اطبع هذه الصفحة


إفادة العباد، بالإجماعات التي نقلها العثيمين في شرح كتاب الصيام من الزاد

مبارك بن خليفة بن محمد العساف



الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبه أجمعين.

أما بعد.
فمن سُنَنِ أهل العلم التي مشوا عليها، واقتفى من سار على نهجهم أثرَها: جمْعُ شتات العلم؛ ليسهلَ العلمُ على طالبه،
ويفتح له أبواب معرفته، ويختصر الطريق على سالكه.
فمن هذا الباب كتبت هذه الرسالة العلمية المختصرة، جامعًا فيها الإجماعاتِ التي نقلها العلامةُ الفقيهُ المحققُ:
محمد الصالح العثيمين - رحمه اللهُ، وطيَّب ثراه - في شرحه لكتاب الصيام من زاد المستقنع؛ وهذهِ الإجماعاتُ متعلقةٌ بالصيام والاعتكاف وأحكامهما،
وبعضها جاء تبَعًا في الكتاب كما سيراه القارئ - إن شاء الله - في هذهِ الرسالة.
وقد علقتُ على بعض النقول، توضيحًا للمقصود، وزيادة في الفائدة.
والإجماع من الأدلة الشرعية التي يجب العمل بها، وهو بعد الكتاب والسنة.

والإجماع لا يكون إلاَّ بدليل، وقد يخفَى علينا هذا الدليل، ولكن حسبُنا العملُ بالإجماع.
وفائدةُ نقل الإجماع: أنه يقضي على تأويل النصوص والاجتهاد فيها، فيختلف في المعنى المجتهدون، ويتنازع فيه المتنازعون، فالإجماع يقضي على ذلك.
وقد تنوَّعت عباراتُ الناقلين للإجماع، وكلُّها تدلُّ على معنًى واحدٍ، كقولهم: أجمع العلماء، واتفق العلماء، ولا خلاف في المسألة بين العلماء، إلى غير ذلك من العبارات.
وإنْ كان بعضُ العلماءِ يفرِّق بين معنى هذهِ العبارات على حسب اصطلاحه.
والإجماع إذا نقله عالم معتبر واسع الاطلاع، وجب العمل بنقله، ما لم يتبيَّن عدم صحة نقله.
والشيخُ العلامةُ العثيمين واسع الاطلاع، طويلُ الباع، عالمٌ بالخلاف والإجماع، ولذلك فإن قوله ونقله معتبر، مالم يتبيَّن خلاف ما نقل.
ولستُ بصدَدِ الكلام عن الإجماع وما يتعلق به، ولكنها إشارت قدمتُ بها لهذه الرسالة، ومن أراد التزود: فليرجع إلى مظانِّ هذا العلم، في كُتب الأصول وغيرها.
وهذهِ الإجماعات - وهي عشرون إجماعًا - بين يديك أيها القارئ الكريم، - نفعني الله وإياك بها-، فاللهمَّ يسِّر وأعِنْ.

الإجماع الأول: حكم الصيام.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
وحكمه: الوجوب بالنص والإجماع.
(الشرح الممتع ٢٩٨ / ٦)

الإجماع الثاني: وقت فرض الصيام.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
وقد فرض اللهُ الصيام في السنة الثانية إجماعًا.
(الشرح الممتع ٢٩٨ / ٦)

الإجماع الثالث: عدد الرمضانات التي صامها الرسولﷺ.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
صام النبيُّﷺ تسع رمضانات إجماعًا.
(الشرح الممتع ٢٩٨ / ٦)

الإجماع الرابع: اختلاف التوقيت اليومي.
قال رحمه اللهُ:
التوقيت اليومي يختلف فيه المسلمون بالنص والإجماع.
(الشرح الممتع ٣١٠ / ٦)
قلتُ: ذكر الشيخُ هذهِ المسألة من أجل بيان أن المطالع تختلف بين الناس، فكما أنهم يختلفون في التوقيت اليومي، فيجب أن يختلفوا في التوقيت الشهري، وعلى هذا رجح الشيخ أن رؤيةَ الهلالِ تكون باعتبار المطالع.

الإجماع الخامس:
جواز الفطر في السفر.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
وقد أجمع العلماءُ أنه يجوز للمسافر الفطر.
(الشرح الممتع ٣٢٦ / ٦)
الإجماع السادس: عدم لزوم الصيام على الحائض والنفساء.
قال رحمه اللهُ :
لا يلزمها إجماعًا.
(الشرح الممتع ٣٣٢ /٦)

الإجماع السابع:
عدم صحة الصيام من الحائض.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ - :
لا يصحُّ منها إجماعًا.
(الشرح الممتع ٣٣٢ /٦)

الإجماع الثامن:
لزوم قضائها للصيام.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ - :
يلزمها قضاؤه إجماعًا.
(الشرح الممتع ٣٣٢ /٦)

الإجماع التاسع:
المفطرات المجمع عليها وهي: الأكل والشرب والجماع.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
وقد أجمع العلماءُ على أن هذهِ الثلاثة تفسد الصوم.
(الشرح الممتع ٣٦٦ / ٦)
وأعاد الشيخ ذكر الإجماع على أن الجماع من المفطرات في الصفحة ٣٩٩

الإجماع العاشر:
الإنزال من غير جماع يعتبر دون الجماع.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
فالإنزال دون الجماع بالاتفاق.
(الشرح الممتع ٤٠١ / ٦)
قلتُ: ذكر الشيخُ هذهِ المسألةَ من أجل بيان أن الإنزال من غير جماع لا يوجب الكفارة؛ لعدم التساوي بين الجماع والإنزال من غير جماع.

الإجماع الحادي عشر:
الاتفاق على قاعدة " لا واجب مع العجز"
قال رحمه اللهُ:
القاعدة العامة الأصولية التي اتفق عليها الفقهاء في الجملة، وهي أنه (لا واجب مع العجز).
(الشرح الممتع ٤١٨ / ٦)
قلتُ: ذكر الشيخُ هذهِ القاعدة استدلالاً على سقوط الكفارة عند العجز عنها.

الإجماع الثاني عشر:
مشروعية الحج عن الميت فرضًا أو نذرًا.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
فالحج يقضى عن الميت فرضًا كان أو نذرًا.
(الشرح الممتع ٤٥٥ / ٦)

الإجماع الثالث عشر:
عدم مشروعية قضاء الصلاة عن الميت إذا كانت واجبةً بأصل الشرع.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
والصلاةُ لا تقضى قولاً واحدًا إذا كانت بأصل الشرع، وإن كانت واجبة بالنذر فإنَّها تقضى على المذهب.
(الشرح الممتع ٤٥٥/ ٦)
قلتُ: ذكر الشيخُ هذهِ المسألة في معرض كلامه عن حكم الصيام عن الميت،
والصوم عن الميت أمر مختلف فيه بكل صوره، ولذلك لم يصرح الشيخ بأن قضاء الصوم إذا كان منذورا أمر مجمع عليه، ولكن لم يذكر فيه خلافا، وإنما ذكر الخلاف في الصوم عن الميت بأصل الشرع، ورجح مشروعيته.

الإجماع الرابع عشر:
كراهة إفراد يوم الجمعة بصيام.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
وإفراد الجمعة أشدُّ كراهةً؛ لثبوت الأحاديث في النهي عن ذلك بدون نزاع.
(الشرح الممتع ٤٦٤ / ٦)
قلتُ: المنهيُّ عنه التخصيص، أما إذا صامه من غير تخصيص إما لأنه وافق يوم صومه، أو ليس له إلاَّ هذا اليوم الذي يستطيع الصوم فيه، فإنَّه لا يكره في حقه صوم يوم الجمعة.
وذهب إلى ذلك العثيمين (الشرح الممتع ٤٧٧/ ٦)

الإجماع الخامس عشر:
أن الأحاديث الواردة في فضل الصوم والصلاة في رجب مكذوبة.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ - :
إنَّ كل ما يروى في فضل صومه، أو الصلاة فيه من الأحاديث فكذب باتفاق أهل العلم بالحديث.
(الشرح الممتع ٤٧٦/ ٦)

الإجماع السادس عشر:

حرمة صيام يومي العيد.
قال رحمه اللهُ:
العلماءُ أجمعوا على أنَّ صومَهما محرَّمٌ، فلا يجوز لإنسانٍ أن يصومَ يوم العيدين.
(الشرح الممتع ٤٨٠ / ٦)

الإجماع السابع عشر:
سُنِّيَّةُ الاعتكاف.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -: وقوله: "مسنون" قد دل على هذا الكتاب، والسنة، والإجماع.
وقال أيضًا: وأمَّا الإجماع فقد نقله غير واحد من اهل العلم.
(الشرح الممتع ٥٠٣ - ٥٠٤/ ٦)

الإجماع الثامن عشر:
الأماكن التي تعتبر حرما.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
المسجد الأقصى فليس له حرم بالاتفاق.
لأن العلماء مجمعون على أنه لا حرم إلاَّ للمسجد الحرام والمسجد النبوي، على خلافٍ في المسجد النبوي، وواد في الطائف يقال له: وادي وج، على خلاف فيه أيضًا،
وما عدا الثلاثة الأماكن فإنَّها ليست بحرم بالاتفاق.
( الشرح الممتع ٥١٥ / ٦ )
قلتُ: فإن خلاصة الكلام السابق مع زيادة الفائدة أن:
- المسجدُ الحرام حَرَمٌ بالإجماع.
- المسجدُ النبويُّ فيه خلاف، والجمهور على أنه حَرَمٌ.
-وادي وج ليس حَرَمًا عند الجمهور.
ماعدا هذهِ الثلاثة - بما فيها المسجد الأقصى - لا يسمى حرما إجماعًا.

الإجماع التاسع عشر:
بطلان نكاح المعتدَّة.
قال العلامةُ العثيمين:
والباطلُ ما أجمع العلماءُ على بطلانه كنكاح المعتدَّة.
(الشرح الممتع ٢٢٥ / ٦ )
الإجماع العشرون: فساد الحج والعمرة بالجماع.
قال العلامةُ العثيمين
- رحمه اللهُ -:
الحجُّ والعمرة لهما أحوالٌ خاصةٌ؛ لقوَّةِ لُزومهما وثبوتهما، فلا يُفسدهما المُحرَّم فيهما إلاَّ ما أجمع العلماءُ عليه، وهو فيما أعلم الجماع.
(الشرح الممتع ٥٢٧ / ٦)

وبهذا الإجماع تنتهي الإجماعاتُ المنقولةُ من شرح العلامةِ العثيمين على كتاب الصيام من كتاب زاد المستقنع للعلامة الحجاوي - رحمة الله على الجميع -؛ وكما قرأت فإنَّ غالبَ الإجماعات المنقولة متعلقة بالصيام، وبعضها جاء تبعًا لاستطرادِ الشيخ - رحمه اللهُ -، فنقلتُها للفائدة.

فأسأل الله أن ينفعَ بهذه الرسالة، ويُباركَ فيها، فيعُمَّ نفعُها، وينتشرَ خيرُها.
واللهَ أسألُ أن يتغمَّدَ العلامةَ العثيمين بواسع رحمته، ويرفع درجته، ويجزيه خير ما جزى عالمًا ناصحًا معلمًا للخير ناشرًا له.
وصلى اللهُ وسلم علىٰ نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.


وكتبه:
مبارك بن خليفة بن محمد العساف
الأربعاء ٤ / ٨ / ١٤٣٧هـ

 

شهر رمضان

  • استقبال رمضان
  • يوم في رمضان
  • رمضان شهر التغيير
  • أفكار دعوية
  • أحكام فقهية
  • رسائل رمضانية
  • المرأة في رمضان
  • سلوكيات خاطئة
  • فتاوى رمضانية
  • دروس علمية
  • رمضان والصحة
  • الهتافات المنبرية
  • العشر الأواخر
  • بطاقات رمضانية
  • المكتبة الرمضانية
  • وداعاً رمضان
  • الصفحة الرئيسية