| 
       | 
      
  
   
  بعد سقوط الإمبراطورية السوفيتية وتمزقها إلى جمهوريات ؛ عادت الروح الإسلامية من 
	جديد الى الشعوب المسلمة ، التي عانت الأمرّين تحت قبضة الشيوعية البائدة .
	وكان دور الجمعيات الخيرية رائعا ومثمرا ً من خلال المعونات الإنسانية ، وإقامة 
	المخيمات الدعوية .
	وكنت ممن شارك في إقامة مخيم دعوي في الشيشان قبل الحرب الأولى .
	فمن موسكو معقل الشيوعية ؛ وحيث مرقد الطاغية لينين ( الذي أباد المسلمين في 
	الجمهوريات ) انطلقنا إلى قروزني في رحلة هي من أجمل الرحلات الدعوية التي 
	عايشتها في حياتي.
	
	لن أتكلم عن كل ما حدث في هذه الرحلة .. فهذا أمره يطول ، ولكني سأتحدث عن لقاء 
	حصل بيني وبين تيمور ؛ لا يذهب خيالك بعيدا ً فهذا التيمور ليس هو تيمور لنك 
	قائد التتر .. فنحن كما تعلمون على مشارف القرن الواحد والعشرين .
	حينما وصلنا إلى مطار قروزني .. كان المطار في أسوأ حالاته .. فالخدمات تكاد 
	تكون معدومه ،والكهرباء مقطوعه في العاصمة .. شعرنا بوضع حرج ، ومأزق يلوح في 
	الأفق ، لأننا لم نجد أحدا ً يستقبلنا من أصحاب المخيم .
	في تلك الليله يسر الله لنا شابا ً يعمل في المطار .. اسمه عمر ، واستعان 
	بصديقه علاء الدين ؛ والذي كان مفتول العضلات .. بشوشا ً ، تقرأ في عينيه حب 
	الإسلام وحب العرب ولو رغمت أنوف الشيوعيين .
	كنا قد أصابنا الجوع .. خاصة ً أننا قد فارقنا الكبسة والمرق لمدة أسبوع تقريبا 
	ً ، والمسافة بيننا ً وبين الكبسة آلاف الأميال فلا مجال لتحقيق الحلم ، فليس 
	سوى الصبر مركب .
	
	أصر عمر على أن نتناول طعام العشاء فذهبنا للمدينة فلم نجد شيئا ً .
	عاد يدور حول المطار عل َّ وعسى أن يجد من يكرمنا هذه الليلة .
	وفجأة ً تراءى لنا مجموعة من الشباب .. فقرر عمر النزول عندهم ، رفضنا النزول 
	لأننا لا نعرف طبيعة اللقاء ، وأثناء الحوار جاء تيمور ؛ شاب شيشاني لم يتجاوز 
	السابعةعشرة من عمره ، حباه الله بسطة ً في الجسم ، وحسن مظهر ٍ لافت .
	أصر علينا بالنزول ، فنزلنا على مضض ٍ ، ثم حدثت المفاجأة .... تيمور يعيش ليلة 
	ً حمراء بين الفتيات والخمور .. يشرب الخمر ويقول : الحمد لله لكي يثبت لنا 
	إسلامه ( قاتل الله الشيوعية .. كم فتكت بالمسلمين ومسخت هويتهم ) .
	
	شعرنا بخطورة الوضع ، فغادرنا المكان بعد أن شكرناه على حسن الإستقبال .الجميل 
	في الأمر أنه جاءنا في الصباح فدعوناه لحضور المخيم فوافق ، وجاءنا بعد ثلاثة 
	أيام وهو مخمور . طلبنا من الشباب الإهتمام به ، فحينما استيقظ تعلم الصلاة ، 
	وحفظ الفاتحة ومكث مع إخوانه يحضر الدروس .. ثم غادر الى قريته وقد صلى أول 
	صلاة في حياته . 
	ودعوناه وقلوبنا تملؤها الفرحة والسرور . ذهب تيمور الذي كان بالأمس يرتع بين 
	كأس وفتاه ، واليوم أدى الصلاة وسجد لربه ومولاه ، ولعله أصبح من أبطال الشيشان 
	الذين أذاقو الروس الويلات .. ونالوا بعد ذلك أسمى الغايات ، أرجوا ذلك .
	
	وشكر الله للجميع في مشكاة الخير ...