| 
       | 
      
  
   
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
		
		الجماع من الأمور الحياتية المهمة ، التي أتى ديننا بتبيينها ، وشرع لها من 
		الآداب والأحكام ، ما يرقى بها عن مجرد أن تكون لذّة بهيمية ، وقضاء عابراً 
		للوطر ، بل قرنها بأمور من النيّة الصالحة ، والأذكار ، والآداب الشرعية ، 
		ما يرقى بها إلى مستوى العبادة ، التي يُثاب عليها المسلم ، وجاء في السنّة 
		النبوية تبيان لذلك ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد 
		المعاد : " وأما الجماع أو الباءة ، فكان هديه فيه _ صلى الله عليه و سلم _ 
		أكمل هدي ، يحفظ به الصحة ، وتتم به اللذة ، وسرور النفس ، ويحصل به مقاصده 
		التي وضع لأجلها ، فإن الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية 
		: 
		أحدها : حفظ النسل ، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها 
		إلى هذا العالم . 
		الثاني : إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن . 
		الثالث : قضاء الوطر ، ونيل اللذة ، والتمتع بالنعمة ، وهذه وحدها هي 
		الفائدة التي في الجنة ، إذ لا تناسل هناك ، ولا احتقان يستفرغه الإنزال .
		
		وفضلاء الأطباء يرون أن الجماع من أحد أسباب حفظ الصحة " [ الطب النبوي 
		ص249 ] . 
		وقال رحمه الله تعالى : " ومن منافعه _ أي الجماع _ : غض البصر ، وكف النفس 
		، والقدرة على العفة عن الحرام ، وتحصيل ذلك للمرأة ، فهو ينفع نفسه في 
		دنياه وأخراه ، وينفع المرأة ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهده 
		، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه 
		وسلم : " حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا : النِّسَاءُ ، وَالطِّيبُ ، 
		وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ " [ رواه أحمد والنسائي وصححه 
		الحاكم ] . 
		وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ! مَنِ 
		اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ 
		لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ 
		بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " [ رواه البخاري ومسلم ] . 
		وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : " أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه 
		وسلم رأى امرأة ، فأتى امرأته زينب ، وهي تَمْعُس مَنيئة له ، فقضى حاجته 
		منها ، ثم خرج إِلى أصحابه ، فقال: " إِن المرأة تُقبِل في صورة شيطان ، 
		وتدبر في صورة شيطان ، فإِذا أبصر أحدكم امرأة فليأتِ أهله ، فإن ذلك 
		يَرُدُّ ما في نفسه " [ رواه مسلم ] .
		وفي رواية الترمذي : " فليأت أهله ، فإن معها مثل الذي معها " .
		وفي رواية أبي داود : " أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة ، 
		فدخل على زينب بنت جحش ، فقضى حاجته منها ، ثم خرج إِلى أصحابه ، فقال لهم 
		: " إِن المرأة تقبل في صورة شيطان ، فمن وجد ذلك فليأت أهله ، فإنه 
		يُضْمِر ما في نفسه ".
		وفي رواية لمسلم : أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : " إِذا 
		أحدُكُم أعجبته المرأة ، فوقعت في قلبه ، فليعْمَد إِلى امرأته فليُواقعها 
		، فإن ذلك يرد ما في نفسه ".
		هكذا في كتاب الحميدي ، والذي في كتاب مسلم : " فإن ذلك يردّ نفسه " [ 
		مختصر السلسلة الصحيحة 1 / 470 ، جامع الأصول 11/ 432 ] .
		
		ومن الأمور المهمة التي ينبغي مراعاتها عند الجماع : 
		1 - إخلاص النية لله عز وجل في هذا الأمر ، وأن ينوي بفعله حفظ نفسه وأهله 
		عن الحرام ، وليعلم أنه مأجور على عمله هذا ، وإن كان يجد فيه من اللذة 
		والسرور العاجل ما يجد ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله 
		عليه وسلم قال : " وفي بُضع أحدكم صدقة - أي في جماعه لأهله - فقالوا : يا 
		رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلاة 
		والسلام : " أرأيتم لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها 
		في الحلال كان له أجر " [ رواه مسلم ] .
		2- أن ينوي تكثير نسل الأمة الإسلامية ، ليرتفع شأنها ، فإنّ الكثرة عزّ ، 
		عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله 
		عليه وسلم : " النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي 
		فَلَيْسَ مِنِّي ، وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ ، 
		وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ 
		بِالصِّيَامِ ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ " [ رواه ابن ماجة وحسنه 
		الألباني هناك ، وقال في السلسلة الصحيحة : وقد جاء مفرقا في أحاديث : منها 
		بلفظ : ... ومن سنتي النكاح . وورد بلفظ : ... . وأتزوج النساء فمن رغب عن 
		سنتي فليس مني . وقوله صلى الله عليه وسلم : تزوجوا الودود الولود فإني 
		مكاثر بكم الأمم . وعن أنس مرفوعا : يا معشر الشباب من استطاع منكن الطول 
		فلينكح أو فليتزوج وإلا فعليه بالصوم فإنه له وجاء . وإسناده صحيح ] .
		3- العناية بالنظافة والزينة من كلا الزوجين ، فإن ذلك حق لكل منهما على 
		الآخر ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : " إني لأتزين لامرأتي كما أحب أن 
		تتزين لي " وتلا قوله تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ } .
		وعليهما أن يحذرا ما يكدر صفو الجو ، من أكل لكراث أو فجل أو ثوم ، أو وجود 
		رائحة كريهة بسبب الحر والعرق ، فإن ذلك تعافه النفوس وتستقذره ، ويحجب 
		الجو الصافي ويعكره .
		فعلى الزوجين استخدام العطور والأطياب الطيبة ، واستعمال المزيلات التي 
		تزيل رائحة العرق ، ورائحة الدخان من قبل الزوج إن كان مدخناً ، والروائح 
		غير المرغوب فيها عامة ، وعليهما استعمال اللبان أو العلك . 
		وليعلم كل من الزوجين أن للنظافة والزينة أثر كبير في انجذاب كل منهما إلى 
		شريكه .
		3 - أن يقدِّم بين يدي الجماع بالملاطفة والمداعبة والملاعبة والتقبيل ، 
		فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله ويقبلها ، روى أنس مرفوعاً : 
		" لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة ، وليكن بينهما رسول " ، قيل : 
		وما الرسول يا رسول الله ؟ قال : " القبلة والكلام " فمعنى هذا الحديث صحيح 
		، والتجربة خير برهان . 
		ويجب على الزوجين تجنب كل ما يثير الغريزة بطرق الحرام ، من مشاهدات وكلمات 
		محرمة ، فإن ذلك يجلب الوزر والخزي والإثم ، وليكن اتصالهما بطرق الحلال 
		حتى يصفو الجو ويحلو .
		4- الحذر من وجود الأطفال في مكان استمتاع الزوجين ، ولو كانوا صغاراً ، 
		لأنهم ربما استيقظوا فجأة ، ففي ذلك حرج شديد للوالدين ، ومرض خطير على 
		الأطفال ، لأن علماء النفس أكدوا أن كثيراً من حالات الانحراف الجنسي 
		المبكر عند الناشئة بسبب هذه المشاهدات التي تبقى في مخيلة الطفل . 
		4 - أن يقول حين يأتي أهله : " بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب 
		الشيطان ما رزقتنا " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإن قضى الله 
		بينهما ولداً ، لم يضره الشيطان أبداً " [ رواه البخاري ] . 
		5 - يجوز له إتيان المرأة في قبلها من أي جهة شاء ، من الخلف أو الأمام 
		قائمة وقاعدة ، شريطة أن يكون ذلك في قُبُلها وهو موضع خروج الولد ، لقول 
		الله تبارك وتعالى : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ 
		أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ 
		وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [ البقرة223 
		] . 
		فيجوز للزوج أن يأتي امرأته في قبلها من أي جهة شاء من خلفها أو من أمامها 
		، مقبلة ومدبرة وفي ذلك أحاديث كثيرة منها : 
		الأول عن جابر رضي الله عنه قال : كانت اليهود تقولك إذا أتى الرجل امرأته 
		من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت : {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ 
		فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ 
		وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ 
		الْمُؤْمِنِينَ } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مقبلة ومدبرة 
		إذا كان ذلك في الفرج " [ رواه البخاري ومسلم والنسائي ] .
		الثاني : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : إِنَّمَا كَانَ هَذَا 
		الْحَىُّ مِنَ الأَنْصَارِ - وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ - مَعَ هَذَا الْحَىِّ 
		مِنْ يَهُودَ - وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ - وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلاً 
		عَلَيْهِمْ فِى الْعِلْمِ ، فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ 
		فِعْلِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ لاَ يَأْتُوا 
		النِّسَاءَ إِلاَّ عَلَى حَرْفٍ _ جانب _ وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ 
		الْمَرْأَةُ ، فَكَانَ هَذَا الْحَىُّ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا 
		بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَكَانَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ قُرَيْشٍ 
		يَشْرَحُونَ النِّسَاءَ شَرْحاً مُنْكَراً وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ 
		مُقْبِلاَتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ 
		الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمُ امْرَأَةً مِنَ 
		الأَنْصَارِ فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ 
		وَقَالَتْ : إِنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ فَاصْنَعْ ذَلِكَ 
		وَإِلاَّ فَاجْتَنِبْنِى حَتَّى شَرِىَ _ عظم وتفاقم _ أَمْرُهُمَا ، 
		فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ 
		عَزَّ وَجَلَّ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى 
		شِئْتُمْ } ، أَي : مُقْبِلاَتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ يَعْنِى 
		بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ " [ رواه أبو داود ] .
		6 - لا يجوز له بحال من الأحوال أن يأتي امرأته في الدبر ، بل ذلك حرام 
		وإثمه عظيم ، ونكاله كبير ، قال الله عز وجل : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ 
		فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } ومعلوم أن مكان الحرث هو الفرج وهو 
		ما يبتغى به الولد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ملعون من يأتي 
		النساء في محاشِّهن : أي أدبارهن " [ رواه ابن عدي ، وصححه الألباني في 
		آداب الزفاف ص105 ] .
		وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ 
		اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ 
		الْحَقِّ لاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ " [ رواه أحمد وابن 
		ماجة ] .
		فيجب على الرجال اجتناب النساء في حال الحيض ، ويحرم عليهم اتيانهن في 
		الدبر للآية السابقة والأحاديث الآنفة الذكر .
		وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ 
		يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِى دُبُرِهَا " [ رواه 
		أحمد وابن ماجة ] .
		وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أيضاً قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ 
		صلى الله عليه وسلم : " مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا " 
		[ رواه أحمد وأبو داود ] .
		وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : كَانُوا يَجْتَنِبُونَ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ 
		، وَيَأْتُونَهُنَّ فِي أَدْبَارِهِنَّ ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى 
		الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { 
		وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ 
		فِى الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا 
		تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } فِي الْفَرْجِ 
		وَلاَ تَعْدُوهُ " [ رواه الدارمي ] .
		وعن سعيد بن يسار قال : قلت لابن عمر : إنا نشتري الجواري فنحمض لهن قال : 
		وما التحميض ؟ قلت : نأتيهن في أدبارهن قال : أف أو يفعل ذلك مسلم ؟ [ رواه 
		النسائي في العشرة وصحح سنده الألباني رحمه الله وقال : حديث صحيح وهو نص 
		صريح من ابن عمر في إنكاره أشد الإنكار إتيان النساء في الدبر ] .
		وروى النسائي وابن بطة في " الإبانة " عن طاوس قال : 
		سئل ابن عباس عن الذي يأتي امرأته في دبرها ؟ فقال : هذا يسألني عن الكفر ؟ 
		وسنده صحيح وعن أبي هريرة نحوه بسند فيه ضعف 
		وقال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " : 
		" قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أدبار 
		النساء وجزمنا بتحريمه ولي في ذلك مصنف كبير " . 
		فانظر إلى شهادة الأئمة بصحة أحاديث تحريم إتيان المرأة في دبرها ، وحسن 
		بعضهم بعضها ، ثم تتابعت أقوال الأئمة من المتقدمين والمتأخرين كالترمذي 
		وابن حبان وابن حزم والضياء والمنذري وابن الملقن وابن دقيق العيد وابن حجر 
		وغيرهم ممن ذكروا في غير هذا الموضع " [ الإرواء 7 / 65 - 70 ، آداب الزفاف 
		120 ] .
		وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى 
		الله عليه وسلم : " مَنْ أَتَى حَائِضاً أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ 
		كَاهِناً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى 
		مُحَمَّدٍ " [ رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد ] .
		فانظر إلى هذه العقوبات المترادفة على من أتى امرأته في دبرها ، تُوُعِدَ 
		باللعن والطرد من رحمة الله ، وأن الله لا ينظر إليه ، وبالكفر وإن كان 
		كفراً دون كفر ما لم يكن مستحلاً له ، فإن استحله فهو على خطر عظيم من دينه 
		.
		وذلك لما فيه من مخالفة للفطرة ومقارفة لما تأباه طبائع النفوس السوية ، 
		كما أن فيه تفويتا لحظ المرأة من اللذة ، كما أن الدبر هو محل القذر ، إلى 
		غير ذلك مما يؤكد حرمة هذا الأمر . 
		7 - إذا جامع الرجل أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ ، لقوله صلى الله عليه 
		وسلم : ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا ، فإنه 
		أنشط في العَوْد ) [ رواه مسلم ] ، وهو على الاستحباب لا على الوجوب ، وإن 
		تمكن من الغسل بين الجماعين فهو أفضل ، لحديث أبي رافع أن النبي صلى الله 
		عله وسلم طاف ذات يوم على نسائه ، يغتسل عند هذه وعند هذه ، قال فقلت له : 
		يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا ؟ قال : ( هذا أزكى وأطيب وأطهر ) [ 
		رواه أبو داود والنسائي ] . 
		8 - يجب الغسل من الجنابة على الزوجين أو أحدهما في الحالات التالية : 
		أولاً / التقاء الختانين : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا جَاوَزَ 
		الْخِتَانُ الْخِتَانَ ( وفي رواية : مسّ الختان الختان ) فَقَدْ وَجَبَ 
		الْغُسْل . " [ رواه مسلم ] .
		وهذا الغسل واجب أنزل أو لم يُنزل ، ومسّ الختان الختان : هو إيلاج حشفة 
		الذّكر في الفرج وليس مجرّد الملاصقة . 
		ثانياً / خروج المني ولو لم يلتق الختانان : لقوله صلى الله عليه وسلم : " 
		إنما الماء من الماء " [ رواه مسلم ] . 
		قال البغوي في شرح السنة (2/9) : ( غسل الجنابة وجوبه بأحد الأمرين : أما 
		بإدخال الحشفة في الفرج أو خروج الماء الدافق من الرجل أو المرأة ) . 
		ويجوز للزوجين الاغتسال معا في مكان واحد ولو رأى منها ورأت منه ، لحديث 
		عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من 
		إناء بيني وبينه واحد تختلف أيدينا فيه فيبادرني حتى أقول : دع لي ، دع لي 
		قالت : وهما جنبان . رواه البخاري ومسلم . 
		9 - يجوز لمن وجب عليه الغسل أن ينام ويؤخر الغسل إلى قبل وقت الصلاة ، لكن 
		يستحب له أن يتوضأ قبل نومه استحبابا مؤكدا لحديث عمر أنه سأل النبي صلى 
		الله عليه وسلم : أينام أحدنا وهو جنب ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( نعم 
		، ويتوضأ إن شاء ) [ رواه ابن حبان ] . 
		10 - يحرم إتيان الحائض حال حيضها لقول الله عز وجل : ( ويسألونك عن المحيض 
		قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن 
		فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) ، وعلى من 
		أتى زوجته وهي حائض أن يتصدق بدينار أو نصف دينار كما ثبت ذلك عن النبي صلى 
		الله عليه وسلم أنه أجاب السائل الذي أتاه فسأله عن ذلك . [ أخرجه أصحاب 
		السنن وصححه الألباني آداب الزفاف ص122] . 
		لكن يجوز له أن يتمتع من الحائض بما دون الفرج لحديث عائشة رضي الله عنها 
		قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن 
		تتزر ثم يضاجعها زوجها ) متفق عليه. 
		11 - يجوز للزوج العزل إذا لم يرد الولد ويجوز له كذلك استخدام الواقي ، 
		إذا أذنت الزوجة لأنّ لها حقّا في الاستمتاع وفي الولد ، ودليل ذلك حديث 
		جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى 
		الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا " [ رواه 
		البخاري ومسلم ] . 
		ولكن الأولى ترك ذلك كله لأمور منها : أن فيه تفويتا للذة المرأة أو إنقاصا 
		لها . ومنها أن فيه تفويت بعض مقاصد النكاح وهو تكثير النسل والولد كما 
		ذكرنا سابقا . 
		لكن ليعلم أن قطع النسل نهائياً لا يجوز بل هو مخالف لأمر الله تعالى وأمر 
		رسوله عليه الصلاة والسلام .
		إلا إذا كان هناك خطورة قررها الأطباء الصادقين على الأم .
		أما تحديد النسل بوقت معين كسنة أو سنتين أو نحو ذلك للتفرغ لتربية الصغير 
		، أو كانت الأم لا تستطيع الإنجاب كل عام فيجوز ذلك .
		12 - يحرم على كل من الزوجين أن ينشر الأسرار المتعلقة بما يجري بينهما من 
		أمور المعاشرة الزوجية ، بل هو من شر الأمور ، يقول النبي صلى الله عليه 
		وسلم : ( إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته 
		وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) [ رواه مسلم ] . 
		وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم والرجال 
		والنساء قعود ، فقال : ( لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر 
		بما فعلت مع زوجها ؟! ) فأرّم القوم - أي سكتوا ولم يجيبوا - ، فقلت : إي 
		والله يا رسول الله ! إنهن ليفعلن ، وإنهم ليفعلون . قال : ( فلا تفعلوا ، 
		فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون ) [ رواه أبو 
		داود برقم ، وصححه الألباني في آداب الزفاف ص143 ] . 
		هذا ما تيسر ذكره من جملة من آداب الجماع ، فالحمد لله الذي هدانا لهذا 
		الدين العظيم ذي الآداب العالية والحمد لله الذي دلّنا على خير الدنيا 
		والآخرة . وصلى الله على نبينا محمد .