| 
       | 
      
  
   
	بسم الله الرحمن الرحيم
	
	
	مدخل : هذه صورة تتحدث عن حال رجل أسرف في المعاصي رغم فقره وحاجته ، طرق كل 
	الأبواب واستخدم كل الوسائل من دهاءٍ ومكر وزيف وخداع ، طرق أبواب البشر ذليلاً 
	ضعيفاً . 
	
	لن أطيل في التقديم فالمقال يحكي الحال فلا تستعجلوا السؤال . 
	
	الدنيا فتنة عظيمة , نتقلب فيها بين فتن في وضح النهار المشرق وفي سكون الليل 
	الهادئ , فيصبح نهار قاتم ومظلم , وليل مخيف وكئيب .
	
	الدنيا دار مزجت بالكثير من المتضادات والمفارقات .
	
	نحن في هذه الدنيا ضيوف وزائرين , سوف نرحل !
	
	متى الرحيل لا ندري !
	
	محمد رجل ضعيف ومسكين , لا مال , لاجاه , لا زوجة , لا ولد .
	
	محمد رجل معدم , رث الثياب والمنظر , ينام في العراء على ضوء القمر . 
	
	محمد رجل للمعاصي فاعل , وعن العمل عاطل, وعن الطاعة متكاسل .
	
	محمد بالذكاء المفرط تميز , وبالدهاء العالي تفرد .
	
	استخدم هذا الذكاء والدهاء في الشر , وفي كسب المال الحرام , الذي كان مقتاً 
	عليه وعار , فكان حاله من فقر لفقر ومن حاجة لحاجة وفي نقص بلا زيادة .
	
	طرق أبواب المقتدرين فطرد في كل وقت حين , وطرق باب الأغنياء فلم يستفد سوى 
	العناء , وطرق باب الأصدقاء فكانت حياته شقاء في شقاء . 
	
	في إحدى الليالي ، كان محمد كعادته يجوب شوارع المدينة في ظلمة الليل وسكونه , 
	عله يجد لقمة أو شربة , لقمة من طعام زائد عن الحاجة ؛ ليسد بها جوعه أو شربة 
	حتى ولو من ماء حار ! فالحاجة لم يكن له فيها قرار .
	وعندما العقل حار , وفي تقلبات الأيام طار , كان هناك إعصار .
	
	لم يكن إعصار في المدينة , كيف ذلك وكان الناس في سكينة .
	
	بل كان إعصار فكري وعقلي .
	
	إعصار في هذه الأمصار . 
	
	الأمصار التي كانت في داخل هذا الرجل ، الذي طالما لقب بالثرثار .
	
	
	جلس ينظر إلى السماء متأملاً بفطنة وذكاء ، من خلق هذا الكون بلا عناء ؟ ومن 
	رزقنا وكان منه العطاء ؟ ومن أحيانا وأوجدنا وأنشأ هذه السماء ؟
	
	من يطعمنا ويسقينا و إذا مرضنا هو يشفينا ؟
	
	من يرزقنا ويكفينا وإذا دعونا يستجيب لنا ؟
	
	من يرحمنا ويرحم أهلنا ومن يسعدنا ويسعد أهلنا ؟ 
	
	من بيده حياتنا وموتنا وبعد الموت نشورنا ؟ 
	
	سقطت دمعات حارة . 
	
	هذه الدمعات كانت بداية البداية وكانت النور الأول .
	
	بعد أن صرخ الوجدان ، فكان الحب لله عنوان . 
	
	ربي .. خالقي .. مولاي .
	
	ربي سيدي .. مبتغاي .
	
	يا من أكرمتني بعينين ولساناً وشفتان . 
	
	يا من كنت عليم بحالي فلم تخذلني في كل أحوالي .
	
	
	عصيتك كثيراً ، ليس جهلاً ولا استخفافاً ولكن شهوة ونزوة وضعف نفسي البشرية ، 
	ألم نكن نحن أهل الخطأ والنسيان ؟ 
	
	جئتك ، تائباً ، منيبا ً ، ضعيفاً ، فقيراً ، ذليلاً .
	
	ربي كان في خاطري الكثير من الأماني وطرقت أبواب البشر كلهم ، من صغيرهم 
	لكبيرهم ، ربي لم تتحقق لي أمنية .
	
	ربي اتكلت على غيرك و أنت موجود ، فكانت النتيجة الخسران ونقض العهود .
	
	ربي كثير هم الذين أغلقوا الباب دون حاجاتي وأغلقوا الباب دون مرادي .
	
	ربي كثير هم الضعفاء ولكن ذلي جعلني أنظر إليهم أنهم أقوياء وبعدي عنك كان لي 
	شقاء . 
	
	
	ربي أضعت الصلاة ، فلا صيام ولا قيام ولكن سوء خلق وكفران للملك العلام . 
	
	ربي في القلب حسرة وفي العين دمعه وفي خاطري كسرة .
	
	ربي .. ألم تأمرنا بالدعاء ووعدت بالإستجابة ، فحقق لي يا ربي الحاجة .
	
	ربي هذه بدايتي وهذه قصتي وأنت عالم بسري وعلانيتي . 
	
	ربي اغسل الخطايا وتجاوز عن الرزايا ، يا عالم الخفايا .
	
	
	ربي هذا دعائي وهذا رجائي ، فاغفر يا غفور وارحم يا رحيم واستر يا ستّير .
	
	وبينما هو في حالة من الذل والخضوع ، سمع صوت يدعوه للرجوع . 
	
	حي .. لتقول له هيا . 
	
	حي على الصلاة .. لتقول له هيا إلى الفلاح .
	
	طالما سمع هذه العبارة ولكن كان يعرض عنها فكانت الخسارة .
	
	ذهب محمد للمسجد ، فتوضأ وكان له مع النور موعد . 
	
	صلى للمسجد تحية ، فأحس براحة نفسية وكان السكون له هدية . 
	
	بدأت الصلاة التي هي للدين عماد وللإنسان رشاد . 
	
	فبدأ الإمام بقراءة الفاتحة التي هي أم الكتاب ثم بعدها كان هذا الخطاب .
	
	(( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر 
	الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) .
	
	فسُمع صوت بكاء حار ، لمحمد المعروف بسوء الفعل و الأفكار .
	
	فتهللت أسارير المصلين ، بتوبة محمد وعودته لطريق المتقين .
	
	فأصبح بعد سنين ، الشيخ محمد الحافظ للقران صاحب العلم الدين .
	
	وتغيرت الأحوال وأصبحت السعادة شعاره ودثاره .
	
	هذا هو النجاح الحقيقي ، عندما يتعرف الإنسان على طريق الخير والصلاح ولا يكفي 
	أن يتعرف فقط عليه , بل عليه أن يسلك هذا الطريق .
	
	طريق الاستقامة يا أحباب ، للجنة باب فاعتبروا يا أولي الألباب .
	
	طريق الاستقامة يا أحباب ، أن تطيع رب الأرباب وتتبع الرسول - صلى الله عليه 
	وسلم - ومن معه من الأصحاب وأن تعمل ليوم الحساب .
	
	فسلك محمد الطريق .. رغم ما كان من حاله من ضيق ، فانفرج الهم وزال الكرب وسعدت 
	النفس .
	
	هذه قصة وفيها عظه و عبرة .
	
	محمد .. الذي كان ذليل وبعد الهداية عز وارتفع ، بتمسكه بهذا الدين ليكون من 
	عباد الله المتقين .
	
	قصة كتبتها من وحي أفكاري لثقتي أنها تتكرر في مشاهد أخرى وصور أخرى .
	
	والجميل أن الصور مهما كانت قاتمة في البداية ومؤلمة لكن النهاية تكون سعيدة 
	بإذن الله .
	
	عندما تكون النهاية مثل نهاية محمد ولكن فليحذر من يتمادى في المعاصي بين جهر 
	وسر .
	
	أن يختم الله له بالسوء وأن يتذكر مع تذكره أن الله غفور رحيم أنه شديد العقاب 
	.
	
	ربي .. أسرفت في المعاصي ، ليس استهتار بجلالك الكريم فأنت والله عظيم ولكن 
	جهلاً ونسياناً .
	
	فالنفس أمارة بالسوء والعقل غطته الشهوة والنزوة .
	
	فيا كريم أكرمني بالتوبة واجعلني مفتاح لكل خير مغلاق لكل شر .
	
	
	
	كتبه : عبد الله بن محمد بادابود