| 
       | 
      
  
   
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
		الحمد لله العزيز الرحيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الغني 
		الحليم ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الكريم ، صلى الله وسلم عليه 
		وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . . وبعد :
		التسول والشحاذة أصبحت ظاهرة ومشكلة تواجهها الجهات الأمنية والدينية لما 
		تجره من فساد في الأرض ، وإيذاء للناس في المساجد والأسواق وعند الإشارات 
		وغيرها ، بسبب التكثر من أموال الناس ، واستخدام النساء والأطفال لهذه 
		المعضلة والمشكلة ، فلا يأتي رمضان إلا ويكثر أولئك المتسولون ، وكذلك عند 
		وقت الرواتب ، ويأتونك بكلمات معسولة وجمل مرققة للقلوب ، أبي توفي وترك لي 
		عائلة مكونة من عدة أشخاص وأنا فقير ثم يبكي ليستعطف الناس ويسلب ما في 
		جيوبهم ظلماً وعدواناً ، ومنهم من يستدل بآيات من القرآن الكريم ، وأحاديث 
		نبوية ، ومنهم من يأتي بطفل معاق يستعيره من أحد يعرفه ليتجر به في سوق 
		التسول ، وآخر يأتي برجل كبير عاجز ربما أخذه من أحد الملاجئ ودور المسنين 
		وربما كان مريضاً فيستغل ما بقي من عمره ليتسول به ، والنساء اللاتي يجلسن 
		في المساجد _ مصليات الرجال _ لم تصل ولكن آثرت حب الدنيا والتكثر من 
		الأموال في سبيل ترك صلاتها وعبادتها ، حتى أصبحت وقحة ليس لديها غيرة ولا 
		حياء ، أراقت ماء وجهها للناس ، ومنهن من تتكسب بفرجها والعياذ بالله ، 
		فتعرض نفسها في الأسواق وعند الإشارات كما ذكر كثير من الناس ، نعوذ بالله 
		من غضبه وعقابه ، حتى أضحت أمورهم مكشوفة لا تخفى على ذي عقل أو لب ، 
		لاسيما مع التحذيرات المتكررة من قبل ولي الأمر بعدم الاستعطاف مع أُولئك 
		الناس ، مما يجب معه على جميع المواطنين والمقيمين أن يذعنوا للأمر ، 
		ويحذروا مغبة ترك الحبل على الغارب لأُولئك المتسولين .
		مع ما في عملهم من حُرمة ونهي ، فالتسول : طلب الصدقة من الغير في الطرقات 
		العامة ، والمتسول : هو الشخص الذي يتعيش من التسول ويجعل منه حرفة له 
		ومصدراً وحيداً للرزق ، ويعتبر التسول في بعض البلدان جريمة يُعاقب عليها ، 
		خاصة إذا كان المتسول صحيح البدن ، وهذا ما يحصل في بلادنا اليوم ، فأكثرهم 
		من فئة الشباب أو الرجال الأقوياء الذين يُعاب على مثلهم أن يمزقوا وجوههم 
		أمام الناس لأجل التسول .
		
		والتسول ممنوع لاسيما في ظل وجود المؤسسات والهيئات الخيرية المنتشرة في 
		أرجاء بلادنا الحبيبة _ بلاد الحرمين _ والتسول في أصله حرام لأسباب منها :
		الأول : فيه شكوى الخالق سبحانه إلى خلقه ، فكأنه يقول للناس : انظروا كيف 
		أفقرني ربي ، ففيه اعتراض على قدر الله تعالى ، والله حكيم عليم ، لا يقدر 
		لخلقه إلا ما فيه مصلحتهم ومعاشهم في الدنيا والآخرة .
		الثاني : فيه ذل للناس ، والمسلم عزيز لا يُذل نفسه إلا لله عز وجل العزيز 
		الجبار ، والإنسان لا يُظهر الذل للناس لأنهم مثله عبيد لله تعالى .
		الثالث : الكذب على الناس والدجل عليهم باختلاق دعاوى غير صحيحة ، فيكذب في 
		دعواه للناس .
		الرابع : إيذاء الناس أثناء التسول ، فكثير من الناس يعلم حقيقة أولئك 
		المتسولين ، فلا يعطيهم وتجد المتسول يتعرض له في كل مكان يتجه إليه أو أي 
		محل ينتقل إليه ، وربما أعطاه مالاً بغير رضاً منه وهذا لا يجوز .
		الخامس : تشويه سمعة المجتمع والأمة بمثل هذه الحالات المريضة .
		السادس : الفساد الواضح ، وذلك بهتك العرض لأجل المال والعياذ بالله ، مما 
		يتسبب معه هلاك الحرث والنسل في الدول بسبب جريمة الزنا أو اللواط ، لأن 
		بعض الناس ذو نفس دنيئة ، فربما يعرض المال مقابل فعل الفاحشة في الطفل 
		والمرأة المتسولين ، فيرضون بذلك مقابل حفنة قذرة من المال . 
		السابع : تفشي الجريمة في المجتمع ، لأنه ثبت أن هناك عصابات تتخذ من 
		التسول ممراً لترويج المخدرات والمسكرات ، وبث هذه السموم بين الناس عن 
		طريق النساء والأطفال المغرر بهم ، فربما يبيعوها ويأخذون ثمنها على أنهم 
		يتسولون .
		ومنهم من يرسل أبناءه ونساءه للتسول تحت وطأة التهديد والضرب والقسوة 
		ليأتوا له بالمال ليشتري به مخدرات يتعاطاها أو يتاجر بها .
		فيجب أن تتكاتف الجهود بين الجهات المعنية والمواطنين والمقيمين للقضاء على 
		هذه الظاهرة ، وذلك بإصدار القرارات الرادعة لاجتثاث جرثومة التسول من 
		المجتمع ، وعمل الجميع بما يطلبه ولي الأمر منهم ، حسماً لمادة الشر ، 
		وقدعاً لدابر التسول وجرائمه ، والله خير مسؤول ، وأعظم مأمول أن يوفق 
		الجميع لما فيه الخير والصلاح ، وللحديث بقية في خاطرة أُخرى بعنوان 
		الشحاذة بإذن الله تعالى . 
 
		كتبه
		يحيى بن موسى الزهراني
		إمام جامع البازعي بتبوك