مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية

مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية

كتبه الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر في 6 ربيع الثاني 1447

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسوله ومصطفاه أما بعد:

فقد كثرت شكوى الآباء من عزوف الأبناء عن الزواج، مع توافر المال، وراحة البال، واستقرار الأحوال، وقلة الأشغال، مع أن شدة التوقان للزواج قرب سن العشرين ثم تقل مع مرور السنوات، فكتبت في مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية.

المطلب الأول: حكم الزواج بواحدة

الزواج من سنن النبيين وهدي المرسلين، قال تعالى: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)الرعد/ 38.

وهو وصية النبي – – للشباب، عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءةَ ( تكاليف الزواج والقدرة عليه ) فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ( أي: حماية من الوقوع في الحرام ) ([1]).

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: " وقال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة بحيث لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزويج: لا يُختلف في وجوب التزويج عليه " " فتح الباري " ( 9 / 110 ).

وقال ابن الجوزي رحمه الله: " تأملت في فوائد النكاح ومعانيه وموضوعه، فرأيت أن الأصل الأكبر في وضعه وجود النسل، ثم رأيت هذا المقصود الأصلي يتبعه شيء آخر، وهو استفراغ هذا الماء الذي يؤذي دوام احتقانه، فإنه إذا وقع به احتباسه أوجب أمراضا وجدد أفكارا رديئة، وجلب العشق والوسوسة إلى غير ذلك من الآفات " " صيد الخاطر " (ص34).

والزواج سبب للغنى، ففي " تفسير القرطبي " (12 / 241): " لَا تَمْتَنِعُوا عَنِ التَّزْوِيجِ بِسَبَبِ فَقْرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، " إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ "، وَهَذَا وَعْدٌ بِالْغِنَى لِلْمُتَزَوِّجِينَ طَلَبَ رِضَا اللَّهِ، وَاعْتِصَامًا مِنْ مَعَاصِيهِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ، وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: عَجَبِي مِمَّنْ لَا يَطْلُبُ الْغِنَى فِي النِّكَاحِ "

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( ثَلاَثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمُ: الْمُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِى يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِى يُرِيدُ الْعَفَافَ ) رواه الترمذي ( 1655 )، وقال: حسن، والنسائي ( 3120 )، وابن ماجه (2518 )، وحَّسنه الألباني في "صحيح الترمذي".

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (رغبهم الله في التزويج، وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى). رواه ابن جرير الطبري (17/275) من طريق علي بن أبي طلحة، وهي طريق صحيحة معتمدة عن ابن عباس.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (التمسوا الغنى في النكاح). رواه ابن جرير الطبري في "جامع التأويل" (17/275)،

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (8/2582)

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (التمسوا الغنى في الباه) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (3/868)،

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (عجبت لرجل لا يطلب الغنى بالباءة، والله تعالى يقول في كتابه: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) النور/32. عزاه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص/149) لعبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، أن عمر قال: وذكره.

المطلب الثاني: حكم التعدد عند شدة الشهوة:

يشرع التعدد لمن لا تكفيه زوجة واحدة، ولا يزيد عن أربع زوجات لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النِّساء:٣].

وقد روى البيهقي في "سننه" (7/ 136) عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: " تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ أَوْ بِضْعًا وَسَبْعِينَ امْرَأَةً ". وهذا إسناد صحيح، انظر: "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 198).

روى البخاري في صحيحه برقم 5069 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَزَوَّجْتَ قُلْتُ لَا قَالَ فَتَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً. أخرجه الحاكم (2675)، وأحمد بن منيع كما في ((إتحاف الخيرة)) (3071) باختلاف يسير، وأحمد (2048) وزاد "كان" أكثرها نساء.

قال الحافظ في الفتح: قَوْله ( فَإِنَّ خَيْر هَذِهِ الْأُمَّة أَكْثَرهَا نِسَاء )

قَيَّدَ بِهَذِهِ الْأُمَّة لِيَخْرُج مِثْل سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِنَّهُ كَانَ أَكْثَر نِسَاء كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَته، وَكَذَلِكَ أَبُوهُ دَاوُدَ، وَوَقَعَ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيق أَيُّوب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " تَزَوَّجُوا فَإِنَّ خَيْرنَا كَانَ أَكْثَرنَا نِسَاء " قِيلَ الْمَعْنَى خَيْر أُمَّة مُحَمَّد مَنْ كَانَ أَكْثَر نِسَاء مِنْ غَيْره مِمَّنْ يَتَسَاوَى مَعَهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْفَضَائِل. وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ مُرَاد اِبْن عَبَّاس بِالْخَيْرِ النَّبِيّ ﷺ، وَبِالْأُمَّةِ أَخِصّاء أَصْحَابه؛ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ تَرْكَ التَّزْوِيج مَرْجُوح، إِذْ لَوْ كَانَ رَاجِحًا مَا آثَرَ النَّبِيّ غَيْره، وَكَانَ مَعَ كَوْنه أَخْشَى النَّاس لِلَّهِ وَأَعْلَمهمْ بِهِ يُكْثِر التَّزْوِيج لِمَصْلَحَةِ تَبْلِيغ الْأَحْكَام الَّتِي لَا يَطَّلِع عَلَيْهَا الرِّجَال، وَلِإِظْهَارِ الْمُعْجِزَة الْبَالِغَة فِي خَرْقِ الْعَادَة لِكَوْنِهِ كَانَ لَا يَجِد مَا يَشْبَع بِهِ مِنْ الْقُوت غَالِبًا، وَإِنْ وَجَدَ كَانَ يُؤْثِر بِأَكْثَرِهِ، وَيَصُوم كَثِيرًا وَيُوَاصِل، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَطُوف عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَة الْوَاحِدَة، وَلَا يُطَاق ذَلِكَ إِلَّا مَعَ قُوَّة الْبَدَن، وَقُوَّة الْبَدَن كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل أَحَادِيث الْبَاب تَابِعَة لِمَا يَقُوم بِهِ مِنْ اِسْتِعْمَال الْمُقَوِّيَات مِنْ مَأْكُول وَمَشْرُوب، وَهِيَ عِنْده نَادِرَة أَوْ مَعْدُومَة. وَوَقَعَ فِي " الشِّفَاء " أَنَّ الْعَرَب كَانَتْ تَمْدَح بِكَثْرَةِ النِّكَاح لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرُّجُولِيَّة، إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمْ تَشْغَلهُ كَثْرَتهنَّ عَنْ عِبَادَة رَبّه، بَلْ زَادَهُ ذَلِكَ عِبَادَة لِتَحْصِينِهِنَّ وَقِيَامه بِحُقُوقِهِنَّ وَاكْتِسَابه لَهُنَّ وَهِدَايَته إِيَّاهُنَّ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّحْصِينِ قَصْر طَرْفهنَّ عَلَيْهِ فَلَا يَتَطَلَّعْنَ إِلَى غَيْره، بِخِلَافِ الْعُزْبَة فَإِنَّ الْعَفِيفَة تَتَطَلَّع بِالطَّبْعِ الْبَشَرِيّ إِلَى التَّزْوِيج، وَذَلِكَ هُوَ الْوَصْف اللَّائِق بِهِنَّ. وَالَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ كَلَام أَهْل الْعِلْم فِي ا لْحِكْمَة فِي اِسْتِكْثَاره مِنْ النِّسَاء عَشَرَة أَوْجُه تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَى بَعْضهَا.

أَحَدهَا أَنْ يُكْثِر مَنْ يُشَاهِد أَحْوَاله الْبَاطِنَة فَيَنْتَفِي عَنْهُ مَا يَظُنّ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَنَّهُ سَاحِر أَوْ غَيْر ذَلِكَ.

ثَانِيهَا لِتَتَشَرَّف بِهِ قَبَائِل الْعَرَب بِمُصَاهَرَتِهِ فِيهِمْ.

ثَالِثهَا لِلزِّيَادَةِ فِي تَأَلُّفهمْ لِذَلِكَ.

رَابِعهَا لِلزِّيَادَةِ فِي التَّكْلِيف حَيْثُ كُلِّفَ أَنْ لَا يَشْغَلهُ مَا حُبِّبَ إِلَيْهِ مِنْهُنَّ عَنْ الْمُبَالَغَة فِي التَّبْلِيغ.

خَامِسهَا لِتَكْثُر عَشِيرَته مِنْ جِهَة نِسَائِهِ فَتُزَاد أَعْوَانه عَلَى مَنْ يُحَارِبهُ.

سَادِسهَا نَقْل الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الَّتِي لَا يَطَّلِع عَلَيْهَا الرِّجَال، لِأَنَّ أَكْثَر مَا يَقَع مَعَ الزَّوْجَة مِمَّا شَأْنه أَنْ يَخْتَفِي مِثْله.

سَابِعهَا الِاطِّلَاع عَلَى مَحَاسِن أَخْلَاقه الْبَاطِنَة، فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمّ حَبِيبَة وَأَبُوهَا إِذْ ذَاكَ يُعَادِيه، وَصَفِيَّة بَعْد قَتْلِ أَبِيهَا وَعَمّهَا وَزَوْجهَا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْمَل الْخَلْق فِي خُلُقه لَنَفَرْنَ مِنْهُ، بَلْ الَّذِي وَقَعَ أَنَّهُ كَانَ أَحَبّ إِلَيْهِنَّ مِنْ جَمِيع أَهْلهنَّ.

ثَامِنهَا مَا تَقَدَّمَ مَبْسُوطًا مِنْ خَرْقِ الْعَادَة لَهُ فِي كَثْرَة الْجِمَاع مَعَ التَّقَلُّل مِنْ الْمَأْكُول وَالْمَشْرُوب وَكَثْرَة الصِّيَام وَالْوِصَال، وَقَدْ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَقْدِر عَلَى مُؤَن النِّكَاح بِالصَّوْمِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ كَثْرَته تَكْسِر شَهْوَته فَانْخَرَقَتْ هَذِهِ الْعَادَة فِي حَقّه ﷺ.

تَاسِعهَا وَعَاشِرهَا مَا تَقَدَّمَ نَقْله عَنْ صَاحِب " الشِّفَاء " مِنْ تَحْصِينهنَّ وَالْقِيَام بِحُقُوقِهِنَّ، وَاللَّهُ أَعْلَم. وَوَقَعَ عِنْد أَحْمَد بْن مَنِيع مِنْ الزِّيَادَة فِي آخِره " أَمَا إِنَّهُ يُسْتَخْرَج مِنْ صُلْبك مَنْ كَانَ مُسْتَوْدَعًا " وَفِي الْحَدِيث الْحَضّ عَلَى التَّزَوُّج وَتَرْك الرَّهْبَانِيَّة.

وقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق الإمام مالك بن أنس قال: كان المغيرة بن شعبة نكّاحاً للنساء، ويقول: صاحب المرأة الواحدة إن مرضت مرض معها وإن حاضت حاض معها، وصاحب المرأتين بين نارين يشتعلان، قال: وكان ينكح أربعاً جميعاً ويطلقهن جميعاً.)). وروى من طريق ليث بن أبي سُلَيم قال: قال المغيرة بن شعبة أحصنت ثمانين امرأة فأنا أعلمكم بالنساء كنت أحبس المرأة لجمالها وأحبس المرأة لولدها وأحبس المرأة لقومها وأحبس المرأة لمالها فوجدت صاحب الواحدة إن زارت زار وإن حاضت حاض وإن نفست نفس وإن اعتلت اعتل معها بانتظاره لها ووجدت صاحب الثنتين في حرب هما ناران يشتعلان ووجدت صاحب الثلاث في نعيم وإذا كن أربعا كان في نعيم لا يعدله شيء ولا يقتصرن أحدكم على الواحدة فيكون مثله مثل أبي جفنة وامرأته أم عقار أنه قال لها إذا كنت خاطبا فإياك وكل مجفرة مبخرة منتفخة الوريد كلامها وعيد وبصرها حديد سفعاء فوهاء قليلة الإرغاء دائمة الدعاء سلفع لا تروى ولا تشبع دائمة القطوب عارية الظنبوب حديدة الركبة سريعة الوثبة شرها يفيض وخيرها يغيض لا ذات رحم قريبة ولا غريبة نجيبة إمساكها مصيبة طلاقها حريبة فضول مئنات حبلها رفات وشرها ديات واغرة الضمير عالية الهدير شثنة الكف غليظة الخف لا تعتذر من علة ولا تأوي من قلة تأكل لما وتوسع ذما تفشي الأسرار وتؤذي الأخيار وهي مع ذلك من أهل النار.

فأجابته امرأة فقالت: بئس لعمرو الله ما علمت زوج المرأة المسلمة قضمة حطمة أحمر المأكمة محزون اللهزمة جلد عنز هرمة وسرة متقدمة وشعره صهباء وأذن هدباء ورقبة هلباء لئيم الأخلاق ظاهر النفاق صاحب حقد وهم وحزن رهين الكاس زعيم الأنفاس بعيد من كل خير يسأل الناس إلحافا وينفقه إتلافا ووجهه عبوس وشره ينوس وخيره محبوس أشأم من البسوس لا ألوف مفيد ولا متلاف قصود فهو شر أشنع وبطر أجمع ورأس أصلع مجمع مضفدع في صورة كلب وبدن إنسان هو الشيطان بل هو أم صئبان.اهـ.

وذكرها ابن عبد البر ( ت 463 هـ ) في " بهجة المجالس وأنس المجالس " فقال:

قال المغيرة بن شعبة: صاحب المرأة الواحدة امرأة مثلها، إن بانت بان معها، وإن حاضت حاض معها، وإن مرضت مرض معها، وصاحب المرأتين على جمرتين، وصاحب الثلاث على رستاق، وصاحب الأربعة كل ليلةٍ عروس،

ونقل الذهبي في السير 3 / 31 من طريق مالك قال: كَانَ المُغِيْرَةُ نَكَّاحاً لِلنِّسَاءِ، وَيَقُوْلُ: صَاحِبُ الوَاحِدَةِ إِنْ مَرِضَتْ مَرِضَ، وَإِنْ حَاضَتْ حَاضَ، وَصَاحِبُ المَرْأَتَيْنِ بَيْنَ نَارَيْنِ تُشْعَلاَنِ.

وَكَانَ يَنْكِحُ أَرْبَعاً جَمِيْعاً، وَيُطَلِّقُهُنّ َ جَمِيْعاً.أهـ

وقال ابن كثير في البداية والنهاية 8 / 316:

وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَجُلًا نَكَّاحًا لِلنِّسَاءِ، وَكَانَ يَقُولُ: صَاحِبُ الْوَاحِدَةِ إِنْ حَاضَتْ حَاضَ مَعَهَا، وَإِنْ مَرِضَتْ مَرِضَ مَعَهَا، وَصَاحِبُ الثِّنْتَيْنِ بَيْنَ نَارَيْنِ تَشْتَعِلَانِ. قَالَ: فَكَانَ يَنْكِحُ أَرْبَعًا جَمِيعًا وَيُطَلِّقُهُنّ َ جَمِيعًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: تَزَوَّجَ ثَمَانِينَ امْرَأَةً. وَقِيلَ: ثَلَاثَمِائَةِ امْرَأَةٍ. وَقِيلَ: أَحْصَنَ أَلْفَ امْرَأَةٍ.

وقد استحسن معناه بعض العلماء، مثل ابن رشد الجد في البيان والتحصيل، ج 17، ص 26، فقال: في هذا وصف ما كان عليه المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - مما وهبه الله إياه من القدرة على كثرة الاستمتاع بالمباح من النساء، وتلك فضيلة في الدنيا والآخرة؛ لأن الرجل يؤجر في وطء زوجاته وجواريه وفي الاغتسال من وطء كل واحدة منهن كلما وطئها، فهو يستمتع بالحلال، ويؤجر باستمتاعه به، فأي موهبة أعظم من هذه. اه.

واستحسنه الدكتور عطية صقر في (موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام) ج 6، ص 109، فقال: ويعجبني في هذا المقام ما قاله المغيرة بن شعبة، الذي يقال: إنه أحصن مائة امرأة. اه.

وفي فتح المغيث جزء ٣صفحة ٢٦٤: وأسند الخطيب عن مطر قال: العلم أكثر من مطر السماء، ومثل الذي يروي عن عالم واحد كرجل له امرأة واحدة فإذا حاضت بقي.

والمعنى أن الذي له شيخ واحد ربما احتاج من الحديث لما لا يجده عند شيخه فيصير حائرا، وكذلك من له زوجة واحدة قد يتفق توقانه إلى النكاح في حال حيضها فيصير حائرا، فإن كانت له زوجة أخرى أو أمة، حصل الغرض.

وفي ( معاشرة الأهلين ) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: ( وجدت صاحب الواحدة إن زارت زار، وإن حاضت حاض، وإن نفست نفس، وكلما اعتلت اعتل معها بانتظاره لها (.ثم ذكر صاحب الثنتين وصاحب الثلاث والأربع.

والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


 

([1]) رواه البخاري - فتح الباري رقم 5066.