اطبع هذه الصفحة


قضايا مصيرية : مؤتمر المرأة، خلفياته وأبعاده ..

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


2 ـ قضايا مصيرية
مؤتمر المرأة خلفياته وأبعاده

أتناول في هذا المقال الوثيقة التي تم تقديمها في مؤتمر بكين 1995، أي في العام التالي لمؤتمر القاهرة، الذي تناولته في الأسبوع الماضي، وتنص هذه الوثيقة على أنها ملزمة لكل من يوقع عليها، وتطالب بالحد من التحفظات بل وسحب ما يتم تقديمه منها، مع التأكيد على أهمية موضوع "الچندر" وكل ما تتضمنه الوثيقة من انحلال جنسي، إضافة إلى ما يمس الدين والأمن القومي. وإن كان تعزيز وحماية تمتع المرأة والفتاة في سرية مطلقة من البنود الرئيسية، إضافة الى الحد من نفقات التسليح وتحويل أموالها إلى برنامج المرأة وإفسادها، إلا ان فرض تدخل كلا من البنك الدولي وصندوق النقد لدعم هذه الجهود الشاذة يلقي بظلال مؤسفة على هذه المؤسسات ونتائجها التي نراها بوضوح في يومنا هذا. أما الطامة الأخرى فهي ربط الوثيقة بين الدين والتطرف واعتباره، أي الدين، من العوائق التي تواجه المرأة.. وآثاره اليوم ليست بحاجة إلي أية إشارة..

يمثل مؤتمر المرأة المنعقد فى بكين (3ـ15/9/1995)، الحلقة الختامية لسلسلة من المؤتمرات الدولية التصاعدية الحدة ووضوح الهدف. وهى سلسلة تتبناها منظمة الأمم المتحدة، بدأت فى السبعينيات وكان آخرها مؤتمر السكان والتنمية المنعقد بالقاهرة العام الماضى (1994). وتكمن أهمية او خطورة مؤتمر بكين فى أنه يبدو كالضربة القاضية لكل ما يتضمنه من أخطار معلنة بعبارات لا لبس فيها، أو واردة بعبارات مضغمة بدت كالشفرة، فلا يدرك معناها إلا من يعلم فك طلاسمها !
وتحت شعار "المساواة والتنمية والسلم" التى يتلفع بها هذا المؤتمر تندرج العديد من المحاور التى تخالف كل المفاهيم السوية والتشريعات السماوية.

وتزداد خطورة الموقف وجديته فى أن الوثيقة تنص بصريح العبارة أنها مُلزِمة لكل من يوقع عليها (بند 230ح)؛ وتطالب بالحد من أية تحفظات على ما ورد بها من موضوعات إستفزازية أو خارجة (بند 230 د)؛ وتشير إلى وجوب النظر فى سحب التحفظات عن الإتفاقيات السابقة (بند230 ج)؛ وتلزم الحكومات بتنفيذ ما ورد بها من مطالب مع إخضاعها للرقابة والمساءلة (بند 286)؛ والأدهى من ذلك كله أن هذا البرنامج أو هذا "المخطط" إن أمكن القول، عبارة عن "جزء لا يتجزأ من عملية البرمجة الأوسع" التى ستقوم منظومة الأمم النتحدة بجميع هيئاتها ومؤسساتها بتنفيذها فى الفترة ما بين 1995 و 2000، وذلك وفقا للبند 305 !!
و"عملية البرمجة الأوسع" هذه، والتى يعد مؤتمر المرأة جزء لا يتجزأ منها، لا ترد بشأنها أية تفاصيل وإنما يتعيّن علنا أن نتبينها من خضم الأحداث وكواليسها ومن "المناخ العالمى" الذى تقول الوثيقة فى مقدمتها أنه يعنى "التغيرات العالمية، والقرن الجديد، والألفية الجديدة"، دون أن تذكر أية بنود تفصيلية لهذه العبارات.

وإن كانت هناك بعض الإيجابيات فى بنود هذا البرنامج، فهى تبدو جد شاحبة إلى جانب كل ما تتضمنه من محاور بحاجة إلى وقفة صارمة من كافة المسئولين. وأهم هذه المحاور قضية "النوع" (Gender)، والإنفلات الجنسى، والأمن القومى، والدين.

وقضية "النوع" هنا تدور حول مختلف معانى وإستخدامات كلمة "چندر" (بكسر الجيم)، التى يحاول واضعو الوثيقة فرضها كمصطلح بدلا عن كلمة Sex التى تشير إلى الجنس بنوعيه الذكر والأنثى. وكلمة "النوع" هذه ناجمة عن فلسفة تخريبية النزعة، قائمة على رفض حقيقة أن الوضع البيولوجى هو المصير لكل فرد، ورفض حقيقة أن إختلاف الذكر والأنثى من صنع الله عز وجل، وإنما هو مجرد إختلاف ناجم عن التنشئة الأسرية والإجتماعية وعن البيئة التى يحتكرها الرجل ويتحكم فيها لصالحة، كما تتضمن هذه النزعة التخريبية فرض فكرة أنه من حق الإنسان تغيير هويته الجنسية وأدواره المترتبة عليها، والإعتراف رسميا بالشواذ من لواطيين وسحاقيات ومخنثين، والمطالبة بإدراج حقوقهم الإنحرافية ضمن حقوق الإنسان، ومنها حقهم فى الزواج وتكوين أسرات، وحرية الحصول على أطفال سواء بالتبنى أو عن طريق التلقيح الصناعى للسحاقيات ونظام "تأجير البطون" للواطيين..

والغريب أنهم فى رفضهم هذا لسُنة الله عز وجل بزعم تحرير المرأة وتمكينها فهم يلجأون، فى قمة إنحرافهم هذا والكافر بكل القيم والموازين، إلى نفس سُنة الله ونظامه فى خلقه، وإن كان بأساليب ملتوية منحطة ومجردة من أية قيم أخلاقية أو أية مشاعر إنسانية.. فما معنى هذه المطالب الجاحدة، المغلفة بعبارات طنانة، إن لم يكن تخريبا لكافة القيم والمعايير لفرض هدف بعينه ؟!
أما محور الإنفلات الأخلاقى، فهو يتضمن نفس المطالب التى تم محاولة فرضها فى مؤتمر السكان المنعقد بالقاهرة العام الماضى (1994)، مع مزيد من التكرار والإلحاح ومزيد من العبارات المضغمة تارة والصريحة تارة أخرى. إذ تطالب الوثيقة بأنه من حق المرأة والفتاة الحصول والتمتع بحياة جنسية آمنة، مع من تشاء وفى أى سن تشاء، وليس بالضرورة أن يتم ذلك فى إطار الزواج الشرعى، وإنما المهم أن تقدم لهن النصيحة والمشورة بحيث تكون هذه العلاقات الآثمة مأمونة العواقب سواء من ناحية الإنجاب غير المرغوب فيه أو من حيث الإصابة بمرض الإيدز !؟.. تلك مجرد بعض شذرات مما ورد بالجزء ج من الفصل الرابع من البند 91 إلى 106 ..

بل إن الإسهاب فى تناول القضية الجنسية وحق المرأة والفتاة المراهقة فى التمتع بالممارسات الجنسية يجعلها تبدو وكأنها أهم قضية تكافح الوثيقة من أجل تحقيقها ! وذلك بغض الطرف عن كل ما صاحبها من خروج على كافة المعايير وإقحامها فى كافة المجالات التى تناولتها الوثيقة لتبدو الإنحرافات الماجنة وكأنها مسألة طبيعية لا غضاضة فيها كالطعام والشراب !!
وذلك لكى لا نقول شيئا عن تفتيت الروابط الأسرية، أو عدم إدانة الدعارة إلا إن كانت بالإكراه (بند 123) أما طواعية فلا مانع ! وكل هذه الإباحيات وكثير غيرها ليست قاصرة على البنود المذكورة وإنما تتناثر عبر مختلف أقسام الوثيقة التى تطالب الحكومات بإعطاء "الأولوية لتعزيز وحماية تمتع المرأة والرجل بالكامل وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات بدون أى نوع من التمييز" (بند 232).. وهذه الحريات الساسية تدخل ضمنها الحريات الجنسية بتنويعاتها والتحكم فى الحمل والإجهاض وكل ما يخالف شرائع الله. كما يجب على الحكومات "الإهتمام بتلبية الحاجات التقنية والخدمية للمراهقين كيما يتمكنوا من معالجة الجانب الجنسى معالجة إيجابية ومسئولة" (بند 267)؛ وتطالب الوثيقة فى أكثر من موضع بحق المراهقات الحوامل فى مواصلة التعليم (بند 82 ز ، 85 ق الخ.)، دون إدانة هذا الحمل السفاح !

ولا تتحدث الوثيقة عن الزواج أو عن أنه يمثل الرباط الشرعى الذى يجمع بين الرجل والمرأة فى إطار إجتماعى هو الأسرة، وإنما ترى أن الزواج المبكر يعوق المرأة (بنود 41، 72، 95، 108 أ الخ)، وبالتالى فهى تطالب برفع سن الزواج وتحريم الزواج المبكر وتطالب فى نفس الوقت بالحرية الجنسية للفتاة المراهقة وللمرأة فى كافة الأعمار !
ولا ترد عبارة "الوالدين" إلا وتكون مصحوبة بعبارة "أو كل من تقع عليه مسئولية الأطفال مسئولية قانونية (البنود 79، 85 ب، 107 د، 108 هاء،الخ..) ، وهى عبارة تشير إلى مختلف أنواع الأسرات بما فيها "الأسرات المثلية" وحق الشواذ فى الحصول على أطفال بالوسائل التى أشرنا إليها آنفا، وحق هؤلاء "الرجال" فى الحصول على "اجازة والدية" كالنساء لتربية الأطفال (بند 181 ج وغيره) !! بل إن برنامج عمل هذا المؤتمر لا يستخدم عبارة الزوج والزوجة وإنما عبارة Partener أى الشريك أو الزميل فى العملية الجنسية، كما تستخدم عبارة Couple التى تشير إلى أى إثنين أو أية علاقة إثنية سواء أكانت شرعية أم مثلية (البنود من 91 إلى 100 وغيرها). وذلك إلى جانب المطالبة بحق السرّية المطلقة فى الحياة الجنسية لكافة الأعمار (بند 96).

أما الجانب الأمنى للبلاد وهو المحور الشديد الوضوح فى عباراته، فتنص الوثيقة فى العديد من البنود أو الأجزاء التى تطالب فيها الحكومات بالعمل على تخفيض النفقات العسكرية وتحويل هذه الميزانيات للأغراض الإنمائية لصالح المرأة، ومنها ما ورد بالجزء "هاء 2 " المعنون : "تخفيض النفقات العسكرية والحد من توافر الأسلحة".. وفيه مطلوب من الحكومات القيام "بزيادة تحويل الموارد العسكرية والصناعات ذات الصلة بالأغراض الإنمائية السلمية والتعجيل بهذه العملية" (بند 145 أ)، وعمل "التخفيض المناسب فى النفقات العسكرية المفرطة بما فى ذلك النفقات العسكرية والإتجار بالأسلحة على الصعيد العالمى والإستثمار فى إنتاج الأسلحة وحيازتها" (بند 145 ب)؛ وضرورة "تسجيل تطوير الأسلحة الهجومية وإنتاجها وتوزيعيها وبيعها والقضاء عليها نهائيا... وجعل الإبلاغ عنها إلزاميا وإدراج جميع أنواع الأسلحة النووية والكيمائية والبيولوجية" (بند 145 ج).

الأمر الذى يرمى إلى إخلاء العالم الثالث من الأسلحة بأنواعها بعد أن اختل ميزان القوى باستتباب ترسانة السلاح النووى للكيان الصهيونى المغتصب لأرض فلسطين المحتلة !
ويندرج فى محور الأمن القومى أيضا كل ما تضفيه الوثيقة من أهمية على المنظمات غير الحكومية والمنظمات النسائية أو "ذات المفاهيم النساوية"، والمقصود بها منظمات السحاقيات التى تمثل 10% من المنظمات النسائية فى الغرب.. إذ تطالب الوثيقة بضرورة إسناد سلطات مبالغ فيها لهذه المنظمات وأنه من حقها التدخل فى كافة المجالات والعمل على تعديل القوانين والقيام بالرصد والمتابعة لإبلاغ الأمم المتحدة عما يتم تنفيذه (62 ب، 111، 242 أ..الخ)؛ وكأنها ستصبح عبارة عن أجهزة إستخبارية تابعة أو خاضعة للأمم المتحدة !

وتمثل الترتيبات المالية نوع آخر من التدخلات التى تمس أمن البلاد وإقتصادها : إذ يكشف الباب السادس والأخير من البرنامج أن تحقيق تكاليف هذا الإنفلات الكاسح لكل القيم والمفاهيم سيكون على عاتق الحكومات المحلية : "تتحمل الحكومات المسئولية الأساسية عن تنفيذ الأهداف الإستراتيجية لمنهاج العمل، ويتعيّن عليها أن تقوم بتعديل الميزانيات بما يكفل تكافوء الحصول على نفقات القطاع العام" (بند 347)، و "تسهيلا لتنفيذ منهاج العمل، لا بد أن تقوم الحكومات حسب الإقتضاء بتخفيض النفقات العسكرية المفرطة والإستثمارات التى توظفها فى إنتاج الأسلحة وإقتنائها" (بند 350).

وتحقيقا لهذا البرنامج أو منهاج العمل كما تطلق عليه الوثيقة، يوضح البند 357 أنه "لا بد من دعوة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى إلى دعم هذه الجهود"، وذلك إلى جانب العديد من المؤسسات المالية الغربية الأخرى؛ وكأن كل ما تعانى منه الدول النامية من تحايل وتحكم هاتين المؤسستين لا يكفى ليغرقوا العالم الثالث فى مزيد من الديون الناجمة عن محاولة إغراقه فى الإنحلال..

ومن اللافت للنظر أن هذا البرنامج قد أفرط فى البنود التى تتيح الإقتراض للمرأة، لا من أجل مشاريع ذات أهمية، وإنما "لعمل المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة" (بند 171 ج) !؟ فما معنى أو جدوى مثل هذه التنمية ؟!
أما المحور الخاص بالدين، فنرى الوثيقة تقوم بتقارب شديد بين الدين والتطرف، وأنه من "العوائق" التى تصادف المرأة (بند 480)، بل ترى الوثيقة ضرورة "إعطاء الأولوية "لتعزيز وحماية تمتع المرأة والرجل بالكامل وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية بدون أى نوع من التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين" (بند 232 أ). وإذا كان من المنطقى وفقا لهذا المنطق العلمانى الملحد أن تعتبر الوثيقة الدين من العوائق وتطالب فى كثير من البنود بإلغاء أو تعديل القوانين الدينية التى تحول دون تنفيذ هذا المخطط، فمن السخرية الوقحة أن نطالع فى البند 295 مناشدة كافة المؤسسات ومنها "الجماعات الدينية" تقديم دعمها ومشاركتها لتنفيذ ما ورد بمنهج العمل هذا !!
ولا يسع المجال هنا لتناول كل ما ورد بالوثيقة من سلبيات، وإن كانت هناك نقطتان لا بد من الإشارة إليهما. وتتعلق النقطة الأولى بمشكلة المرأة أو ما جرى العرف على تسميته كذلك فى إطار هذا المؤتمر. فمن الثابت تاريخيا وإجتماعيا أن هذا المسمى لم يظهر إلا عندما أوجدها الغرب بخروجه عن تعاليم الدين بالكلية، وبفرضه النظام الرأسمالى الإستعمارى على العالم منذ خمسة قرون تقريبا، وكل ما تبع ذلك من تفرقة حتى فى الأجور بين الرجال والنساء والأطفال. وأن كل ما يفرضه الغرب من مشاكل على المرأة المسلمة من حيث التعليم وتنظيم الأسرة والميراث وحق الملكية وحيازة الأرض والتصرف فيها وحق العمل والمساواة فى الأجور وما إلى ذلك من المشاكل الجديدة الغريبة على المفهوم الإسلامى، كلها لها حلول وتقنين فى القرآن الكريم والسنة، ولم تخضع له المرأة المسلمة إلا حينما خضع المجتمع الإسلامى لسيطرة الغرب ونفوذه السياسى والإقتصادى الإمبريالى والعلمانى.

أما النقطة الثانية فتتعلق بالبند 305 وعبارة أن هذا البرنامج أو هذا المؤتمر "جزء لا يتجزأ من عملية البرمجة الأوسع" التى سيتم تنفيذها من الآن حتى سنة 2000 ! أى أننا حيال مخططٍ ما قد تم الإعداد له أو قد تمت برمجته بالفعل ولم يُعلن عنه.. فإذا ما ربطنا بين هذا البند وذلك العنوان الذى يليه فى صفحة 3 ، ولا بنود له فى مقدمة الوثيقة، والذى يشير إلى "المناخ العالمى"، وأنه يعنى "التغيرات العالمية، والقرن الجديد، والألفية الجديدة"، لخرجنا بصورة قاتمة عن خلفيات هذا المؤتمر المشئوم وأبعاده..

فإذا ما حاولنا تفسير هذه العبارات الثلاث بالمفردات المتداولة فى الخطاب السياسى والحضارى الحالى لوجدنا أن "المتغيرات العالمية" تشير إلى الإتحاد السوفييتى وإلى وضع الإسلام فى مكان العدو الجديد الذى تجب محاربته؛ وأن عبارة "القرن الجديد" تشير إلى محاولة البابا يوحنا بولس الثانى تنصير العالم مع العمل على توحيد الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما وتضافر الجهود لإقتلاع الإسلام حتى يبدأ القرن الجديد وقد سادت المسيحية؛ وعبارة "الألفية الجديدة" تشير إلى ما بعد تنصير العالم وهو ما سيسمح بقدوم السيد المسيح ليحكم العالم ألف سنة ثم تقوم القيامة كما يزعمون..

مجرد محاولة لتفسير العبارات، وقد تبدو تجريدية النزعة، لكنها تستند إلى الأحداث المعاشه والخطب الرسولية المعلنة.. إنها مجرد محاولة لتفسير بعض الإبهام الوارد بالوثيقة، إلا أن تلك الرؤية القاتمة لخلفيات المؤتمر وأبعاده لا يجب أن تحيدنا عن التصدى لهجماتها التدميرية الكاسحة لكافة القيم. لذلك لا بد من أن يتمسك المسئولون عن البلدان الإسلامية وبإصرار لا تهاون فيه على أن تنفيذ أى قرار يتم إتخاذه فى المؤتمر "يجب أن يكون وفقا لتعاليم الإسلام، أى وفقا لما يتضمنه القرآن الكريم والسنة، واحترام الخصوصيات الثقافية والدينية لكل بلد"، حيث سيكر الخروج عنها على قضية التنمية بالبطلان إلى جانب مساسها بالهوية الإسلامية.

كما يتعين على المسئولين المطالبة بإسقاط ديون العالم الثالث حتى يتمكن لهذه الدول الفقيرة المنهوبة أن تقوم بعملية تنمية حقيقية وغير قائمة على مزيد من الديون، خاصة وأن هذه الديون ناجمة عن النظام الإمبريالى وتحكمات البنك الدولى وصندوق النقد وآثار الإستعمار السابق، أى أنها ديون لا حق للغرب فيها !
لذلك لا يسعنا إلا أن نناشد المسئولين والمشتركين لا فى العالم العربى والإسلامى وحده، وإنما فى العالم أجمع، ضرورة تضافر الجهود لرفض هذه القرارات المنحرفة عن أية قيم والتمسك بما أنزله الله من توحيد وتشريع وأخلاق ومعاملات إنسانية.. إن تضافر الجهود لرفض هذا الإنفلات العبثى المفروض علينا حتى وإن أدى الأمر إلى قطع المعونات، أو أياً كانت الضغوط والتهديدات والوعيد، أو مهما كانت الوعود البراقة، فالدفاع عن الدين وعن القيم الأخلاقية والإنسانية أهم وأبقى.


نشر بجريدة "الحياة اللندنية"
بتاريخ 7 سبتمبر 1995

 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط