| 
       | 
      
  
   
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
		
		الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا 
		الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين ، صلوات 
		ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم 
		الدين . . وبعد :
		البلاد والعباد والبهائم تعيش حالة الحاجة إلى المطر والرحمة من الرحيم 
		الغفور ، والمسلمون يصلون صلاة الاستسقاء ، صلاة خلف صلاة ، ولا أثر لرحمة 
		الله ، فلماذا هذا يا عباد الله ؟
		سؤال يسأله كل أحد من المسلمين ، أيعقل ألا يكون في أولئك الناس رجل مستجاب 
		الدعوة ؟ أم أن هناك خلل في التزام الناس وتمسكهم ؟
		الواقع يدل على أن هناك خلل طغى على حده ، وخرق اتسع على الراقع ، يحتاج 
		الناس معه إلى عودة صادقة إلى دين الله تعالى ، فما مُنع الناس المطر إلا 
		لأجل كثرة المعاصي ، وتوالي الذنوب ، وتراكم الآثام ، ووجود الران على قلوب 
		الكثير من المسلمين والمسلمات ، فأصبحوا لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون 
		منكراً إلا ما أُشرب من هواهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، 
		فضاقت بهم الأرض بما رحبت ، حتى أضحوا يدعون فلا يستجاب لهم ، وهذا مصداق 
		لقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ 
		الْيَمَانِ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " 
		وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ 
		عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ 
		عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ " [ رواه 
		الترمذي وغيره وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ] . 
		إن الدعوات قائمة على قدم وساق من قبل العلمانيين والليبراليين والمنافقين 
		أذناب الكفار ، يدعون لفصل رأس جهاز الحسبة واقتلاعه من جذوره من بلاد 
		الحرمين الشريفين ، من بلاد التوحيد والعقيدة الصافية ، بلاد الأمر 
		بالمعروف والنهي عن المنكر ، الدعوات قائمة وهائمة وعائمة وهادمة لهذا 
		الجهاز الذي أمر الله به في كتابه العزيز ، بل جعلنا خير أمة أخرجت للناس 
		لأننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، فأي دعي زنيم مأفون هذا الذي يناقض 
		أمر الله ، ويتعدى حدوده ، ويريد تعطيل شعيرة من أعظم شعائر الدين ، بل هي 
		صمام الأمان للأمة في مدلهمات الأمور والدروب ، وشدائد الفتن والخطوب ، قال 
		تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ 
		بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ 
		وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ 
		الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [ آل عمران110 ] .
		إن هؤلاء الذين يدعون إلى قتل هذا الجهاز ، واغتيال هذه الشعيرة ، لهم 
		منافقو الأمة ، وشذاذها وفساقها ومترفوها ، فهؤلاء الناس هم سبب منع المطر 
		أن ينزل على البلاد والعباد والبهائم والأشجار ، لقد أفسدوا في الأمة 
		فساداً ظاهراً وباطناً ، ولم يعد فسادهم وخطرهم وضررهم وشرهم يخفى على أحد 
		من الناس ، بسبب هذه الشرذمة أمسكت السماء مطرها ، وأجدبت الأرض ومنعت 
		بركتها ، ألا تأملوا قول ربكم تعالى حيث يقول : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن 
		نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ 
		عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } [ الإسراء16 ] .
		إذا الله إهلاك أهل قرية لظلمهم ، أَمَرْنا مترفيهم بطاعة الله وتوحيده 
		وتصديق رسله ، وغيرهم تبع لهم ، فعصَوا أمر ربهم وكذَّبوا رسله ، وحادوا عن 
		طريق الصواب ، واقتحموا طريق الضلال والنكال والنار ، فحقَّ عليهم القول 
		بالعذاب الذي لا مردَّ له ، فاستأصلناهم بالهلاك التام ، فإذا حصل التدمير 
		، منع الخير ، وها نحن نرى اليوم أن الكثير من الناس يستمعون ويذعنون 
		لأوامر كبرائهم ومنعميهم ورؤسائهم في تعدي حدود الله عز وجل ، وارتكاب 
		نواهيه ، فهم تبع لهم ، ويحيق بهم من مكر الله ما يحيق بمن يأمرونهم 
		بالمعاصي والذنوب ، وليس الله بظلام للعبيد ، وقال الله تعالى : { وَمَا 
		ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ } [ الزخرف76 ] .
		فالمطر مرتبط بالمترفين في كثير من الأحوال .
		ثم إننا اليوم نرى صراعاً على خطب الاستسقاء من قبل جهلة الناس وكأن المطر 
		إذا نزل بعد خطبته أنه سبب في ذلك ، وهذا من أعظم الجهل ، وليس هذا دأب 
		السلف الصالح ، فقد كانوا رحمهم الله يتدافعون الفتوى فيما بينهم ، كل يريد 
		أن يكفيه صاحبه ، وكل يريد أن يخطب أخوه ، وكان أحدهم يرطب شفتيه حتى لا 
		يُرى أثر الصيام عليه ، وبعضهم يكتحل حتى لا يُرى أثر البكاء على عينيه ، 
		فأين خلفنا عن سلفنا ؟ 
		أيها الأخوة في الله . . إذا أردنا أن نرزق المطر فعلينا بالضعفاء ، فقد 
		قال عليه الصلاة والسلام : " هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ 
		بِضُعَفَائِكُمْ " [ رواه البخاري ] .
		والضعفاء هم : الأطفال والنساء والفقراء والمساكين ، فلو خطب بالناس فقير 
		أو مسكين أو طفل مميز ، لسوف يخطب عن حاجة ، وربما سالت دموعه طلباً لرحمة 
		الله لما يعانيه من حاجة وفقر وعوز ، يطلب الله تعالى بإخلاص وصدق نية ، 
		أما غيره ممن أنعم الله عليه فلا تجد إلا شفتيه تتحركان والقلب لاهٍ غافل 
		ساهٍ في أودية الدنيا أعاذنا الله منها ، ولا أُعمم _ حاشا وكلا _ فنسأل 
		الله أن يستعملنا في طاعته ، ويجنبنا معصيته ، وأسباب سخطه ، وأن ينشر 
		علينا رحمته إنه هو الولي الحميد . 
		سباق محموم إلى المعاصي بأنواعها ، والمخالفات بألوانها ، والمنكرات 
		بدرجاتها ، وقع فيها الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، حتى ضاقت نفوس 
		الناس ذرعاً بما كسبت أيديهم ، ويطلبون المهرب والمخرج والملجأ منها ، وما 
		علموا أن الحل والمخرج هو اتباع الكتاب والسنة ، ومع ذلك فلو أخذ الله 
		الناس بما كسبوا ، ولو عاجلهم بالعقوبة بما اقترفوا بقي على وجه الأرض من 
		أحد ، ولكن اقرأ قول الله بتدبر وتأمل وتعقل حيث يقول سبحانه وتعالى : { 
		وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن 
		دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء 
		أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ النحل 
		61 ] .
		ويقول سبحانه : { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم 
		بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن 
		يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } [ الكهف 58 ] .
		ويقول سبحانه : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا 
		تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ 
		مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ 
		بَصِيراً } [ فاطر45 ] .
		تغيرت الطقوس ، واختلف المناخ ، والناس يصلون الاستسقاء ويدعون ولا مجيب 
		لهم ، اكفهر وجه الأرض ، يطلب الناس المطر ولا يجدون إلا برداً شديداً ، 
		وحراً مزيداً ، غبار وأتربة ، وأجواء غير ملائمة ، بسبب النساء الكاسيات 
		العاريات ، بسبب تشبه الشباب والشابات بالكفار والمجرمين ، كبراء القوم 
		يستوردون المحرم ، لعرضه في الأسواق ، والسفهاء من كل حدب وصوب يقبلون على 
		المعصية ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ، المترفون يعرضون الفساد عبر القنوات ، 
		ولا تكاد ترى قناة خاصة بدولة أو حكومة إلا وهي أفسد من أُختها ، وأفسق من 
		قرينتها ، يعرض فيها كل ما يخدش الحياء ، ويمرض القلب ويقسيه ، ويقتل 
		الغيرة ، ويغتال البراءة والفضيلة ، وينشر الرذيلة ، بل كل ما يسب الدين 
		وينتقص أهله ، ويسيء إلى رموزه ، كل ذلك عبر قنوات المسلمين ، وليست قنوات 
		الكفار ، وإذا أردت أن تعُدَّ تلك القنوات فسوف تخطئ العدد لكثرتها وكثرة 
		فسادها ، فأي رحمة من الله يرجون ؟ وهم يبارزونه بالمعاصي ليلاً ونهاراً ، 
		خُفية وجهاراً ، المعاصي أهلكت الحاضر والباد ، وأكلت الأخضر واليابس في 
		البلاد ، قال الله تعالى : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ 
		يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * 
		وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا 
		فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ 
		وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } [ الأحزاب 66-68 ] .
		هؤلاء هم المترفون ، وهذا هو نتيجة عملهم وعمل من يتبعهم ، إمساك للخيرات ، 
		ومنع للأمطار ، بل وكثرة المشاكل والأخطار ، لعل الناس أن يعودوا إلى دينهم 
		، وصدق الله إذ يقول : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا 
		كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا 
		لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الروم41 ] .
		وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : أَقْبَلَ 
		عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ 
		الْمُهَاجِرِينَ : خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ 
		أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى 
		يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي 
		لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الِّذِينَ مَضَوْا ، وَلَمْ 
		يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ 
		وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ 
		يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ 
		السَّمَاءِ وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا ، وَلَمْ يَنْقُضُوا 
		عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ 
		عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَا 
		لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا 
		أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ " [ رواه 
		ابن ماجة وهو حديث حسن ] .
		وما أصدق هذا الحديث على واقعنا اليوم ، فقد اعتدى على أراضي المسلمين 
		وديارهم وأموالهم وممتلكاتهم وأعراضهم وخيراتهم الكفار من يهود ونصارى 
		ورافضة وغيرهم ، فهل من توبة قبل الموت ؟ هل من عودة صادقة لدين الله ، 
		الدين الحق الذي ارتضاه الله لعباده المؤمنين ، هل هناك رجوع حقيقي لدين 
		الله ، بترك المعاصي والدعوة لها ، واللجوء إلى الله عز وجل والدعوة إلى 
		دينه ، ومحاربة البدع والمنكرات والمخالفات الشرعية ، فالله تعالى يزع 
		بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، يقول الله تعالى : { مَّا يَفْعَلُ اللّهُ 
		بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً 
		} [ النساء147 ] ، لدي الكثير والكثير ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق 
		، والله من وراء القصد وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل .