|
يتناول بعض الناس في جملة أحاديثهم شيئاً من الأحكام الشرعية , ويخوضون في بعض
المسائل تحريماً أو تحليلاً دون علم وفقه في المسألة , وقد قال ربنا – سبحانه –
( ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام.. ) وقال – جل شأنه (
ولاتقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )
وكأن الأمر هيّن ويسير , ثمّ ينتقلون من مسألة إلى أخرى إفتاءً وإصداراً
للأحكام , وماعلم أولئك أن الصحابة والسلف – رضي الله تعالى عنهم ورحمهم –
يتدافعون الفتوى , ويهابون جانبها , وهم أعلم بسنة رسول الله – صلى الله عليه
وسلم – من غيرهم , ومما زاد الطين بلّة – عند من لاعلم له من عامّة الناس
ودهمائهم – أنهم يخوضون في المسائل المالية طمعاً في تحليل معاملات أقلّ مايمكن
أن يقال عنها أنها مشبوهة , وللعلماء فيها كلام طويل , وتفصيل عجيب , وتأويلات
دقيقة تخفى – ولاشك – حتى على بعض طلبة العلم , فكيف بمن دونهم ؟
أخي : احذر كل الحذر , وابتعد كل البعد عن الخوض في المسائل الشرعية دون علم
فالأمر جدّ خطير , وانج بنفسك أن تزلّ بك قدم في ذلك , ونبّه غيرك وأرشده ,
ولاتفت إلا بما ظهر لك وبان , وكنت متأكداً منه بوضوح كوضوح الشمس في رابعة
النهار , مع عزو إلى الدليل والمرجع والمصدر , وإننا لنعجب أشد العجب من تطاول
بعض من لاعلم له على الفتيا وإصدار الأحكام الشرعية له أو لغيره من جلسائه ,
بحجة أنه سمع بعض المشائخ يقول في مسألة ما : حرام أو حلال أو مكروه وهو لم
يستوعبها أصلاً , ولم يفهم الحال والمراد !! ولعلك – أخي – تلحظ أن العلماء
كلما أرادوا إفتاء الناس في مسألة أوحكم , صدّروا كلامهم بما يفيد الأدب مع
الله وتفويض العلم إليه – سبحانه – وقرنوا بالدليل , ووقفوا عند حدود مايمكن
الوقوف عليه في مثل هذا المقام , لأنهم ورثة الأنبياء والمرسلين , وقد أخذوا
بحظ وافر من هذا الإرث ( العلـم ) .