خفاقة وهي في غاراتها خطب
|
وفي وسيدائه التوحيد
مدرعاً
|
حسن اليقين غير (؟) أنه
لهب
|
إذا انبرى في مجال من
مواقفه
|
حسبت سحبان تجثو حوله
الركب
|
عجبت للحد هل في اللحد
متسع
|
حتى انزوى فيه رضوى فهو
محتجب
|
لشد ما ضاقت الدنيا به
أبداً
|
فكيف واراه شبر وهو منقلب
|
مالي وللندب في من خطبه
جلل
|
ومن عليه حدود الله تنتحب
|
لا نملك اليوم إلا زفرة
ورضا
|
بما قضى الله فيه ثم
نحتسب
|
|
ص -229-
|
وما قضى من له في ربه أمل
|
ولا قضى من له في دينه
نصب
|
فإن ذكراه في الأعمال
باقية
|
والموت حق وما من دونه
هرب
|
فضاعف الله أجر المؤمنين
به
|
في جنة الخلد وليعظم به
السبب
|
وعوض الدين عنه خير ما
طلعت
|
عليه شمس الضحى أو غارت
الحقب
|
رحم الله المترجم الشيخ عبد الله بن سليمان بن بلهيد وغفر له فقد كان سمحاً
جواداً متواضعاً لا يعرف الكبر إلى قلبه العامر بالإيمان التقوى سبيلا. وصلى
الله على محمد وآله وسلم.
|
ص -230-
|
الشيخ عمرو بن محمد بن سليم
هو العالم الجليل الشيخ عمر بن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم ولد بمدينة بريدة
بالقصيم سنة ألف ومائتين وثمان وتسعين من الهجرة ونشأ في كنف والده الشيخ محمد
بن عبد الله بن سليم فقرأ القرآن حتى حفظه نظراً وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة
العلم على والده وجلا معه إلى قرية النبهانية من قرى القصيم حيث حدد إقامة والده
بهذه القرية عبد العزيز بن متعب بن رشيد، فلازم والده ملازمة تامة في هذه
القرية، وقرأ عليه جميع فنون العلم من توحيد وفقه وتفسير ونحو وفرائض، ولما
استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على نجد رجع في معية والده من
قرية النبهانية إلى مدينة بريدة وبعثه والده بعد ذلك إلى الشيخ عبد الله ابن
الشيخ عبد اللطيف في مدينة الرياض فقرأ عليه في التوحيد وأصول الدين نحو ستة
أشهر، ثم أجازه إجازة علمية ورجع إلى والده بمدينة بريدة ولازم القراءة عليه
وعلى غيره من علماء بريدة إلى أن توفي والده ثم عين قاضياً في هجرة (دخنة)(1)
ولما تأسست هجرة الأرطاوية سنة 1330هـ عينه الملك عبد العزيز قاضياً ومرشداً
لسكانها وغالبهم من عشيرة مطير وبقي عندهم مرشداً وقاضياً إلى عام 1337هـ ثم رجع
إلى مدينة بريدة وعين إماماً في مسجد ناصر بن سليمان بن سيف بمدينة بريدة فعمر
هذا المسجد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 دخنة تعرف في كتب معاجم البلدان بمنعج وسكنتها من قبائل حرب.
ومنعج جاء ذكره على لسان بعض الشعراء العرب الأقدمين بقوله:
أحب بلاد الله ما بين
منعج
|
إلى وسلمى أن يصوب سحابها
|
بلاد بها عق الشباب
تمائمي
|
وأول أرض مس جلدي ترابها
|
|
ص -231-
|
بتدريس العلم حيث عقد فيه حلقات للعلم فتخرج عليه في هذا المسجد
أفواج من طلبة العلم وكان إلى جانب إمامة المسجد وإلقاء الدروس فيه ينوب عن أخيه
الشيخ عبد الله في القضاء إذا غاب أو مرض، وينوب عنه أيضاً في صلاة الجمعة والأعياد.
فلما توفي أخوه الشيخ عبد الله سنة 1351هـ أسند إليه قضاء مدينة بريدة وتوابعها
من القرى والبلدان وتولى أيضاً إمامة مسجد الجامع وخطابته وصلاة الأعياد
والتدريس في المسجد الجامع الكبير.
طريقة دروسه وأوقاته:
كان -رحمه الله- إذا صلى الفجر جلس لطلاب العلم في المسجد المذكور يقرأون عليه
في النحو الآجرومية والقطر وملحة الإعراب والألفية، فإذا طلعت الشمس وانتشرت خرج
إلى داره للاستراحة وتجديد الوضوء ثم يرجع إلى المسجد ويصلي تحية المسجد ويجلس
في ناحيته الشرقية ثم يشرع الطلبة يقرأون عليه في مختلف العلوم حديثاً وفقهاً
وتوحيداً وأصولاً فإذا فرغ من التدريس ذهب إلى داره لتناول الغداء ثم جلس في
داره للقضاء بين المتحاكمين من الخصوم فإذا أذن الظهر خرج إلى المسجد وصلى
النافلة ثم المكتوبة فالنافلة ثم جلس للتدريس إلى قريب العصر ثم رجع إلى داره
فإذا أذن العصر خرج إلى المسجد وصلى في الجماعة ثم جلس بعض صلاة العصر للطلبة في
أصول الفقه وبلوغ المرام ومصطلح الحديث، ثم يخرج ويجلس الناس للقضاء بينهم في
داره إلى أذان المغرب فإذا أذن المغرب خرج إلى المسجد وصلى بالناس وبعد صلاة
المغرب يجلس الطلب في الفرائض والمواريث فإذا أذن العشاء قام من الحلقة من إلى
الصف الأول وشرع القارئ يقرأ عليه في التفسير.
ثم أقيمت صلاة العشاء، فإذا صلى العشاء ثم النافلة والوتر ذهب إلى دار عبد
العزيز بن مشيقح للقهوة ودرس عليه هناك بعض الطلبة وعددهم نحو الخمسة عشر طالباً
ثم ذهب إلى داره. فهذه طريقة دروسه وترتيبها مدة حياته. وكان إلى جانب ذلك
يتعاطى أسباب البيع والشراء كالسلم في الثمار من الحنطة والتمر والتورق. فوسع
الله عليه في الرزق.
|
ص -232-
|
تلامذته:
أخذ عنه العلم عدد كثير نعرف منهم من يأتي:
1- الشيخ سليمان بن عبد الله المشعلي تولى القضاء في عدة بلدان من بلدان القصيم.
2- الشيخ محمد بن عبد العزيز العجاجي.
3- الشيخ عثمان بن أحمد بن بشر قاضي الأجفر.
4- عبد الرحمن بن عبد العزيز بن صعب.
5- عبد الله بن رشيد بن فرج خطيب جامع بريدة.
6- الشيخ عبد العزيز بن عبدان قاضي أبها ثم الزلفى فمدينة عنيزة.
7- الشيخ الجليل صالح بن محمد الخريصي رئيس محكمة بريدة.
8- الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثيمين الموظف سابقاً بوزارة الحج ومؤلف السابلة
في تراجم الحنابلة (خ).
9- عبد الله بن سليمان بن حميد قاضي برك الغماد سابقاً(1).
10- سليمان بن محمد بن جربوع قاضي العظيم ثم الأرطاوية.
11- عبد الرحمن بن عبد الله بن بداح.
12- عبد الله بن سليمان بن نقير مطوع هجرة النفي.
13- عبد الرحمن بن دخيل قاضي بلدة لينة(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1برك الغماد بكسر الباء وتسكين الراء بلدة تقع بين بلدة القنفذة وبين بلدة
القمحة وهو واقع على ساحل البحر الأحمر، وقد ورد ذكره في الأثر حيث قال بعض
الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو خضت بنا البحر إلى برك الغماد لخضناه
معك، وقد ذكر محمدين أبان بن جرير بقوله:
دع عنك من أمسى بغور
محلها
|
ببرك الغماد بين هضبة
بارح
|
2 لينة ذكرها ياقوت في معجمه ج7 ص347 وأورد عليها شعراً للأشهب بن رميلة وهو
قوله:
ولله دري أي نظرة ذي هوى
|
نظرت ودوني لينة وكثيبها
|
وذكرها أبو مدرك مريزيق بن صالح اللبيني القشيري بقوله:
أيا أضلع الماء اللواتي
(بلينة)
|
سقيتن من صوب الغمام
اللوامح=
|
|
ص -233-
|
وفاته:
توفى -رحمه الله- في سابع عشر شهر ذي الحجة عام 1362هـ(1) ووجم الناس لموته
وحزنوا عليه حزناً شديداً ورثاه العلماء والأدباء نثراً وشعراً نذكر منهم من
يأتي:
الشيخ حمد بن مزيد رثاه بقصيدة طويلة تبلغ آياتها خمسة وخمسين بيتاً ومطلعها:
على العالم التحرير شمس
المعالم
|
نريق دموعاً مثل صوب
الغمائم
|
ورثاه السيد عبد الفتاح ساكن ناحية اليمن بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها نحو
خمسين بيتاً ومطلعها:
ما للمدامع كالطوفان
تنحدر
|
والناس سكرى وأيم الله ما
سكروا
|
ورثاه عبد المحسن بن عبيد بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها واحداً وأربعين بيتاً
ومطلعها:
أشكوا إلى الله علام
الخفيات
|
مصيبة عظمت لا كالمصيبات
|
ورثاه الشخي صالح بن عبد العزيز بن عثيمين مؤلف "تسهيل السابلة في تراجم
الحنابلة" بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها خمسين بيتاً ومطلعها:
مصاب عظيم حق فيه التلهف
|
وصارت به عيناي بالدمع
تذرف
|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=وقد صارت لينة في هذا العهد الزاخر عهد إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز
آل سعود بلدة كبيرة آهلة بالسكان بها إمارة ومحكمة شرعية ومدارس بنين ومصح وغير
ذلك من لوازم الحياة أدام الله بقاء إمام المسلمين الذي زهت الربوع في عهده
وعمرت البلدان ونعمت الرعية في ضله بالرخاء والأمان.
1 خلف الشيخ عمر بن محمد بن سليم ابنين هما عبد الله وإبراهيم.
|
ص -234-
|
ورثاه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل المستشار الشرعي بديوان
المظالم بقصيدة تبلغ أبياتها ثلاثة وعشرين بيتاً ومطلعها:
رضا وصبرا وحمدا ليس
منحصراً
|
على قضاء الذي للخلق قد
فطرا
|
ورثاه صاحب السماحة العلامة مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها في حياته الشيخ
محمد بن إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف بهذه الأبيات الأربعة:
إن المصيبة حقا فقدنا
عمرا
|
أعظم بميتته رزءا بنا
كبرا
|
قطب القصيم وما دون
القصيم وما
|
خلف القصيم وما مجرى
القصيم جرى
|
عليه دار الهدى والحق
بينه
|
كان الحياة وكان السمع
والبصرا
|
ارزقه يا ربنا عفوا
ومغفرة
|
واجبر مصيبتنا يا خير من
جبرا
|
ورثاه ابن الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد بن إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ابن
الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب مدير المعاهد
والكليات بهذه القصيدة التالية:
الدمع من عيني ذو هملان
|
والقلب مملوء بذي الأحزان
|
والجسم أصبح مستدقا ناحلا
|
والنوم حارب مقلتي وجفاني
|
والليل طال وبدلت نعماؤنا
|
بؤسا لفقد العالم الرباني
|
عمر الذي عمر المجالس
بالتقى
|
والدرس والتحقيق والعرفان
|
رب المعارف والحقائق
والعلى
|
والحلم والإرشاد والإحسان
|
ورث المكارم كابرا عن
كابر
|
بنو سَلِيم هم أولو
الإتقان
|
|
ص -235-
|
يتقشفون على كثافة قدرهم
|
يتواضعون وهم عظيمو الشان
|
من المجالس في بريدة بعده
|
من للعلوم وسنة العدناني
|
يا رب فارحمه واسق ضريحه
|
صوبا من الرضوان والغفران
|
مولاي ابقِ لنا إمام
الدين والتحقيق
|
ناصر شرعة الرحمن
|
قمر الدجى رب العلي زين
الملا
|
بحر العلوم ترجمان قرآن
|
شيخ المشائخ سيد العلماء
في
|
هذا الزمان بل وكل زمان
|
هو والدي والحق يشهد أنني
|
فيما أقول مقصر ببياني
|
يا رب فاحفظه ومتعنا به
|
يا دائم المعروف والإحسان
|
وامنن على بِبِرِّهِ
ورضائه
|
وكذاك أولادي كذا اخواني
|
وأفض علينا منه علما
نافعا
|
يا سيدي يا منزل الفرقان
|
وكذاك ابق لنا مشائخنا
فهم
|
فينا البدور تضيء للعميان
|
واغرس لهذا الدين غرسا
واحمه
|
من كيد كل ملدد شيطان
|
ثم الصلاة على الحبيب
شفيعنا
|
والآل والأصحاب والأعوان
|
ما سح ودق أو تغنى منشدا
|
الدمع من عيني ذو هملان
|
آخرها رحم الله الشيخ عمر بن محمد بن سليم وغفر له إنه سميع
مجيب.
|
ص -236-
|
الشيخ سليمان بن عطية
هو العالم العابد الذي الشيخ سليمان بن عيطة
بن سليمان المزيني، ولد سنة ألف وثلاثمائة وسبعة عشرة من الهجرة، بمدينة حائل
ونشأ بها وقرأ القرآن على الشيخ شكر بن حسين ثم شرع في طلب العلم على الشيخ عبد
الله بن مسلم التميمي نزيل مدينة حائل وعلى الشيخ عبد الله الصالح الحليفي فاتجه
إلى علم الفقه وأكب على دراسته واعتنى بكتبه فتبحر فيه وكان له معرفة بالعروض،
ونظم الشعر سهل عليه فنظم متن زاد المستقنع مختصر المقنع(1) في ثلاثة آلاف بيت
نظما رائعا وفي غاية من السهولة والوضوح ونظم البيوع في متن دليل الطالب(2)
واستهل نظمه لدليل الطالب بهذه الأبيات(3):
بحمدك يا مولاي أفضل
مبتدا
|
فحمدا لك اللهم ما هبت
الصبا
|
وصل على خير البرية أحمد
|
كذا آله مع صحبه أمة
الهدى
|
وبعد فخذ يا صاح مختصراً
أتى
|
على جل أحكام البيوع مع
الربا
|
على مذهب الحبر الإمام
ابن حنبل
|
إمام الهدى والعلم والفضل
والتقى
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زاد المستقنع مختصر المقنع للشيخ شرف الدين موسى بن أحمد المقدسي المتوفى سنة
968هـ. والأصل وهو كتاب المقنع لأبي محمد العلامة الفقيه عبد الله بن أحمد بن
محمد بن قدامة المقدسي صاحب كتاب المغني والكافي وعمدة الفقه، وعمدة الحازم وهي
مختصر لكتاب الهداية لأبي الخطاب وغير هذه الكتب.
2دليل الطالب في فقه الإمام أحمد بن حنبل تأليف مرعي بن يوسف الكرمي ثم المقدسي
نزيل القاهرة والمتوفى بها سنة 1033 من الهجرة.
3 نقلاً عن كتاب زهر الخمائل في تراجم علماء حائل للشيخ علي بن محمد الهندي.
|
ص -237-
|
على الأحمد المختار من
قول أحمد
|
وما قدم الأصحاب في الحق
لا سوى
|
إذ الفقه في خير الفنون
ومن يكن
|
من الفقه خال ليس في
الحكم مرتضى
|
ثم ذكر أحكام البيع- فقال:
وللبيع أحكام سنأتي
بنظمها
|
عليها بحول الله ربي إن
يشا
|
فينعقد البيع الصحيح
بكلما
|
يدل عليه من مقال بلا
امترا
|
وبالفعل مثل القول حكما
عندنا
|
نقول معاطاة لدى البيع
والشرا
|
كقول الفتى: خذ درهمي
أعطني به
|
طعاما فيعطيه ويأخذه
الفتى
|
ثم يمضي في ذكر شروط البيع وما بعدها بأبيات واضحة سهلة:
كتب عنه الأستاذ الشهير الشيخ عثمان الصالح في مجلة المنهل الغراء وأورد له هذه
المقتطفات والمقطوعات الشعرية الآتية:(1)
ديار المعالي بين سمراء
حائل
|
وبين أجا مغمورة بالفضائل
|
رسا في مغانيها سمو ورفعة
|
ومجد أثيل شائع في
القبائل
|
فلله ما أنقى هواها من
الأذى
|
وأطيبها بين البلاد لنازل
|
جرى ماؤها من شامخات
جبالها
|
تلقته من فيض الغوادي
الهواطل
|
فيهبط من سامي سماء مسيله
|
على كل نبت طيب الريح
فاضل
|
ألذ من الشهد الشهي نميره
|
فبطحاؤها المرجان يبدو
لخائل
|
ومنها:
دليل على ذا أن من حل
دارها
|
ثنى عزمه شوقا لبلدة حائل
|
فكم قائل حييت يا بلد
الندى
|
بسارية تهمي عليك بوابل
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1كتب عنه الأستاذ عثمان الصالح في الجزء التاسع من مجلة المنهل في سنتها الخامسة
والثلاثين مجلد ثلاثين في شهر رمضان سنة 1389 هـ صفحة 1225 - آخر صفحة 1228.
|
ص -238-
|
وأورد له هذه الأبيات التالية في مدح صاحب السمو الأمير الجليل
عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود:
به أشرقت مذ جاء أرجاء
حائل
|
وظل سماح في كسا العز
يرفل
|
فإنا وإن يبك القصيم
لفقده
|
فوجه العلا فينا به يتهلل
|
فظلت به سلمى تميس كأنها
|
فتاه بدا كفء لها وهو
أجزل
|
وظل أجا يرنو به متصاغرا
|
لهيبته والشعر في ذلك
أجمل
|
وهي طويلة تزيد على الأربعين بيتاً قالها ارتجالاً في مناسبة قدوم الأمير عبد
العزيز بن مساعد لحائل أميراً عليها.
وقد نظم زاد المستقنع مختصر المقنع في ثلاثة آلاف بيت كما أشرنا إلى ذلك في أول
الترجمة بدأها بقوله:
خذ العلم عن علم المجد
بعزمه
|
مشيراً إلى جل العلوم
بفهمه
|
ولا تختصر ما قاله
متطفلاً
|
فقول الفتى يأتي على قدر
علمه
|
وسامح ولا تفضح فكل سميدع
|
يرى نصح ذي التقصير آكد
عزمه
|
وقل غفر الرحمن لابن عطية
|
خطيئاته بالعمد منه ووهمه
|
وله أيضاً قصيدة نظمها في قواعد الفقه نورد منها ما يأتي:
الحمد لله على ما أولى
|
حمد مقر فضله للمولى
|
والحمد لله الذي فقهنا
|
في دين خير خلقه علمنا
|
محمد صلى عليه الله
|
وآله الغر ومن والاه
|
وبعد خذ يا صاحبي قواعدا
|
في الفقه أسس واغتنم
فوائدا
|
وابن على الأساس خير مبنى
|
واحذر تظل المقتفى
والمعنى
|
فكل من أتلف مالاً في
الورى
|
لغيره يضمه بلا امترا
|
وقيمة التالف قول الغارم
|
من قابض للنفس بين العالم
|
وعدم التفريط ليس يقبل
|
إلا ببرهان لدين يُعقلُ
|
|
ص -239-
|
وها هنا أمر علينا يلزم
|
تنبيه من لا في العلوم
يفهم
|
إذا ادعى اتلاف ما قد
بانا
|
فهاهنا تلزمه البرهانا
|
وقابض العين لمن سواه
|
يقبل في جميع ما ادعاه
|
والرد بالعيب بشرط واجل
|
فقول من ينفيه عند من عقل
|
وكل عقد يقتضي الضمانا
|
لم ينفه الشرط كما أتانا
|
وكل رهن في الروى لا يقبض
|
فإنه شرط لدينا ينقض
|
وبيعك المجهول لا ينعقد
|
نص على ذاك الإمام أحمد
|
وكل عقد جائز لا يلزم
|
وكل قرض جر نفعاً يحرم
|
وكل شيء لا يباع شرعاً
|
فرهنه ليس يجوز قطعاً
|
لكن يجوز رهن زرع وثمر
|
قبل الصلاح عند أصحاب
الأثر
|
وكل حيلة تجر للربا
|
فإنما تحريمها قد وجبا
|
وابطلن تصرف المحجور
|
عليه كالغاصب والمسعور
|
وكل ما لييس بدين مستقر
|
وعرضه للفسخ مثل ما ذكر
|
فلا يصح بيعه ورهنه
|
ونحوه مما يعم حكمه
|
ولا يصح الرهن والكفيل
|
به كما قد قرر الجليل
|
وافهم لزوم العقد للكراء
|
لأنه كالبيع والشراء
|
ويبرأ المحيل بالحوالة
|
كاملة الشروط لا الوكالة
|
وعكسه لا يبرأ المضمون
|
عنه إذا ضمنه المأمون
|
ثم الوكيل عندنا أمين
|
لأنه في فعله معين
|
وفي وفاء الدين إذ لم
يشهد
|
يضمن أن أنكر أنه لم يبتد
|
والصلح قبل البيع في
الأحكام
|
كقسمة وهبة الأنام
|
إذا أتى الجميع في معناه
|
فحكمه الشرعي قررناه
|
والسلم المعروف عند الناس
|
مخالف لواضح القياس
|
|
ص -240-
|
ويرجع المسلم إن تعذرا
|
وفاؤه برأس مال قدرا
|
ويحرم التقاط ما يمتنع
|
بنفسه إذا أتاه سبع
|
يقيمه آخذه إن تلفا
|
بقيمة لمثله قد عرفا
|
لكن مع الجحود مرتين
|
في المذهب الاسني بغير
مين
|
وسو في عطية الأولاد
|
واعدل ولا تشهد على
الفساد
|
فتمت القواعد المذكورة
|
معروفة عند الألى مشهورة
|
رويتها عن كل حبر هاد
|
إلى سبيل الحق والرشاد
|
وصل يا رب على المختار
|
وآل وصحبه الأبرار
|
ما اخضوضل النبت بهل
الماء
|
من مزنة غزيرة وطفاء
|
المنهل الجزء 9 لسنة 35 رمضان 1389هـ ص1224 إلى صفحة 1228 وهذه مقطوعة في الصور
الأربع في العارية:
لا تضمن العارية المقبوضة
|
في أربع من صور محفوظة
|
فيما إذا أعارها المستأجر
|
أو تلفت عارية لا تنكر
|
في مالها أعارها المعير
|
أو تلفت في مالها تشير
|
أو أركب المركوب من دوابه
|
منقطعاً يرجو ثواب ربه
|
وله قصيدة
في البيوع تربو على مائة وستين بيتاً سماها "الحائلية" وله ألغاز في
الفقه كثيرة انتهى ما أورده الأستاذ عثمان الصالح عن المترجم له وقال عنه الشيخ
علي بن محمد بن عبد العزيز الهندي: له منسك (نظم) وله أبيات في القواعد الفقهية
وقال: رأيت عنده مكتبة كبرى ذكر أنه جمع بعضها وورث البعض الآخر عن والده الشيخ
عطية السليمان، وقال عنه أيضاً: كان الشيخ سليمان يحب المذاكرة والبحث والنقاش
بتواضع واعتراف بالحق إذا ظهر، وكان شغوفاً بجمع الكتب الأدبية ومطالعتها لاسيما
تأليف الأدباء الكبار وكان
|
ص -241-
|
صالحاً ورعاً زاهداً لا يحب الكلام في أحد من الناس. انتهى ما
ذكره الشيخ علي في كتابه "زهر الخمائل". قلت: كان المترجم له الشيخ
سليمان بن عطية يقرأ درساً في التفسير والحديث والتاريخ على صاحب السمو الأمير
عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود في الحضر والسفر إلى أن توفي المترجم له
سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وستين من الهجرة -رحمه الله- وغفر له إنه سميع مجيب.
|
ص -242-
|
الشيخ محمد بن مقبل
هو العالم الورع التقي الشيخ محمد بن مقبل بن علي بن مقبل(1). ولد بالمنسي من
قرى القصيم بنجد سنة ألف ومائتين وإحدى وثمانين من الهجرة فنشأ بها وقرأ القرآن
حتى حفظه نظراً وعن ظهر قلب ثم شرع في طلب العلم، فقرأ على الشيخ محمد بن عبد
الله بن سليم والشيخ عبد الله الحسين (أبا الخيل) والشيخ عبد الله بن مفدي
والشيخ عبد الله بن سليمان العريني وكان زاهداً يعتمد في معيشته على الله ثم على
كسب يده حيث يشتغل بالزراعة وغرس النخل ويتورع عن الأخذ من بيت المال.
تولى قضاء مدينة البكيرية سنة 1347هـ فأمر الملك عبد العزيز بن عبد الله
آل سعود وكيل مالية بريد آنذاك أن يصرف له ثمانمائة صاع بر وألفي وزنة تمر، وألف
ريال سنوياً، فأبى عن قبول ذلك واستمر في قضاء مدينة البكيرية مدة طويلة من غير
أن يأخذ عليه رزقاً من بيت المال تورعاً وزهداً.
وكان إلى جانب قيامه بالقضاء ينشر العلم تدريساً فتخرجه عليه علماء كثيرون نذكر
منهم في هذه الترجمة المقتضبة من يأتي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ليس الشيخ محمد بن مقبل المترجم له من آل مقبل أهل ضرماء ولا آل مقبل أبناء
عمهم أهل بلدة المذنب فآل مقبل أهل ضرماء وأهل بلدة المذنب من نواصر تميم
والمترجم له ليس منهم وإنما هو موافق لهم في اللقب دون الأصل والنسب.
|
ص -243-
|
تلامذته:
1- الشيخ عبد العزيز بن سبيِّل.
2- الشيخ عبد الرحمن المقوشي.
3- الشيخ عبد الله المحمد الخليفي.
4- الشيخ عبد الرحمن المحيميد.
5- الشيخ عبد الله الخضيري.
6- الشيخ إبراهيم الخضيري.
7- الشيخ صالح الشاوي.
8- الشيخ محمد الصالح الخزيم.
9- الشيخ سليمان الخزيم.
10- وأبناء المترجم صالح وعبد الرحمن ومقبل.
11- الشيخ صالح السلطان.
12- صالح المحمود.
13- عبد الرحمن السالم الكريديس.
14- صالح المحيميد.
15- علي بن محمد المحيميد.
16- الشيخ الفاضل محمد بن صالح بن سليم عضو هيئة التمييز بالرياض.
17- الشيخ إبراهيم الحديثي.
18- عبد الله الحديثي.
19- الشيخ عبد الله السديس.
20- الشيخ عبد الله المحمد الراجحي.
21- محمد العبد الله العقيل.
22- محمد بن عبد الرحمن الخزيم.
23- الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سليمان آل خزيم مدير التربية الإسلامية بوزارة
المعارف.وغير هؤلاء خلق كثير
|
ص -244-
|
ولما أن توفي قاضي مدينة بريدة وتوابعها الشيخ عمر بن محمد بن
سليم رغب إليه كبار مدينة بريدة وقراها أن يكون خلفاً عن الشيخ عمر بن محمد بن
سليم في القضاء وساروا إليه من مدينة بريدة وقابلوه في مدينة البكيرية وطلبوا
منه أن يجيبهم ويحقق رغبتهم بتولي القضاء عندهم فأبى -رحمه الله- أشد الإباء
فرفعوا خطاباً إلى جلالة الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يطلبون
فيه أن يأمره بأن يكون قاضياً عندهم بمدينة بريدة خلفاً للشيخ عمر بن سليم فجاء
الأمر من جلالة الملك عبد العزيز بتعيينه قاضياً لمدينة بريدة فكتب إلى الملك
عبد العزيز كتاباً بليغاً مؤثراً وأنشد فيه بيت عوف بن محلم الخزاعي المشهور:
إن الثمانين وبلغتها
|
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
|
فسامحه الملك عبد العزيز وأعفاه من تولي قضاء مدينة بريدة واستمر على صفته
المذكورة من الزهد والعبادة وتدريس العلم إلى أن توفي سنة 1368هـ ببلدة البكيرية
مخلفاً أربعة أبناء صالحا وعبد الرحمن ومقبلا(1).
- رحم الله الشيخ محمد بن مقبل وغفر له فقد كان عالماً ورعاً متواضعاً يحب
الخمول ويكره الشهرة والبروز وصلى الله على محمد وآله وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ليس لي معرفة باسم الابن الرابع.
|
ص -245-
|
الشيخ عبد الله العنقري
هو الشيخ المحقق عبد الله بن عبد العزيز العنقري التميمي النجدي، ولد -رحمه
الله- في بلدة ثرمداء من قرى إقليم الوشم بنجد سنة 1290هـ وتوفي والده وهو في
الثالثة من عمره. وفي السابعة من عمره كف بصره فقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب ثم
شرع في تلقي مبادئ العلوم الدينية والعربية في بلدة ثرمداء، ثم سمت همته وتاقت
نفسه إلى المزيد من العلوم والتضلع منها فقصد مدينة الرياض، وكانت ولا تزال
والحمد لله حافلة بالعلماء الأعلام يقصدهم الطلاب من جميع نواحي نجد لانتهال
العلم والمعرفة، فشرع المترجم -رحمه الله- في أخذ العلم عنهم وملازمة حلقات
دروسهم وهم الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن
بن حسن ابن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ الفقيه حسن ابن الشيخ حسين
والشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد الطيف ابن الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ محمد
بن إبراهيم بن محمود والشيخ حمد بن محمد بن فارس والشيخ إسحاق أخذ عنهم في
التوحيد والحديث والفقه الحنبلي والنحو والفرائض.
وفي سنة 1336هـ عينه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود قاضياً لإقليم سدير
فسكن بلدة المجمعة(1) قاعدة هذا الإقليم، وكان -رحمه الله- إلى جانب اشتغاله بالقضاء
يقوم بالتدريس ونشر العلم، فتخرج على يديه زهاء ستة وثلاثين من طلبة العلم نذكر
منهم فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الوهاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والخصوم يأتون إليه في بلدة المجتمعة من جميع قرى إقليم سدير فيفصل بينهم
ويكتب لهم عقود المبايعات والتصديق على أوقافهم ووصاياهم.
|
ص -246-
|
ابن مزاحم والشيخ الورع الزاهد محمد الخيال والشيخ عبد العزيز بن
صالح رئيس المحكمة الكبرى بالمدينة المنورة والشيخ حمد المزيد والشيخ حمود
التويجري والشيخ سليمان بن حمدان والشيخ إبراهيم السويح(1) والشيخ محمد بن علي
التويجري والشيخ ناصر بن جعوان والشيخ حمد الحقيل والشيخ عبد العزيز بن ربيعة
وعثمان الركبان، وعبد الرحمن الدهش قاضي قبة، وعبد العزيز بن عبد الرحمن
الثميري.
وفي سنة 1340هـ أثناء توليه قضاء سدير بعثه الملك عبد العزيز -رحمه الله- إلى
هجرة الأرطاوية ليتولى تعليم الأخوان أمور دينهم وحل مشاكلهم القضائية ونهيهم عن
التعصب المخالف لاصل الدين وسماحته بالإضافة إلى قضاء سدير فقام بهذا الواجب
المهم متنقلاً بين المجمعة والأرطاوية في همة ونشاط، فكان موضع تقدير الملك عبد
العزيز وعلماء نجد.
ظل -رحمه الله- قاضياً ستة وثلاثين عاماً وبعدها تقدمت به السن وأرهقته الشيخوخة
واستقال من منصب القضاء، وتفرغ للتدريس ونشر العلم والتأليف.
مؤلفاته:
فألف -رحمه الله- حاشية وضعها على الروض المربع شرح زاد المستقنع في الفقه
الحنبلي، وله تعليقات على نونية الإمام ابن القيم لا تزال مخطوطة لم تطبع.
توفي -رحمه الله- في الثاني من شهر صفر سنة 1373هـ عن عمر يناهز الثلاثة
والثمانين عاماً قضاه في التحصيل والقضاء ونشر العلم، وقد خلف أبناء هم عبد
الرحمن وسعد وصالح وخلف مكتبة حافلة بنفائس الكتب الخطية والمطبوعة ولا أدري أين
آلت إليه -رحمه الله وعفا عنه وغفر له وسامحه- إنه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز السويح قاضي المقاطعة الشمالية في حياته
ومؤلف "بيان الهدى من الضلال في الرد على صاحب الأغلال" ويقع في جزأين
(ط) توفي السويح بمكة في شوال عام 1369 -رحمه الله-.
|
ص -247-
|
الشيخ سعود بن رشود
هو الشيخ الفاضل القاضي العادل سعود بن محمد
بن عبد العزيز بن راشد بن رشود بن سعيد بن محمد بن النبطة من سبيع القبيلة
المشهورة بنجد والحجاز، اشتهر هو وعشيرته بلقب آل رشود.
مولده:
ولد سنة 1322هـ في بلدة (ليلى) عاصمة إقليم الأفلاج ونشأ في كنف والده وعلمه
القراءة والكتابة فحفظ القرآن نظراً وهو ابن عشر سنين ثم شرع في حفظه عن ظهر قلب
عند الشيخ سعد بن سعود آل مفلح من علماء الأفلاج فحفظه وهو في الثانية عشرة من
عمره ثم أخذ يساعد والده في الزراعة وفلاحة النخل إلى أن التقى به جلالة الملك
عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عند والده محمد بن رشود فتوسم فيه الخير
والذكاء فأمر والده بتفريغه لطلب العلم فنفذ والده مشورة الملك عبد العزيز ووجهه
إلى طلب العلم فأخذ في القراءة على الشيخ سعد بن سعود بن مفلح، وعلى الشيخ عبد
العزيز بن حمد بن عتيق ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على الشيخ سعد بن حمد بن
عتيق وعلى الشيخ حمد بن فارس وطالت مدة قراءته العلم حتى قرأ على سماحة الشيخ
محمد ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد اللطيف ولازمه ملازمة تامة وفي عام 1358هـ
عينه الملك عبد العزيز بمشورة من شيخه الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم قاضياً
بوادي الدواسر بنجد.
|
ص -248-
|
وفي سنة 1364 نقل من قضاء وادي الدواسر إلى قضاء مدينة المجمعة
عاصمة إقليم سدير بنجد، ولم يلبث فيها إلا أشهراً ثم أمره الملك عبد العزيز
بالتوجه إلى مدينة الرياض، وبعد وصوله مدينة الرياض أمره الملك بالذهاب مع
جلالته -رحمه الله- إلى روضة خُرَيم لإنهاء القضايا والمشاكل الخاصة هناك،
وبعدما أنهى القضايا الخاصة هناك أعجب الملك عبد العزيز بحسن حله للأحكام
المعقدة وأمره بالبقاء في مدينة الرياض للقضاء بين البوادي في الدماء والأموال،
ثم إن الملك عبد العزيز أمر بنقل الشيخ إبراهيم بن سليمان آل مبارك رئيس محكمة
الرياض إلى قضاء وادي الدواسر وعين بدله رئيساً لمحكمة الرياض المترجم له الشيخ
سعود بن محمد بن رشود وذلك سنة 1367هـ واستمر فيها طيلة حياته وكان -رحمه الله-
يقرض الشعر.
طرح عليه شيخه الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم سؤالاً في جملة الطلاب وهو ما معنى
العلو والاستواء، وهل هما قديمان أو حديثان؟ وهل دليلهما عقلي أو سمعي وهل هما
مترادفان أو متغايران؟ فأجاب بعد إجابته نثراً بهذه الأبيات التالية:
إن العلو صفة الإله
|
ذاتية قديمة لله
|
وثابت دليله بالعقل
|
كذاك أيضاً ثابت بالنقل
|
دلائل شرعية قطعية
|
وفسروا معناه بالفوقية
|
فهو العلي بقدره وقهره
|
وذاتية كما أتى في ذكره
|
فلم يزل ولا يزال الخالق
|
له العلو والكمال المطلق
|
أما دليل الاستوا فقد ورد
|
من السماع لا إلى العقل
استند
|
وليس في عقل صريح ضد ما
|
أتى من النقل الصحيح
فافهما
|
وفسروه بعلا وارتفع
|
وصعد وباستقر فاتبع
|
وواجب إثابته للباري
|
فإنه فعل له اختياري
|
فلم يزل ولا يزال يفعل
|
لما يشا متى يشا كينزل
|
|
ص -249-
|
أما على العرش استوى
فإنما
|
حدوثه بغير شك فاعلما
|
ثم الترادف فيه ما لا
يعلم
|
فالفرق فيهما جلي يفهم
|
إذ العلو صفة ذاتية
|
أما استوى فصفة فعليه
|
والاستواء من أدلة العلو
|
فقد رواه العلماء الأول
|
بذين يفهم النبيه الفرق
|
ثم الصلاة والسلام حق
|
على النبي وآله وصحبه
|
ومن أقر بكلام ربه
|
حرر في 5-1-1358هـ(1)
وكان على جانب ما اتصف به من العلم والمعرفة شجاعاً غزا تحت لواء الملك عبد
العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود غزوة الرغامة عام 1343هـ وهو ابن إحدى
وعشرين سنة ثم غزا بعدها غزوة تهامة عام 1352هـ وفي هذه الغزوة تجلت شجاعته حيث
أخذ الراية بيمينه بعد أن قتل حاملها ورفعها ترفرف عالية خفاقة وسار بالغزاة
تجاه العدو بإرادة قوية وإيمان ثابت فائقة حتى انهزم العدو.
استمر رئيساً لمحكمة مدينة الرياض من عام 1367هـ كما أشرنا إليه أولاً إلى أن
مرض عام 1373هـ ونقل إلى المستشفى اللبناني بمدينة جدة وتوفي سابع عشر شهر شوال
من السنة المذكورة 1373هـ ونقل إلى مكة المكرمة وصلي عليه بالمسجد الحرام وقبر
بمقابر العدل وخلف ابنين هما عبد الله جامعي ويشتغل كاتب عدل الأفلاج وعبد
العزيز يشتغل مساعد كاتب عدل الأفلاج -رحم الله المترجم له الشيخ سعود بن محمد
بن رشود فقد كان مشهوراً بالعلم والعدالة في الحكم وصلى الله على محمد وآله
وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تأريخ تحرير إجابة المترجم له على سؤال شيخه -رحم الله الجميع، وغفر لهم إنه
لسميع مجيب.
|
ص -250-
|
الشيخ عبد الله بن زاحم
هو الشيخ الفاضل العالم الجليل عبد الله بن
عبد الوهاب بن زاحم يمت بنسبه إلى قبيلة البقوم القبيلة المشهورة ببلدة تربة
وحضن(1)، ولد بقرية القصب من أعمال الوشم بنجد سنة الف وثلاثمائة من الهجرة ونشأ
بِها وقرأ القرآن نظراً وعن ظهر قلب ثم رحل إلى بلدة أشيقر وأخذ عن عالمها
المؤرخ الشهير إبراهيم بن صالح بن عيسى، ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على
علمائها آنذاك وعلى رأسهم العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف ثم قرأ
على الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري في بلدة المجتمعة ثم عينه الملك عبد
العزيز آل سعود -رحمه الله- قاضياً في هجرة (الداهنة) عند أميرها عمر بن ربيعان
وحضر معه عدة غزوات من أشهرها حصار جدة وغزوة اليمن وبعد ذلك نقل إلى رئاسة
محكمة مدينة الرياض ثم نقل منها إلى رئاسة محكمة المدينة المنورة وبقي بِهذا
المنصب إلى أن توفي سنة 1374هـ بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع وكان متواضعاً حسن
الأخلاق والسيرة. خلف أبناء معرفتي منهم: عبد الوهاب وإبراهيم -رحم الله الشيخ
المترجم عبد الله بن زاحم وأسكنه فسيح جناته، إنه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال البكري ج2 ص993 حضن بفتح أوله وثانيه وبالنون جبل في ديار بني عامر يقال
في المثل (أنجد من رآى حضناً) إلخ وقال صاحب بلاد العرب الحسن بن عبد الله
الأصفهاني في ص 11 في كتابه بلاد العرب (ولهم من الجبال "حضن" لجشم
خاصة) قال الأستاذ الشيخ حمد الجاسر في تعليقه على ذلك ص11 رقم (2) (من أذكر الجبال
وأشهرها وفيه المثل من رآي حضناً فقد أنجد وهو في حرة مستطيلة من الجنوب إلى
الشمال فشماليه مطل على سهل ركبة وجنوبيه متصل بأطراف الجبال المتصلة بسلسلة
سراة الحجاز وفي جنوبيه يقع واد تربة وفي شرقيه واحة الخرمة) انتهى ما ذكره
الأستاذ أحمد الجاسر قلت: حضن ذكره جرير بن الخطفي التميمي بقوله:
لو أن جمعهم غداة مخاشن
|
يرمي به حضن لكاد يزول
|
وذكر المتلمس بقوله:
إن العلاف ومن ياللوذ من
حضن
|
|
ص -251-
|
الشيخ عبد الرحمن بن عودان
هو الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن علي بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن علي بن
سليمان بن يحيى بن غيهب من قبيلة بني زيد القبيلة القضاعية المشهورة بشقراء
وغيرها من بلدان الوشم.
مولده:
ولد سنة ألف وثلاثمائة وخمس عشرة من الهجرة بشقراء وأصيب في عينه بمرض
الجدري وهو في الرابعة من عمره وذهب أكثر بصره ثم دخل مدرسة تحفيظ القرآن عند
مقرئ يدعى (ابن حنطي) وفي أثناء ذلك توفي والده وهو في السابعة من عمره فكفلته
والدته هو وأخوته الثلاثة وقامت على تربيتهم فاستمر في تعلم القرآن حتى حفظه وهو
في التاسعة من عمره وعطف عليه عمه إبراهيم، وكان من سكان قرية القصب فأخذه عنده
وأدخله في مدرسة، عند معلم يدعى (الحربي) وأعاد عليه قراءة القرآن حتى حفظه
وأتقنه عن ظهر قلب. ثم رجع إلى مدينة شقراء وقرأ فيها مبادئ العلوم على الشيخ سعود
ابن ناصر الملقب بشويمي والشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف الباهلي ولما بلغ السادسة
عشرة من عمره رحل إلى مدينة الرياض فقرأ على علمائها آنذاك حيث قرأ على الشيخ
عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف في التوحيد والعقائد والحديث والتفسير وقرأ على
الشيخ حمد بن فارس في النحو وقرأ على الشيخ سعد بن حمد بن عتيق في الفقه، ولما
كان 1334هـ طلب الإمام عبد الرحمن ابن الإمام فيصل إماماً يصلي به في رمضان
فأشار الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف
|
ص -252-
|
والشيخ حمد بن فارس بالمترجم له فصلى بالإمام عبد الرحمن شهر
رمضان فأنعم عليه الإمام عبد الرحمن في عيد الفطر بكسوة ونقود فاشترى جملاً
وحمله بالبر والتمر والكسوة وسافر إلى والدته وأخوته بمدينة شقراء، فلما وصل
إليهم فرحوا به فرحاً شديداً وكانوا في ضنك وفاقه شديدة فيسر الله لهم هذا الرزق
وباع الجمل بمكسب، وتحصل عنده نحو ثلاثين ريال فرنسي وهي أول رزق له فجلس عند
والدته وأخوته جميع فصل الشتاء، ثم عاد إلى مدينة الرياض لمواصلة دراسته فاستمر
في القراءة على مشائخه المذكورين. وأصيب أثناء ذلك بمرض شديد في عينه قضى على جميع
بصره فلم يثن عزمه بل استمر في مواصلة الطلب وإكمال الدراسة حتى وفقه الله.
وظائفه:
في 1338 أرسله جلالة المغفور له الملك عبد العزيز إلى بلدة ساجر إماماً
لسكانها ومفتياً لهم ثم نقل بعد سنة إلى هجرة عسيلة وصار قاضياً لهم وجميع منطقة
السر حتى 1354هـ حيث صدر أمر الملك عبد العزيز بنقله من عسيلة إلى قضاء مدينة
شقراء وذلك أثر وفاة قاضيها الشيخ إبراهيم بنقله من عسيلة إلى قضاء مدينة شقراء
وذلك أثر وفاة قاضيها الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف الباهلي فاستقر في مدينة
شقراء وصار قاضياً لجميع قرى الوشم والسر ومجموع قرى الوشم وقرى السر يربو على
أربع وعشرين قرية فأرهقه العمل وأتعبه كثرة الخصوم فطلب الإعفاء من قضاء أحد
الإقليمين فأعفي من قضاء الوشم.. وأعيد إلى السر وعين بدله في قضاء الوشم الشيخ
محمد بن عثمان الشاوي ثم توفي الشيخ محمد بن عثمان الشاوي عام 1355هـ -رحمه
الله- فأعيد المترجم له إلى قضاء الوشم والبقاء بمدينة شقراء مرة ثانية وفي عام
1360هـ صدر الأمر السامي من الملك عبد العزيز -رحمه الله- بنقله إلى مدينة عنيزة
لتولي القضاء بين أهلها حتى عام 1369هـ حيث حصل بينه وبين بعد المدرسين بثانوية
مدرسة عنيزة خلاف علمي فطلب على أثر هذا الخلاف من الملك عبد العزيز -رحمه الله-
إعفاءه من
|
ص -253-
|
قضاء مدينة عنيزة فأمر الملك عبد العزيز بالاستمرار في القضاء
ووعده النقل فلما فتح المعهد العلمي بمدينة الرياض في 15-10-1369هـ عينه الملك
-رحمه الله- مدرساً في المعهد العلمي بمدينة الرياض وإماماً للفروض الخمسة بجامع
الرياض الكبير وفي 1371هـ صدر الأمر السامي بإعادته إلى سلك القضاء فعين قاضياً
في محكمة الرياض واستمر في القضاء بمدينة الرياض حتى اشتد به مرض مزمن كان يعاني
منه من مدة طويلة فتوفي في 12-3-1374هـ بمدينة شقراء وخلف -رحمه الله- ستة أبناء
هم على درس على والده وتخرج من كلية الشريعة في عام 1379هـ وهو الآن محقق شرعي
بوزارة الداخلية ومحمد تخرج من كلية الزراعة في القاهرة عام 1385هـ وهو الآن
مهندس زراعي في وزارة الزراعة وإبراهيم تخرج من كلية في أمريكا عام 1390هـ وهو
الآن يشتغل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية وعبد الله هو الآن طالب في السنة
الثالثة من كلية التجارة وناصر تخرج من الثانوية عام 1391هـ وسليمان الآن طالب
في الثانوية وللمترجم الشيخ عبد الرحمن بن عودان تلاميذ أعرف منهم الشيخ محمد
البصيري والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم الباهلي المدرس الآن بالجامعة الإسلامية
بالمدينة المنورة وعبد الرحمن الزوم والشيخ محمد البواري وعبد الرحمن بن عبد
العزيز الحصين -رحم الله المترجم له الشيخ عبد الرحمن بن عودان وغفر له ولجميع
المسلمين إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد وآله وسلم.
|
ص -254-
|
الشيخ سليمان العمري
هو العالم الورع التقي الشيخ سليمان بن عبد الرحمن ابن الشيخ محمد بن عمر العمري
ولد بالقصيم الإقليم المشهور بنجد عام ألف وثلاثمائة من الهجرة وقرأ القرآن حتى
حفظه نظراً وعن ظهر قلب ثم شرع في قراءة العلم على الشيخ محمد بن عبد الله بن
سليم ثم رحل إلى مدينة الرياض وقرأ على الشيخ العلامة عبد الله ابن الشيخ عبد
اللطيف آل الشيخ ثم رجع إلى القصيم وقرأ على الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد ابن
سليم.
وظائفه وأعماله:
عينه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود قاضياً للمدينة المنورة عام
1345هـ وكان إلى جانب قيامه بالقضاء يقوم بتعليم العلم وتدريس الطلاب في المسجد
النبوي، كما ألف أثناء قيامه بالقضاء في المدينة المنورة رسالة جليلة رد فيها
على بعض العلماء المجاورين بالمدينة المنورة آنذاك وقد طبعت هذه الرسالة المشار
إليها ووزعت على أهل العلم ثم نقل الشيخ سليمان من قضاء المدينة عام 1360هـ إلى
قضاء إقليم الإحساء وبقي فيه حتى أسن وأرهقته الشيخوخة فطلب الإعفاء من القضاء
فأجيب طلبه وأعفي من القضاء واستمر بالإحساء حتى توفي بِها سنة 1375هـ وخلف
أبناء لا أعرف أسماءهم - رحم الله الشيخ سليمان العمري وغفر له وعفا عنه فقد كان
من بيت علم وقضاء عرفوا بطيب الذكر والمعتقد وصلى الله على محمد وآله وسلم.
|
ص -255-
|
الشيخ عبد الرحمن بن سعدي
هو العلامة الورع الزاهد تذكرة السلف الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل
سعدي الناصري التميمي الحنبلي.
مولده:
ولد في مدينة عنيزة بالقصيم سنة ألف وثلاثمائة وسبع من الهجرة وتوفيت أمه وله
أربع سنين ثم توفي والده وهو في الثانية عشر من عمره فعطفت عليه زوجة والده
وصارت تشفق عليه أشد من شفقتها على أولادها وكذلك أخوه محمد عطف عليه فنشأ الشيخ
نشأة حسنة فدخل مدرسة تحفيظ القرآن فحظه وهو في الحادية عشرة من عمره وحفظه عن
ظهر قلب وهو في الرابعة عشر من عمره.
مشائخه:
بعد حفظ القرآن نظراً وعن ظهر قلب اشتغل بطلب العلم، فقرأ على إبراهيم بن حمد بن
جاسر في الحديث وقرأ على محمد بن عبد الكريم الشبل في الفقه والنحو وقرأ على
الشيخ صالح بن عثمان قاضي عنيزة(1) في التوحيد والتفسير والفقه وأصوله والنحو
وهو أكثر من قرأ عليه حيث لازمه ملازمة تامة حتى توفي. وقرأ على الشيخ عبد الله
بن عائض وعلى الشيخ صعب بن عبد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشيخ صالح العثمان القاضي من أسرة القضاة المعروفة وهم من وهبة تميم وتولى
قضاء مدينة عنيزة إلى أن توفي وتقدمت ترجمته في هذا الكتاب.
|
ص -256-
|
الله التويجري وعلى الشيخ علي السناني والشيخ علي بن ناصر أبو
وادي قرأ عليه في الحديث والأمهات الست وأجازه في ذلك وقرأ على الشيخ محمد
الشنقيطي نزيل الحجاز قديماً ثم بلدة الزبير قرأ عليه في التفسير والحديث ومصطلح
الحديث أثناء إقامة الشنقيطي بمدينة عنيزة.
جلوسه للتدريس:
ولما بلغ من العمر ثلاثة وعشرين سنة جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلم ويقضي أوقاته
في ذلك، وفي الأكباب على طالعة مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية ومؤلفات تلميذه ابن
القيم بتمعن وتفهم فانتفع بهذه المؤلفات غاية الانتقاع.
وفي عام ألف وثلاثمائة وخمسين من الهجرة انتهت إليه المعرفة التامة ورئاسة العلم
في القصيم على القراءة عليه وتلقي العلوم والمعارف عنه.
تلامذته:
أخذ عند العلم خلق كثير أعرف منهم هؤلاء المذكورين أدناه:
1- الشيخ سليمان بن إبراهيم البسام درس في المعهد العلمي وعين قاضياً فرفض.
2- الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع تولى القضاء في المجمعة ثم في عنيزة.
3- الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام عضو هيئة التمييز بالمنطقة الغربية.
4- محمد بن منصور الزامل درس بمعهد عنيزة العلمي.
5- علي بن محمد الزامل مدرس في معهد عنيزة وهو أنحى أهل نجد في زمنه.
|
ص -257-
|
6- محمد بن صالح آل
عثيمين مدرس بالمعهد وخليفة شيخه على إمامة الجامع بعنيزة.
7- الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل عضو الإفتاء ورئيس الهيئة العلمية
المستقلة بعد وفاة سماحة رئيس القضاة.
8- الشيخ عبد الله المحمد لعوهلي مدرس بالمعهد العلمي بمكة المكرمة.
9- عبد الله بن حسن آل بريكان مدرس بالمعهد العلمي بعنيزة.
ولد -رحمه الله- تلاميذ غير هؤلاء كثيرون، لم يتسن لي معرفتهم.
مؤلفاته:
ألف مؤلفات كثيرة نافعة نذكر منها:
1- تفسير القرآن الكريم المسمى (تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن)، ثمانية
مجلدات(1) وقد فرغ من إكمال تأليفه عام 1344هـ طبع بالمطبعة السلفية بمصر.
2- حاشية على الفقه استدراكاً على جميع الكتب المتداولة والمؤلفة في المذهب
الحنبلي (خ).
3- إرشاد أولي البصائر على طريقة السؤال والجواب (ط).
4- تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في أغلاله (ط).
5- الدرة المختصر في محاسن الإسلام (ط).
6- الخطب العصرية (ط).
7- القواعد الحسان لتفسير القرآن (ط).
8- الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين، وهو توضيح لنونية
الإمام ابن القيم -رحمه الله- (ط).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أكمله عام 1344 طبع عام 1365هـ بمطبعة الترقي في دمشق على نفقة المؤلف ووزع
مجاناً.
|
ص -258-
|
1- توضيح الكافية الشافية (ط).
2- وجوب التعاون بين المسلمين وموضوع الجهاد الديني.
3- القول السديد في مقاصد التوحيد (ط).
4- منهج السالكين مختصر في أصول الفقه.
5- تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (ط).
6- الرياض الناضرة (ط).
7- بهجة قلوب الأبرار (ط).
8- الإرشاد إلى معرفة الأحكام (ط).
9- الفواكه الشهية في الخطب المنبرية (ط).
10- منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (ط).
11- طريق الوصول إلى علم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول (ط).
12- الدين الصحيح يحل جميع المشاكل (ط).
13- الفروق والتقاسيم البديعة النافعة (ط).
14- الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين (ط).
15- فوائد مستنبطة (ط).
16- الرسائل المفيدة سؤال وجواب في أهم المهمات (ط).
17- شرح تائية شيخ الإسلام ابن تيمية التي رد بِها على القدرية (ط).
18- الفتاوى السعدية مجلد ضخم (ط).
19- التوضيح والبيان لشجرة الإيمان.
20- فتح الرب الحميد في أصول العقائد والتوحيد.
|
ص -259-
|
1- الدلالة القرآنية.
2- التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة (ط).
مرضه:
أصيب عام 1371هـ بمرض ضغط الدم وضيق الشرايين وكانت أعراضه تبدو بعض الساعات في
الكلام فيقف ولو كان يقرأ القرآن، ثم يتكلم ويرجع كعادته فسافر إلى لبنان عام
1372هـ على نفقة الحكومة السعودية أيدها الله، وبقي في لبنان شهراً يعالج وشفاه
الله وبعد أن رجع إلى مدينة عنيزة باشر أعماله التي كان يباشرها قبل مرضه من
تدريس وإفتاء وتصنيف وخطابة جمعة وإمامة. فعاوده المرض فلما كان في شهر جمادى
الآخرة سنة 1376هـ أحس بالذي فيه وكان معه مثل البرد والقشعريرة وفي ليلة
الأربعاء 22 من الشهر المذكور عام 1376هـ بعد فراغه من الدرس المعتاد العمومي
الذي يشبه محاضرة من المحاضرات والذي كان يقوم بإلقائه على الجماعة في المسجد
بعد فراغ من هذا الدرس أحس بثقل وضعف حركة بعد الصلاة وفراغها فأشار إلى بعض
تلامذته أن يمسك بيده ويذهب معه إلى داره ففعل فهرع معه أناس من الحاضرين فلم
يصل إلى داره إلا وقد أغمي عليه وبعد ذلك أفاق -رحمه الله- وأثنى على الله وحمده
وتكلم مع الحاضرين بكلام حسن طيب ثم عاوده الإغماء فلم يتكلم بعد ذلك. فلما
أصبحوا صباح الأربعاء دعوا الطبيب فقرر أنه نزيف في المخ وإن لم يتدارك فوراً
فإنه يموت فأبرقوا إلى جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بذلك فأصدر أمره
الكريم عاجلاً بكل ما يلزم فقامت الطائرة فوراً وفيها مهرة من الأطباء والعلاجات
إلى مدينة عنيزة ولكن الجو كان ملبداً بالغيوم والرعد والبرق والعواصف الشديدة
فلم تستطع الطائرة الهبوط على أرض المطار فتوفي -رحمه الله- قبل فجر يوم الخميس
الموافق 22 جمادى الآخرة سنة 1376هـ فأصب الناس لموته فانهمرت الدموع ووجفت
القلوب وصلى عليه الناس بعد صلاة ظهر يوم الخميس في حشد عظيم لم يشهد في عنيزة
له
|
ص -260-
|
مثيل فامتلأ الجامع بالمصلين والمشيعين، وانهمرت العيون بالدموع
وانطلقت الألسن بالترحم عليه والدعاء له بالمغفرة والرضوان، فلما صلى عليه،
حملوه فوق الأعناق بزحام شديد إلى مقبرة الشهوانية المعروفة بمدينة عنيزة.
فبعد ذلك هتفت التعازي بالبرقيات من المعزين من جميع الجهات ورثى بمراث كثيرة
يصعب عدها وخلف ثلاثة أبناء: هم عبد الله، ومحمد، وأحمد -غفر الله للشيخ المترجم
عبد الرحمن بن سعدي ورحمه وعفا عنه فإنه كان من العلماء العاملين الورعين وصلى
الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
|
ص -261-
|
الشيخ عبد الله الخليفي
هو العالم الفقيه شيخنا الشيخ عبد الله الصالح الخليفي. ولد في بلدة البكيرية من
بلدان القصيم بنجد سنة ألف وثلاثمائة من الهجرة وقرأ القرآن فيها على خاله وابن
عمه محمد الخليفي ثم انتقل إلى مدينة حائل عاصمة الجبل فأخذ العلم عن الشيخ عبد
العزيز المرشدي والشيخ عبد الله بن مسلم التميمي نزيل مدينة حائل ولازمه ملازمة
تامة حتى تخرج عليه في الفقه وغيره من سائر العلوم ثم جلس لطلاب العلم بمدينة
حائل فكانت له حلقة كبرى يعقدها بمسجده بالعليا بعد صلاة المغرب كل لليلة في علم
الفرائض ثم تنقل في الوظائف الحكومية فعين قاضياً بالمدينة المنورة ثم نقل إلى
قضاء الجوف ثم إلى قضاء الطائف عام 1357هـ وكان إلى جانب قيامه بالقضاء في
الطائف يجلس لطلبة العلم في مسجد الهادي بعد صلاة العصر كل يوم ثم نقل من القضاء
إلى تدريس الفقه بدار التوحيد بالطائف عام 1365هـ واستمر في هذه الوظيفة حتى نقل
منها إلى التدريس بالمعاهد والكليات بمدينة الرياض ثم نقل منها عام 1378هـ وعين
قاضياً لمدينة حائل عاصمة الجبل وقد أخذ عنه في مدينة حائل قبل تنقله في الوظائف
الحكومية جماعة من العلماء منهم الشيخ سلميان بن عطية والشيخ عبد الكريم الخياط
والشيخ علي بن محمد بن عبد العزيز الهندي والشيخ راشد بن منيصير والشيخ عبد
العزيز العريفي والشيخ عبد الله الراشد المرجان والشيخ عبد الرحمن الشعلان
والشيخ محمد الخلف العبد الله والشيخ عبد الله الشلاش والشيخ سليمان بن محمد
الخليف وقرأت عليه بداره في الطائف بحي قروي في
|
ص -262-
|
الفقه عام 1366هـ كان -رحمه الله- يعرف العروض وينظم الشعر على
طريقة العلماء رأيت له بيتاً في ذوي الأرحام من الرجز وهو قوله:
نزلهمو منزلة من أدلوا به
|
إرثاً وحجباً هكذا قالوا
به
|
وكانت له معرفة بعلم الفلك رأيت له هذه الأبيات جمع فيها البروج الشمسية وما يخص
كل برج من النجوم:
للحمل أخبية فرع المقدم
مع
|
هاء المؤخر خذ هذا بلا
ضجر
|
منه ثمانية الثور يتبعها
|
نوء الرشاد، وياء الشرط
في الأثر
|
منه البقية للجوزاء
نسبتها
|
نوء البطين ترى جيم من
الدبر
|
والعشر للسرطان هقعة وأضف
|
حاء من الهنع معروف لدى
البشر
|
يبقى به خمسة مع ذرع
نثرتهم
|
لليث مشتهر يدريه ذو خبر
|
لبرج سنبلة طرف وجبهتهم
|
مع هاء زبرتهم باد لمعتبر
|
باقيه ينسب للميزان
صرفتهم
|
مع طاء عاوية تأتي على
أثر
|
وبرج عقربهم يحوي بقيته
|
نوء السماك وغفراً عند ذي
بصر
|
القوس يحيو زبانا كله
وكذا
|
جيماً من القلب فألق
السمع واختبر
|
يبقى به إحدى عشر للجدي
شولتهم
|
من النعائم هاء عد واعتبر
|
يبقى ثمانية للدلو بلدتهم
|
مع طاء ذابحهم سار على
قدر
|
باقيه مع بلع للحوت مشتهر
|
سعد السعود فذي منازل
القمر
|
توفي في شهر شعبان سنة ألف وثلاثمائة وواجد وثمانين من الهجرة وخلف أربعة
أبناءهم محمد ومنصور وصالح وإبراهيم - رحمه الله وغفر له فإنه كان سهل الجانب
متواضعاً لا يعرف الكبر إلى قلبه الطيب سبيلاً.
|
ص -263-
|
الشيخ محمد أبا الخليل
هو محمد بن عبد الله بن حسين بن صالح بن حسين (أبا الخيل) من قبيلة عنزة
المشهورة، ولد في قرية المريديسية من قرى بريدة بالقصيم سنة 1308هـ وعاش في
أحضان والديه ولما بلغ العاشرة من عمره بعثه والده إلى مؤدب حسن فأتقن القراءة
والكتابة وبعض مبادئ العلوم وقد كان هناك حروب وفتن حالت دون استمراره في الدرس
والتحصيل، ولما هدأت الأحوال كان والده قد توفي فانتقل في مدينة بريدة وجلس لطلب
العلم فحفظ القرآن عن ظهر قلب وأخذ علم النحو واللغة عن الشيخ عيسى الملاحي ثم
أخذ علم التوحيد والفقه عن الشيخين المشهورين الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم
والشيخ عمر ابن محمد بن سليم حتى أجازاه وكانا يخلفانه في مكانهما إذا غابا عن
بريدة.
أعماله:
تولى القضاء في (نظره)؟ وفي (الجعلة) إحدى قرى القصيم مدة طويلة وفي سنة 1363هـ
تولى القضاء في مدينة عنيزة، وفي سنة 1364هـ تولى القضاء في مدينة بريدة، وقد
قضى أغلب حياته إماماً لمسجد بجوار بيته.
حالته الاجتماعية:
كان عالماً ورعاً زاهداً فيما عند الناس فقد
اعتزل الأعمال والاختلاط الكثير بالناس منذ أن ترك القضاء في بريدة، وكان يقضي
كل وقته في المسجد يقرأ
|
ص -264-
|
القرآن ويكتب العلم ويتعبد وكان يحج كل عام حتى مرض في آخره عمره
ومع ذلك فقد كان سمح الأخلاق واسع البال لا يعرف الغضب إليه طريقاً وكان لا يمل
حديثه ولا مجالسته وكان يتفقد أقاربه وجيرانه ويتعهد الفقراء والمساكين لدى
عارفيه والمتصلين به. ألف -رحمه الله- "زوائد الزاد" في فقه إمام أهل
السنة أحمد بن حنبل الشيباني يقع 942 صفحة من القطع الكبير طبع بالمطبعة السلفية
بمصر على نفقته وجعله وقفاً لله على طلبة العلم. توفي -رحمه الله- في يوم الجمعة
ثالث عشر شهر شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وألف في بريدة وصلى عليه في المسجد
الجامع الكبير ودفن في مدينة بريدة -رحمه الله- وغفر له وأسكنه فسيح جناته وصلى
الله على محمد.
|
ص -265-
|
الشيخ عبد العزيز ابن عكاس
هو الشيخ الفاضل عبد العزيز بن عمر بن عكاس ينتهي نسبه إلى قبيلة سبيع القبيلة
العربية العدنانية المشهورة بنجد. كان أجداده يسكون بمدينة عنيزة إحدى عاصمتي
القصيم بنجد ثم رحلوا سنة 956هـ إلى الإحساء فطابت لهم الإقامة فيها وكثر نسلهم.
ولد الشيخ عبد العزيز بالإحساء سنة 1304هـ ونشأ بِها وقرأ القرآن ولما حفظه شرع
في القراءة في العلم على عمه الشيخ العلامة عيسى بن عبد الله بن عكاس المتوفى
سنة 1338هـ وأخذ عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن الملا فقيه الأحناف بالإحساء
ولما قدم إلى الإحساء الشيخ عبد الله البشاوري وعين قاضياً فيها في العهد
العثماني قرأ عليه المترجم الشيخ عبد العزيز وبعد ذلك قدم إلى مكة المكرمة فأخذ
العلم عن الشيخ أسعد الدهان والشيخ عبد الرحمن الدهان ولما استولى الملك عبد
العزيز وبعد ذلك قدم إلى مكة المكرمة فأخذ العلم عن الشيخ أسعد الدهان والشيخ
عبد الرحمن الدهان، ولما استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على
الإحساء واستتب له الأمر فيها وفي ملحقاتها عين المترجم قاضياً في بلدة الجبيل
سنة 1339هـ فمكث في القضاء ست سنوات ثم استعفى من القضاء وأعفي، فعكف على مطالعة
الكتب ودراسة غامضها والاتجاه لعبادة الله، ثم في عام 1373هـ صدر الأمر الكريم
بتعيينه رئيساً لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإحساء وملحقاتها وكان
يدرس طلابه طيلة إقامته بالإحساء وكان -رحمه الله- يفد إلى مكة المكرمة في كل
سنة من شهر رمضان المبارك للعمرة والصيام والعبادة ويعود إلى بلده الإحساء بعد
العيد وكان حسن الخلق متواضعاً لا يعرف الكبر والحقد إلى قلبه سبيلاً. توفي
بالإحساء سنة 1383هـ -رحمه الله وغفر له فإنه كان من العلماء المتواضعين الذين
لا يعرف الكبر إلى قلوبهم العامرة بالإيمان سبيلاً.
وقد ألف أرجوزة في أصول القه بطلب من تلميذه الشيخ عبد الله الملا.
|
ص -266-
|
الشيخ محمد بن مانع هو
العلامة الفقيه الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مانع الوهيبي
التميمي النجدي. ولد في مدينة عنيزة إحدى مدن القصيم(1) سنة ألف وثلاثمائة من
الهجرة، ولما بلغ السابعة من عمره أدخله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القصيم مقاطعة كبيرة يقع في الناحية الشمالية من نجد بين الوشم وبين جبل طي
المعروف فيما بعد بجبل شمر والقصيم كثير القرى والمزارع والنخيل تبلغ قراه نحو
مائتين قرية والقصيم غزير المياه خصب التربة وأكثر بلدانه مذكورة في أشعار العرب
ومعاجم البلدان وقد ذكره زيد الخيل الطائي بقوله:
ونحو الجالبون سباء عبس
فكان رواحها للحي كعب
إلى الجبلين من أهل
القصيم
|
وكان غدوها لنبي تميم
|
وذكر في كتاب (بلاد العرب) المنسوب للغدة الأصفهاني ص 339 (والقصيم موضع ذو غضا
فيه مياه كثيرة وقرى "قلت" القصيم يشتمل على بلدان كثيرة أعرف منها ما
يأتي: (مدينة بريدة - مدينة عنيزة - الرس - المذنب - البكيرية - العمار -
البدائع - الهلالية - النبهانية - الرسيس - الزرقا - القويع - قيعان - القرعاء -
الوطأة - الشماس - الشماسية - الربيعية - هدية - أبو يدسة - صبيح - قصر ابن عقيل
- القرية - الخبرا - رياض الخبراء - الظليم - الشيحية - عيون لجواء - عيون ابن
فهيد القصيعة - البصر - رهطان - الجعلة - قصيبا - الأسياح وهي المعروفة في معاجم
البلدان بالنباج وهي تطلق على مجموعة هذه القرى الآتية: العين - البرقا -
التنومة - خصيبة - حنيظل - وأبي الدود والشنانة - الديمسية - القيصومة - القصر -
البرود - طريف - الجعلة - النبقية وبها انتهت قرى الأسياح.
ومن بلدان القصيم أيضاً: الفوارة - القوارة - وفي القصيم خبوب "جمع
خب" وهي منخفضات من الأرض بين أكثبة من الرمال فيها مياه نخيل وقرى كثيرة
جداً وجميع بلدان القصيم وقراه كغيرها من جميع بلدان قرى المملكة العربية
السعودية آهلة بالسكان وفيها مدارس بنين وبنات ومستشفيات ومستوصفات وغير ذلك من
جميع لوازم الحياة نسأل الله أن يطيل عمر إمام المسلمين. جلالة الملك فيصل بن
عبد العزيز آل سعود.
|
ص -267-
|
والده المدرسة (الكتاتيب) ليتعلم بها
القرآن، ولم يلبث والده أن توفي فاستمر المترجم في قراءة القرآن حتى ختمه ثم شرع
في القراءة على علماء بلده في مبادئ العلوم فقرأ على عمه الشيخ عبد الله
وعلى الشيخ صالح العثمان القاضي، ولما بلغ الثامنة عشرة من عمره سافر إلى بغداد
واتصل بالعلامة السيد محمود شكري الألوسي(1) فقرأ عليه وعلى ابن عمه السيد علي
بن السيد نعمان(2) أفندي الألوسي وقرأ على غيرهما من مشاهير العلماء ببغداد فقرأ
في النحو والصرف والفقه والفرائض والحساب ثم توجه إلى مصر فأقام في الأزهر مدة
قرأ فيها الروض المربع شرح زاد المستقنع وبعضاً من شرح دليل الطالب وقرأ النحو
والعلوم السائدة في الأزهر على الشيخ محمد الذهبي أحد المدرسين برواق الحنابلة
ثم سافر إلى دمشق الشام ولازم الشيخ جمال الدين القاسمي وسمع عليه صحيح البخاري
وحضر دروس الشيخ بدر الدين محدث الشام التي كان يلقيها بالجامع الأموي وحضر دروس
العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار ثم رجع إلى بغداد ولازم القراءة على العلامة
محمود شكري الألوسي فقرأ عليه كثيراً من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وقرأ عليه
في المعاني والبيان والبديع كثيراً من الرسائل المختصرة في هذه الفنون مثل
الفريدة في الاستعارات وشرح التلخيص وقرأ عليه شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك
وشرح السيوطي وقرأ شرح القطر للفاكهي وقرأ عليه في علم الوضع مع شرح العلامة علي
القوشجي ورسالة أبي بكر الكردي في علم الوضع وقرأ شرح منظومة حسن العطار. وقرأ
لوامع البيان للرازي مع مراجعة لوائح الأنوار(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو محمود شكري ابن السيد عبد الله ابن السيد محمود شهاب الدين الألوسي صاحب
التفسير المسمى روح المعاني.
(2) هو السيد علي ابن السيد نعمان أفندي مؤلف جلاء العينين وفي محاكمة الأحمدين
ابن السيد محمود شهاب الدين صاحب التفسير المسمى روح المعاني.
(3) لهو لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضية في عقد
الفرقية المرضية منظومة والشرح والمنظومة كلاهما للشيخ محمد بن الحاج أحمد
السفاريني وقد طبع هذا الشرح على نفقة علي بن عبد الله بن ثاني عام 1380هـ وطبع
مختصره لابن سلوم عام 1386هـ.
|
ص -268-
|
للسفاريني وشرح العقائد الأصفهانية لشيخ
الإسلام ابن تيمية وقرأ عليه بعضاً من تفسير البيضاوي وقرأ شرح السلم وشرح
الدمنهوري وقرأ شرح الرسالة الأندلوسية لعبد الباقي الألوسي الأمثلة والبناء في
التصريف وشرح السعد على العزي ومغني اللبيب لابن هشام وقرأ على الشيخ عبد الوهاب
أفندي النائب أمين الفتوى في بغداد في بعض كتب آداب البحث والمناظرة وقرأ دليل
الطالب في الفقه الحنبلي وشرح الأزهرية في النحو في المدرسة المرجانية على الشيخ
عبد الرزاق الأعظمي وقرأ على السيد يحيى بن قاسم الوتري المدرس في المدرسة
الأحمدية في بغداد في شرح العلوي على السلم وحاشية المرصفي على شرح المقولات
العشر وشرح نظم الورقات في أصول الفقه.
وفي هذه المدة دعاه بعض الأكابر من أهل بغداد ليكون إماماً له ويقرأ عليه كتب
الحديث فقرأ عليه بعضاً من صحيح البخاري وجميع صحيح مسلم والجزء الأول من زاد
المعاد لابن القيم والجزء الأول من مسند الإمام أحمد بن حنبل والموطأ للإمام
مالك وكثيراً من كتب التاريخ وقرأ نزهة النظر للحافظ ابن حجي ثم رجع إلى بلده
مدينة عنيزة سنة 1329هـ وقرأ على قاضيها الروض المربع شرح زاد المستقنع وغير
ذلك، ثم توجه إلى بلد الزبير من أعماق العراق سنة 1330هـ وقرأ على الفقيه
الحنبلي المشهور في بلدة الزبير محمد العوجان في الفقه الحنبلي والفرائض والحساب
ثم دعاه مقبل الذكير أحد تجار نجد وأعيانها المقيمين في البحرين للتجارة دعاه
لمكافحة التبشير وفتح له لهذا الغرض مدرسة آخر سنة 1330هـ فأقام في بلدة البحرين
أربع سنين وشرح في أثناء إقامته بالبحرين العقيدة السفارينية (المسماة بالدرة
المضية) ثم دعاه حاكم قطر آنذك عبد الله بن قاسم بن محمد بن ثاني طيب الله ثراه
فتوجه إليها في شهر شوال سنة 1334هـ فتولى القضاء والخطابة والتدريس ورحل إليه كثير
من
|
ص -269-
|
الطلاب أخذوا عنه العلم في قطر وأقام في قطر
أربعاً وعشرين سنة(1) وحج معه سنة 1342هـ وهو مقيم بقطر في أول رمضان واتصل بعمر
حمدان المحرسي وقرأ عليه ألفية السيوطي في مصطلح الحديث والنزهة للحافظ ابن حجر
وبعض بلوغ المرام حفظاً وقرأ عليه وعلى حبيب الله الشنقيطي الأربعين العجلونية
وكتب كل واحد منهما أجازه له بها ثم رجع بعد الحج إلى قطر، وبقي في قطر على
حالته المذكورة.
ولما كان في صفر أول سنة ألف وثلاثمائة وثمانية وخمسين قدم الإحساء وكث بها إلى
شهر جمادى الآخرة من السنة المذكورة وفي هذا الأثناء قدم الإحساء عبد الله السليمان
الحمدان فاتصل به وقابله وأشار عليه عبد الله السليمان فقبل ذلك وقدم على الملك
عبد العزيز في مدينة الرياض فأكرمه الملك وعينه مدرساً في الحرم الملكي الشريف
فأقام في مكة واجتمع عليه كثير من طلاب العلم يقرأون عليه في الفقه والحديث
والنحو والفرائض أعرف منهم الشيخ عبد العزيز بن رشيد رئيس هيئة التمييز بنجد
والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بن علد اللطيف الباهلي والشيخ البصيلي والشيخ ناصر
بن حمد الراشد الرئيس العام لمدارس البنات والشيخ عبد الله بن زيد بن محمود وقد
أخذ عنه العلم قبل ذلك في البحرين وقطر خلق كثير نذكر منهم: عبد الله الأنصاري
وعبد الله بن تركي والحاج قاسم درويش ومحمد حسن الجابر وابنه محمد حسن الجابر
وأحمد بن يوسف الجابر ومبارك بن نصر وبعد قيامه بواجب التدريس بالمسجد الحرام
عينه الملك عبد العزيز زيادة على ذلك رئيساً لثلاث هيئات: هيئة تمييز القضايا وهيئة
الأمر بالمعروف وهيئة الوعظ والإرشاد. وقام بهذه الأعمال إلى جانب قيامه
بالتدريس في المسجد الحرام بعد صلاة الفجر وبعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تولى في خلال هذه الأربع والعشرين السنة التي قضاها في قطر القضاء والفتيا
وتزوج في قطر وأنجب أبناءه الثلاثة الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- وأحمد وعبد
الرحمن وأنشأ في قطر أول مدرسة علمية سنة 1336هـ تقريباً واستمرت نحو سبعة عشر
عاماً.
|
ص -270-
|
صلاة المغرب وفي عام 1364هـ عينه الملك
مديراً للمعارف (1) وفي سنة 1366هـ أسند إليه رئاسة دار التوحيد إلى أن شكلت
وزارة المعارف سنة 1373هـ وعين لها الملك عبد العزيز وزيراً ابنه صاحب السمو
الملكي الأمير فهد (2) فحينئذ نقل الشيخ محمد بن مانع مستشاراً برتبة وكيل وزارة
إلى عام 1377هـ حيث طلبه حاكم قطر في السنة المذكورة ولازم الشيخ علي بن الشيخ
عبد الله بن قاسم بن ثاني إلى أن توفي سابع عشر شهر رجب عام 1385هـ بمدينة بيروت
على أثر عملية جراحية أجريت له ونقل جثمانه إلى قطر ودفن بها وخلف ثلاثة أبناء
عبد العزيز وأحمد وعبد الرحمن. وخلف مكتبة كبيرة حافلة بنوادر الكتب وخلف مؤلفات
منها: إقامة الدليل والبرهان بتحريم الإجارة على قراءة القرآن، وتحديث النظر في
أخبار الإمام المهدي المنتظر، وإرشاد الطلاب إلى فضيلة العلم والعمل والآداب (ط)
والأجوبة الحميدة رسالة تتعلق بالتوحيد (ط) وحاشية على دليل الطالب (ط) وسبل
الهدى شرح قطر الندى (خ).
وله الكواكب الدرية شرح الدرة المضيئة (3) طبع مرتين والقول السديد فيما يجب
الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تعاقب على إدارة المعارف قبل ابن مانع هؤلاء الأشخاص الآتية أسماؤهم: صالح
شطا، محمد كامل قصاب الشيخ ماجد كردي الشيخ حافظ وهبة، محمد أمين فودة، إبراهيم
الشورى، طاهر الدباغ: المترجم له أعلاه محمد بن عبد العزيز بن مانع.
(2) وتعاقب على وزارة المعارف بعد صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز
الشيخ عبد العزيز بن الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ من غرة رجب عام 1380هـ حتى
نهاية شهر شوال عام 1381هـ ثم تولاها معالي الشيخ حسن بن الشيخ عبد الله بن حسن
آل الشيخ ولا يزال أسبغ الله على معاليه ثوب الصحة والعافية وأطال عمر إمام
المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود. إنه سميع مجيب.
(3) الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية منظومة في العقيدة للشيخ محمد بن الحاج
أحمد بن سالم السفاريني شرحها ناظمها بشرح سماه لوامع الأنوار البهية وسواطع
الأسرار الأثرية يقع في جزأين من القطع المتوسط تبلغ صفحات الأول 453 والثاني
470 طبع على نفقة الشيخ علي بن عبد الله بن ثاني سنة 1380.
|
ص -271-
|
على العبيد (ط) نبذتان تتعلقان بمدينة عنيزة
إحداهما عن أمرائها والأخرى(1) عن قضاتها طبعتا في آخر كتاب المنتخب في ذكر
أنساب قبائل العرب لعبد الرحمن بن حمد المغيري وسمعت أن لدى ابنه أحمد دفتراً
فيه قيود تاريخية لوالده والله أعلم -رحم الله الشيخ بن مانع وغفر له فقد كان
حافظاً لكثير من فنون العلم وأقوال الفقهاء وقسط كبير من منظومة ابن عبد القوي
في الفقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عنوان النبذتين (الأعلام فيمن ولي عنيزة من الأمراء والقضاة الأعلام).
|
ص -272-
|
الشيخ حمود الشغدلي
هو العالم الفاضل الشيخ حمود الحسين الشغدلي ولد بمدينة حائل عام 1295هـ ألف
ومائتين وخمسة وتسعين من الهجرة ونشأ بها وقرأ القرآن نظراً على مقرئ يدعى مبارك
بن عواد ثم حفظه عن ظهر قلب وشرع في قراءة العلم على أشياخ بلده من علماء حائل
فأخذ الفقه والفرائض عن الشيخ صالح السالم البنيان وأخذ عن الشيخ عثمان بن عبد
الكريم العبيد ورحل إلى مدينة الرياض عام 1326هـ فقرأ التوحيد وعلم العقائد
والحديث على الشيخ العلامة عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف وقرأ علم النحو على
الشيخ حمد بن فارس وجد واجتهد في تحصيل العلم حتى عد من أكابر علماء بلده وكان
ناسكاً متعبداً محباً لطلبة العلم آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر لا تأخذه في
الله لومة لائم جلس لطلاب العلم بمدينة حائل فأخذ عنه العلم جماعة من العلماء
منهم الشيخ علي الصالح السالم البنيان والشيخ عبد الكريم الصالح السالم البنيان
والشيخ عبد العزيز العريفي والشيخ محمد الخلف العبد والشيخ إبراهيم الحماد
والشيخ عبد الله الشلاش والشيخ عبد الرحمن العبد الله الملق والشيخ محمد المشاري
وغيرهم، قال عنه الشيخ علي بن محمد الهندي في كتابه "زهر الخمائل" أن
غالب من يحسنون العربية والفرائض في تلك البلاد (أي حائل) هم من تلامذته كان
المترجم له الشيخ حمود ينوب في قضاء منطقة الجبل عن الشيخ عبد الله السليمان
البُليهد إلا سافر أو مرض ثم عين قاضياً لمنطقة الجبل عام 1362 هـ إلى عام
1378هـ حيث طلب الإعفاء من القضاء لتقدم سنه فأجيب إلى طلبه وأعفي من القضاء
وبقي بمدينة حائل عاصمة جبل طيء إلى أن توفي في أول هذه السنة 1391هـ ألف
وثمانين وإحدى وتسعين من الهجرة بمدينة حائل وخلف أبناء -رحمه الله- وغفر له
وعفا عنه إنه سميع مجيب.
|
ص -273-
|
صديق بن حسن
هو السيد العلامة محيي السنة وقامع البدعة النواب السيد صديق بن
حسن بن علي بن لطف الله الحسيني البخاري القنوجي ثم الهوبالي.
مولده:
ولد ضحى يوم الأحد التاسع عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف من
الهجرة النبوية ببلدة (بريلي) موطن جدة القريب من جهة أمه ثم جاءت به والدته (من
بريلي) إلى (بلدة قنوج) موطن آبائه، ولما بلغ السادسة من عمره توفي والده كفلته
أمه ورباه أخوه الكبير السيد أحمد حسن عريش فقرأ القرآن وتعلم على أخيه المذكور
اللغة الفارسية ومبادئ اللغة العربية ومبادئ العلوم الدينية وقرأ على غيره من
أشياخ وطنه ثم ارتحل إلى دلهي عاصمة الهند سنة 1269هـ وقرأ على الشيخ صدر الدين
خان مفتي بلدة دلهي في المنطق والفلسفة والهيئة والعوم الرياضية وقرأ على الشيخ
التي الصالح محمد يعقوب المهاجر بمكة المشرفة قرأ عليه في دلهي ثم رجع إلى وطنه
قنوج ولكنه بعد ذلك بمدة يسيرة اضطر إلى السفر لابتغاء الرزق فوصل بلدة بهبال
سنة 1276هـ ونزل ضيفاً على مدار المهام للرياسة جمال الدين خان، وكان يعرف أسرته
فأكرمه غاية الإكرام وزوجه بابنته التي هي أم أولاد المترجم وعينه في ديوان
الإمارة فقام بوظيفته خير قيام، وفي أثناء إقامته في بهبال أخذ الحديث عن المحدث
الكبير القاضي حسين بن محسن السبيعي الأنصاري اليمني الحديدي تلميذ الشريف محمد
بن ناصر الحازمي تلميذ الإمام الشوكاني وأخذ عن أخيه
|
ص -274-
|
القاضي زين العابدين الأنصاري اليماني
وأجازاه إجازة عامة كذلك أجازه الشيخ المعمر المولوي عبد الحق البارسي تلميذ
الشاه إسماعيل الدهلوي والمجاز من الإمام الشوكاني شفاهياً في اليمن وأجازه
مشائخ آخرون ذكرهم في ثبته الذين ألفه باللغة الفارسية وسماه "سلسلة العسجد
في مشائخ السند" ثم استأذن ملكة بهبال في الحج فأذنت فحج سنة 1285هـ في
المراكب الشراعية وقاسى عناء شديداً ومرت السفينة على موانئ اليمن فاشترى من
اليمن الكتب الخطية النفيسةمن مؤلفات علماء السلف وعلماء اليمن وخصوصاً مؤلفات
الإمام الشوكاني والأمير الصنعاني، وبعد الحج وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه
وسلم رجع إلى بهبال واشتغل بوظيفته الرسمية وكانت ملكة بهبال شاه جهان (بيكم)
امرأة عاقلة فاضلة، وكانت أيما مات زوجها فكانت تريد الزواج من رجل شريف من أهل
الديانة والعلم، فاختارت المترجم له السيد صديق حسن ورغبت في الزواج به فقبل ذلك
وتزوجها سنة 1288هـ ومن ذلك الوقت أصبح حاكماً للإمارة نيابة عنها ولقب
(بالنواب) ومعناه الأمير فقام بالأمر خير قيام وتحسنت حال البلاد الدينية
والأخلاقية والاجتماعية حيث طهر الإدارة الحكومية من الخائنين وظف بدلهم الأكفاء
العاملين وجمع إليه أهل العلم وعين لهم مرتبات كبيرة ورغبهم في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وفي نشر العلوم والمعارف خصوصاً في العقيدة السلفية وعلم
الحديث ودعوة الناس إلى العمل بالكتاب والسنة فحصلت في البلاد نهضة دينية وعلمية
ثم وُشِيَ به إلى الحكومة الإنكليزية فضغطت على الملكة زوجته وأمرتها بأن تعزله
عن النيابة في الحكم فقاومت هذا الضغط في أول الأمر وأخيراً رضخت لرغبة الإنكليز
خوفاً على نفسها وإمارتها فعزلته عن النيابة في الحكم سنة 1302هـ ولكنها مع ذلك
بقيت في عصمته وبقي هو في قصرها معززاً مكرماً مشتغلاً بالتأليف والمطالعة والمذاكرة
طيلة حياته.
|
ص -275-
|
مؤلفاته على حرف الهجاء:
1- إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر
الفقهاء والمحدثين باللغة الفارسية.
2- الاحتواء في مسألة الاستواء.
3- الإدراك في تخريج أحاديث رد الإشراك.
4- الإذعان لما كان ويكون بين يدي الساعة.
5- أربعون حديثاً في فضائل الحج والعمرة.
6- إفادة الشيوخ معرفة الناسخ والمنسوخ باللغة الفارسية.
7- الإكسير في أصول التفسير.
8- إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة مطبوع بالهند.
9- الانتقاد الرجيح في شرح الاعتقاد الصحيح -شرح فيه كتاب الإمام ولي الله
الدهلوي شرحاً مفيداً على طريقة السلف وانتقد علي الدهلوي استعماله لاصطلاحات
المتكلمين في بيان التنزيه مثل نفي الجوهر والعرض - طبع قديماً بمصر على هامش
كتاب جلاء العينين.
10- بغية الرائد في شرح العقائد فارسي.
11- البلغة في أصول اللغة.
12- بلوغ السول في أقضية الرسول.
13- تميمة الصبي في ترجمة الأربعين من أحاديث النبي.
14- التاج المكلل من جواهر مآثر جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - طبع على نفقة
علي بن ثاني.
15- ثمار التنكيت في شرح أحاديث التثبيت.
16- الجنة في الأسوة الحسنة بالسنة.
17- حجج الكرامة في آثار القيامة الفارسي.
18- الحرز المكنون في لفظ المعصوم المكنون(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فاتنا أن نذكر هذا المؤلف فوضعناه في الحاشية وهو كتاب حسن الأسوة بما ثبت
من الله ورسوله في النسوة، قربه ووقف على طبعه زكريا علي يوسف صاحب مطبعة
الإمام: وكان=
|
ص -276-
|
1- حصول المأمول من
علم الأصول - كتاب مفيد في أصول الفقه لخصه من (إرشاد الفحول) للشوكاني مع
زيادات مفيدة مطبوع في استانبول ومصر.
2- الحطة في ذكر الصحاح الستة. ذكر فيه كل ما يتعلق بالكتب الستة ومؤلفيها من
المعلومات والفوائد مطبوع بالهند.
3- حل المسألة المشكلة.
4- خبيئة الأكوان في افتراق الأمم على المذاهب والأديان.
5- دليل الطالب إلى أشرف المطالب (فارسي).
6- الدين الخالص مجلدين -طبع قديماً في الهند وأخيراً بمصر على نفقة آل ثاني.
7- رحلة الصديق إلى البيت العتيق - ذكر فيه رحلته للحج سنة 1285هـ، وبين فيه
المناسك على طريقة المحدثين (مطبوع بالهند).
8- الروضة الندية شرح الدراري المضية للشوكاني (مطبوع بمصر).
9- رياض الجنة في تراجم أهل السنة.
10- السحاب المركوم في بيان أنواع الفنون وأسماء العلوم.
11- سلسلة العسجد في ذكر مشائخ السند (فارسي).
12- السراج الوهاج شرح مختصر مسلم بن الحجاج وهو شرح مختصر صحيح مسلم للمنذري.
13- شمع أنجمن في ذكر شعراء الزمن (فارسي).
14- الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم المنثور منها والمنظوم.
15- ضآلة الناشد الكئيب في شرح النظم المسمى بتأنيس القريب.
16- ظفر اللاظي بما يجب في القضاء على القاضي - كتاب مفيد في بيان أصول القضاء
مطبوع بالهند.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=أصل الكتاب يشتمل على جميع الآيات والأحاديث التي تتعلق بالنساء في جميع
أحوالهن منذ بدء الخليقة إلى ما بعد البعثة المحمدية يقر به زكريا علي يوسف
وجعله خاصاً بما يتعلق بالنساء بعد البعثة المحمدية.
|
ص -277-
|
1-
العلم الخفاق في علم الاشتقاق - كتاب مفيد في هذا الفن مطبوع بالهند.
2- العبرة بما جاء في الغزو والشهادة والهجرة.
3- عنوان الباري بحل أدلة البخاري - أربعة مجلدات.
4- عون الباري شرح تجريد البخاري (للزبيدي مطبوع نادر).
5- غصن بان المورق لمحسنان البيان.
6- غنية القاري، في ترجمة ثلاثيات البخاري.
7- فتح البيان في مقاصد القرآن - في ثمانية مجلدات طبع بمصر وبهامشه تفسير ابن
كثير لخص فيه تفسير الشوكاني وزاد فوائد جمة.
8- فتح المغيث في فقه الحديث.
9- فتح العلام شرح بلوغ المرام مجلدان - وهو مختصر سبل السلام ببعض زيادات مفيدة
- مطبوع بمصر.
10- الفرع النامي في الأصل السامي (فارسي).
11- قصد السبيل إلى ذم الكلام والتأويل.
12- قضاء الإرب في مسألة النسب.
13- فتح الثمر في عقائد أهل الأثر.
14- كشف الالتباس عما وسوس به الخناس في الرد على الشيعة باللسان الهندي.
15- لف القماط على تصحيح ما استعمله العامة من الأغلاط.
16- لقطة العجلان مما نمى إلى معرفة حاجة الإنسان.
17- مثير ساكن الغرام إلى روضات دار السلام.
18- مراتع الغزلان في تذكرة أدباء الزمان - طبع في الهند وفي استنابول بمطبعة
الجوائب.
19- مسك الختام شرح بلوغ المرام -فارسي.
20- منهج الوصول إلى اصطلاح أحاديث الرسول - فارسي.
|
ص -278-
|
1- نشورة السكران من
صهباء تذكار الغزلان.
2- نيل المرام في تفسير آيات الأحكام.
3- هداية السائل إلى أدلة المسائل.
4- يقظة أولي الاعتبار بما ورد في ذكر النار وأصحاب النار.
وله غير هذه المؤلفات.
وكان المترجم له السيد صديق حسن خان آية من آيات الله في العلم
والعمل والأخلاق الفاضلة والتمسك بالكتاب والسنة صرف ما آتاه الله من المال
والجاه في خدمة الإسلام والدين وفي نشر علم الحديث والدعوة إلى العقيدة السلفية
والعمل بالكتاب والسنة وإعانة العلماء والأدباء وجمع مكتبة نفيسة مملوءة بالكتب
القيمة النادرة في سائر العلوم وخصوصاً كتب التفسير والحديث ومؤلفات شيخ الإسلام
ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام الشوكاني وغيره من علماء اليمن وطبع كتباً
نفيسة مثل فتح الباري شرح صحيح البخاري وتفسير ابن كثير ونيل الأوطار طبعها على
نفقته في مطابع الهند ومصر واستانبول ووزعها مجاناً على العلماء وطلبة العلم،
ورتب إعانات مالية للعلماء، ورغبهم في ترجمة كتب الحديث إلى اللغة الهندية
(اردو) فترجموها له وطبعها على نفقته ووزعها وكان مكباً على تأليف العلم ليلاً
ونهاراً فبلغت مؤلفاته -رحمه الله- أكثر من مائتي كتاب في اللغة العربية
والفارسية والهندية (اردو) كان يطبعها ويوزعها مجاناً ولم يزل موقفاً حياته
ومكرساً جهده في نشر العلم وتأليف الكتب إلى أن توفي في شهر رجب في بهبال سنة
1307هـ ألف وثلاثمائة وسبع وخلف ابنين هما السيد نور الحسن خان والسيد علي حسن
خان -رحمه الله السيد صديق بن حسن خان وعفا عنه وغفر له- إنه سميع مجيب، وصلى
الله على محمد وآله وسلم.
|
ص -279-
|
الشيخ بشير السهسواني
هو العلامة النحرير، الشيخ محمد بشير، المحدث
الفاروقي ابن الحكيم محمد بدر الدين، كان تذكار السلف الصالحين في الفضائل
والكمالات وأعظم مفخرة في العلم والحكمة، كان من المجددين للدين، وأحد المحققين المتأخرين،
الذي بلغ درجة الاجتهاد المطلق في عصره. ولد في وسط القرن الثالث عشر الهجري،
وتوفي أبوه وهو ابن تسع سنين، وكان له أخوان أكبر منه وثالث أصغر.
قضى زمن طفولته في لكنهؤ، وبدأ فيها تعلمه القراءة على الشيخ محمد واجد علي،
وعلى بعض أفاضل (فرنجي محل) قرأ فنون المعقولات والمنقولات المتداولة، وبعد ذلك
ذهب إلى دلهي لتكميل علوم التفسير والحديث والفقه والأصول فقرأ على السيد أمير
حسن بعض الكتب الدينية، وأخذ عن مولانا سيد نذير حسين كتب الصحاح والسنن الستة
وغيرها سماعاً وقراءة، واستجاز من الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليمني والشيخ
أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي) نزيل مكة، والشيخ محمد السهارنبوري المهاجر
بمكة.
وبعد فراغه من الطلب اشتغل أولاً بتدريس العلوم العقلية من المنطق والفلسفة ثم
حصل لها انهماك كثير في الفقه والأصول والأدب، وكان يفتي في الفقه موافقاً لمذهب
الحنفية، ثم صاحب السيد أمير حسن فغلب عليه ذوق التحقيق في الدينيات، وتقدم في
تحقيق اتباع القرآن والحديث، ومن ذلك الحين رجع
|
ص -280-
|
في تحقيق جميع المسائل الجزئية والفرعية إلى
الكتاب والسنة، وشرع في العمل بالحديث على طريقة المجتهدين، وصار يفتي بوجوب ترك
الآراء والتقليد الشخصي، وكل مسالة وقع فيها اختلاف بين الأئمة الأربعة كان يرجح
فيها مسلك المحدثين بأقوال السلف وآثار الصحابة، وكان يستدل لكل مطلب
بالحجج القوية، ويستنبط شواهده من الكتاب والسنة.
وكان -رحمه الله- وحيد عصره في سعة المعلومات والاطلاع على مذاهب السلف، يصرف
أكثر أوقاته في التدريس والتصنيف والوعظ والإرشاد، ثم صار مدرساً للغة الفارسية
والعربية في كلية (سانت جونس) في أكره(1) وزيادة على هذا كان يدرس للطلبة الذين
يجيئون إلى داره فنون المعقول والمنقول، فقرأ عليه الحكيم مبارك علي والحكيم
معصوم علي (كتاب الأفق المبين) واشترك في هذا الدرس السيد أمير أحمد.
وقد خرج حاجاً من (أكره) ولما رجع من الحج (أي بلا زيارة لقبر الرسول صلى الله
عليه وسلم فاعترضوا عليه) صنف كتاب (القول المحقق المحكم، في حكم زيارة قبر
الحبيب الأكرم) فرد عليه الشيخ عبد الغني اللكنوي (المذهب المأثور) فكتب الشيخ
جوابه وجمع فيه جميع الاعتراضات على هذه المسألة من قديم وحديث وأجاب عنها كلها
والمعارضون له وإن كانوا قد كتبوا في جوابه لم يلتفت أهل التحقيق إلى جوابهم ومع
ذلك فقد كتب الشيخ جواباً على ذلك لكنه لم يطبع. وكان ابتداء هذا البحث من السيد
إمداد علي الذي كان من أكابر تلاميذ الشيخ بشير الدين القنوجي، لكن الشيخ إمداد
علي لما أحس بضعفه عن مقابلة الشيخ بشير دعا الشيخ عبد الحي لهذا الميدان وفوض
إليه الأمر وأعطاه جميع ما كتب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) آغره: المدينة الشهيرة تكتب بكاف فارسية معقوفة وينطق بها مفخمة كالجيم
المصرية.
|
ص -281-
|
وإمداد على هذا كان نائب مدير المقاطعة، وكان
الشيخ بشير المترجم مع ذلك كلما ذهب إلى لكهنؤ نزل ضيفاً على الشيخ عبد الحي
فيستقبله بالاحترام والبشاشة ويمسكه في ضيافته أياماً كثيرة أزيد مما يريد
الشيخ، ويجلس في درس وعظه مستمعاً مع الأدب والتوقير للشيخ. وفي أيام مقامه
(بأكره) حصل للشيخ أمير أحمد السهواني مع الشيخ بشير اختلاف في بعض المسائل
الفرعية وكان الشيخ أمير أمد يدافع فيها بلين والشيخ يخالفه بالشدة، ثم انتهى
الأمر إلى الاعتراف بالحق والمصالحة بينهما.
كان الشيخ بشير على جانب عظيم من الورع والتقوى والعبادة وقيام الليل، وكان يغلب
عليه في وعظه رقة القلب والخشية حتى تدمع عيناه. وفي 5 المحرم سنة 1295هـ
استدعاء النواب صديق حسن خان بهادر من (أكره) إلى (بهوبال) وفوض إليه رياسة
المدارس الدينية في إمرة بهوبال، فكان يتبرع بتدريس التفسير والحديث،وكان يجيب
على المسائل ويكتب الفتاوى بطريق الاجتهاد، وفي كل جمعة يجلس لدرس الوعظ في جامع
القاضي ويصرح برأيه ولو خالف الحكومة بلا مبالاة، ويقيم حجته على المخالفين
تقريراً وتحريراً مع التواضع وحسن الخلق.
وكاد يخالط أحبابه بلا تكلف ولا احتشام وكان ديدنه إكرام الضيوف وإمداد الغرباء
بلا رياء ولا عجب ولا سمعة، وكان نصب عينية اتباع آداب الكتاب والسنة حتى كان
يثقل على طبه ترك المستحبان، وقد أقر له أهل الهند كافة بقوة الاجتهاد والفضيلة
العلمية واعترفوا له بها.
تناظر أحمد دحلان مفتي مكة في زمانه (1) والشيخ بشير في مسألة التوحيد، فكتب
الشيخ رداً عليه كتابه المسمى (2) "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل المناظرة كانت لما حج واجتمع بدحلان بمكة فناظره شفوياً ثم لما رجع رد
عليه بكتابه "صيانة الإنسان".
(2) كتبه رداً على رسالة دحلان المسماة الدرر السنية في الرد على الوهابية كما
صرح بذلك المترجم في أول كتابه صيانة الإنسان.
|
ص -282-
|
دحلان" واشتهر الكتاب وطبعه علماء
نجد ولم يرد عليه أحد من المخالفين.
ولما حصل النزاع بين النواب صديق حسن خان والشيخ عبد الحي اللكنوي وكتبت كتب من
الطرفين وقع في نفس الشيخ عبد الحي أن بعض رسائل الرد من تصنيف الشيخ وصرح بذلك
في كتابه (إبراز النفي) فسعى الشيخ لدفع هذا الوهم عن فكر الشيخ عبد الحي
وتصالحا بعد هذا.
ولما توفي النواب -رحمه الله- في جمادى الأولى سنة 1307هـ أراد الشيخ مفارقة
بهوبال ولكن بيكم (1) بهوبال تعلقت به وعطفت عليه واستبقته، فكان يذهب في كل يوم
اثنين من الأسبوع إلى تاج محل (قصر الأميرة بكم) فيجلس للوعظ ويجتمع عليه النساء
المتصلات ببيكم لسماع وعظه وطلب الدعوات الصالحة منه، وكان يتكلم في وعظه هذا
بالترغيب والترهيب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا مداهنة ولا مبالاة، حتى
توفيت بيكم -رحمها الله- في سنة 1319هـ ولما جلست بعدها على عرش ولايتها بنتها
سلطان جهان بيكم وأخذت في نشر العلوم العصرية والفنون الأوروبية وتقليل شأن
العلوم الدينية والقائمين بها ارتحل الشيخ عن بهوبان إلى دلهي بعدما أقام فيها
خمسة وعشرين سنة.
وكان الشيخ قد دعي لمناظرة مرزا غلام أحمد القادياني في دلهي فجاءها بأمر حكومة
بهوبال فأقبل عليه أهل العلم والدين والتجار وغيرهم ممن لهم تعلق بالشيخ نذير
حسين كبير علمائها ورغبوا إليه أن يقيم بدلهي بسبب ضعف الشيخ نذير حسين وكبر سنه
للقيام مقامه ولكن لما كانت حكومة بهوبال لا تزال تعظم الشيخ وتسند إليه رياسة
الأمور الدينية لم يستطع إجابتهم إلى رغبتهم حينئذ، فلما تغيرت الأحوال في
بهوبال استأنفوا الطلب فأجابهم إلى ذلك. وتحول إليهم ثم جلس في مقام شيخه يدرس
ويفتي ويعظ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هي زوجة النواب صديق حسن خان أميرة بهوبال الشهيرة، وكاف بيكم مفخمة كالجيم
المصرية وبعض كتاب العربية يكتبونها بيغم بالغين كأمثالها.
|
ص -283-
|
كان مرزاً غلام أحمد ادعى أنه المهدي المنتظر
ثم ترقى عن دعوته المهدوية لنفسه إلى دعوى المسيحية وتحول عن اشتغاله بمناظرة
المسحيين (وارياسماج) من الهندوس إلى مناظرة علماء المسلمين، وكان لا يناظر إلا
بالقرآن معرضاً عن الأحاديث وأقوال الصحابة واشتهر أمره حتى صرح بطلب المبارزة،
حينئذ أمرت بيكم بهوبال الشيخ محمد بشير أن يتوجه إلى دلهي لمناظرة المرزا، ولما
لم يرض مرزا بالمناظرة الشفوية تناظرا كتابة وهما في دلهي وكل منهما في محله.
كان مرزا يصرح بموت المسيح مستدلاً بقوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ
وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} فعارضه الشيخ مثبتاً حياة المسيح بقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ
مَوْتِهِ} ثم أخذ مرزاً على عادته يجادل
بالتأويلات وينتقد القواعد النحوية والصرفية ليستدل على أن الآية لا تثبت حياة
المسيح. فرد عليه الشيخ بأجوبة لم يستطع ردها، فانقطع عن المناظرة معتذراً بأن
أحد أقاربه بقاديان مريض وأنه سيسافر لعيادته، وجميع المكاتبات التي دارت في هذه
المناظرة حتى انقطع المرزا مدونة في كتاب (الحق الصريح، في إثبات حياة
المسيح) وهو مطبوع وكانت تلك المناظرة في سنة 1312هـ.
وفي مدة إقامته في دلهي كتب رسالة سماها (القول المحمود في رد السود)(1) وكان
أصل تلك المسألة من الشيخ نذير أحمد الدهلوي.
ومن مفردات الشيخ أنه كان يجيز الأضحية إلى آخر ذي الحجة، وخالفه أهل العلم في
ذلك فجمع كتاباً استدل فيه على رأيه بأقوال أهل العلم فجاء كتاباً ضخما ولكنه لم
يطبع - وصنف كتاباً مبسوطاً في مسألة القراءة خلف الإمام سماه (البرهان العجاب،
في مسألة فرضية أم الكتاب) طبع بعد وفاته وله غير ذلك رسائل دينية منسوبة إلى
بعض تلاميذه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي الربا والسود لغة أوردية.
|
ص -284-
|
وكانت عادة الشيخ مدة مقامه في دلهي أن يعقد
مجالس للتدريس في جميع العلوم ومن ذلك ساعتان بعد صلاة الصبح لتفسير القرآن
بالحديث(1) وكان الناس يحضرون من أماكن بعيدة لاستماع هذا الدرس بشوق عظيم.
توفي -رحمه الله- في دلهي سنة 1326هـ وكان عمره حينئذ أربعاً وسبعين سنة (إنا
لله وإنا إليه راجعون) طيب الله ثراه، وجعل الجنة مثواه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل الأصل بالمأثور لأن الأحاديث المرفوعة في التفسير قليلة وكذا الموقوفة.
|
ص -285-
|
محمود شكري الألوسي
هو العالم العلامة المؤلف اللغوي، الأديب
المصلح أبو المعالي السيد محمود شكري ابن السيد عبد الله بن السيد محمود شهاب
الدين(1) الألوسي. ولد سنة ألف ومائتين واثنتين وسبعين من الهجرة في أسرة عريقة
في المجد والنسب ومعروفة بالعلم والدين وتلقي العلم عن أبيه وعمه أبي البركات
نعمان خير(2) الدين الألوسي والشيخ إسماعيل بن مصطفى الموصلي والسيد محمد أمين
الخراساني والفارسي وغيرهم. وتقدم في العلوم العقلية والنقلية ودرس وألف فذاع
صيته وقصده الناس من بلدان متعددة فكان زعيماً من زعماء النهضة الدينية ورائداً
من رواد العلم والأدب وداعياً من دعاة الإصلاح. حارب البدع والخرافات ودعا إلى
نهج السلف الصالح، وهاجم التصوف وطرقه وكان مثالاً للعالم الجرئ أمام الدولة
العثمانية وفترة الاحتلال الإنكليزية للعراق.
ألف مؤلفات كثيرة في الدين واللغة والتاريخ والأدب والعلم منها:
بلوغ الإرب في أحوال العرب (ط) -أخبار بغداد وما جاورها من البلدان- الدلائل
العقلية على ختم الرسالة المحمدية -غاية الأماني في الرد(3) على النبهاني (ط) -
الآية الكبرى على ضلال النبهاني في رائيته الصغرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمود شهاب الدين: هو صاحب التفسير المسمى روح المعاني.
(2) صاحب كتاب جلاء العينين في محاكمة الأحمدين.
(3) لم يذكر اسمه الواضح في غاية الأماني بل استعار له اسماً غير اسمه هو: أبو
المعالي السلامي الشافعي فرقاً من الدولة العثمانية آنذاك.
|
ص -286-
|
فتح المنان في الرد على صلح الأخوان(1) (ط)
-سعادة الدارين في شرح حديث الثقلين - رد على الشيعة - فصل الخطاب في مسائل
الجاهلية للإمام محمد بن عبد الوهاب (ط) - الضرائر فيما يسوغ الشاعر دون الناثر
- بدائع الإنشاء - الأجوبة المرضية على الأسئلة المنطقية - ما دل عليه القرآن
مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان (ط) - السيوف المشرقة مختصر الصواعقة
المحرقة - صيب العذاب على من سب الأصحاب - رد به على محمد الطباطبائي الشيعي -
مختصر التحفة الاثني عشرية الأصل للشاه عبد العزيز حكيم الدهلوي باللغة الفارسية
إلى العربية سنة 1337هـ الشيخ الحافظ غلام محمد بن محي الدين عمر الأسلمي
واختصره وهذبه سنة 1301هـ السيد محمود الألوسي المترجم. طبع بالمطبعة السلفية.
حاشية على كتاب بلوغ الإرب من تحقيق استعارات العرب(2) توجد مخطوطة بدار الكتب
الوطنية بمدينة الرياض.
كان السيد محمود شكري الألوسي -رحمه الله- يحسن اللغة الفارسية والتركية وله بعض
الرسائل المترجمة إلى العربية من هاتين اللغتين.تتلمذ عليه خلائق لا يحصون من
أهل العراق وغيرهم وأخذ عنه العلم من أهل نجد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع،
والشيخ علي بن سليمان آل يوسف القصيمي، صاحب كتاب "اربح البضاعة في معتقد
أهل السنة والجماعة" توفي المترجم السيد محمود شكري في بغداد سنة ألف و
ثلاثمائة واثنتين وأربعين من الهجرة: وأوسع ما كتب عنه كتاب (محمود شكري الألوسي
وآراؤه اللغوية) لتلميذه الأستاذ محمد بهجت الأثري -رحمه الله محمود شكري وغفر
له- وصلى الله على محمد وآله وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فتح المنان رد به على صلح الأخوان، لداود بن سليمان بن جرجيس البغدادي وكان
الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن رد على داود ومات قبل إكمال رده، فأكمل
رده الشيخ عبد اللطيف السيد محمود شكري. وسمى التتمة فتح المنان.
(2) الأصل لعبد الملك بن عصام وجاء في آخر الحاشية ما نصه (تمت حاشية ابن عصام
بقلم الحقير محمد بن حجاج رستم في سنة اثنتين وسبعين ومائتين بعد الألف).
|
ص -287-
|
السيد رشيد رضا
هو العلامة السلفي رشيد بن علي
رضا بن محمد شمس الدين منلا علي خليفة القلموني البغدادي الأصل الحسيني النسب.
مولده:
ولد يوم الأربعاء في السابع والعشرين من شهر جمادى الأولى عام
ألف ومائتين واثنين وثمانين للهجرة، الموافق الثامن عشر من شهر تشرين الأول سنة
ألف وثمانمائة وخمسة وستين ميلادية في قرية قلمون الواقعة على شاطئ البحر على
بعد زهاء خمسة كيلومترات إلى الجنوب من طرابلس الشام، ولد بهذه القرية ونشأ بها
وتعلم في مدرسة قلمون قواعد الحساب والخط والقراءة بما فيها قراءة القرآن
الكريم. ثم دخل المدرسة الرشدية بطرابلس الشام وهي مدرسة ابتدائية تابعة للدولة
العثمانية وكان التعليم فيها باللغة التركية فمكث بها سنة ثم تركها والتحق
بالمدرسة الوطنية الإسلامية وهي مدرسة أنشأها الشيخ حسين الجسر الأزهري -رحمه
الله- وكان التعليم في هذه المدرسة يجري باللغة العربية مضافاً إليها اللغتان
التركية والفرنسية وفي هذه المدرسة توسع في دراسة العلوم العربية والشرعية ودرس
المنطق والرياضة والفلسفة غير أن هذه المدرسة أغلقتها السلطات العثمانية، فانتقل
إلى المدارس الدينية بطرابلس وبقي فيها حتى تحصل على الشهادة العالية ثم واصل
تعليمه ودراسته الحرة على أستاذه
|
ص -288-
|
الشيخ حسن
الجسر(1) الذي أجازه في التدريس وكان له أثر عظيم في تنشئته وتوجيهه الوجهة
العلمية النافعة كما أخذ علم الحديث والفقه الشافعي عن الشيخ محمود نشابة إلى
جانب استفادته أدبياً ودينياً من الشيخ عبد الغني الرافعي والشيخ محمد القاوقجي
الكبير، وكان له أثناء الطلب مطالعة في كتاب الأغاني للأصفهاني وكتاب نهج
البلاغة، وكتاب الأحياء لأبي حامد الغزالي وقد أثر فيه حيث جعله يميل إلى الزهد
والتقشف، وكان له من ذكائه الفطري ونور البصيرة ما جعله يعرف الضار من كتاب
الأحياء فيدع الأخذ به كعقيدة الجبرية والأشعرية والشطحات الصوفية وبعض
التأويلات المبتدعة ومع ذلك بقي عنده شيء من الميول إلى العزلة والتقشف ولذا
انتدب إماماً بمجد القرية الذي بناه جده فصار يؤم الناس فيه ويعظهم ثم بدا له ما
غير وجهته حيث عثر بمكتبة والده الزاخرة بالكتب على بعض أعداد مجلة العروة
الوثقى فقرأها وأعجب بها وكاد يحفظها وكاتب مؤسسها الأفغاني مبديا رغبته في
لقائه فعاجلت المنية الأفغاني قبل أن يراه السيد رشيد رضا، فالتقى بالسيد محمد
عبده مرتين في طرابلس في زيارتين قصيرتين فأعجب به ورغب في الاتصال به، وعزم على
الرحيل إليه بمصر سنة 1314هـ الموافق سنة 1896م وهي السنة التي توفي فيها
الأفغاني وكان قد نال شهادة التدريس العالمية من شيوخه بطرابلس وكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو العالم الشيخ حسين الجسر بكسر الجيم بن محمد بن مصطفى الجسر أديب وفقيه
ولد بطرابلس الشام سنة 1261هـ (1845 ميلادية) وتلقى مبادئ العلوم على صهره عبد
القادر الرافعي ورحل إلى مصر والتحق بالأزهر وعاد إلى طرابلس سنة 1284 هـ 1867
ميلادية واشتغل بالفقه والصحافة وأنشأ جريدة طرابلس وأسس مدرسة وتوفر على
التأليف له: (نزهة الفكر) في ترجمة أبيه وله رياض طرابلس عشرة أجزاء مجموعة
دراسات والرسالة المحمدية في حقيقة الديانة الإسلامية وإشارات الطاعة في حكم
صلاة الجماعة. والكواكب الدرية في الفنون الأدبية (خ) وله نظم شعر كثير وله سيرة
مهذب الدين توفي عام 1327هـ الموافق 1909ميلادية وخلف ابناً فقيها هو محمد الجسر
توفي عام 1353هـ رحمه الله ووالده وجميع المسلمين وقد ترجم للشيخ حسين الجسر
ترجمة مطولة الشيخ محمد رشيد رضا في مجلة المنار 1327هـ - رحم الله الجميع وغفر
لهم.
|
ص -289-
|
والده يأبى عليه السفر، فلم يزل به حتى أراه
وسمح له فسافر إلى مصر بطريق البحر من بيروت فوصل الإسكندرية مساء الجمعة الثالث
من كانون الثاني سنة 1898م 1315هـ ووصل القاهرة يوم السبت في الثامن عشر من شهر
كانون الثاني سنة 1898م الموافق 1315هـ وفي ضحوه اليوم التالي ذهب إلى دار الشيخ
محمد عبده في الناصرية لزيارته فقابله وصارحه القول في الغرض من هجرته إلى مصر
وأخذ يتردد على داره ويقابله الشيخ محمد عبده كل مرة مقابلة ود وإجلال فتوثقت
أواصل الأخوة والصداقة بينهما فاستشاره في اختيار اسم المجلة التي يزمع إصدارها
وقدم له عدة أسماء فوقع الشيخ محمد عبده على اسم "المنار".
سنة إنشاء مجلة المنار:
فأنشأ مجلة المنار في مدينة القاهرة سنة 1315هـ الموافق 1898م وصدر العدد الأول
منها في الثاني والعشرين من شهر شوال عام 1315هـ وكانت أول سنتها غرة ذي القعدة
ثم صارت في أول محرم وأصبحت السنة الهجرية هي سنة مجلة المنار الحسابية منذ
السنة الخامسة 1320هـ فأخذ السيد رشيد رضا يقاوم على صفحات مجلة المنار البدع
والخرافات التي أضرت بالمسلمين وألصقت بالدين، ويحارب العقائد الزائفة ويحث فيها
على ضرورة التعليم وحسن التربية والتوجيه ويحث على كثرة إنشاء المدارس لأنها
السبيل الوحيد لإزاحة الجهل وإصلاح أعمال الدنيا والدين. وكان ينشر في مجلة
المنار لكثير من العلماء والمصلحين وينشر ما كان يقتبسه من دروس شيخه الشيخ محمد
عبده ومجالسه بعبارة صحيحة فصيحة يعتز شيخه بعزوها إليه حتى استطاع أن ينشر فضل
شيخه ويوجد له تلاميذاً ما كانوا يعرفون شيئاً عن الشيخ محمد عبده إلا من مجلة
المنار ومطبوعاتها. وكان مسموع الكلية عند الشيخ محمد عبده، فكثيراً ما يشير
عليه بأن يفيد في تحقيق رسالة الإصلاح فيأخذ بمشورته فهو الذي حمله بالإلحاح على
قراءة التفسير الذي كان يكتبه بمجلة المنار في الجامع الأزهر
|
ص -290-
|
وأتاه بكتاب أسرار البلاغة من طرابلس
وحمله على تصحيحه وتدريسه في الأزهر فجدد البلاغة العربية بعد أن جمدت وتلاشت في
كتب المتأخرين المقتضبة والمقعدة، وكان الشيخ محمد عبده يعرف للسيد رشيد غزارة
علمه وسعة باعه واطلاعه في العلوم، ويعرف له قدرته على الكفاح والنضال وشغفه
بتأدية رسالة العلم والإصلاح فرشحه في مرض موته أن يكون خليفة له بهذه الأبيات
التالية:
فيا رب إن قدرت رجعي قريبة
إلى عالم الأرواح وانفض خاتم
فبارك على الإسلام وارزقه مرشداً
(رشيدا) يضيء النهج والليل قائم
فتوفي الشيخ محمد عبده سنة 1323هـ الموافق 1905م فخلفه الشيخ رشيد رضا فصمد في
ميدان الكفاح والقيام بأعباء الدعوة والإصلاح حتى آخر رمق من حياته -يرحمه
الله-.
معهد الدعوة والإرشاد:
ورحل بعد وفاة شيخه الشيخ محمد عبده بأربع سنوات إلى الآستانة للسعي في إنشاء
معهد إسلامي يخرج علماء مبرزين يرسلون إلى جميع الأقطار دعاة إلى الإسلام. وبعد
مقابلات عديدة لأعضاء الحكومة العثمانية وأركان جمعية الاتحاد والترقي وشيخ
الإسلام في الآستانة تكللت جهوده بالنجاح وصدرت الإرادة بالموافقة على اقتراحاته
وصدر الأمر العالي بإنشاء جمعية العلم والإرشاد على أن يكون لها دائرة باسمها ويتربى
ويتعلم في هذه المدرسة طائفة من الطلاب على نفقة المدرسة فهي تنفق عليهم لا
يكلفون طعاماً ولا شراباً ولا لباساً.
تأسست دار الدعوة والإرشاد وفتحت أبوابها في الثاني عشر من ربيع الأول عام
1330هـ الموافق 1912م فعمل الشيخ محمد رشيد وكيلاً لجامعة الدعوة والإرشاد
وناظراً للمدرسة فمضى على إنشاء دار الدعوة والإرشاد ثلاث سنوات إلا قليلاً ثم
قامت الحرب العالمية الكبرى عام 1333هـ الموافق عام 1914 م وأوقفت المساعدات
التي كانت تأتيها من الحكومة المصرية
|
ص -291-
|
فاضطرت أن تكتفي بمن فيها من الطلب ثم أغلقت
أبوابها نهائياً عام 1916م واستمر -رحمه الله- في إصدار مجلة المنار وطبع الكتب
التجارية بمطبعتها وتأليف الكتب النافعة، وقد بلغت مجلة المنار قبيل وفاته 34
مجلداً وكان -يرحمه الله- سلفياً باطناً وظاهراً لا تشوب سلفيته شائبة فلسفية أو
أشعرية على طريقة علماء السلف الصالح كالإمام أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة
مقتدياً بشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية نظر الله وجهه وبرد مضجعه
وللسيد رشيد رضا اجتهاديات فرعية انفرد بها عن جمهرة العلماء من المفسرين
والفقهاء منها أنه يرى أن الوصية المذكورة في قول الله تعالى: {كُتِبَ
عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ ... الْمُتَّقِينَ} يرى أن
هذه الآية غير منسوخة بآية المواريث ولا بحديث: "لا وصية لوارث".
ويخالفهم في تفسير آية التيمم وهي قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ
عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ.. وَأَيْدِيكُمْ} فيرى أن المسافر يجوز له
التيمم ولو كان الماء موجوداً بين يديه ولا عذر من استعماله ويجادل في مسألة
(الوصية والتيمم) وينتصر لرأيه -رحمه الله- بحجج لا تقوى على معارضته حجج
الجمهور وأدلتهم القوية التي لا ينهض لمخالفتها ما عداها من الأدلة الضعيفة.
مؤلفاته:
ألف مؤلفات كثيرة منها:
1- تفسير القرآن المشهور بتفسير المنار ثلاثة عشر مجلداً طبع وصل فيه إلى قوله
تعالى: (ذلك ليعلم أني لم أخنه ... الخائنين)(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كان شيخنا علامة الشام الشيخ محمد بهجت البيطار الدمشقي بدأ في إكمال تفسير
المنار من حيث وقف قلم السيد رشيد رضا وقد أطلعني فضيلته عام 1364هـ بمدينة
الطائف على ملازم مخطوطة. من تفسيره لسورة يوسف ولا أدري بعد ذلك هل استمر
فضيلته في مواصلة تفسير ما بدأ به من إكماله لتفسير المنار أم لا.
|
ص -292-
|
1- إنجيل برنابا.
2- المسلمون والقبط.
3- عقيدة الصلب والفداء.
4- تاريخ الأستاذ محمد عبده المصري ثلاث مجلدات (ط) سجل فيه زيادة على ذلك حياة
مصر وتاريخها في ذلك العهد.
5- الوحي المحمدي (ط).
6- الإسلام وأصول التشريع العام (ط).
7- الخلافة (ط).
8- الوهابيون والحجاز (ط).
9- محاورات المصلح والمقلد (ط).
10- ذكرى المولد النبوي (ط).
11- شبهات النصارى وحجج الإسلام (ط).
12- نداء الجنس اللطيف يوم المولد النبوي (ط).
13- السنة والشيعة -كتيب صغير (ط).
14- منسك صغير في أحكام الحج وبيان أسراره (ط).
15- الربا والمعاملات في الإسلام كتب مقدمته وأتمه شيخنا أبو اليسار الشيخ محمد
بهجت البيطار الدمشقي (ط).
16- فتاوى السيد رشيد ستة مجلدات، جمعها من أجزاء مجلة المنار. وحققها وقام
بطبعها في مطبعة دار الكتاب عام 1390هـ صلاح الدين المنجد.
17- كتاب الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية والرفاعية.
18- الوحدة الإسلامية.
19- يسر الإسلام وأصول التشريع العام.
20- مساواة الرجل بالمرأة.
|
ص -293-
|
1- رسالة أبي حامد
الغزالي.
2- المقصورة الرشيدية (قصيدة).
وللسيد رشيد رضا غير هذه المؤلفات ساقها شكيب أرسلان في كتابه
(محمد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة) وقال عنها بالحرف الواحد: (هذه مؤلفات هذا
الرجل الذي لم يضع ساعة واحدة من حياته بلا عمل مفيد للإنسانية عموماً وللإسلام
خصوصاً).
استمر السيد رشيد رضا في محاربة البدع والنضال عن عقيدة الإسلام
إلى أن توفي فجأة عام 1354هـ ودفن في القاهرة وحزن عليه المسلمون ورثاه العلماء
والأدباء في جميع الأقطار وخلف ابنين هما المعتصم وشفيع، ولما بلغ نعيه الحجاز
رثاه الشيخ يوسف ياسين برثاء مطلعه: (دمعة تلميذ على أستاذه) نشر في جريدة أم
القرى عدد 560 السنة الثانية عشر الموافق يوم الجمعة عاشر جمادى الثانية سنة
1354هـ ورثاه عبد الظاهر أبو السمح بهذه القصيدة(1) التالية:
أي خطب دها وأي مصاب
|
خبروني فقد نكرت صوابي
|
أحقيق قضى رشيد فأسمى
|
صامتاً لا يحير رد الجواب
|
أحقيق هوى منير الدياجي
|
من سماء العلا وحق
اكتئابي
|
أحقيق غاض الخصم ودك الـ
|
ـطود في مصر يا له من
مصاب
|
أي إمام الهدى أعرني
لساناً
|
كان فيه الهدى وفصل
الخطاب
|
وذكاءً يمده نور علم
|
ويراعا يجول في كل باب
|
وأعرني لآلئاً كنت تمليـ
|
ـها هدى من بليغ آي
الكتاب
|
فلعلي أصوغ منها المرائي
|
باكيات ولا بكاء السحاب
|
ولعلي أفي ببعض حقوق
|
لفقيد الإسلام محيي
الشباب
|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشرت لأبي السمح في جريدة أم القرى عدد 562 السنة الثانية عشر الموافق يوم
الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة سنة 1354هـ.
|
ص -294-
|
من لنا اليوم بعد موتك
يفتي
|
ويبين الصواب دون ارتياب
|
ويرد الضلال من غير عي
|
ويرد العدا على الأعتاب
|
من لتفسيرك المحكم من ذا
|
لمنار في الحق ليس يحابي
|
من يحل العويص من
المشكلات
|
من يجلي مخدرات الكتاب
|
من يسد الفراغ بعد رشيد
|
من يبين السبيل للطلاب
|
كان ملء العيون علماً
وفضلاً
|
حجة في العلوم والآداب
|
سلفياً محققاً مستقل الـ
|
فكر حر الضمير حلو الخطاب
|
المعيا مناظراً لا يجاري
|
وبليغاً من أبلغ الكتاب
|
وخطيبا ومصقعاً علوياً
|
باسق الأصل في ذرا
الأنساب
|
محييا سنة للنبي
بعلم
|
ومميتا لبدعة وكذاب
|
داعياً للإله في حين يدعو
|
علماء الضلال والأنصاب
|
حارب الشرك والفجور بعزم
|
دونه مرهف القنا والحراب
|
فتوالت عليه شتى خطوب
|
من أناس كثيرة كالذباب
|
وتعادت عليه مثل ذئاب
|
وهو كالبدر لم ينل
باصطخاب
|
ومضى ناصحاً بغير التفات
|
لأذى ملحد وأهل كتاب
|
غير راج من الخلائق أجراً
|
لا ولا خائف ولا هياب
|
كم أهاب الرشيد بالشرق
حتى
|
صادعاً بالحق المبين إذا
ما
|
أشرقت شمسه بغير حجاب
|
شغلت غيره ذوات الخضاب
|
لا يبالي بمدحه الناس
يوماً
|
وهو أهلي لها ولا بسباب
|
فاقرأ الوحي(1) إن أردت
رشادا
|
ومناراً دليلة كالشهاب
|
كم تمنى لشرعة الحق نصرا
|
وعلواً على جميع الرقاب
|
كم أماط اللثام عنها وجلى
|
وسبانا بحسنها الخلاب
|
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى كتاب الوحي المحمدي تأليف العلامة الفقيد.
|
ص -295-
|
شعلة أطفأت وشمس توارت
|
وي كأن الحياة لمع سراب
|
ليت شعري أتائب حاسدوه
|
بعد هذا لربنا التواب
|
كل حي إلى الفناء سيمضي
|
ومسوق جميعنا للتراب
|
رب إن المصاب فيه عظيم
|
ضاق فينا ذرعاً أولو
الألباب
|
رب أفرغ على القلوب
اصطباراً
|
وامنحن الفقيد حسن الثواب
|
آخرها - رحم الله السيد رشيد رضا وعفا عنه وغفر له -. هذا ولا يفوتنا أن نذكر أن
السيد رشيد رضا -رحمه الله قام برحلات عديدة إلى كثير من أقطار نحيل القارئ إلى
ما كتب هو عنها في أعداد مجلة المنار حيث وضعنا لذلك ملحاً خاصاً خلف هذه
الترجمة يحمل أرقام الصفحات والأجزاء مع الإشارة إلى ذكر السنوات .. وكذلك ذكرنا
في هذا الملحق ما كتب عن السيد رشيد رضا -رحمه الله وغفر له- وصلى الله على محمد
وآله وصحبه وسلم.
|
ص -296-
|
ملخص خاص رحلات السيد رشيد رضا
وذكر بعض من كتب عنه
1- (سياحته في سوريا "المنار ج11" سنة 1908 ميلادية ص706 - 716 وص 874
وص 936 - 953: وج 12 سنة 1909ملادية ص 150 - 159).
2- رحلته إلى القسطنطينية المنار ج12 سنة 1909 ميلادية ص 956 - 959: وج13 سنة
1910م ص145 - 150: وص 314 - 316: وص 748 - 752).
3- رحلته إلى الهند بعنوان لحلتنا الهندية العربية المنار ج16 سنة 1913م ص396 -
399.
4- رحلة الحجاز المنار ج19 سنة 1916م ص 307 - 310: وص 466 - 482: وص 563 - 574
وج20 سنة 1917م ص 108 126 وص 150 - 159 وص 192 - 199: وص 236 - 246: وص 276 -
288 وص 316 - 328: وص 352 363)(1).
5- رحلته السورية الثانية المنار ج21 سنة 1920م ص 377 - 382
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أيام فيصل بن الحسين وانتخب رئيساً للمؤتمر السوري فيها وغادرها في السنة
نفسها وذلك على أثر دخول الفرنسيين: وحج عام 1344هـ الموافق 1926م وحضر المؤتمر
الإسلامي الذي عقده جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود بمكة
المكرمة -رحمه الله وغفر له. وكان السيد رشيد موضع الحفاوة والتبجيل والإكرام من
إمام المسلمين في حياته الملك عبد العزيز آل سعود موضع الإكرام من إخوانه من
علماء المملكة العربية السعودية.
|
ص -297-
|
وص 428 - 433 وص 498 - 504 وج22 سنة 1921م وص
155 - 160: وص 390 - 397: وص 617 - 623 وص 768 - 785 - وج 23 سنة 1922م ص 141 -
147 وص 235 - 240 وص 313 - 317 وص 390 - 396.
1- رحلته إلى أوربا المنار ج 23 سنة 1922م ص114 - 119: وص 306 - 313 وص 383 -
390 وص 441 - 448 وص 553 - 560 وص 635 - 640.
بعض من كتب عن السيد رشيد رضا
1- المغربي عبد القادر: كيف ارتاد الشيخ مصر (الرسالة ج3 سنة 1935م ص1452 -
1456).
2- أرسلان شكيب: السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة (ط) في دمشق بمطبعة ابن
زيدون عام 1937م.
3- العقاد عباس محمود بعنوان: عالم فذ لا يعني بالمعارف العصرية نشر في المصور
عدد 1276 حزيران سنة 1949م.
4- اليازجي إبراهيم: نحن والمنار نشر في مجلة الضياء ج5 سنة 1903م ص 5565.
5- مجلة الهلال: (مجلة المنار) نشر في مجلة الهلال ج6 عام 1898م ص 590 وج 7 عام
1899م ص 319: وج 10 عام 1902 ص 482 وج16 عام 1907م ص189.
6- مجلة المقتطف: الاحتفال بالمنار نشر في مجلة المقتطف ج33 عام 1908م ص 79 -
80.
7- الشيخ محمد بهجت البيطار: المصاب بوفاة السيد الإمام رشيد رضا منشيء المنار
نشر في مجلة المجتمع العربي ج15 عام 1935م ص365 - 374 وص 4740480.
8- أمين عبد الله: السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار والأستاذ عباس
|
ص -298-
|
محمود العقاد في مجلة المقتطف ج115 سنة
1949م.
1- أبو رية محمود: السيد رشيد رضا بمناسبة الذكرى التاسعة لوفاته نشر في مجلة
الرسالة ج18 عام 1950 ص 1079 - 1082.
2- عيسى عبد الجليل: (محمد رشيد رضا). نشر في الرسالة ام 1950م ص1079 - 1082
(؟).
3- مبارك زكي الدكاترة (الحديث ذو شجون) نشر في الرسالة ج11 عام 1943م ص604-605.
4- محيسن حامد: (محمد رشيد رضا) نشر في الرسالة ج18 عام 1950م ص1142 وص 1144.
وقد صدرت بعض الدراسات أو الترجمات عنه منها:
1- الصعيدي عبد المعتال: المجددون في الإسلام صدر في القاهرة مكتبة الآداب بدون
تأريخ ص 539 - 544.
2- العدوي إبراهيم: رشيد رضا الإمام المجاهد - القاهرة الدار المصرية للتأليف
والترجمة عام 1964.
3- أحمد الشرباصي: رشيد رضا صاحب المنار صدر عام 1391هـ 1971م.
وذكرته أيضاً معاجم الأعلام والمؤلفين نذكر منها:
1- سركيس يوسف إليان معجم المطبوعات العربية والمعربة القاهرة، عام 1928م عمود
935 - 936.
2- خير الدين الزركلي: الأعلام الطبعة الثانية، القاهرة عام 1954م ج6 ص 361 -
362.
3- كحالة عمر رضا: معجم المؤلفين دمشق عام 1957م ج9 ص 310 - 312 انتهى نقلاً عن
المجلد الأولى من فتاوى الإمام محمد رشيد رضا جمع وتحقيق الدكتور صلاح الدين
المنجد ويوسف خوري مع تصرف قليل بزيادة وحذف.
|
ص -299-
|
الشيخ أبو بكر خوقير
هو الشيخ التقي المحقق أبو بكر ابن الشيخ
محمد عارف الإمام بالمسجد الحرام ابن العلامة الشيخ عبد القادر بن محمد علي
خوقير الكتبي الحنبلي.
ولد -رحمه الله- سنة 1284هـ بمكة المكرمة وبعد أن قرأ القرآن اشتغل بطلب العلم
من صغره وكان شغوفاً بكتب الحديث والعكوف على مطالعتها.
كان -رحمه الله- يسافر إلى الهند لجلب كتب السلف ونشرها بمكة وينتهز الفرصة
فيتلقى العلم عن علماء الهند الأعلام. استمع إليه وهو يحدث تلميذه الشيخ عبد
الستار الدهلوي فيقول -رحمه الله-: رويت عن مشائخ معروفين مشهورين بعلو الإسناد
منهم الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني والقاضي أحمد بن إبراهيم بن عيسى(1)
والشيخ محمد الأنصاري والشيخ محمد بن عبد العزيز الهاشمي الجعفري الهندي وأحمد
دحلان والشيخ عبد الرحمن سراج مفتي مكة، وكنت أحضر درسه في التفسير وراء المقام
الحنفي وكان له فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى من قبيلة بني زيد المعروفين بشقراء وغيرها
من بلدان الوشم، جاور بمكة عدة سنوات ثم رجع إلى نجد وتولى قضاء المجمعة وتوفي
بها سنة 1329 هـ وهو الذي اتصل بالشريف عون بن محمد بن عبد المعين بن عون وأقنعه
بإزالة القباب المشادة على القبور فأمر الشريف بهدمها وفي هذا الكتاب ترجمة
للشيخ أحمد بن عيسى المذكور.
|
ص -300-
|