اطبع هذه الصفحة


وقفات مع القاعدة القرآنية
﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾

يزن الغانم


بسم الله الرحمن الرحيم
 


بسم الله والحمد لله، أما بعد: فإن من أعظم ما جاء في القرآن ذكر الأسماء الحسنى والصفات العلا لله سبحانه وتعالى، ومن ذلك القاعدة القرآنية، في قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11].

هذه وقفات مهمة على منهج أهل السنة
.

الوقفة الأولى
:
في دلالة الآية على نفي المثيل والنظير لله سبحانه وتعالى؛ قال تعالى
: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 4]؛ أي: لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
وعن عبدالله بن مسعودٍ: قال رجلٌ: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: (أن تدعو لله ندًّا وهو خلَقك)؛ رواه البخاري ومسلم.
ندًّا: قال أهل العلم: (ندًّا) بكسر النون وتشديد الدال؛ أي: مثلًا ونظيرًا.

الوقفة الثانية
:
في دلالة الآية في إثبات الصفات لله تعالى؛ قال العلامة السعدي في تفسيره على هذه الآية: وهذه الآية ونحوها دليل لمذهب أهل السنة والجماعة، من إثبات الصفات ونفي مماثلة المخلوقات؛ انتهى
.
وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [النحل: 60]، المثل الأعلى: هو كل صفة كمال لله تعالى.

الوقفة الثالثة
:
في دلالة الآية على قطع الطمع عن إدراك كيفية الصفات لله تعالى؛ قال تعالى
: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه: 110].
والقاعدة في ذلك ما تلقاه العلماء وأهل السنة عن الإمام مالك رحمه الله لَما سُئل عن الاستواء، قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة)، وهكذا في جميع الصفات فالكيف مجهول لنا.

الوقفة الرابعة
:
في دلالة الآية أن الواجب نفي التشبيه عنه سبحانه، ثم إثبات الصفات له تعالى، وهذا على عكس طريقة أهل البدع ممن ينفي الصفات؛ لأنهم يقعون في التشبيه أولًا في أنفسهم ثم يعطلون ثانيًا، وهذا عكس منهج القرآن من نفي التشبيه ثم الإثبات؛ الآية
: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .

الوقفة الخامسة
:
في دلالة الآية على أنه سبحانه السميع البصير؛ ﴿
 وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لجميع الأصوات على اختلاف اللغات وتفنن الحاجات، ﴿ الْبَصِيرُ ﴾ يبصر كل شيء صغُر أو كبُر، ويرى دبيب النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على الصخرة الصماء.

الوقفة السادسة
:
أن تماثل المسميات لا يعني تماثل المسمى به، وفي ذلك يقول العلامة الأمين الشنقيطي: ووصف نفسه بالسمع والبصر في غير ما آية من كتابه، قال
: ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [الحج: 75]، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، ووصف بعض الحوادث بالسمع والبصر؛ قال: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان: 2]، ﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا [مريم: 38].

ونحن لا نشك أن ما في القرآن حق، فله جل وعل سمع وبصر حقيقيان لائقان بجلاله وكماله، كما أن للمخلوق سمعًا وبصرًا حقيقين مناسبين لحاله من فقره وفنائه وعجزه، وبين سمع وبصر الخالق وسمع وبصر المخلوق من المخالفة كمثل ما بين ذات الخالق والمخلوق؛ منهج دراسة لآيات الأسماء والصفات (ص،٥)
.

الوقفة السابعة
:
في دلالة الآية في الرد على المشبهة والممثِّلة الذين يشبهون الخالق بالمخلوق، وذلك في قوله
: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ .

الوقفة الثامنة
:
في دلالة الآية في الرد على المعطِّلة والذين ينفون الصفات عن الله تعالى، وذلك في قوله
: ﴿ وهو السميع البصير .

الخاتمة
:
إن هذه الآية على وجازتها هي قاعدة عظيمة وكافية، ويؤخذ منها مذهب أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات لله تعالى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
.

وكتبها يزن الغانم


 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية