تابع لطرق التخريج بحسب الراوي
الأعلى |
الفصل الثاني |
التخريج
من طريق معرفة الصحابة |
وهو في
ثلاثة مباحث: |
المبحث
الأول: التعريف بكتب الصحابة. |
المبحث
الثاني: التعريف بالمعجم الكبير للإمام الطبراني. |
المبحث
الثالث: طريقة الوصول إلى الحديث فيه. |
المبحث
الأول: التعريف بكتب الصحابة: |
المطلب
الأول: تعريف الصحابي: |
لغة:
الصحابي اسم مشتق من الصحبة، وهي مصدر: صَحِب يَصْحَب بمعنى لزم وانقاد قال أبو
عبيد: "صحبت الرجل من الصحبة، وأَصْحَبْتُ أي: انقدت له"[1]، ويقول الأزهري - ت 370هـ -: "كل شيء لازم شيئاً فقد
استصحبه"[2]، ويقول ابن منظور: "الصاحب المعاشر"[3]، ويدل على هذه المعاني قول الله تعالى:{فَقَالَ لِصَاحِبهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ}[4]، وقوله جل شأنه: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ}[5]، وقوله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَـا}[6]، وقوله: {أُولَـئِـكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ}[7]. |
اصطلاحاً:
الصحابي، هو: "من لقي النبي مؤمناً به، ومات على الإسلام". |
ويدخل
في ذلك كل من طالت مجالسته للنبي صلى الله عليه وسلم أو قصرت، ومن روى ومن لم
يرو عنه، قال الإمام البخاري: "من صحب النبي صلى الله عليه وسلم، أو رآه من المسلمين، فهو من أصحابه"[8]، وقال النووي - ت676هـ-: "الصحيح الذي قاله
المحدثون والمحققون من غيرهم أنه: كل مسلم رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة" [9]، ويقول الحافظ ابن حجر: "أصح ما وقفت عليه من ذلك أن
الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم
مؤمناً به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه: من طالت مجالسته له أو قصرت"[10]. |
المطلب
الثاني: أسماء كتب الصحابة: |
تسمى
المؤلفات المفردة في معرفة الصحابة بهذا الاسم - أي: معرفة الصحابة -، كصنيع أبي
نُعيم الأصبهاني، كما تسمى أيضاً: معاجم الصحابة، كصنيع ابن قانع، هذا في الغالب،
ومنها ما يُسمى بغير ذلك. |
والمقصود
هنا: ما رُتب منها بحسب أسماء الصحابة وساق فيه المؤلف المرويات الدالة على صحبة
الصحابي، أو ذكر فضائله، وبعض مروياته؛ لأنه سبب إيراد كتب الصحابة في طرق
التخريج، كما أنه الأصل في كتب معرفة الصحابة، مع ما يعرف به الصحابي من ذكر:
اسمه ونسبه ونسبته، وأحواله ونحو ذلك، ويشمل ذلك أيضاً صنيع الطبراني في معجمه
الكبير، وقد أطال في مواضع كثيرة بذكر المرويات، على أن لهذه الإطالة فوائدها
الكثيرة التي لا تخفى ولا سيما لمن يروي بالإسناد، وقد صرح الطبراني في مقدمة
معجمه الكبير أنه ألفه في معرفة الصحابة حيث يقول: "هذا
كتاب ألفناه جامع لعدد ما انتهى إلينا ممن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء على حروف ألف ب ت ث، بدأت فيه بالعشرة رضي الله عنهم؛
لأن لا يتقدمهم أحد غيرهم، خَرَّجت عن كل واحد منهم حديثاً وحديثين وثلاثة وأكثر
من ذلك على حسب كثرة رواياتهم وقلِّتها، ومن كان من المقلين خرجت حديثه أجمع،
ومن لم يكن له رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
له ذكر عن أصحابه من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تقدم موته، ذكرته من كتب المغازي وتاريخ العلماء، ليوقف على عدد
الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر
أصحابه رضي الله عنهم" [11]. |
وأما
معاجم الصحابة، وإن كانت في معرفتهم، إلا أنها مرتبة على الحروف الهجائية
ترتيباً دقيقاً - في الغالب - مشرقياً كان أو مغربياً، يقول العلامة محمد بن
جعـفر الكتاني - ت 1345هـ -: "المعاجم: جمع معجم، وهو في
اصطـلاحهم: ما تذكر فيه الأحاديث على ترتيب الصحابة أو الشيوخ أو البلدان أو غير
ذلك، والغالب أن يكونوا مرتبين على حروف الهجاء"[12]، وهذا يشمل كتب معرفة الصحابة، وذكر فضائلهم المرتبة على هذا النحو. |
المطلب
الثالث: علاقتها بالمسانيد: |
تشبه كتب
معرفة الصحابة المسانيد في عدة جوانب، منها: جعل روايات كل صحابي على حدة
والرواية بالإسناد، وتختلف بعض المؤلفات في معرفة الصحابة - وهي: المعاجم - عن
المسانيد من حيث إن المعاجم: تُرتب فيها مسانيد الصحابة ترتيباً هجائياً، بينما
للمسانيد طريقة أخرى في ترتيب مسانيد الصحابة[13]، ونظراً للتشابه بين كتب معرفة الصحابة بعامة، فقد ألحق الحافظ السخاوي
بعض المعاجم بالمسانيد حيث يقول: "وأهلها - يعني أصحاب
المسانيد - منهم من يرتب أسماء الصحابة على حروف المعجم بأن يجعل: أُبي بن كعب،
وأسامة في الهمزة، كالطبراني في معجمه الكبير، ثم الضياء في مختارته التي لم
تكمل، ومنهم من يرتب على القبائل... ومنهم من يرتب على السابقة في الإسلام"[14]، وقد ألحق بها أيضاً كتب الأطراف، وكتب الأطراف هي مداخل وفهارس للمصادر
المسندة، يقتصر فيها غالباً على جزء من المتن، وأما كتب المعاجم والمسانيد، فهي
مصادر أصيلة يروي أصحابها الأحاديث بأسانيدهم، ويسوقون تمام متونها. |
المطلب
الرابع: مرتبتها من جهة الثبوت وعدمه: |
تعتبر
كتب معرفة الصحابة التي تُروى فيها الأحاديث، بعد مرتبة المصادر المصنفة على
الأبواب، فهي مثل المسانيد العامة المشتملة على الثابت وغيره دون بيان العلل،
إلا أن بعضها يرتقي إلى مرتبة المعلّة ككتاب: "معرفة
الصحابة لأبي نُعيم". |
المطلب
الخامس: أنواعها: |
تتنوع
كتب معرفة الصحابة بحسب شموليتها وعدمها إلى أنواع، منها: |
النوع
الأول: كتب شاملة، وهي التي احتوت على عدد كبير من أسماء الصحابة وأخبارهم،
فمنها ما هو مرتب: بحسب حروف المعجم، مثل كتاب: "معجم
الصحابة" لأبي الحسين: عبد الباقي بن قانع -ت351هـ-، وكتاب: "المعجم الكبير" للطبراني، وكتاب: "معرفة الصحابة"، لأبي نُعيم الأصبهاني. |
وهناك
مؤلفات جردت الأحاديث فيها من الإسناد، بحيث يُرجع إليها عند تعذر الوصول إلى
بعض المصادر المسندة، مثل كتاب: "الاستيعاب في معرفة الأصحاب "، لابن عبد البر[15]، و"الإصابة في تمييز الصحابة"، للحافظ ابن حجر. |
ومنها
ما هو مرتب بحسب القبائل، مثل كتاب: "معرفة الصحابة" لأبي أحمد: الحسين بن عبد الله العسكري - ت382 هـ-، وقد نبه السخاوي إلى
أنه مرتب على القبائل[16]، و"الآحاد والمثاني"، لأبي بكر: أحمد بن عمرو بن
الضحاك ابن أبي عاصم الشيباني - ت 287هـ-، وقد استهله مؤلفه بالعشرة المبشرين
بالجنة، وساق الأحاديث بإسناده. |
النوع
الثاني: كتب خاصة: |
لقد
عُني المصنفون بتأليف كتب خاصة في جانب من جوانب معرفة الصحابة، كفضائل الصحابة،
مثل كتاب: "فضائل الصحابة"، للإمام أبي عبد الله: أحمد بن
حنبل، و"خصائص علي بن أبي طالب"، للإمام النسائي، و"فضائل الأنصار" للإمام أبي داود، و"الذرية الطاهرة النبوية"، للحافظ أبي البشر : أحمد بن
حماد الدولابي -ت 310هـ-. |
وكالوحدان
من الصحابة، وهم: من لم يَرْوِ عنهم إلا راو واحد، ككتاب: "المفاريد عن الرسول صلى الله عليه وسلم"
للحافظ أبي يعلى الموصلي، و"المخزون"، للحافظ أبي الفتح: محمد ابن حسن الأزدي - ت374هـ-. |
وكالمعمرين
منهم، مثل كتاب: "من عاش مئة وعشرين سنة من الصحابة"، للحافظ أبي زكريا: يحيى بن مَنْدَه - ت 511هـ-. |
المبحث
الثاني: التعريف بالمعجم الكبير للطبراني[17]: |
التعريف
بالإمام الطبراني: |
هو:
سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطَيْر اللَّخْمي الشامي، أبو القاسم، واشتهر
بنسبته: الطبراني، ولد سنة: 260هـ. |
روى
عن: الإمام أبي زرعة: عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي - ت 281هـ- والإمام أبي علي:
بشر بن موسى الأسدي - ت 288هـ -، والإمام عبد الله بن الإمام أحمد - ت 290هـ -،
والإمام النسائي، وغيرهم. |
وروى
عنه: أبو خليفة: الفضل بن الحباب الجـُمَحي ـ ت 305هـ ـ، والإمام أبو عبد الله:
محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مَنْده الأصبهاني، - ت 395هـ -، صاحب كتابي
الإيمان، والتوحيد -، والإمام أبي بكر: أحمد بن موسى بن مَرْدُويه الأصبهاني -
ت410 هـ-، والإمام أبي نعيم الأصبهاني، والمسند أبي بكر: محمد بن عبد الله بن
أحمد بن إبراهيم بن رِيْذَة الأصبهاني - ت 440هـ-، وهو ممن روى معجم الطبراني
الكبير والصغير[18]. |
وهو:
الإمـام العـلامة الحافـظ الثبت مسند عـصره، قال أبو سعد: عبدالكريم بن محمد
السمعاني - ت 562هـ -: "حافظ عصره، صاحب الرحلة" [19]، وقال ابن عساكر في: "أحد الحفاظ المكثرين والرحالين"[20]، وقال الذهبي: "الإمام الحافظ الثقة الرَّحال
الجوال، محدث الإسلام، علم المعمرين" [21]، وتوفي سنة 360 هـ فعاش قرناً كاملاً. |
التعريف
بمعجمه: |
أولاً:
اسم الكتاب: المعجم الكبير. |
ثانياً:
موضوعه: معرفة الصحابة بذكر أحوالهم وفضائلهم ومروياتهم - أو بعضها - مرتبين
ترتيباً معجمياً، قال الطبراني: "هذا كتاب ألفْناه جامع لعدد ما
انتهى إلينا ممن روى عن رسـول الله صلى الله عليه وسلم من
الرجـال والنساء، على حروف ألف ب ت ث" [22]. |
ثالثاً:
بيان شرط مؤلفه فيه: التزم الطبراني الترتيب المعجمي للصحابة من الرجال والنساء،
- إضافة إلى ما سبق - حيث يقول: "خرجت عن كل واحد منهم حديثاً
وحديثين وثلاثاً وأكثر من ذلك على حسب كثرة روايتهم وقلتها، ومن كان من المقلين
خرجت حديثه أجمع، ومن لم يكن له رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له ذكر من أصحابه من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تقدم موته، ذكرته من كتب المغازي وتاريخ العلماء، ليوقف على عدد
الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر
أصحابه رضي الله عنهم، وسنخرج مسندهم بالاستقصاء "، ومما
سبق يتبين أن الإمام الطبراني اشترط ما يلي: |
1- أن
يخرج عدداً من مرويات كل صحابي مكثر أو متوسط، ولم يخرج لأبي هريرة رضي الله عنه في معجمه هذا؛ لأنه أفرده بمسند مستقل نظراً لكثرة مروياته، يقول
الذهبي: "ليس فيه مسند أبي هريرة، ولا
استوعب حديث الصحابة المكثرين"[23]، ويتنبه إلى أنه لم يشترط استيعاب حديث المكثرين. |
2 -
التزم باستيعاب مرويات المقلين من الصحابة رضوان الله عليهم. |
3 -
التزم بإيراد أسماء الصحابة الذين ليست لهم رواية، وعرف بهم، وذكر فضائلهم - من
مرويات غيرهم -؛ لأن من أهداف تأليفه لهذا المعجم: معرفة الصحابة. |
4 -
التزم بترتيب كل ما سبق على حروف المعجم. |
رابعاً:
بيان مشتملاته [24]: |
1- عدد
الصحابة الذين خَرَّج لهم الطبراني أو أوردهم مترجماً بهم مع التعريف:
"1600" صحابي تقريباً، ولكنه قد يورد المختلف في صحبته وينبه إلى ذلك، مثل صنيعه عند مسند جندب بن كعب حيث يقول: "جندب بن كعب الأزدي: قد اختلف في صحبته"[25]، وعدد مرويات الكتاب المطبوع: "22021" حديثاً تقريباً. |
2-
اشتمل المعجم على المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو
أكثر مرويات الكتاب، وعلى كثير من الموقوف ولا سيما أنه يبدأ بالتعريف بالصحابي،
ويذكر بعض شمائله وفضائله وأقواله، ومن ذلك ما ذكر في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه[26]، ومسند عمر ابن الخطاب رضي الله عنه[27] ومسند أبي عبيدة الجراح رضي الله عنه[28]، وفيه أقوال التابعين ومن دونهم المتعلقة بالتعريف بالصحابة رضوان الله
عليهم، وذكر صفاتهم ونحوها، وقد نبه إلى ذلك في مقدمة المعجم الكبير بقوله: "ومن لم يكن له رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له ذِكر من أصحابه من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تقدم موته، ذكرته من كتب المغازي وتاريخ العلماء"[29]، وهو يروي كل ذلك بالإسناد. |
3 -
اشتمل المعجم على أقوال الطبراني نفسه بالتعريف بالصحابة، وذكر أنسابهم،
وبلدانهم، وسابقتهم، وتواريخ وفياتهم، وهذا من الأمور التي اعتنى بها الإمـام
الطبراني كثيراً، كما اشتمل الكتاب أيضاً على شرح الطبراني للغريب، ومنه قوله: "الحش: البستان"[30]. |
4 -
اشتمل المعجم على بيان اختلاف الرواة في مروياتهم، حيث عُني الطبراني بجمع طرق
الحديث الذي يرويه، وقد يبوب على ذلك، كما صنع في مسند عبد الله بن مسعودرضي الله عنه، حيث يقول: "الاختلاف عن الأعمش في... "[31]، وفي موضع آخر قال: "الاختلاف عن الأعمش في حديث عبد
الله في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى"[32]، وغيره[33]. |
خامساً:
طريقة ترتيبه: |
رتب الطبراني المرويات على مسانيد الصحابة -
في الغالب -، ورتب الصحابة على حروف المعجم – بعامة -، وقسمهم إلى رجال، ونساء،
وتفصيل ذلك كما يلي: |
1 -
رتب المرويات على حسب مسانيد الصحابة رضوان الله عليهم - في الغالب - ولكنه يروي
في مسند الصحابي، أحاديث ليست من روايته، وذلك عند التعريف بهذا الصحابي، وذكر
فضائله، وعند بيان صحبة من ليست له رواية، وهو في أكثر الأحوال، يسوق: ما يتعلق
بنسبة الصحابي، ثم ما يتعلق بصفته، ثم ما يتعلق بسنِّه ووفاته، ثم يبوب بقوله: "ومما أسند". |
2 -
تنوعت طريقته في ترتيب ما يسنده ويرويه الصحابي على أحوال، منها: |
أ -
يصنف مرويات الصحابي على الأبواب الفقهية[34]. |
ب -
يقسم مرويات الصحابي المتوسط الرواية أو مكثرها على تراجم من روى عنهم، فإذا كان
ذلك الراوي عن الصحابي مكثراً أيضاً، قسم مروياته على حسب من روى عن الراوي عن
الصحابي، ومن ذلك: ما صنع عند مسند جابر بن سمرة رضي الله عنه، حيث قال: "سماك بن حرب عن جابر بن سمرة " [35]، ثم قال بعده: "سفيان
الثوري عن سماك" وساق مرويات الثوري من هذا الطريق[36]، ويبدأ برواية الصحابة ( الرجال ثم النساء) عن الصحابة، ثم برواية
التابعين (الرجال ثم النساء) عن الصحابة، وربما رتب تابع التابعين عن الرواة عن
الصحابة على حسب البلدان كما صنع عند مسند: سهل بن سعد رضي الله عنه حيث ترجم بقوله: "ما روى أبو حازم: سلمة بن دينار
عن سهل بن سعد"[37]، ثم ترجم بقوله: "رواية المدنيين عن أبي حازم" وبعد أن ساق مروياتهم، ترجم بقوله: "المكيون
عن أبي حازم"[38]، وبعد أن ساق مروياتهم، ترجم بقوله: "رواية
البصريين عن أبي حازم"[39]، وكذا أيضاً قال: "رواية الكوفيين عن أبي حازم"[40]. |
ج-
يجمع في مرويات الصحابي بين التصنيف على الأبواب الفقهية، وبين تقسيم المرويات
على حسب التراجم، ومنه صنيعه عند مسند جبير بن مطعم رضي الله عنه[41] حيث قسَّم مروياته على حسب من روى عنه، ثم صنف أحاديث هؤلاء الرواة عن
الصحابي، على الأبواب الفقهية[42]. |
د -
أحياناً يبوب بما يدل على اقتصاره على غرائب ما رواه الصحابي، مثل صنيعه عند
مسند أبي ذر رضي
الله عنه، حيث يقول: "من
غرائب مسند أبي ذر" [43]. |
3 -
بدأ مسانيد الرجال من الصحابة بمسانيد العشرة المبشرين بالجنة، وقدم الأربعة
الخلفاء رضوان الله عليهم، ثم ساق باقي الصحابة، ورتبهم على حروف المعجم، وبدأ
بأصحاب الأسماء ثم بأصحاب الكنى، والنساء في قسم مستقل، فبدأ بمسانيد بنات النبي
صلى الله
عليه وسلم ، وقـدم منهن: فاطمة[44]، ثم زينب[45]، ثم رقية[46]، ثم أم كلثوم بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي
الله عنهن، ثم أمامة بنت أبي العاص[47]، وهي: بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أعقبهن بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم
منهن: خديجة[48]، ثم عائشة[49] ثم بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي
الله عنهن، وقد قال في مقدمة مسانيد النساء: "ما
انتهى إلينا من مسند النساء اللاتي روين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجت أسماءهن على حروف المعجم، وبدأت ببنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه لئلا يتقدمهن غيرهن، وكانت فاطمة أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحبهن إليه، فبدأت بها لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها"[50]، ثم ساق بقية النساء على حروف المعجم، وقسمهن كطريقته في تقسيم الرجال،
إلا أنه زاد في النساء: قسم للمبهمات من الصحابيات رضوان الله عليهن. |
سادساً:
طريقة تخريجه للحديث: |
يروي
الطبراني الأحاديث بأنواعها - المرفوع والموقوف وغيرهما - بإسناده إلى منتهاه. |
سابعاً:
أهم مميزاته: |
1-
يعتبر المعجم الكبير للطبراني من مصادر السنة النبوية الأصيلة ذات الأهمية
الجليلة. |
2 -
يعتبر من الموسوعات الكبيرة المسندة. |
3 -
اشتماله على كثير من الزوائد على الكتب الستة. |
4 -
يُعَد من أبرز المصادر الأصيلة في معرفة الصحابة، وذكر أنسابهم ووفياتهم
وفضائلهم. |
ثامناً:
جهود أهل العلم في العناية به: |
طبع
الكتاب بتحقيق العلامة حمدي عبد المجيد السلفي، وقد نبه المحقق إلى أنه سقطت
قطعة من مسانيد العبادلة، كما يوجد سقط في مواضع أخر فاكتفى بتحقيق ما وجده،
وألحق به فهارس متنوعة في آخر كل مجلد، ثم استدرك المحقق (عام 1415هـ) قطعة[51] تشتمل على عدة مسانيد من مرويات العبادلة،
حيث تبدأ من أثناء مرويات عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وتنتهي بمرويات عبد الله أبي يزيد المزني رضي الله عنه، وتحتوي على (475) حديثاً، ولم يفهرس محتواها في كتاب معجم مسانيد
الحديث لسامي التُوني. |
كما
حقق جُزءاً من القطعة السابقة الشيخ أبو معاذ: طارق بن عوض الله[52]، وقد اشتملت على (242) حديثاً، إلا أن ما أخرج العلامة حمدي السلفي أتم. |
وإلى
جانب ذلك فقد عُني أهل العلم بتقريب أحاديث المعجم ضمن أحاديث مصادر أخرى، فمنها
ترتيب أحاديثه على الأبواب الفقهية، مثل كتاب كنز العمال[53]، للعلامة علي بن حسام الدين الهندي - ت 975هـ-، وموسوعة الحديث النبوي
للدكتور عبد الملك بن أبي بكر قاضي. |
ومنها
ترتيب زوائد أحاديثه، مثل كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للعلامة علي بن أبي
بكر الهيثمي - ت 807هـ-، وهو في الزوائد على الكتب الستة، كما أن الإمام ابن
كثير في كتابه جامع المسانيد والسنن، قد عُني بزوائد الطبراني إلا أنه رتبها على
الأسانيد [54]. |
ومنها
ترتيب أوائل ألفاظ متون الأحاديث على حروف المعجم، مثل كتاب موسوعة أطراف الحديث
النبوي الشريف، لأبي هاجر: محمد السعيد بن بسيوني، وفهارس المعجم الكبير
للطبراني، إعداد عدنان عرعور[55]، الذي أورد أيضاً فهرساً بترتيبها بحسب الراوي الأعلى دون ذكر المرويات[56]، ومثله معجم مسانيد كتب الحديث لسامي التُوني[57]. |
المبحث
الثالث: طريقة الوصول إلى الحديث فيه: |
للبحث
عن موضوع الحديث في معجم الكبير للطبراني عدة خطوات، منها: |
الأولى:
أن يستفاد من إسناد ومتن الحديث الذي يراد الوصول إلى مظنته، مثل ما روى سعيد
المسيب عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميت يعذب بما نيح عليه"، فبمعرفة اسم الراوي الأعلى وهو: عبد الله بن عمر يُتوصل إلى مظنة
مروياته داخل المعجم الكبير؛ لأن الطبراني ذكره في حرف العين من الأسماء في قسم
الرجال ونظراً لكبر حجم معجم الطبراني فيمكن أن يستفاد من أحد كتب المداخل
والفهارس التي تسهل الوصول إلى ذلك، مثل: معجم مسانيد كتب الحديث للتُوني حيث
إنه فهرس مرتب بحسب الراوي الأعلى ترتيباً معجمياً دقيقاً، فمن خلاله يُتعرف على
بداية مرويات عبد الله بن عمر في معجم الطبراني الكبير، وبالاستفادة من الفهارس
والمداخل التي تقرب محتوى المعجم يسهل الوصول إلى الحديث المطلوب. |
الثانية:
أن تُتجاوز المرويات التي يسوقها الطبراني في معرفة نسبة الصحابي ونسبه وصفته،
وسنه، ووفاته، حتى يتم الوصول إلى مرويات الصحابي والتي يبوب عليها الطبراني
بقوله: "ومما أسند عبد الله بن عمر" فيبحث فيها. |
الثالثة:
أن يُبحث عن مرويات سعيد بن المسيب عن عبد الله ابن عمر - رضي الله عنهما - كما
في السابق؛ لأن ابن عمر مكثر، وقد قسّم الطبراني مرويات الصحابة المكثرين، بحسب
من روى عنهم لكنه لم يرتبهم على حروف المعجم، ولهذا يلزم الرجوع إلى الفهرس الذي
أعده محقق معجم الطبراني، في آخر المجلد الذي تُوجد فيه مرويات الصحابي، ويُبحث
عن موضع مرويات سعيد بن المسيب عن ابن عمر، فإذا عُرفت الصفحة التي تبين بداية
مرويات سعيد بن المسيب عن ابن عمر، يتم البحث عندئذ عن الحديث المذكور في مرويات
سعيد ابن المسيب عن ابن عمر، حتى يتوصل إليه. |
ومن
الجـدير بالذكر أنه يمكن الوصول إلى أحاديثه عن طريق متنه كأوائل ألفاظه أو
موضوعه، من خلال الفهارس والكتب التي عُنيت بترتيبه على هذا النحو، وتوضيحه في
طرق التخريج بواسطة المتن، فإذا عثر على الحديث المطلوب يتم تخريجه بالعزو إلى
المعجم وفق الأسلوب التوثيقي المعلوم. |
[1] كما في تهذيب التهذيب للأزهري (4/262).
[2] المصدر نفسه.
[3] كما في لسان العرب (1/519 ).
[4] سورة الكهف، آية: (34) .
[5] سورة يوسف، آية: (39).
[6] سورة التوبة، آية: (40).
[7] سورة آل عمران، آية: (116).
[8] في (62 كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، 1 باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
[9] تهذيب الأسماء واللغات (3/173).
[10] الإصابة (1/7).
[11] (1/51).
[12] في الرسالة المستطرفة (135).
[13] تقدم ذكرها في ص: (19، 28، 35، 40).
[14] فتح المغيث شرح ألفية الحديث (2/341).
[15] وهو مرتب على حروف المعجم بحسب طريقة المغاربة في ترتيب حروف الهجاء .
[16] الإعلان بالتوبيخ (95).
[17] خص بهذا التفصيل ؛ لاحتوائه على أحاديث كثيرة، حيث تميز بها على سائر
المؤلفات في معرفة الصحابة.
[18] انظر: سير أعلام النبلاء (177/595).
[19] الأنساب 9/35.
[20] تأريخ دمشق (4/366 ق).
[21] سير أعلام النبلاء (16/119).
[22] المعجم الكبير (1/51).
[23] سير أعلام النبلاء 16/122
[24] سقط من الكتاب المطبوع من معجم الطبراني عدة مسانيد من مرويات
العبادلة وغيرهم، وقد ألحق المحقق بعد ذلك جزء يسيراً من هذا السقط، وما زالت له
بقية لم تطبع، والمقصود أن ما يذكر بعد ذلك من وصف الكتاب وذكر مشتملاته إنما هو
مبني على ما في المطبوع.
[25] (2/177).
[26] (1/59/377).
[27] (1/72/84).
[28] (1/156/365).
[29] (1/51).
[30] (1/79/109).
[31] (10/138).
[32] (10/141).
[33] وانظر: أيضاً (10/143).
[34] ومن أمثلة صنيعه ذلك في مرويات المقلين: 1/213 (والصحابي هناك له ثلاثة
أحاديث)، وكذا 1/220، و1/225، وأيضاً 1/226 (والصحابي هنا له حديثان فقط)، ومن
أمثلة صنيعه كذلك في مرويات المتوسطين: 1/129، 1/188، 1/214، 2/91، 2/276، 2/294،
ومن أمثلة صنيعه كذلك في مرويات المكثرين: 1/160، 9/59 .
[35] (2/216 ).
[36] وانظر أيضاً: 1/282، 1/307، 25/17، 2/158، 2/195
[37] (6/129).
[38] (6/175).
[39] (6/180).
[40] (6/190).
[41] (2/112).
[42] (2/118)، وكذا صنع في مسند جابر بن سمرة رضي الله عنه (2/201)، وجرير بن عبد الله رضي الله عنه (2/2933
)، وسهل بن سعد رضي الله عنه (6/109، 112 )، ومسند سمرة بن
جندب رضي
الله عنه (7/197)، ومسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
(133/177، 199).
[43] (2/ 151 ) وكذا صنع في مسند ثوبان رضي
الله عنه (2 /91 )، ومسند جابر بن عبد
الله رضي الله عنه
(2/182).
[44] (22/396).
[45] (22/424 ).
[46] (22/435).
[47] (22/438).
[48] (22/444).
[49] (22/334).
[50] (22/33396).
[51] طبعت مستقلة بدار الصميعي للنشر بالرياض، السويدي، الطبعة الأولى: 1415هـ.
[52] طبعتها: دار الراية بالرياض.
[53] وهو ترتيب لأحاديث جمع الجوامع للسيوطي الذي يشتمل على عدة مصادر، منها
المعجم الكبير للطبراني.
[54] انظر ص: (76).
[55] طبع بدار الراية في الرياض، وهو في ثلاث مجلدات.
[56] (3/971).
[57] توضيح جهودهم يطول، كما أنه يتعلق بطرق أخرى من طرق التخريج.