هذا اعتراف مهمٌ جدًا للدكتورة عزيزة المانع الكاتبة الصحفية ؛ أقرت فيه بأن
المجتمع الذي يُسمح فيه بتعدد الثقافات والأفكار المتعارضة المتنوعة تحت دعاوى
" حرية الرأي " أو " تقبل الرأي الآخر " أو " التسامح وعدم الأحادية " !! ....
الخ يقوده ذلك حتمًا إلى التنازع والتفرق بين أفراده .
وهذا الاعتراف منها يوافق ما يدعو إليه العلماء والعقلاء الذين يعلمون نتائج
الأمور ، ولا تستخفنهم الزخارف والشعارات الكاذبة . مستشعرين قوله تعالى (
ولاتنازعوا فتفشلوا ) . وإن حدث تنازع أو اختلاف حُسم فورًا بالرد إلى الكتاب
والسنة كما أمر تعالى : ( فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول ) .
وقد رأينا بأم أعيننا أن المجتمع الاسلامي الوحيد الذي اتهم بالأحادية ومعاداة
التعددية هو المجتمع الذي تحققت فيه الوحدة الحقيقية والأمن الفكري والبدني ،
وجمع خيري الدنيا والآخرة .
أما المجتمعات الإسلامية التي اغترت بهذه الدعاوى ؛ فسمحت بتلك التعددية
الفوضوية التي يخالف أكثرها دين الله ؛ لم يقدها ذلك إلا لمزيد من التشرذم
والتناحر والحروب الأهلية والطائفية .
تقول الدكتورة عزيزة - وفقها الله للخير
- في كتابها " زامر الحي " ( ص 14) :
( ليس من مصلحة المجتمع أن تتعدد فيه الثقافات ، أو تتنوع فيه أساليب التنشئة .
مما يربط أفراد المجتمع ويوحد بينهم هو اشتراكهم في نمط واحد من التفكير ولدته
تنشئة اجتماعيه موحدة ، ورعته ثقافة واحده مشتركة . أما حين تتعدد الثقافات
وتتنوع سبل التنشئة فيها ؛ فإن النتيجة هي ظهور التعدد في الاتجاهات والتنوع في
الأفكار والآراء بين مختلف فئات المجتمع ) .
قلتُ :
قارن قولها هذا بقول الشيخ العلامة صالح الفوزان في مقاله بمجلة الدعوة ( العدد
1959) بعنوان " الدين دين واحد : لا تعددية ولاابتداع فيه " ؛ الذي رد فيه على
السفهاء الداعين إلى هذه التعددية المفرقة في مجتمعنا السعودي المتوحد تحت كلمة
التوحيد ؛ إلى أن قال :
( وهذه مسألة عظيمة ينبغي مراعاتها ؛ ولاسيما في وقتنا الحاضر الذي قل فيه
العلم وكثر فيه المتعالمون وتطاول المتطاولون وأصحاب الأهواء الذين يقولون :
اتركوا الناس وحرياتهم لا تُصادروا آراءهم !! خذوا بالرأي والرأي الآخر ! .
وهذا المبدأ يُفسد الدين ويُفرق الكلمة ، وتنجم عنه نتائج وخيمة . نسأل الله أن
يعافي المسلمين من شرها وشر أصحابها ) .
فهل نتنبه جميعًا في هذه البلاد - حكامًا ومحكومين - إلى خطورة مايقوم به بعض
كتاب الصحافة ، أو المتعصرنين المنتكسين من ترويج ونشر لهذا المبدأ الخطير الذي
يقود البلاد إلى الاختلاف والتنازع والتشرذم والتنافر ؟!
لايكون ذلك إلا بالأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء ، وأطرهم على الحق أطرًا ؛ قبل
أن يصدق فيهم قوله تعالى ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا وأحلوا
قومهم دار البوار ) .
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يوفق الدكتورة عزيزة للتأكيد على هذا
الأمر في مقالاتها القادمة .