اطبع هذه الصفحة


أصبحت رياضياً !!

د.مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
@Malfala7i


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
هل سبق أن رأيت كبيراً يستقل دراجة في أحد شوارع قريتك ؟ أو هل كنت تتخيل رجلاً جاوز الأربعين يركب دراجة في باكر يومه أو في نهايته ؟
هل تخيلت أسراباً من الخلق تتسلق الجبال ، وتمشي في الطرقات لهذا المفهوم يوماً من عمرك؟ أجزم أنك لم تتوقع ذلك فكيف بها اليوم وقد أصبحت ثقافة في أوساط جملة من شبابنا وهي آخذة في التمدد والانتشار مع مرور الأيام .
السؤال المهم :
هل هذه الظاهرة التي بدأت تأخذ حظها ظاهرة صحية ؟ وهل هذا الواقع الذي نراه واقع صحيح ؟

إن الناظر في حديث نبينا صلى الله عليه وسلم والذي حكى فيه ضرورة التوازن في حياة الأنسان ( وإن لجسدك عليك حقاً ) يجد أن ثمة ضرورة لتعاطي وسائل هذا التوازن والتي باتت ملحة جداً بعد أن خلّف التساهل فيها أمراضاً أتت على مقدرات الإنسان الصحية وأوقفته عن جملة من مشاريعه وأفكاره الناهضة في الحياة . ولا سبيل إلى إعادة وهج قوى الإنسان بعد تقوى الله تعالى إلا بهذا المعنى الذي ثبت بالتجربة صدقه وصحته.
بيد أن مشكلتنا ضعف الاعتدال في كثير من قضايانا وقد جبل الإنسان على الغلو أو التفريط في عامة أحواله إن لم يغالب ذلك بفقه ووعي ! والقلق الذي يصحب هذه الرياضات أن فيها احتفاء بالجسد وولاء له وعناية به فاق الاحتفاء بالروح والفكر ! ولو تأملت الوقت المصروف على هذه الرياضة والوقت المصروف على العناية بالروح وتأهيلها والعقل وتنميته من خلال القراءة كمثال لرأيت مسافة مهولة لصالح رياضة الجسد على حساب تأهيل الروح والعقل ولا يشك عاقل في حجم هذا الخطأ . ولو سألت سؤالاً آخر : كم نمنح هذه الرياضة من أوقات ؟ وكم نصرف لديننا في المقابل من تلك الأوقات ؟ سترى فرقاً مهولاً يزري بصاحبه مع الأيام !
نحن بحاجة ماسة للرياضة ومن الوعي أن تدخل في مساحات أوقاتنا اليومية ويكون لها ورداً ثابتاً في جداولنا وخططنا اليومية ولكن بقدرها ومساحتها فالحياة أكبر وأجل وأعظم من أن تصرف فيما حقه التأخير !
إن السؤال الكبير الذي يدار في ساحات القيامة وعليه تبنى قضايا التكريم ليس على رشاقة أجسادنا وخفتها ونشاطها في الدنيا وإنما على مباهج العمل والأفكار والمشاريع ، ومن الغبن أن تذهب أعمارنا من أجل وسيلة من وسائل تلك الغايات الكبرى ! ولعلك تعلم أن ساق ابن مسعود رضي الله عنه الرقيقة تبلغ في موازين الآخرة أمثال الجبال .
فلا حرم الله أمتك من جهدك وفكرتك ومشروعك ونضالك في الحياة !


د / مشعل عبد العزيز الفلاحي
السبت
١٤٣٨/١٠/٢٨


 

مشعل الفلاحي
  • الكتب والبحوث
  • رسائل موسمية
  • رسائل
  • تنمية الذات
  • للتواصل مع الشيخ
  • الصفحة الرئيسية