صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







داعش والخوارج وحادثة سويف بعرعر

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله المحسن بإحسانه العميم ، وإفضالِه العظيم ، على من شاء من عباده ، وهو العزيز الرحيم ، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين ، وعلى صحابته أجمعين ، ومن تبعهم على الحق والهُدى إلى يوم الدين وبعد
من تفحّص خوارج الأمس ، وخوارج اليوم ، ونظر بعين البصيرة ؛ ظهر له الحق وأنهما وجهان لعملة واحدة ، إلا أن خوارج العصر قد أفرطوا في بسط أيديهم وألسنتهم بالسوء ، وكانوا على الأمة سوط عذاب ، فهؤلاء القوم لا يُرضيهم حاكمٍ ولو كان عادلا ، فإنهم لا يقابلون هذا إلا بالنكران والجحود ، والجور والظلم ، فهؤلاء لا نور لعقولهم ولا بهاء ولا بركة ، سُفهاء الأحلام ، إن خوارج العصر هم الذين يسمون بداعش ، النهج والمنهج والتفكير واحد ، وإليكم أبرز صفاتهم ، وأجلى سِماتهم ، لنحذرهم ، ونقف صفا ضدهم ومنها :

1- أنهم صغار السن :
فأغلبهم شباب صغار ، يقل بينهم ذوي الخبرة والتجربة ، ففي الحديث (حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ ) 0

2- الطَّيش والسَّفه :
فعامة الخوارج ومن يتبنى فكرهم من الشباب الذين تغلب عليهم الخِفَّة والاستعجال والحماس ، وقصر النظر والإدراك ، ففي الحديث (سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ ) 0

3- الغرور والتَّعالي :
فالخوارج يُعرفون بالكبر والتعالي ، وإعجابهم بأنفسهم ، ولذلك يُكثرون من التفاخر بما قدموه وما فعلوه ، ففي الحديث ( إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ ، حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ النَّاسُ ، وَتُعْجِبَهُمْ نُفُوسُهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) ، ويدفعهم غرورهم لادعاء العلم ، والتطاول على العلماء ، ومواجهة الأحداث الجسام ، بلا تجربة ولا رَوية , ولا رجوع لأهل الفقه والرأي 0

4- الاجتهاد في العبادة :
فهم أهل عبادة من صلاة وصيام وقراءة وذكر وبذلٍ وتضحيةٍ ، وهذا مما يدعو للإغترار بهم ، ففي الحديث ( لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ ، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ ) ، وقال ( يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ )، لكن عبادة وتدين على جهل 0

5- سوء الفهم للقرآن :
يكثرون من قراءة القرآن والاستدلال به ، لكن دون فقه وعلم ، بل يضعون آياته في غير موضعها ، ففي الحديث ( يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ )،وحديث( يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ )،وحديث( يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ )0

6- الكلام الحسن المنمَّق :
فكلامهم حسن جميل ، لا ينازع أحد في حلاوته وبلاغته ، فهم أصحاب منطق وجدل ، يَدْعُون لتحكيم الشريعة ، وأن يكون الحكم لله ، ومحاربة أهل الردة والكفر ، ولكن أفعالهم تخالف أقوالهم ، ففي الحديث ( يُحْسِنُونَ الْقِيلَ ، وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ ) 0

7- التَّكفير واستباحة الدماء :
وهذه هي الصفة الفارقة لهم عن غيرهم ؛ التكفير بغير حق واستباحة دماء المخالفين لهم ، ففي الحديث ( يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ ) ، قال ابن تيمية : فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِنْ دِمَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ ، وقال : يُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي بِدْعَتِهِمْ ، وَيَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ وَمَالَهُ ، وَهَذِهِ حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهَا ، ولذا قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم ( يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) ، فشبه مروقهم من الدّين بِالسَّهْمِ الَّذِي يُصِيب الصَّيْد فَيدْخل فِيهِ وَيخرج مِنْهُ من شدَّة سرعَة خُرُوجه لقُوَّة الرَّامِي ، لَا يَعْلَق من جَسَد الصَّيْد بِشَيْء ، وفي الحديث ( هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ) ، وحديث ( طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ ) 0

8- اتخاذهم شعارًا يتميزون به عن سائر الناس :
ولهم في كل عصر وزمان شعار يتميزون به ، وقد يكون هذا الشعار في الراية والعلم ، أو اللباس ، أو الهيئة أو غير ذلك

9- الخصومة واللَّدد فيها :
وهي من سماتهم التي اشتُهروا بها ، فكثرة المراء ، والإسراف في الجدال ، كان من أسباب صرفهم عن تعقّل الحُجج ، وإدراكها ، ففي الحديث ( ما ضل قومٌ بعد هُدَىًّ كانوا عليه ، إلا أُوتوا الجدل ) 0

10- أنهم أهل فُرْقَةٍ وافتراق :
وهذه سِمَةٌ لأهل البدع جميعهم ، فالخوارج فارقوا جماعة المسلمين ، وخرجوا على الأئمة ، ولا يزالون على هذا الضلال ، ويعتقدون أن هذا قربة لله الواحد القهّار ، وهم جمعوا إلى مفارقة جماعة المسلمين ؛ التّفرق فيما بينهم ؛ فتراهم أشتاتاً لأدني خلاف يدبّ فيهم وانشقاق جبهة النصرة عنهم خير مثال 0

وقد وجه مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بياناً بعنوان ( تبصرة وذكرى ) ومما قال ( مع هذه الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية اختلت فيها كثير من الأوطان , ومعها اختلت كثير من الأفهام , ولا شك أن أكثر الأفكار خطراً أفكار تُسوق باسم الأديان , ذلك أنها تكسبها قداسة تُسترخص في سبيلها الأرواح , وحينئذٍ ينتقل الناس والعياذ بالله من التفرق الذي يَعْصِمُ منه الدين , إلى التفرق في الدين نفسه , وهذا الذي حذرنا الله عز وجل منه في قوله ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) ، فإنه تعالى في هذه الآية يحذر المسلمين من أن يكونوا في دينهم , كما كان المشركون في دينهم , وتفريق دين الإسلام هو تفريق أصوله بعد اجتماعها , وهو كلّ تفريقٍ يفضي بأصحابه إلى تكفير بعضهم بعضاً , ومقاتلة بعضهم بعضاً في الدين , وليس في الإسلام جناية أعظم عند الله تعالى بعد الكفر من تفريق الجماعة , التي بها تأتلف القلوب , وتجتمع الكلمة , وأِن أفكار التطرف والتشدد والإرهاب الذي يُفْسِدُ في الأرض ويهلك الحرث والنسل ليس من الإسلام في شيء , بل هو عدو الإسلام الأول , والمسلمون هم أول ضحاياه , كما هو مشاهد في جرائم ما يسمى بداعش والقاعدة وما تفرع عنها من جماعات , وفيهم يصدق قوله صلى الله عليه وسلم ( سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان , سفهاء الأحلام , يقولون من خير قول البرية , يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ) ، وهذه الجماعات الخارجية لا تحسب على الإسلام , ولا على أهله المتمسكين بهديه , بل هي امتداد للخوارج الذين هم أول فرقة مرقت من الدين بسبب تكفيرها المسلمين بالذنوب , فاستحلت دماءهم وأموالهم ) انتهى بتصرف 0

قبل عدة أيام تعرض مركز حرس حدود السويف بعرعر لهجوم إرهابي داعشي أودى بحياة ثلاثة من رجال حرس الحدود نسأل الباري أن يرحمهم ويتقبلهم في الشهداء ، وما هدف هؤلاء الدواعش إلا زعزعة الأمن ، وترويع الآمنين ، وقتل الأبرياء ، يقتلون المسلمين ويتركون الكفار والرافضة ، وقد أدان هذا الهجوم الإرهابي جمع من العلماء والدعاة والمثقفين والمسؤولين بل وعامة الناس شبابهم وشيبهم ، وقد بين الجميع إن استهداف أمن بلاد الحرمين يصب في مصلحة أعداء الإسلام والمسلمين الذين لا يريدون لبلاد المسلمين أمناً ولا استقراراً ، ولا دين الاسلام علواً أو انتشارا ، فاللهم من أراد بلادنا بسوء فأشغله بنفسه ، ورد كيده في نحره ، واجعل تدبيره وتخطيطه وكيده تدميراً عليه ، اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا ، ربنا نستودعك أمننا ، ورجال أمننا والحمد لله رب العالمين


كتبه
محمد فنخور العبدلي

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية