اطبع هذه الصفحة


30 تغريدة من كتاب "العرب .. وجهة نظر يابانية"
للرحالة الياباني نوبو أكينو توهارا

كتبها بتصرّف : وضاح بن هادي
@wadahhade

 
بسم الله الرحمن الرحيم


كم نحن بحاجة أن نكون صادقين مع أنفسنا بأن نسمع لمن يتكلّم بصوتنا وعن واقعنا، بل أيضا يصرخ بصرختنا ويتنهّد بتنهيدتنا من أبناء ليسوا من جلدتنا، بل وينظرون لواقعنا من خارج صندوقنا، قد يُجحفوا أحيانا ويُصيبوا أحيانا ..

فإليكم تلخيصا لقائمة من تغريداتي حول تلك التجربة التي امتدت لأربعين عاما..

أول زيارة لي كانت في عام 1974 انطلقت من القاهرة، لا أستطيع أن أنسى ذلك الانفعال الذي كان يفور من داخلي عندما خرجت لأول مرة من الفندق .. (يتبع)

وجوه جامدة صامتة، وطوابير طويلة من الواقفين في مواقف الباص وغيرها، لقد رأيت الباصات المكتظّة تجري، بينما يتعلق ركّاب بالشبابيك والأبواب! .. (يتبع)

وفي هذا الازدحام المحموم ينسى الكثير من الرجال والنساء السلوك المحتشم الذي يُوجبه عليهم الإسلام كمسلمين .. (يتبع)

حتى في التاكسي يُواجه الركاب اضطهاد؛ فالسائق يختار الراكب حسب المكان الذي يُريد الذهاب إليه، ويرفض أن يقل الشخص الذي لا يعجبه شكله أو...

باختصار التوتّر يُغطّي الشوارع العربية، توتّر شديد تتوقع أن ينقطع في أي لحظة، هذا التوتّر يجعل الناس يتبادلون نظرات عدوانية ..

كُنتُ أتفاجأ من معاملة الموظّف الحكومي وهو يُنهي الأمر كله أمام تلك الطوابير بكلمة "تعال بكرة" ..

دائما كنتُ أسمع في التلفزيون والراديو وأقرأ في الجرائد كلمات مثل الديموقراطية، حقوق الإنسان، حرية المواطن، سيادة الشعب وكنتُ أشعر وأنا أُتابع الشارع العربي أن الحكومات لا تُعامل الناس بجدية، بل تسخر منهم، وتضحك عليهم ..

وأستغرب باستمرار لماذا يستعملون كلمة الديموقراطية كثيرا في المجتمع العربي؟ وظروف الواقع العربي لا تسمح باستعمالها لأن ما يجري فعلا هو عكسها تماما ..

أعتقد أن القمع هو داء عُضال في المجتمع العربي؛ ولذلك فإنّ أي كاتب أو باحث يتحدث عن المجتمع العربي دون وعي هذه الحقيقة البسيطة الواضحة فإنني لا أعتبر حديثه مفيدا وجديا ..

في المجتمع العربي يغيب الوعي بالمسئولية؛ لذلك لا يشعر المواطن العربي بمسئوليته عن الممتلكات العامة والحدائق والشوارع ومناهل المياه.. فهو يُدمّرها اعتقادا منه أنه يُدمّر ممتلكات الدولة والحكومة ..

إنّ الناس في الوطن العربي يتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية، وعلى أسرة السجين وحدها أن تُواجه أعباءها، وذلك من أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسئولية ..

في البلدان العربية يوجد الخوف الذي يستفيد منه بعضهم، ويوجد أشخاص كثيرون يستغلون خوف الناس؛ وهذا كُلّه مرتبط بغياب العدالة الاجتماعية في البلدان العربية ..

ما أُريد أن أؤكد عليه؛ هو أنّ مواجهة الخوف مختلفة اختلافا كبيرا بين اليابان والبلدان العربية ..

منذ ثلاثين سنة لم أعرف موقع سجن عربي تماما.. هذا أمر ممنوع ومحرم!!

أمّا الأدهى من ذلك هو خوف الناس من رجال الأمن، سواء كانوا رجال الأمن شرطة، أو مخابرات سرّية كما ُيسمّونهم، وليس الخوف فقط؛ وإنما الامتياز الاجتماعي والاقتصادي الذي يتمتع به رجل الأمن ..

وما أكثر النُكات والطرائف التي يتداولها الناس عن اختفاء فلان، أو تبخّر علاّن؛ لأنه تفوّه بكلمة ضد مسئول!

ربما أن الياباني وغيره يفكّر أول ما يفكّر بالمطار عندما يُقرّر السفر إلى البلدان العربية؛ في المطار نُواجه صدمة ونشعر بالإهانة...

إنني أفهم أن يوجد موظف يستغل وظيفته لصالحه الخاص؛ ولكنني لا أفهم لماذا لا يُحاسب مثل هذا الموظف عندما يُكتشف فساده!. هل يعني ذلك أن الجميع يستغلون وظائفهم؟ أو الجميع اتفقوا بالصمت على قبول هذا الواقع؟

في اليابان عندما تُريد الشرطة أن تُراقب شخصا؛ فإنها تحصل على إذن رسمي من المحكمة، أمّا في البلدان العربية؛ فإنّ أجهزة الأمن تراقب الهواتف والأفراد وحتى الهواء بلا إذن ولا محكمة ولا قانون!!

في المجتمعات العربية الولاء الوحيد لكرامة المواطن ووطنيته؛ هو مقدار ولائه للحاكم، وطاعته له، والتسبيح بحمده في جميع الأوقات والظروف والمناسبات ..

الحاكم العربي يخاطب الشعب بكلمة "يا أبنائي وبناتي".. وعندنا نعتبر هذه الكلمة إهانة بالغة إذا استعملها مسئول مهما كان كبيرا

لقد كرّرت زياراتي للمدارس العربية وغالبا كنتُ أحصل على النتيجة نفسها؛ فالقمع يبدأ من سلطة الأب في المنزل، إلى سلطة المعلم في المدرسة؛ وهكذا يألف الطفل القمع كجزء من وجوده .

أنا لا أستطيع أن أصدّق أن موظفا اختاره وطنه ليحرس آثاره؛ ومع ذلك فإنه يخون ضميره وشرفه وتاريخه ويبيع آثارا تركها أجداده منذ آلاف السنين!

لقد قابلتُ فتيات وفتيانا صغارا موهوبين؛ ولكنهم انتهوا إلى أفراد عاديين لأنهم لم يجدوا أي نوع من الرعاية، لأن المجتمع يحتاج إلى قدرة واحدة تناسبه كراعٍ.. المجتمع العربي عامة ليس عنده استعداد ليربي المواهب ويقويها

عندنا في اليابان نحسب حساب الطفل كجزء أساسي من بناء أي حي ومرفق عام؛ بينما الأطفال في المدن العربية يلعبون على الأرصفة وفي الأزقة والشوارع أحيانا ..

إنّ المعارضة القائمة في البلدان العربية في حقيقتها سلطة ضد السلطة، أو سلطة مضادة تطمح للسيطرة على الحكم؛ دون أن تُقدّم مشروعا مغايرا لمشروع الحكم المسيطر ..

فالسلطات العربية تميّز بحزم بين المعارضة الآمنة والمعارضة التي تهدّد وجودها؛ ولذلك هي لا تتردد في قمع المعارضة الفعّالة، بل ولا تتردد في القتل عندما ترى ذلك ضروريا ..

إن عقولنا في اليابان عاجزة عن فهم معنى أن يمدح الشاعر أو الكاتب السلطة أو أحد أفراد السلطة؛ هذا ليس موجودا عندنا على الإطلاق ..

أنا لا أستطيع أن أقبل كاتبا يمدح السلطة، أو كاتبا ليس له موقف واضح وصريح لقضايا الشعوب في البلدان العربية ..

في اليابان يحدث أحيانا أن تُخرق الثقة؛ وإذا ما حدث ذلك فإن المجتمع كله يُراقب ويُتابع ويحكم بنفسه ..

بينما في البلدان العربية؛ فإن مفهوم الشرف والعار يحل محل مفهوم الثقة في مجالات واسعة من الحياة الاجتماعية العربية ..
 


 

وضاح هادي
  • القراءة
  • التربية والدعوة
  • مشاريع قرائية
  • قراءة في كتاب
  • تغريدات
  • أسرة تقرأ
  • الصفحة الرئيسية