اطبع هذه الصفحة


طلاب العلم ورد الجميل

د. عبدالله بن معيوف الجعيد
مكة المكرمة


بسم الله الرحمن الرحيم


العلماء ورثة الأنبياء، مقولة نكررها دائمًا بين الفينة والأخرى، فالعلم هو أساس تقدم المجطلاب العلم ورد الجميلتمعات الإسلامية، والعلماء هم الأساس الذي تستند عليه منظومة التقدم، فكلما زاد التعليم في المجتمعات الإسلامية زاد التقدم، وكلما انطفأ التعليم -وبانت ملامح الجهل- كانت الأمم والشعوب في ظلام الجهل والتخلف.

فالتعليم أساس قيام الحضارات والتقدم الذي يرفع شأن الفرد لأعلى المراتب، فقد حثت كل الأديان السماويّة على أهمية العلم والتعلم.

وجاء عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ».

كما أن علماء الأمة الإسلامية لهم المكانة العظيمة في ظل الدين الإسلامي حيث مكانتهم في الدين لا تُنكَر، وفضلٌهم لا يُعد.

ولا يُحصى، وذكر العلامة ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين عن رب العالمين»: «العلماء هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء؛ بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجةُ الناس إليهم أعظمُ من حاجتهم إلى الطعام والشراب».

لكننا، ومع الآسف، هذه الأيام أصبحنا نعاني ظلم ونسيان وتجاهل من بعض طلبة العلم لمشايخهم الذين آثروا في حياتهم، علموهم العلم حتى أصبحوا طلاب علم ومشايخ المستقبل، لكنهم في خضم الدنيا ومشاغلهم نسوا من علموهم الدين الإسلامي، والأكثر من ذلك أن منهم من انتقدوا مشايخهم واتهموهم بالتقصير في القيام بما أوجب الله عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

لكن ما ينساه طالب العلم أن قوة الدين الإسلامي لا تأتي من تعلمهم فقط وأنهم أصبحوا في مصاف المشايخ، لكن قوة ديننا تأتي من إرجاع الفضل لأهله وعدم نسيان من علمونا، والترحم عليهم إن كانوا ماتوا، أو التذكير بأعمالهم وأفضالهم في كل وقت وتوقيرهم إن كانوا على قيد الحياة.

فالجسد القوي هو من يمتلك المناعة ضد الأمراض، وهذا ما يجب عليه الجسد الإسلامي، أما الجسم الضعيف الهزيل المفتقر لكل مقومات الحياة الطبيعية هو من انفصل عن جذوره، ترك تاريخه وتاريخ من علمونا وحاول الاستقلال بنفسه زاعمًا أنه بات مصدر العلم الوحيد.

ولذلك فدائما ما تكون وصيتنا لطلاب العلم بضرورة استغلال مشايخهم في كل أمر يرجعونه إليهم ليستفيدوا من علمهم الواسع، فليس كل من قرأ كتاباً بات عالماً متبحراً في العلم، وأصبح ابن حجر الثاني أو ابن تيميه عصره أو الإمام الذهبي وربما نظر إلى شيخه أيضاً بأنه شيخ معلوماته محدودة، وإنما شيوخنا الكبار هم أهل للرجوع إليهم نسألهم ونستفيد منهم ونُعلي قدرهم ومقدارهم.

ولذلك فمن أول الأمور التي يجب الانتباه إليها من طالب العلم هو كل من تعلمتَ منه علماً فهو شيخك، ورحم الله الإمام الشافعي عندما رأى أعرابياً، فقال: هذا شيخي، فَتَعُجِّبَ من ذلك، فقال: تعلمت منه أن الكلب إذا بلغ وأراد أن يبول رفع رجله، أمَّا قبل ذلك فلا يرفع، وعليك أن توفيهم حقَّهم من التعظيم والتقدير والإجلال.

وفي ظل عالم التواصل والتكنولوجيا الجديدة، باتت مسألة رد الجميل للمشايخ من قبل طلابهم أمر يسيرًا ، فقديماً كانت هناك صورًا متعددة لرد الجميل منها ذكر المشايخ وأفضالهم خلال المحاضرات أو محاولات مستميتة لنسخ بعض كتبهم يدوياً، لكن الوقت الحالي ومع الثورة المعلوماتية باتت هناك إمكانية سهلة وميسرة لرد الجميل من الطالب لشيخه عبر العديد من الوسائل المتاحة في الوقت الحالي منها إقامة مكتبات عبر بوابات العلوم على شبكة الأنترنت سواء في علوم الفقه او الحديث او السيرة النبوية ، كما ان هناك فكرة إقامة المواقع الإليكترونية الشخصية للمشايخ تجمع كل ما كتبه من مؤلفات وسيرته الشخصية ومؤلفاته وعلومه وإسهاماته في كافة العلوم إضافة إلى آراءه في الحياة العامة للناس وما قدمه لطلابه ومحبيه.

وهناك وسائل التواصل الاجتماعي وما يمكن تقديمه للشيخ من خلال الحديث عنه وعن مؤلفاته بين الحين والأخرى والعمل على تقديم شخصيته للجيل الجديد حتى يستفيد من علومه.

محبة طالب العلم لشيخه أمر هام من أجل مزيدًا من التوقير والاحترام التي يطالبنا بهما الدين الإسلامي، كما أن ضرورة معرفةَ قدْرهم، وحفظَ مكانتهم، والدفاع عنهم بأرواحنا، هو المنهج الفعلي للسلف الصالح، ولذلك فعلى كل طلاب العلم أن يكونوا على قدر مسئولياتهم في الحديث عن مشايخهم وذكرهم بالطيب من أفعالهم وعدم نسيانهم، لأن نسيان الفضل ليس من الدين الإسلامي واليوم أنت طالب وتُدافع عن شيخك وتحترمه وتوقره وتسعى لكشف مناقبه للأجيال والأمة، فعليك ان تثق أن الله عز وجل سيقيد لك من يرد لك الجميل.

 

طلب العلم

  • مقدمة الموسوعة
  • منهجية الطلب
  • القراءة
  • دراسة الفنون
  • الحفظ
  • أدب الحوار والخلاف
  • متفرقات
  • المكتبة
  • الأفكار الدعوية
  • الموسوعة