اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.org/Doat/aldgithr/172.htm?print_it=1

المصافحة سنة المسلمين

عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم

‌‌
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فقد لحظت انتشار ظاهرة ترك المصافحة وإطلاق عبارة (السلام نظر)، مع أن المصافحة من سنة المسلمين، ومن هدي صحابة نبي المرسلين، عليه الصلاة والسلام، فقد روى قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: «أكانت المصافحة في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم» رواه البخاري (5/2311) (5908) ، وفي الطبراني في "الأوسط" (1/37) (97) عن أنس ورواته محتج بهم في الصحيح: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا» . قال ابن بطال : المصافحة حسنة عند عامة العلماء . وقال النووي : المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي . كما في "فتح الباري" (11/55).

والمراد بالمصافحة: إلصاق صفحة الكف بالكف، وإقبال الوجه على الوجه كما في النهاية في غريب الحديث؛ لابن الأثير، جـ3 صـ:34

وفضل المصافحة عظيم، فقد ثبت عن سلمان الفارسي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المسلم إذا لقي المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما، كما تحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم عاصف إلا غفر لهما، ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر» رواه الطبراني في "الكبير" (6/256) (6150) وقال المنذري بإسناد حسن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا ) رواه أبو داود (5212) وصححه الألباني في صحيح أبي داود

وفي حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر ) قال المنذري (3/270) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ورواته لا أعلم فيهم مجروحا " قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1/22) : وله شواهد يرقى بها إلى الصحة .

وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تمام التحية الأخذ باليد» رواه الترمذي (5/75) (2730) عن رجل لم يسمه عنه، وقال: حديث غريب.

وعن أنس قال: قال رجل: «يا رسول الله! الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه ينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم» رواه الترمذي (5/75) (2728) ، ابن ماجه (2/1220) (3702) ، أحمد (3/198) وقال الترمذي: حديث حسن.

ومن السنة المصافحة عند التهنئة، فقد روى مسلم عن كعب بن مالك (في معرض الحديث عن توبته بعد تخلُّفه عن غزوة تبوك) قال: "حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله الناس، فقام طلحة بن عبيدالله يهرول حتى صافحني وهنَّأني"؛ رواه مسلم ( 2769).

ومن هدي الصحابة تطييب اليد، لتعلق بأيدي الآخرين عند المصافحة، فقد روى البخاري (في الأدب المفرد) عن ثابت البناني: "أن أنس بن مالك كان إذا أصبح ادَّهن يدَه بدهن طيب، لمصافحة إخوانه"؛ (حديث صحيح)؛ (صحيح الأدب المفرد؛ للألباني، حديث: 774).

ويمكن أن تكون المصافحة بطريقين:
- المصافحة باليد الواحدة وهو الأصل
- المصافحة باليد اليمنى ثم وضع اليسرى على يد الآخر، كما في صحيح البخاري (6265) ومسلم (402) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ وكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ ) . وصح عن حماد بن زيد أنه صافح عبد الله بن المبارك بكلتا يديه . كما في صحيح البخاري معلقا (ص/1206).

ومن الأخطاء الشرعية الحادثة في بيئتنا انتشار مصافحة النساء غير المحارم، وهذا محرم، قال ابن مفلح: وسئل أبو عبد الله – أي الإمام أحمد – عن الرجل يصافح المرأة قال: لا وشدد فيه جداً، قلت: فيصافحها بثوبه ؟ قال: لا …والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين، وعلل بأن الملامسة أبلغ من النظر) الآداب الشرعية 2/257.

ودليل التحريم ما ثبت عن معقل بن يسار يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني في "الكبير" (486) قال الألباني عنه في "صحيح الجامع" (5045): صحيح. وعن أميمة ابنة رقيقة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أصافح النساء. رواه النسائي (4181). وابن ماجه (2874). وصححه الألباني ” صحيح الجامع ” (2513).

وعن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت: "ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته، قال: اذهبي فقد بايعتك. رواه مسلم (1866).

وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُمتحنَّ بقول الله عز وجل: يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين الممتحنة / 12، قالت عائشة: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلقن فقد بايعتكن، ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأةٍ قط غير أنه يبايعهن بالكلام، قالت عائشة: والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمره الله تعالى وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاما. رواه البخاري ومسلم.
والحمد لله أولا وآخرا.
 


 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية