عن أبي حازم أحَدِثكم . . . !! |
|
بندر فهد الايداء |
وتسعّرت عند
الوداع أضالعي / ناراً خشيت بحرّها أن أحُرقا روى مسلم في صحيحه من حديث
سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:
«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ» وأحسب
أنّ أبا حازم منهم والله حسبه . أستودع الله
قوماً ما ذكرتمهوا / إلا توقد جمر الشوق في خلدي عرفته عام 2016 حين جئت لدراسة الماجستير في جامعة Bangor في شمال ويلز في المملكة المتحدة، له دروس وخُطب في المركز الإسلامي ونشاط دعوي ظاهر سيما مع أهل الكتاب مع تمكّن وفصاحة في اللغة الإنجليزية سخرها في الدلالة على الله ووحدانيته ،كان مع علمه وورعه يعمل محاسباً (cashier) في مركز Tesco يقابل كل من يلتقيه بابتسامته التي يجللها وقار العلم وأثر الشيب. تراه إذا ما
طاش ذو الجهل والصّبا / حليما وقوراً ضائن النفس هاديا هو الشيخ الفاضل الحلبي أبو حازم عبد الله بن مصطفى الشيخ،ولد في سورية عام 1960 من عائلة بسيطة ونشأ في حلب كما ينشأ أترابه لكنه كان مختلفاً عنهم بشهادة من عاصروه فقد حُبب إليه العلم والقراءة وكأن الله أراد به خيرا وصرف الله عنه آفات مرحلة الشباب، وكانت له هيبة في الحق فما يجرأ أحد في مجلسه على فعل منكر أو إشاعته رغم حداثة سنه وقتها، ونحسبه ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في فيما رواه أحمد في مسنده من حديث عقبة بن عامر ( إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة) أي ميل إلى الهوى . وجانب أسباب
السفاهة والخنا / عفافاً وتنزيهاً فأصبح عاليا درس الأدب الإنجليزي في جامعة حلب، ثم يسّر الله له القدوم إلى المملكة المتحدة ليواصل تعليمه العالي عام 1987 ونال درجة الماجستير في علم اللغويات من جامعة Bangor ثم واصل الدكتوراة لكن وبسبب نشاطه الدعوي في مناقشة النصارى حصلت له بعض المعوقات لإكمال رسالته، ثم عاش حياة الكفاف واشتغل محاسبا في مركز Tesco قرابة ٢٠ سنة آكلاً من كسب يده متمثّلاً ما رواه البخاري في صحيحه من حديث المقدام قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أكَلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيَّ الله داود عليه السلام كان يأكُلُ من عمل يده) . فَقَدناكَ
فِقدانَ السَحابَةِ لَم يَزَل / لَها أَثَرٌ يُثني بِهِ السَهلُ وَالوَعرُ كان رسالتي في الماجستير عن قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم واستفدت منه كثيراً في بحثي وأذكر حين أردت الجلوس معه طلبت رقم هاتفه لأنسق موعداً فعجبت بأنه لا يملك هاتفاً جوالاً،وأنه تركه زهدا ورغبة عنه لإلهائه وإشغاله،ربما يكون هذا الأمر طبيعياً قبل عشرين سنة لكن في مثل زماننا هذا لا يطيقه إلا من وفقه الله. فقلّص برديه
وأفضى بقلبه / إلى البر والتقوى فنال الأمانيا درس الشيخ رحمه الله كتب
النصارى سيما أناجيلهم المحرفة حتى حذقها أكثر منهم، وخبرها بالجزء والصفحة
ثم اجتهد في دعوتهم،وقبل 15 سنة اقتنى أول جهاز كمبويتر فكأنه ملك الدنيا
حينها لأنه وجد بوابة للدعوة عبر برنامج (البالتوك) واستمر في دعوة النصارى
والمنافحة عن دين الإسلام والنبي ﷺ ورسالته حتى قبيل وفاته وهو في
المستشفى. يا غائبينَ
وفي قلبي أشاهدهم / وكلّما انفَصَلوا عن ناظري اتّصَلوا كان عمله في Tesco مرهقا
وطويلاً ومع هذا ما صرفه ذلك عن الدعوة حتى إن القساوسة الذين يدعون الناس
في بيوتهم صاروا يتجنبّون بيت الشيخ عبد الله رحمه الله بسبب قوة حجته
وتمكنه من دحض شبهاتهم. يارب هذا
العصر ألحد عندما / سخّرت ياربي له دنياكا ومرة جئت ووجدته يشرب شراباً طبيعاً من الأعشاب وقال لي:إنه يشكو ألماً المرارة ثم تحدثنا عن الحجامة وفوائدها وذكرت له من يعملها في مانشستر،كانت هذه بدايته مع البلاء؛لقد أصيب رحمه الله بسرطان الكبد وانتشر ثم مكث في المستشفى أشهراً حتى اعتذر الأطباء عن علاجه وطلبوا منه أن يغادر المستشفى ليبقى عند أهله ومع هذا كان راضياً حامداً مثنياً على الله، وزاره قبل خروجه من المستشفى قسيس ومعه أتباعه فدعاهم إلى الله وناقشهم مع شدة مرضه. وفي النفس روح لا تشيب بشيبهِ / ولو كان ما في الوجه من خرابُ كنت على تواصل معه لما رجعت
إلى السعودية عن طريق ابنه حازم ،وحين قدمت لدراسة الدكتوراة حرصت على
زيارته،وزرته وحين التقيته رأيت وجهاً عليه مخاييل الموت، قرأت عليه شيئا
من القرآن ثم دعوت له وقبّلت جبينه وقلت له يا شيخنا: إنّ من أعظم منازل
العبودية الرضا عن الله فيما يقضيه وأبشر بأجر الصابرين والعقبى الحميدة
فكان حامداً شاكرا لربه ويدعو لي قائلاً : الله يحنّ عليك، وكانت هذه
الدعوة ملازمة له تقبله الله. ذَهَب
الشَّبابُ وسَوْفَ أذْهَبُ مِثْلَما / ذَهَبَ الشبابُ وما امرؤٌ
بِمُخَلَّدِ وأسأل الله له أجر الشهداء
ومنازلهم فعنْ أبي هُرَيْرةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ
خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم
وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه متفقٌ عليهِ. وعنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ:
مَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ مَنْ قُتِل في
سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقلِيلٌ،"
قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَ: "منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو
شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون
فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ" رواهُ
مسلمٌ. خطبٌ كوقعِ
الصارم البتّارِ
|