صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







معاناة أهل العلم

محمد بن سرّار اليامي
@Abn_srar

 
الحمد لله والصلاةوالسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ثم أمابعد...
فالعدل والإنصاف زينةأهل العلم ودثار سلوكهم وشعار قلوبهم...وقد عانى أهل العلم من أهل زمانهم في هضم حقوقهم أوهضم حق العلم من خلالهم
و في هذه الأسطرشيءمن صورمعاناة بعضهم -رحمهم الله-:

1. معاناة الشاطبي من التجريح:

يقول الشاطبي –رحمه الله- عن موقف الناس منه عندما حاول ردهم إلى السنة: " فقامت علي القيامة، وتواترت الملامة، وفوق إلي العتاب سهامه، ونسبت إلى البدعة والضلالة، وأنزلت منزلة أهل الغباوة... فتارة نسبت إلى القول بأن الدعاء لا ينفع، ولا فائدة فيه ـ كما يعزى إلى بعض الناس بسبب أني لم ألتزم الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة... وتارة نسبت إلى الرفض وبغض الصحابة -رضي الله عنهم-، بسبب أني لم ألتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم في الخطبة... وتارة أضيف إلي القول بجواز القيام على الأئمة، وما أضافوه إلا من عدم ذكري لهم في الخطبة... وتارة أحمل علي التزام الحرج، والتنطع في الدين، وإنما حملهم على ذلك أني التزمت ـ في التكليف والفتيا ـ الحمل على مشهور المذهب الملتزم، لا أتعداه، وهم يتعدونه ويفتون بما يسهل على السائل ويوافق هواه، وإن كان شاذا... وتارة نسبت إلى معاداة أولياء الله تعالى، وسبب ذلك أني عاديت بعض الفقراء المبتدعين المخالفين للسنة، المنتصبين ـ بزعمهم ـ لهداية الخلق... وتارة نسبت إلى مخالفة السنة والجماعة، بناء منهم على أن الجماعة التي أمر باتباعها ـ وهي الناجية ـ ما عليه العموم وجماعة الناس في كل زمان وإن خالف السلف الصالح، ولم يعلموا أن الجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان" .

2. معاناة ابن بطة

يقول ابن بطة –رحمه الله-: "عجبت من حالي في سفري وحضري، مع الأقربين مني والأبعدين، والعارفين والمنكرين، فإني وجدت بمكة وخراسان وغيرهما من الأماكن أكثر من لقيت بها، موافقا أو مخالفا، دعاني إلى متابعته على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له، فإن كنت صدقته، فيما يقول وأجزت له ذلك، كما يفعله أهل هذا الزمان ـ سماني موافقا، وإن وقفت في حرف من قوله، أو في شيء من فعله سماني مخالفا، وإن ذكرت في واحد منها أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد، سماني خارجيا، وإن قرئ علي حديث في التوحيد سماني مشبها ... وإن سكت عن تفسير آية أو حديث، فلم أجب فيهما إلا بهما سماني ظاهريا، وإن أجبت بغيرهما سماني باطنيا، وإن أجبت بتأويل سماني أشعريا، وإن جحدتهما سماني معتزليا".

3. تجريح ابن عبد السلام للذهبي

بالرغم من ثناء العز بن عبد السلام على شيخه الذهبي ورثائه له بقصيدة بليغة إلا أنه أورد عبارات نال بها من شيخه ومن ذلك قوله: " وكان شيخنا والحق أحق ما قيل والصدق أولى ما آثره ذو السبيل شديد الميل إلى آراء الحنابلة كثير الإزراء بأهل السنة الذين إذا حضروا كان أبو الحسن الأشعري فيهم مقدم القافلة فلذلك لا ينصفهم في التراجم ولا يصفهم بخير إلا وقد رغم منه أنف الراغم" .
وقال في مكان آخر: "وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له فإنه على حسنه وجمعه مشحون بالتعصب المفرط لا واخذه الله فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين أعني الفقراء الذين هم صفوة الخلق واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعية والحنفية" .
وقال أيضا: "والذي أدركنا عليه المشايخ النهى عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله، ولم يكن يستجري أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاقب عليه" .

4. قال العلامة بكر أبو زيد:
" ومازالت ثائرة أهل الأهواء ، توظف هذه المكيدة في ثلب علماء الأمة . فقد لجوا في الحط على شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – لأنه عمدة في القرون المتأخرة لإحياء منهج السلف، ونشروا في العالم التشنيع على دعوة علماء السلف في قلب الجزيرة العربية بالرجوع إلى الوحيين الشريفين، ونبزهم بشتى الألقاب للتنفير، وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسلاخ من المنتسبين إلى السنة متلفعين بمرط ينسبونه إلى السلفية – ظلما لها – فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتهم الفاجرة، المبنية على الحجج الواهية، واشتغلوا بضلالة التصنيف وهذا بلاء عريض، وفتنة مضلة في تقليص ظل الدين، وتشتيت جماعته، وزرع البغضاء بينهم، وإسقاط حملته من أعين الرعية، وما هنالك من العناد ، وجحد الحق تارة ، وردِّه أخرى " .
وقال في موضع آخر: " سرت إلى عصرنا ظاهرة الشغب هذه إلى من شاء الله من المنتسبين إلى السنة ودعوى نصرتها، فاتخذوا التصنيف بالتجريح دينا وديدنا فصاروا إلبا إلى أقرانهم من أهل السنة وحربا على رؤوسهم وعظمائهم، يلحقونهم الأوصاف المرذولة، وينبذونهم بالألقاب المستشنعة المهزولة حتى بلغت بهم الحال أن فاهوا بقولتهم عن إخوانهم في الاعتقاد والسنة والأثر "هم أضر من اليهود والنصارى" و"فلان زنديق"... وتعاموا عن كل ما يجتاب ديار المسلمين، ويخترق آفاقهم من الكفر والشرك، والزندقة والإلحاد، وفتح سبل الإفساد والفساد، وما يفد في كل صباح ومساء من مغريات وشهوات، وأدواء وشبهات تنتج تكفير الأمة وتفسيقها، وإخراجها نشأ آخر منسلخا من دينه، وخلقه... وهذا الانشقاق في صف أهل السنة لأول مرة حسبما نعلم يوجد في المنتسبين إليهم من يشاقهم، ويجند نفسه لمثافنتهم، ويتوسد ذراع الهم لإطفاء جذوتهم، والوقوف في طريق دعوتهم، وإطلاق العنان يفري في أعراض الدعاة ويلقي في طريقهم العوائق في عصبية طائشة" .

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما هي (أسباب خروج الناس عن العدل والإنصاف)، ومنهم من هو من الكبار أصحاب القدر؟

والإجابة يجليها وبكل وضوح الإمام الشوكاني، فقد جمع لطلاب العلم شيئا من هذه الأسباب، فقال -رحمه الله-: " واعلم أن سبب الخروج عن دائرة الإنصاف والوقوع في موبقات التعصب كثيرة جدا فمنها:
1. النشوء في بلد متمذهب بمذهب معين.
2. حب الشرف والمال.
3. الجدال والمراء وحب الظهور.
4. حب القرابة والتعصب للأجداد.
5. صعوبة الرجوع إلى الحق لقوله بخلافه.
6. كون المنافس المتكلم بالحق صغير السن أو الشأن.
7. آفات الشيوخ والتلاميذ.
8. علاج التعصب.
9. العواقب الوخيمة للتعصب والبعد عن الحق.
10. عود إلى أسباب التعصب.
11. الاستناد إلى قواعد ظنية.
12. عدم الموضوعية في عرض حجج الخصوم.
13. المنافسة بين الأقران.
14. التباس ما هو من الرأي البحث بشيء من العلوم التي هي مواد الاجتهاد...أ.ه
فما أصبر أهل العلم على من ليسو من أهله،وما أحسن أثرهم على الناس،وأقبح أثرالناس عليهم...رزقناالله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح،وفق الله الجميع لصلاح النيةوالعمل وصلى الله وسلم على نبينامحمدبن عبد الله وآله وصحبه ومن والآه..


حرره
محمد بن سرار اليامي
عضوهيئةالتدريس بكلية الشريعة بجامعة نجران
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد اليامي
  • رسائل دعوية
  • رسائل موسمية
  • فوائد من الكتب
  • المتميزة
  • كتب دعوية
  • الصفحة الرئيسية