| 
       | 
      
  
   
	بسم الله الرحمن الرحيم
		
  
	الحمد لله القدوس السلام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك 
	العلام ، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام . . أما بعد :
	فيا أيها الإخوة في الله . . معاشر المسلمين . . ما أكثر الطرق الموصلة إلى 
	الجنة ، لكننا وللأسف نغفل عنها ، أو يُلهينا الشيطان عنها .
	هناك طريق موصل إلى الجنة وهو سهل يسير على من وفقه الله إليه ، وتأملوا معي 
	هذا الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله 
	عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " وَالَّذِي نَفْسِي 
	بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى 
	تَحَابُّوا ، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ 
	تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ " .
	إذن الجنة موجبها الإيمان ، والإيمان من ضوابطه التحاب في الله ، والمحبة في 
	الله لا تكون إلا بإفشاء السلام ، وهذا أمر معلوم لا ينكره أحد ، فترى المحب 
	يسلم على من يُحبه ، ولكنه لا يسلم على من يبغضه ، وهذا لا ينكره أحد .
	فموضوع السلام اليوم أصبح عملة زهد فيها كثير من المسلمين ، فما أكثر الناس 
	الذين تمر بجانبهم لا يسلمون عليك ، وإذا سلمت عليهم لا يردون عليك السلام ، 
	وهذه هي النكسة والنكبة .
	فمتى يدرك المسلمون أهمية إفشاء السلام في حياتهم ، فهو طريق موصل إلى الجنة .
	والبدء بالسلام سنة ، يؤجر عليها المسلم ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي 
	الله عنه ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : 
	السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : " عَشْرٌ " ، 
	ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، 
	فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : " عِشْرُونَ " ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ 
	فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَقَالَ 
	النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : " ثَلاَثُونَ " [ رواه الترمذي وقَالَ : هَذَا 
	حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .
	وكلما بدأَتَ الناس بالسلام أمنوا جانبك وأحبوك ، لأن السلام أمان ومحبة ، ولكن 
	أنظر إلى شخص لا يسلم أو لا يرد السلام تشعر بوحشة منه .
	أيها الإخوة . . البدء بالسلام سنة ، ولك أجرها ، ورد السلام واجب وعليك وزره 
	إذا لم ترد السلام .
	وللأسف الشديد أننا نرى اليوم عجباً ، فهناك بعض الناس لاسيما أصحاب المناصب 
	والكراسي ، وبعض المنتسبين للمؤسسات الدينية كالقضاة وغيرهم ، لا تكاد ترى شفته 
	تتحرك بالرد ، وبعضهم لا يرد السلام أبداً ، وهم آثمون بذلك ، لأن رد السلام 
	واجب ، والواجب ما يثاب فاعله ، ويعاقب تاركه ، والله تعالى هو الذي أنزل هذا 
	الحكم في كتابه ، في سورة النساء حيث قال تبارك وتعالى : { وَإِذَا حُيِّيْتُم 
	بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ 
	عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً } [ النساء86 ] .
	فيحرم على الإنسان أن يترك الرد ، أو يرد بأقل مما سُلم عليه للآية السابقة ، 
	وقد جاءت فتاوى العلماء متضافرة متوافرة بهذا الحكم .
	فمن الناس من تسلم عليه ، ويرد بقوله : هلا هلا ، أو مرحباً ، أو حياك الله 
	ونحو ذلك من الردود ، ولا شك أن ذلك خطأ وصاحبه آثم ، فرد السلام يكون بأفضل 
	منه أو بمثله على أقل تقدير ، كما ورد في الآية السابقة .
	وبعض الناس يهز لك رأسه وكأنه سلم عليك ، وليس هذا بسلام أبداً ، وبعضهم يرفع 
	يده لك ويتوهم أنه سلام ، وليس بسلام ، وبعضهم ربما كان في سيارته ويضرب لك 
	بالبوري ويرفع يده بدون تحريك شفته بالسلام ، فليس ذاك بسلام ، بل لابد أن 
	يتحرك اللسان بالسلام حتى تؤجر عليه ، ولو كنت بعيداً لا يسمعك من سلمت عليه 
	فالله معك يسمع ويرى ويسجل لك سلامك في ميزان حسناتك فتنبه يا رعاك الله ، ولا 
	تتشبه باليهود والنصارى ، فأنت مسلم عزيز بدينك ، كريم بإيمانك .
	في السلسلة الصحيحة 5 / 227 قال صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من تشبه بغيرنا 
	لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم 
	النصارى الإشارة بالأكف " [ قال عنه الألباني : صحيح بشواهده ] .
	وفي السلسلة الصحيحة 4 / 388 قال صلى الله عليه وسلم : " تسليم الرجل بإصبع 
	واحدة يشير بها فعل اليهود " [ صحيح ] ، وورد بلفظ آخر : " لا تسلموا تسليم 
	اليهود والنصارى فإن تسليمهم بالأكف والرؤس والإشارة " .
	وربما منع أولئك البشر من رد السلام أو بدء الناس بالسلام الكبر والتعالي ، ولو 
	أمعن النظر في حقيقة خلقه ، لرأى أنه خلق من نطفة مذرة ، ويحمل في بطنه العذرة 
	، وآخره جيفة قذرة ، فعلام الكبر والغطرسة ؟
	السلام ليس مقتصراً على أشخاص دون آخرين ، بل لجميع المسلمين ، من تعرف ومن لا 
	تعرف ، فمن حق أخيك المسلم عليك أن تسلم عليه إذا لقيته ، وأن ترد عليه السلام 
	إذا بدأك بالسلام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله 
	عليه وسلم قال : " حقُّ المسلمِ على المسلم خمس : ردُّ السلام ، وعِيادةُ 
	المريض ، واتِّباعُ الجنازة ، وإِجابةُ الدَّعْوَةِ ، وتشميتُ العاطس " [ أخرجه 
	البخاري ومسلم ] .
	ولمسلم : " حقُّ المسلم على المسلم سِتّ ، قيل : ما هنَّ يا رسولَ الله ؟ قال : 
	إِذا لقيتَه فسلِّمْ عليه ، وإِذا دَعَاكَ فأَجِبْهُ ، وإِذَا استنصحَكَ 
	فانْصَحْ له ، وإِذا عَطَسَ فَحمِدَ الله فشَمِّتْه ، وإِذا مرضَ فعُدْه ، 
	وإِذَا ماتَ فاتْبَعْهُ " .
	أيها الإخوة الأفاضل . . أصبح السلام اليوم يكال بالمكيال ، ويوزن بالوزن ، 
	فالسلام عليك ورده بحسب طبيعة عملك ، وقدر مالك ، وثقلك في المجتمع ، وقدر 
	الحاجة إليك ، ومدى المعرفة ، مع أنه جاء في الحديث غير ذلك تماماً ، فتأمل هذا 
	الحديث ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رَجُلاً سأل النبي 
	صلى الله عليه وسلم قال : أيُّ الإسلامِ خيرٌ ؟ قال : " تُطعِمُ الطعامَ ، 
	وتَقْرَأُ السلامَ على مَنْ عَرَفْتَ ومَنْ لم تَعرِف " [ أخرجه البخاري ومسلم 
	] .
	وقد علمنا فضل السلام فيما سبق ، ولهذا حسدتنا اليهود عليه كما جاء عَنْ 
	عَائِشَةَ رضي الله عنها ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا 
	حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَىْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلاَمِ 
	وَالتَّأْمِينِ " [ رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني ] .
	فكيدوا أعداءكم من اليهود والشياطين ، وأفشوا السلام بينكم ، حتى تسري المحبة 
	بينكم ، ويظهر الإيمان جلياً فيكم ، فتدخلوا الجنة بسلام .
	اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء ، وألسنتنا من الكذب وأعيننا من 
	الخيانة ، اللهم إنا نعوذ بك من الكبر والبطر ، اللهم لا تجعل في قلوبنا غلاً 
	للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ، يا ذا الجلال والإكرام ، والحمد لله رب 
	العالمين .
 
		
  
	كتبه 
	يحيى بن موسى الزهراني
	إمام جامع البازعي بتبوك